اقتباسات محمود درويش

سقط القناعُ

‫ولا أَحدْ

‫إلاَّك في هذا المدى المفتوح للأعداء والنسيانِ,

ظهري أمام البحرِ أسوارٌ و.. لا

‫قد أَخسرُ الدنيا .. نَعَمْ!

‫قد أَخسرُ الكلماتِ ..

‫لكني أَقول الآن: لا.

‫هي آخر الطلقاتِ – لا.

‫هي ما تبقَّى من هواء الأرضِ – لا.

‫هي ما تبقَّى من نشيجِ الروحِ – لا.

هذه أُمم تَمرُّ وتطبخ الأزهار في دمنا

‫وتزدادُ انقساما.

‫والآن، والأشياءُ سَيِّدَةٌ، وهذا الصمتُ عالٍ كالذبابهْ

‫هل ندركُ المجهول فينا؟ هل نُغَنِّي مثلما كنا نُغَنِّي؟

‫سقطتْ قلاعٌ قبلَ هذا اليوم، لكن الهواء الآن حامضْ.

‫وحدي أدافعُ عن جدارٍ ليس لي

‫وحدي أدافع عن هواءٍ ليس لي

‫وحدي على سطح المدينة واقفٌ..

‫أَيُّوبُ ماتَ, وماتتِ العنقاءُ وانصرفَ الصَّحابَهْ

‫وحدي. أراود نفسيَ الثكلى فتأبى أن تساعدني على نفسي

‫ووحدي

‫كنتُ وحدي

‫عندما قاومت وحدي

‫وحدةَ الروحِ الأخيرهْ..

حطُّوك في حجرٍ .. وقالوا: لا تُسَلِّمْ

‫ورموك في بئرٍ .. وقالوا: لا تُسَلِّمْ

‫وأَطَلْتَ حربَكَ، يا ابن أُمِّي,

‫أَلف عامٍ ألفَ عامٍ ألفَ عامٍ في النهارِ.

‫فأنكروكَ لأنهم لا يعرفون سوى الخطابة والفرارِ.

‫هم يسرقون الآن جلدكْ

‫فاحذرْ ملامحهم.. وغمدَكْ

‫كم كنتَ وحدكَ،

هي هجرةٌ أُخرى ..

‫فلا تكتب وصيتكَ الأخيرةَ والسلاما.

‫سَقَطَ السقوطُ, وأنت تعلو

‫فكرةً

‫ويداً

‫و.. شاما!

‫لا بَرَّ إلاّ ساعداكْ

‫لا بحرَ إلاّ الغامضُ الكحليُّ فيكْ

‫فتقمَّصِ الأشياء كي تتقمَّصَ الأشياءُ خطوتَك الحراما

‫واسحبْ ظلالكَ عن بلاطِ الحاكمِ العربيِّ حتى لا يُعَلِّقها

‫وساماً

كم كُنْتَ وحدكْ

‫القمحُ مُرٌّ في حقول الآخرينْ

‫والماءُ مالحْ

‫والغيم فولاذٌ. وهذا النجمُ جارحْ

‫وعليك أن تحيا وأن تحيا

‫وأَن تعطي مقابلَ حبَّةِ الزيتون جِلْدَكْ.

‫كَمْ كُنْتَ وحدكْ.

كمْ كُنْتَ وحدَك,

الآن بحرْ,

‫الآن بحرٌ كُلُّهُ بحرٌ،

‫وَمَنْ لا بَرَّ لَهْ

‫لا بحرَ لَهْ

‫والبحر صورتُنا

‫فلا تذهبْ تماما

‫هي هجرةٌ أخرى, فلا تذهبْ تماما

‫في ما تفتَّحَ من ربيعِ الأرضِ, في ما فجَّر الطيرانُ فينا

‫من ينابيعٍ، ولا تذهبْ تماما

‫في شظايانا لتبحث عن نبيٍّ فيكَ ناما.

‫هي هجرةٌ أُخرى إلى ما لستُ أَعرفُ ..

‫أَلفُ سَهْمٍ شَدَّ خاصرتي ليدفعني أَماما.

‫لا شيء يكسرنا

❞ وإن كان لا بد منّي… فإني

‫على أهبة المرتضى والرضا. جاهز للسلام

‫مع النفس. لي مطلب واحدُ: أن يكون اليمام

‫هو المتحدث باسمي، إذا سقط الاسم منّي! ❝

❞ لا دور لي في حياتي

‫سوى أَنني،

‫عندما عَلَّمتني تراتيلها،

‫قلتُ: هل من مزيد؟

‫وأَوقدتُ قنديلها

‫ثم حاولتُ تعديلها… ❝

‫أنت لي .. أنت لي .. بنواحك

‫كل صوت حقيقهْ.

‫أنت شمسي التي تنطفئ

‫وأنتِ ليلي الذي يشتعل

‫أنت موتي، وأنت حياتي

أحبُّكِ… أم أحبُّ نتيجتي في حُبِّكِ التكوين؟

يا من يحنُّ إليك نبضي

‫هل تذكرين حدود أرضي!

فكم مَرَّةً تستطيعين أن تَضَعِي في مناقير هذا الحمامِ

‫عناوينَ روحي

‫وأن تختفي كالمدى في السفوحِ

والحُبُّ مِثْلُ المَوْتِ وَعْدٌ لا يُرَدُّ … ولا يَزولُ

‫هَلْ لَبِسْتَ سِوايَ؟ هَلْ سكَنَتْكَ إمْرَأةٌ

‫لِتُجْهِشَ كُلَّما ٱلْتَفَّتْ على جِذْعي فُروعُكَ؟

في ٱلرَّحيلِ أُحِبُّكِ أَكْثَرْ

‫أُفْرِغُ ٱلرّوحَ مِنْ آخِرِ ٱلْكلِماتِ: أُحِبُّكِ أَكْثَر

إنّا تعلَّمنا صداقة كل جرحِ

‫ومصارع العشاق

‫والشوق المعلّب

‫والحساء بدون ملحِ

النفط أقوى من دمك في علاقتهما الأولى.