كتابات هيكل  بين المصداقية والموضوعية - يحيى حسن عمر
تحميل الكتاب
شارك Facebook Twitter Link

كتابات هيكل بين المصداقية والموضوعية

تأليف (تأليف)

نبذة عن الكتاب

كانت رحلة طويلة مُضْنِيَةً جدًّا، طوَّفت خلالها في جميعِ ما كَتَبَهُ الأستاذ "هيكل" وجلِّ ما كتب عنه، ووصلت إلى الأرشيفات الخاصة بمتابعيه، وعقدتُ مقابلات مع بعض المقربين منه، وحاولتُ لقاءَه مرارًا فحَالَ بيننا مشاغلُه وأسفاري وكان من الراحلين - رحمه الله - وأكملتُ الرحلة من بعدها عامًا ونصف العام، فكان تمام ستة أعوام ونصف في تلك الرحلة العلمية التي أبحرت فيها وأبحر فيها معي أساتذتي، حتى إذا بلغت منتهاها وصلت مرفأَ الرضا، وكان الكتاب على حد وصفهم من أشمل وأجود الدراسات في العَشْرِ سنوات الأخيرة في مجالها عامة، ومن أشمل وأدقِّ ما كُتِبَ عن كتابات الأستاذ "هيكل" مُطْلَقًا.
عن الطبعة

تحميل وقراءة الكتاب على تطبيق أبجد

تحميل الكتاب
4.4 18 تقييم
114 مشاركة

اقتباسات من كتاب كتابات هيكل بين المصداقية والموضوعية

ويدخل في ذلك مدى دِقَّةِ المؤرخ في إيراد الوقائع معتمدًا على المراجع في مقابل الاعتماد على الذاكرة، كما يدخل فيه أسلوب التوثيق، والتعامل مع مصدر الوثيقة، ومع لغتها، والتعامل اللغوي في التقديم أو التعقيب.

مشاركة من Bassma Algaml
كل الاقتباسات
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم

  • مراجعات كتاب كتابات هيكل بين المصداقية والموضوعية

    18

مراجعات

كن أول من يراجع الكتاب

  • لا يوجد صوره
    5

    مراجعة لـ "كتابات هيكل" - بين الموضوعية والمصداقية -

    للكاتب يحيى حسن عمر

    الصادر عن دار العربي للنشر والتوزيع

    ​مراجعة "كتابات هيكل"

    .. قراءة سياسية أم شهادة تاريخية؟

    ​تُعد كتابات محمد حسنين هيكل المرجع الأشهر والأكثر شعبية لمن أراد التعرف على تاريخ مصر الحديث والمعاصر. لكن، ورغم هذه الأهمية البالغة، ظلت المكتبة الأكاديمية العربية تعاني من ندرة الأبحاث النقدية التي تُخضع إنتاج هذا الكاتب لآليات التقييم المنهجي. وهنا يأتي دور كتاب "كتابات هيكل بين المصداقية والموضوعية" ليُشكل إضافة نوعية تُجيب عن السؤال المركزي: هل كانت كتابات "الأستاذ" تأريخاً أم قراءة سياسية أيديولوجية؟

    و​لقد نجح الكاتب يحيى حسن عمر في تفكيك إرث هيكل الهائل عبر منهجية صارمة، ليخلص في النهاية إلى حكم قاطع: كتابات الأستاذ محمد حسنين هيكل لا تُعد تأريخاً منهجياً، ولا شهادة تاريخية يُعتد بها، بل هي في المقام الأول قراءة سياسية أيديولوجية للتاريخ الناصري...

    ​أولاً: النقد السياسي والذاتية (من رجل الموائد إلى الانحياز المرير)

    ​كشف الكتاب عن ثلاثة أوجه رئيسية تُقوّض موضوعية هيكل:

    ​1. رجل العهود الثمانية (الصحفي القريب من السلطة)

    ​يوثق الكتاب كيف مارس هيكل دوره كـ "رجل موائد" كان على علاقة وثيقة بثمانية عهود سياسية متتالية، بدءاً من عهد الملك فاروق وحتى ما بعد ثورة يناير. وقد ظهر هذا جلياً في أسلوبه المبكر..

    ​الولاء المبكر : في أول مقالاته، نجد هيكل يختتم مقالاته عن الملك فاروق بعبارات لا تخلو من مبالغة في الثناء مثل: "حقًّا إنها لساعة مجيدة يا مولاي... وإنه لعصر رائع مجيد"، و "رباطًا من الحب الخالد. صورة ملك. صورة شعب". هذا يوضح تكيّف لغته مع متطلبات كل عهد.

    ​الانحياز الأيديولوجي: أثبتت الدراسة أن هيكل كان لسان حال السلطة، وقد تجلى انحيازه في علاقته بعبد الناصر، حيث أصبح "المدني الأهم بين الضباط الأحرار" كما وصفته أدبيات النقد.

    ​2. تضخم "الأنا" وتشويه الخصوم

    ​يُعد الفصل الثاني في الكتاب دليلاً على افتقار الكتابات للموضوعية؛ فالتحيز لم يكن سياسياً فقط، بل ذاتياً (شخصياً) مدفوعاً بـ "الأنا":

    ​ذاتية الهزيمة والنصر: رصد الكتاب ظهور تضخم "الأنا" بوضوح عندما يتعلق الأمر بالحديث عن هزيمة 1967، حيث يقلل من مسؤوليته، بينما يظهر بطلاً متصدراً في الحديث عن نصر أكتوبر 1973.

    ​الانحياز ضد السادات: يقدم الكتاب أدلة قوية على "الانحياز المرير" ضد السادات بعد خروجه من السجن، وصولاً إلى محاولات لتشويه صورته، مثل اتهامه بأسلوب التورية باغتيال عبد الناصر بالسم في القهوة، وهي رواية أجمع المعلقون على أنها لم تُسمع إلا بعد أربعين سنة من الحدث، مما يؤكد أن هيكل هو مصدر "البعض" الذي أسند إليه الاتهام الخطير.

    ​ثانياً: المصداقية المنهجية (حكم الإدانة الأكاديمي)

    ​خلصت الدراسة إلى أن كتابات هيكل لا تُعد شهادة تاريخية لأنها تفتقر إلى المحددات المنهجية للتوثيق، وقد وضع يحيى عمر خمسة معايير لـ نفي المصداقية، أبرزها:

    ​الاحتجاج بالذاكرة: الاعتماد على الذاكرة الشخصية أو ذاكرة الآخرين دون توثيق.

    ​استخدام المصادر دون تمييز: عدم التفرقة بين المصادر التاريخية والمصادر الإخبارية البسيطة.

    ​تضارب الأقوال وتناقضها: كما في ادعائه المتضارب حول دوره الحقيقي في ثورة يوليو 1952، وتناقض روايته مع روايات الضباط الأحرار مثل اللواء جمال حماد.

    ​الخلاصة النقدية: هذه المنهجية التي تعتمد على البلاغة والتأثير بدلاً من التوثيق، جعلت الكتابات تحوز شهرة شعبوية، لكنها تفقد قيمتها كمرجع تاريخي مُحكم.

    ​ثالثاً: الأسلوب البلاغي كسلاح للإقناع والتوجيه

    ​في أهم فصول الكتاب، كشف المؤلف كيف كانت عبقرية هيكل الأسلوبية مجرد أداة لإخفاء الأيديولوجيا وتوجيه القارئ:

    التشبيهات والاستعارات الكثيفة أداة لتأثير فكري غير مباشر، ومحاولة لكسب استحسان القارئ عبر الجمالية (مثل تشبيه "مواكب الإشاعات تنساب في خِفَّةِ الأشباح").

    براعة الاستهلال يوثق الكتاب أن هيكل كان يعمد إلى جعل الافتتاحية تأخذ منه جهداً مضاعفاً، ويدعم ذلك بـ إحصائية مذهلة: افتتح 138 مقالاً من 167 بـ الأسلوب الاستفهامي لجذب القارئ وربطه بالسؤال حتى النهاية.

    السخرية المبطنة (التقريع المُغلف) استخدام التكرار المبالغ فيه للإطراء الشكلي كأداة هجوم سياسي؛ مثل تكرار "يا صاحبَ الجلالة" 157 مرة في مقال واحد عن الملك سعود، ليُستخدم التبجيل كوسيلة للتقريع القاسي بخصوص المؤامرات السياسية.

    التكيّف اللغوي مع السلطة في العهد الملكي كانت لغته ناعمة، لكن بعد الثورة تحولت إلى لغة "خشنة وصريحة" تماشياً مع نبرة القيادة العسكرية (مثل وصف بيان أيزنهاور بأنه "بيان أعور").

    المبالغة الفلسفية استخدامه المفرط لـ "التشبيهات التكرارية" في التعميم، مثل تكرار وجه الشبه "الانتحار" (من الإمبراطورية إلى الكلمة)، مما يجرّه إلى بعيد ويطغى على الموضوعية المطلوبة.

    .. الخاتمة: الحكم النهائي...

    ​إن مساهمة كتاب "كتابات هيكل بين المصداقية والموضوعية" هي مساهمة حاسمة في المكتبة العربية. لقد قدم تحليلاً دقيقاً وموثقاً باستخدام أدلة من قلب نصوص هيكل.

    ​النتيجة النهائية كما خلصت إليها الدراسة:

    ​تبقى كتابات هيكل ذات أهمية كبيرة، ليس لكونها "تاريخاً"، ولكن لأنها "المرجع الأشهر للقراءة السياسية الناصرية للتاريخ". إنها تظل ضرورية للتعرف على الفهم والتصور الأيديولوجي لتلك المراحل والوقائع.

    .... ​منظور المؤرخين: يرى الكثير من المؤرخين المحترفين أن هيكل لم يكن "مؤرخاً"، بل كان "صحفياً مُساهماً في الحدث". وبسبب قربه من ناصر، كانت كتاباته أشبه بـ "وثيقة ذاتية شديدة الأهمية" (لكنها لا تحل محل المصادر التاريخية الرسمية)، أكثر منها مرجعاً تاريخياً محايداً.

    ​الوصف الأنسب: يرى هذا التيار أن الوصف الأنسب لهيكل هو "الصحفي المُنظّر" أو "صاحب مدرسة في الكتابة الصحفية السياسية"، وليس "المؤرخ المنهجي". كتاباته هي وجهة نظر مُنظمة ومُؤدلجة قادمة من مركز السلطة...

    ​وأخيرًا هذا الكتاب ليس مجرد نقد لشخص هيكل، بل هو دراسة منهجية لفهم كيف يمكن للصحفي الذي يتحول إلى "مفكر استراتيجي" أن يوظف الأسلوب البليغ والمكانة الشخصية (باعتباره صانعاً للسياسة ولسان حالها في بعض المراحل، كما أشار النقد الأكاديمي العام) في تدوين تاريخ يركز على ما يدعم قراءته الأيديولوجية وينفي ما يخالفها.

    .. اقتباسات مهمة..

    ❞ “كان هيكل فخورًا بنفسه ومهنته، وكان ينفش ريشه خُيَلاءَ وهو يمشي وسط صالة تحرير الأهرام مُسْرِعًا إلى اجتماع (الديسك المركزي) في الرابعة عصر كل يوم، تَتْبَعُهُ نظراتُ إعجاب تلاميذه الذين كانوا يحاولون تَقَمُّصَ شخصيته بصور شتى.. لكن الكثير من هذا الخيلاء ذهب مع الريح بعد هزيمة 1967، خاصةً أن عناوين «الأهرام» كانت قد أَسْرَفَتْ كثيرًا في التَّبْشِيرِ بنَصْرٍ مُبِينٍ، يسدّ عين الشمس.. غير أن هزيمة مصر وقعت في غضون ست ساعات على نَحْوٍ صاعق، وغَيَّرَتْ كثيرًا من توجُّهات الأهرام ومواقف شبابه وشيوخه” ❝

    ❞ وتزداد العلاقات توترًا بينه وبين السادات عقب انتفاضة الخبز في يناير 1977 التي اندلعت بسبب زيادة أسعار بعض السلع الأساسية بطريقة فجائية، وتَخَلَّلَهَا بعضُ أعمالِ التخريب وقَطْعِ الطرق، واتَّهَمَ السادات اليسارَ بالمسؤولية عنها، وأَصَرَّ على أنها ليست انتفاضة شعبية وإنما (انتفاضة حرامية)، وكانت المكالمة الأخيرة بينهما عاصفة حين أراد السادات من هيكل أن يكتب مدينًا هذه الانتفاضة، ورَفَضَ هيكل معتبرًا أن لها أسبابًا اجتماعية واقتصادية ولا يجب أن تُعَالَجَ أَمْنِيًّا ❝

    ❞ أما من ناحية الكم، فقد قَدَّمَ الأستاذ هيكل خلال مسيرته أكثر من 1400 مقالةٍ وتحقيقٍ صحفي وحوار، منها أكثر من 300 مقالةٍ وتحقيقٍ صحفي في عَهْدِ ما قبل الأهرام (روز اليوسف، وآخر ساعة، والأخبار)((15))، ثم حوالي 745 مقالةً في الأهرام في الباب الشهير الذي حَمَلَ عنوان (بصراحة)، ثم حوالي 400 مقالة وتحقيق وحوار صحفي في فترة ما بعد ترك الأهرام وحتى الانصراف ❝

    ‏❞ “إن محمد نجيب هو قلب الثورة، وعبد الناصر هو عقلها، يجب أن يمضي القلب إلى مسعاه بين الناس ينشر الحب ويُبَشِّرُ بالمبادئ ويُوَثِّقُ الصلات، ويجب أن ينصرف العقل إلى التفكير والتدبير، وإلى تحديد المشاكل ورَسْمِ الخطط والإقدام على التنفيذ.. القوات المسلحة يجب أن تكون بعيدة على الحدود”((75)). ❝

    ❞ ثم أَطْلَقَ تعبيره الشهير (حوض السياسة في مصر قد جَفَّ)، واستطرد في شرح مقترحه بخصوص (مجلس أمناء الدولة والدستور) فاقترح أسماءً مثل (عمرو موسى) و(البرادعي) و(زويل) و(عمر سليمان) و(منصور حسن) تحت مظلة ورعاية القوات المسلحة والمشير طنطاوي، لكن ظلت تصوراته غامضة بشأن عمل هذا المجلس المقترح((192))،((193)). ❝

    ‏❞ ينفر كثير من المؤرخين الجدد وبعض من الباحثين من استخدام مصطلح (الموضوعية)؛ بدعوى أنه ليس هناك وجودٌ حقيقي للموضوعية في الكتابة التاريخية، وأن للمؤرخ - أي مؤرخ - قناعاته وموقفه الفكري، وبالتالي فليس للموضوعية وجود حقيقي((200))، وهذا قولٌ قُوبِلَ بتَحَفُّظٍ مُضَادٍّ؛ إذ ليس المطلوب من المؤرخ أن يُغَادِرَ قناعاته ولا رُؤَاهُ الأيديولوجية، ولكن عليه ألَّا يجعلها حاكمة على نَصِّهِ قائدة له((201))، ولما كان هذا من الصعوبة بمكان، فإنه يمكن القول بنَفْيِ الموضوعية المُطْلَقَةِ، أما نفي الموضوعية مُطْلَقًا فلا يجوز؛ إذ تَبْقَى الموضوعية رُكْنًا أساسيًّا في الكتابة التاريخية، فالموضوعية والمصداقية هما جناحا التَّأْرِيخ، بدونهما لا يعدو المكتوب كونه مجردَ صحائف سوداء ❝

    ❞ وفي المقابل فإن قارئ هيكل سيعرف الكثير جدًّا عن إنجازات العصر الناصري وأغلبها بصورة مكبرة، بينما لن يعرف شيئًا عن حقائق أزمة مارس 1954، وعن الإجراءات القمعية في الصحافة والجامعة وغيرها من مناحي الحياة في الخمسينيات والستينيات، وعن سوء الأداء العسكري خلال حرب 1956((215))، وعن تجاوزات حقبة الوحدة، وعن مآسي الحرب في اليمن، وعن حجم التعذيب والتجاوزات في حقبة الستينيات، وعن كم التقصير في حرب 1967((216))، وغيرها، ولن يعرف - حتى عَبْرَ مرحلة نقد التجربة التي تَلَتْ نكسة 1967 - إلا القليل عن أخطاء هذا العهد، وفي صورة محصورة في الغالب بأمثلة محددة ‫ والعكس صحيح بالنسبة للعهد الساداتي وبصورة ❝

    ❞ وتردُد هيكل بين رغبته في المضي قدمًا في نقد التجربة الناصرية من باب سد ثغرة موضوعية في كتاباته، وبين خشيته وضيقه من استخدامها أيديولوجيًّا ضد الفكرة الناصرية - بل ضده شخصيًّا - هو الذي يقوده أحيانًا نحو التخبط في مسيرته النقدية تلك، فما يثبته في موضع ينفيه في آخر، وما ينتقده في موضع يدافع عنه في آخر، والأمثلة في ذلك كثيرة، ومنها حديثه عن الضربة الجوية الإسرائيلية في عام 1967، فقد ذكر عقب 1967 من خلال صياغته لبيان التنحي أن الضربة جاءت أساسًا من الغرب من قواعد غربية في ليبيا وغيرها، وكتب في مقالته الأولى أن الضربة الأولى الإسرائيلية كانت ❝

    ‏❞ واقعة تَقْبِيلِ النحاسِ باشا يَدَ الملك فاروق:

    ‫ رغم أن هذه الواقعة لا يُثْبِتُهَا أي مرجع معروف، فإن “هيكل” يُصِرُّ على أن يُقَدِّمَهَا في الصدارة في عدة مناسبات، واصفًا إياها بمشهد (الذروة) في مأساة السياسة المصرية. ❝

    #فنجان_ومراجعة_كتابات_هيكل

    #مسابقات_فنجان_قهوة_وكتاب

    #أبجد

    #كتابات_هيكل_بين_المصداقية_والموضوعية

    #يحيى_حسن_عمر

    #فنجان_قهوة_وكتاب

    Facebook Twitter Link .
    0 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    5

    كتاب : كتابات هيكل بين المصداقية والموضوعية

    دار النشر: Al Arabi Publishing and Distributing العربي للنشر والتوزيع

    الكاتب: د. Yehia Omar

    وأنا بقرأ كتاب «كتابات هيكل بين المصداقية والموضوعية» للكاتب يحيى حسن عمر، كان إحساسي الأساسي إني قدّام محاولة نضيفة وشجاعة (وده نادر)، مش علشان تهدّ تمثال محمد حسنين هيكل، ولا علشان تقول "كل اللي فات ده غلط"، لكن علشان تسأل السؤال اللي طول عمرنا بنهرب منه: هو إحنا صدّقنا كلام هيكل زيادة عن اللزوم؟

    محمد حسنين هيكل -ودي حقيقة محدش يقدر ينكرها-، مش مجرد صحفي شاطر أو قلم مؤثر، ده راجل شارك – بموافقة تامة من السياسات في عصره– في تشكيل وعي أجيال كاملة، خصوصًا في لحظات مصيرية عدّت على مصر والمنطقة. وعلشان كده بالذات، الكتاب ده مهم. لأنه مش مهتم قوي بسؤال: هيكل قال إيه؟ قد ما هو مصرّ يزعجك شوية بسؤال أصعب: طب نصدّقه قد إيه؟

    د. يحيى داخل مشروعه ده بنفس طويل جدًا (حوالي 500 صفحة،بجد مش بهزر كتاب طويل ومحتاج قراءةهادية)، وبيتتبع كتابات هيكل من الأربعينيات لحد آخر أيامه. وده مش تتبع سطحي أو استعراض أسماء كتب وخلاص، لأ، ده شغل تقيل ومعتمد على مقالات، كتب، وثائق، شهادات، ومقارنات دقيقة. أكتر حاجة شدتني – ويمكن دي أهم نقطة قوة في الكتاب – إن الكاتب ما اكتفاش بنقد النتائج، لكن راح ورا المصادر نفسها… وده دايمًا الامتحان الأصعب.

    وهنا بقى تظهر المشكلة الكبيرة: هيكل كان بيعتمد كتير جدًا على مصادر لا يمكن التحقق منها. شهود ماتوا، شخصيات "كانت موجودة بس مش موجودة"، ومعلومات خاصة جدًا (زيادة عن اللزوم) معرفش كان بيجبها منين الصراحة، من النوع اللي القارئ مضطر ياخدها بثقة عمياء. والأسلوب ده، زي ما الكتاب بيوضح، فتح باب واسع للانتقاء، وأحيانًا لإعادة تشكيل الوقائع بشكل يخدم رؤية سياسية معينة أو نظام بعينه… من غير ما القارئ يحس إنه بيتساق.

    ورغم كل ده، الكتاب مش عدائي لشخص هيكل الله يرحمه. ودي نقطة تحترم وتحسب للكاتب . الكاتب لا يكدبه ولا يصدقه، ولا بيصفي حسابات، ولا داخل بفكرة "كشف المستور". بالعكس، فيه هدوء منهجي واضح، كل ادعاء قدامه وثيقة، وكل رواية قدامها رواية تانية. الإحساس العام إنك قدّام باحث، مش خصم. وده اللي مخلي النقد هنا تقيل ومزعج… بس مقنع.

    وهنا لازم نرفع القبعة للكاتب بجد ❤️👏

    الكتاب كمان ما بيغفلش موهبة حسنين الأدبية، ودي حاجة لازم تتقال. الراجل كان بيعرف يكتب، ويشد، ويخليك تعيش اللحظة (وأحيانًا تنسى تسأل). لكن في نفس الوقت، بيكشف إزاي الجمال اللغوي ده اتوظّف أحيانًا لتلوين الوقائع حسب المصلحة 🙈، أو إعادة صياغة حوارات، أو تأويل وثائق بشكل أوسع من معناها الحقيقي. وهنا السؤال الخطير: فين الحد الفاصل بين الصحافة، والأدب، وكتابة التاريخ؟ ومين بالظبط اللي بيكتب التاريخ وهيكل كان أديب ولا صحفي ولا مؤرخ ولا .......؟

    في الآخر، الكتاب ده لا جاي يهدم هيكل، ولا يرفعه تاني على قاعدة أعلى. هو ببساطة بيحطه في مكانه الأنساني الطبيعي: شاهد قريب من السلطة، شهادته مهمة، بس مش مقدسة. مؤثرة، بس مش محايدة بالكامل. وده في حد ذاته درس مهم لأي قارئ: إن أخطر الأفكار مش اللي بتكذب صراحة، لكن اللي بتقنعك وانت مش واخد بالك.

    .وخلي بالك كمان مافيش آلهه بتقدس السلطة والحكم 😔😁

    كتاب ضروري تقرأه لو سبق وقرأت لهيكل، أو حتى لو بس حابب تفهم أكتر إزاي كانت ماشية الحياة السياسية والأدبية والصحفية في عصره، مين كان قريب من مين، وإزاي الكلمة كانت أحيانًا بتبقى أقوى من القرار.

    وأنا بجد بعد ما خلصت الكتاب، لقيت نفسي بسأل سؤال صريح ومربك شوية:

    هل هيكل، كصحفي ومؤثر للدرجة دي، كان فعلًا يستاهل إن دكتور يحيى يضيع سنين من عمره في البحث المضني ده ورا كتاباته؟ ولا المشكلة مش في هيكل نفسه قد ما هي فينا إحنا، لما اتعاملنا مع كلامه على إنه تاريخ نهائي، مش شهادة بشر محتاجة دايمًا تتقري بعين مفتوحة، وشك يمكن ان يكون صحي، ومسافة أمان بين الإعجاب والتصديق؟

    السؤال ده، في رأيي، هو أهم حاجة الكتاب يسيبهالك بعد ما تخلصه 😁😁

    #فنجان_ومراجعة_كتابات_هيكل

    #مسابقات_فنجان_قهوة_وكتاب

    Facebook Twitter Link .
    0 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    5

    «محمد حسنين هيكل… بين الأسطورة والحقيقة» – يحيى حسن عمر

    نادرًا ما اسم صحفي يتحول لوحده إلى حالة كاملة، مش مجرد توقيع تحت مقال. محمد حسنين هيكل كان كده. اسم لما يتقال، يستدعي زمن كان فيه القلم له وزن، والكلمة بتدخل غرف القرار، والصحفي مش واقف يتفرج من بعيد، لكنه واقف جوه المشهد، أحيانًا في قلبه.

    كل حاجة حوالينا بتقول إن هيكل كان الصحفي الأقرب للسلطة، شاهدها المفضل، ومؤرخها شبه الرسمي. الراجل اللي كتب تاريخ مرحلة كاملة وهو قاعد جنب صُنّاعها. بس السؤال اللي دايمًا بيطفو:

    هل اللي كتبه كان التاريخ فعلًا؟ ولا رواية ذكية متفصلة على مقاس موقعه؟

    هنا بييجي كتاب يحيى حسن عمر، مش علشان يكسر التمثال، ولا علشان يلمّعه أكتر، لكن علشان يحطه بهدوء على ترابيزة الفحص، ويقرب العدسة.

    الكتاب ضخم – أكتر من 500 صفحة – وده مش استعراض عضلات، قد ما هو نتيجة شغل طويل النفس. الكاتب ما بيكتبش بانطباع، ولا بروح خصومة، لكنه شغال بمنهج شبه التحقيق:

    بيلاحق كل ما كتبه هيكل تقريبًا،

    يراجع كل اللي اتكتب عنه،

    يقارن النصوص بالوثائق،

    ويفكك الروايات واحدة واحدة، ويسأل: مين قال؟ وإمتى؟ وليه؟

    من الزاوية دي، صعب تتجاهل المجهود، وصعب كمان تنكر إن الكتاب ده مرجع مهم لأي حد عايز يشوف تجربة هيكل برا الهالة المعتادة، وبعيد عن خطاب التقديس السهل.

    الهجوم الحقيقي هنا مش على هيكل الكاتب، ولا هيكل الصحفي الشاطر، لكن على هيكل المؤرخ.

    يحيى حسن عمر بيقول، من غير لف ولا دوران، إن:

    توثيق هيكل في كتب كتير أضعف بكتير من سمعته

    اعتماده المتكرر على شهادات منسوبة لشخصيات ماتت أو غابت، يخلي المراجعة مستحيلة

    فيه انحياز واضح لأنظمة وشخصيات بعينها، خصوصًا في مرحلة عبد الناصر وما بعدها

    وبعض الوثائق اتترجمت أو اتأولت بطريقة تخدم الحكاية اللي هو عايز يحكيها

    وعلى مدار مئات الصفحات، الكاتب بيفصّص نصوص هيكل تفصيص بارد، مش عصبي، بس قاسي. أحيانًا مُرهق، وأحيانًا مستفز، لكنه ماشي بخط مستقيم: كشف اللي شايفه إعادة ترتيب للتاريخ، مش تسجيل محايد ليه.

    ورغم كل ده، الكتاب مش محاكمة أخلاقية رخيصة.

    على العكس، فيه اعتراف واضح بموهبة هيكل:

    أسلوبه العالي

    قدرته على شد القارئ

    حسّه الدرامي اللي خلّى السياسة تحكي

    واستخدامه الواعي للتخييل الجمالي وهو بيحكي عن وقائع صلبة

    كمان بيحلل إزاي هيكل اتحرك من الصحافة الخبرية لكتابة تاريخ بنَفَس أدبي، وده جزء كبير من سر جاذبيته. القارئ كان بيصدق لأنه كان مستمتع… حتى لو النص محمّل بانحياز ذكي.

    الدفاع الضمني هنا مش بيبرّئ، لكنه بيوضح:

    هيكل ما كانش مؤرخ أكاديمي بقدر ما كان راوي تاريخ من موقع الشاهد القريب. المشكلة مش في الرواية نفسها، قد ما هي في تقديمها باعتبارها الحقيقة الكاملة.

    الخلاصة؟

    الكتاب ده مش للي:

    عايز يعبد هيكل

    ولا للي داخل يشيله من على العرش

    لكنه مهم جدًا للي:

    عايز يفهم إزاي الأسطورة الصحفية بتتخلق

    وإزاي القرب من السلطة ممكن يكون قوة… وفخ في نفس الوقت

    وإزاي أسلوب عبقري يقدر يخبّي تحته انحياز ناعم

    الكتاب طويل، قاسي، وأحيانًا متعب، بس ضروري.

    وإذا كان هيكل كتب التاريخ بقلم المنتصر،

    فيحيى حسن عمر بيحاول – بوعي أو من غير – يكتبه بقلم المراجع.

    وفي المسافة بين القلمين…

    يمكن ما نلاقيش الحقيقة كاملة،

    بس أكيد نلاقي نسخة أقل تزويرًا منها.

    #فنجان_ومراجعة_كتابات_هيكل

    #مسابقات_فنجان_قهوة_وكتاب

    Facebook Twitter Link .
    0 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    5

    أحببت كتابات هيكل و لكن لم أقدسها، أحترمت موهبتة الرواءية و لم تنطلي على محاولتة لإيصال القارئ لأخر مدى من المصادقية. هذا الكتاب يساعدك فى ألا يضحك عليك فى رحاب الأستاذ

    Facebook Twitter Link .
    0 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    5

    جهد جبار وعمل مذهل وبالغ الأهمية

    Facebook Twitter Link .
    0 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    5
    Facebook Twitter Link .
    0 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    5
    Facebook Twitter Link .
    0 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    5
    Facebook Twitter Link .
    0 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    5
    Facebook Twitter Link .
    0 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    4

    كتاب كتابات هيكل بين المصداقية والموضوعية للكاتب يحيى حسن عمر

    537 صفحة على تطبيق أبجد، صادر عن دار العربي للنشر والتوزيع.

    = تظل المصداقية والموضوعية بوصلة أساسية لا يمكن تجاوزها عندما يكون الشخص صحفيًا أو مؤرخًا، غير أن تلك البوصلة الأساسية كثيرًا ما تتعرض للاختراق حين يمتلك المؤرخ أو ناقل الخبر نفوذًا واسعًا وقدرة مميزة على التأثير في الوعي العام فحين يصبح الكاتب قريبًا من دوائر القوة وصناعة القرار، يمكنه أن يدمج الحرفية مع المصلحة ويتجه نحو الانحياز فهل من الممكن استخدام سلطة القلم المدعومة بثقة القراء في انتقاء الوقائع أو تحوير دلالاتها؟

    = محمد حسنين هيكل قلم مهم في تاريخ الصحافة المصرية والعربية؛ ليس كصحفيًا فقط بل سلطة معرفية كاملة، وقد ارتبط اسمه بأدق تفاصيل صناعة القرار على مدى سنواته ما جعل كلمته وشهادته ذات تأثير كبير في الصحافة والتاريخ السياسي.

    لذلك فإن أعماله دائمًا تحت مجهر النقد، ومعظم النقد ليس بالطبع بدافع الهجوم الشخصي أو التقليل من قيمة قلمه في العموم، بل انطلاقًا من مسؤولية مراجعة السرديات المؤثرة خاصةً حين تتحول الكتابة من نقل للحدث إلى إعادة صياغته وتحويره.

    = يقدم الكتاب تحليلًا شاملًا لكتابات هيكل، لا سيما تلك التي قدم فيها نفسه شاهدًا مباشرًا على الأحداث كاشفًا عن التناقضات وتحولات الرؤية التي طرأت على مقالاته عبر الزمن، ومقارنًا بين الحدث التاريخي وتمثيله النصي، فالكاتب لا يقدم هذا الطرح بوصفه حكمًا نهائيًا أو إدانة قاطعة، بل هي قراءة نقدية تاركًا الحكم والنقاش للقارئ.. وعلى الرغم من أن النبرة تقترب أحيانًا من التشكيك في نوايا هيكل، وهو ما قد يحد من ادعاء الحياد الكامل، فإن العمل يظل محاولة لفهم العلاقة المعقدة بين الصحافة والسلطة وتحوير التاريخ.

    وبالمناسبة، فإن ذلك الكتاب ليس نقدًا لشخص منفرد بل لمدرسة كاملة بها أساتذة وتلاميذ، لذلك لن يعجب الكثير من محبي الأستاذ هيكل، فلا أحد يحب أن يرى أستاذه مخطئًا في أمور عدة، وليس أمرًا واحدًا لذلك سيجد الكاتب الكثير من النقد أو السخط لمحبي هيكل.

    = استغرق الدكتور يحيى حسن عمر سنوات طويلة في رحلته لمعرفة كل شيء عن الصحفي الكبير محمد حسنين هيكل فقد راجع كل ما كتبه، قابل بعض الناس الذين عاشروه، واطلع على أرشيفاته كي يستطيع أن يقدم صورة دقيقة عن حياته وأفكاره وحاول مقابلته لكنه لم يتوفق وحتى بعد وفاة هيكل، أكمل الكاتب العمل سنوات إضافية لينتهي برحلة بحثية شاملة للكتابة عن جوانب جديدة من مسيرته الصحفية وتأثيره الكبير على الصحافة المصرية.

    وبالمناسبة لمن لا يعرف الكاتب والمؤرخ يحيى حسن عمر، فهو مهندس ومؤرخ مصري حاصل على بكالوريوس وماجستير هندسة من جامعة عين شمس، ودبلوم دراسات إسلامية وليسانس وماجستير في التاريخ ومن مؤلفاته البارزة ذلك الكتاب الهام جدًا الذي نناقشه كتابات هيكل بين المصداقية والموضوعية، كما أنه ايضًا عضو اتحاد الكتاب المصريين وله انجازات في الإعلام وله في مجال الكتابة الكثير من الأعمال الأدبية.

    = كان لهيكل سقطات تاريخية وكتابية واضحة؛ حتى في معظم كتاباته التوثيقية لم يكن موضوعيًا، وقد أخطأ في نقل وطمس بعض الحقائق التاريخية والسياسية لصالح نظام وجهة معينة.

    يكتب بلا موضوعية أحيانًا بقصد أو بدون قصد، لأنه كان على يقين أنه لا يخطئ وأنه المؤرخ الأكثر حيادية ونشاطًا، ولكن كانت هناك أخطاء واضحة للمؤرخين والصحفيين الآخرين، وعلى الرغم من أن هيكل كان يملك الوثائق والمستندات التي تدعمه في كتاباته المقالية كغيره، إلا أنه غلب عليه طبعه الإبداعي في تحوير الحقائق وترجمتها بما يهواه هو فقط، وبمعنى آخر غير المعنى الأصلي للحدث أو للوثائق.

    عرض الكاتب دراسة نقدية شاملة خاصة فقط بما نقله وكتبه محمد حسنين هيكل، فقد أشار الكاتب أنه لم يورد إلا الحالات التي يرويها هيكل كشاهد مباشر أو كعنصر موجود في أغلبها، لذلك كان الفصل الأول يناقش الموضوعية والمصداقية معًا فيما يتعلق بما رواه هيكل خلال مسيرته الصحفية والتأريخية، وأشار أيضًا إلى عدم صحة كون هيكل قد نقل بعض الأحداث كشاهد على حد قول هيكل نفسه، وقد استشهد الكاتب بمقالات هيكل نفسه وتغيير الرؤى التي عرضها خلال مسيرته، وهذا ما اعتبره الكاتب تضليلًا وافتقادًا للدقة وذلك هو الصحيح في وجهة نظر أي شخص في العموم. فالذي ينقل الحدث كشاهد معاصر له بشكل خاطئ، منتظرًا موت الخصوم أو الأشخاص الذين سينسب لهم القول أو يجعلهم مصادره شخص لا يتسم بالأمانة، فدومًا كان يرمي المصادر لتعزيز كلامه ومعظمها إما مغلوط أو مجهول غير معروف، مستغلًا ثقة القراء والتلاميذ به.

    أشار الكاتب أيضًا أنه لم يستشهد بكتابات خصوم هيكل، لأن الخصوم دومًا تحاول أن تظهر خصمها بأسوأ المظاهر، لذلك لم يأخذ الكاتب في مصادره أيًا من كلام خصوم هيكل المعروفين بل بحث وكون موسوعة معرفية مُثبتة ومُثقلة بالمصادر والملاحق في آخر الكتاب.

    عرض الكاتب أيضًا أن هيكل لم يكن يكيل الأمور بمكيالين بل بمكيال واحد، عرض الكاتب مواقف هيكل السياسية وتحيزه لنظام عن آخر، ونقده للأنظمة بعد فنائها، بعدما كان يمجد في نزاهتها.

    وفي الحقيقة لم يكن الأمر متعلقًا بهيكل فقط، فمعظم الصحفيين والإعلاميين وغيرهم اتبعوا هذا النهج ولا يزالون، فالأمر متعلق بحياتهم المهنية.

    قارن الكاتب بين روايات هيكل عن الأحداث ورواية الآخرين عن نفس الحدث، وبالمناسبة كان معظمهم حاضرًا مثله، وعرض تناقضه الدائم بين كتاباته في الماضي والحاضر غير البعيد، كما أوضح أن هيكل كان دومًا ينتقي أخباره ويعرض الجانب الذي يروقه من الحدث فقط، متجاهلًا باقي الجوانب المهمة والمكملة للحدث، فيظهر الحدث غير كامل ومغلوطًا أحيانًا.

    أرى أن في جوانب من كتابة هيكل ليست دائمًا محايدة أو مكتملة، وتدعو للتعامل النقدي مع أعماله، خصوصًا في ظل التأثير الكبير الذي كان يمارسه على وعي القراء، لذلك حاول الكاتب أن يكون موضوعيًا قدر الإمكان في طرحه للموضوع دون أن يتدخل بالسلب أو الإيجاب؛ هو عرض الوقائع التي حدثت وما يتبعها من تكذيب لهيكل، في بعض السطور أشاد الكاتب بحرفية هيكل في صياغة الأخبار وكتابته للأحداث ومصطلحاته وطريقة كتابته وذكائه اللامحدود وخصائص الكتابة الخاصة بهيكل، ولكن بعد أن ملأ عقلي بمغالطات هيكل التي لا تغتفر، أصبحت أحكم على هيكل بالسوء.

    = كان للموضوعية نصيب كبير في مقدمة الكاتب عن الكتاب، ولكن سقط المحتوى في اللاموضوعية لأنه استعرض جانبًا واحدًا فقط من مسيرة كبيرة كمسيرة هيكل فكل المحتوى كان لإدانة وتغليط هيكل فقط، كأن الرجل لم يقم إلا بالتحريف والتكذيب طوال مسيرته المهنية.

    فالمحتوى يسير على نهج واحد فقط التغليط وإدانة هيكل بكل الطرق، ولا أنكر أن كل المادة المعروضة حقيقة، ولكن أين الموضوعية في الطرح؟

    فقد ظننت أن بعد فصل الموضوعية في كتابات هيكل أي الفصل الثاني، سيأتي الفصل الثاني متحدثًا عن إنجازات هيكل مثلًا أو عن الدور الهام الذي قام به، ليعطيني أملًا أن من قرأت عنه ليس شخصًا منافقًا ومخادعًا بالكامل، فمعظم الناس لا تعرف هيكل وعند قراءة العمل ستأخذ انطباعًا أن هذا الشخص أفّاق ومُدلس ومُغير للتاريخ حسب هواه، لأنه لا يوجد إنسان سيئ في المطلق.. فالموضوعية هنا أن أنقل كافة الجوانب السيئة والجيدة كي أكون محايدة في طرحي للأمر، وخاصة لشخصية مثل هيكل، لأن العنوان يوحي بأنك بداخل دراسة نقدية شاملة عن موضوعيته ومصداقيته كصحفي مؤثر بشكل عام.

    ولكي أكون منصفة فالحق أن الكاتب مدح هيكل في بعض السطور أي نعم ما جاء بعد المدح كان صادمًا، لكنه مدح حتى لو بشكل طفيف وأنا كقارئة أرى أن الطرح كان انحيازيًا في المطلق وبلا حيادية كاملة، لأن كما أشار الكاتب في أولى سطوره في الكتاب عندما قدم مقدمة أكثر من رائعة عن الموضوعية والحيادية فظننت أن المحتوى سيكون حياديًا.

    = لا ينتهي الكتاب فقط بالفصل الأخير وهو الخاتمة، بل يستغرق تقريبًا نصف الكتاب في ملاحق وجداول يقيس بها الكاتب مدى مصداقية أعمال هيكل إن كانت مقالية أو كتابية منشورة، ويليها ملاحق من عناوين وجرائد خاصة بما تناوله الكاتب، ثم قائمة المصادر والمراجع التي اتخذها الكاتب في رحلته البحثية لكتابة الكتاب وآخر ملحق وهو المهم، هو توثيق الكاتب لرحلته البحثية ومقابلاته، وهذا الفصل لا يقل أهمية عن العمل، فهنا ترى الرحلة البحثية التي قام بها الكاتب خلال مقابلات أو كتب أو سجلات من الأرشيف اطلع عليها، وهي بالمناسبة كثيرة وقيمة..

    = اقتباس من العمل:

    ❞ ينفر كثير من المؤرخين الجدد وبعض من الباحثين من استخدام مصطلح (الموضوعية)؛ بدعوى أنه ليس هناك وجودٌ حقيقي للموضوعية في الكتابة التاريخية، وأن للمؤرخ - أي مؤرخ - قناعاته وموقفه الفكري، وبالتالي فليس للموضوعية وجود حقيقي، وهذا قولٌ قُوبِلَ بتَحَفُّظٍ مُضَادٍّ؛ إذ ليس المطلوب من المؤرخ أن يُغَادِرَ قناعاته ولا رُؤَاهُ الأيديولوجية، ولكن عليه ألَّا يجعلها حاكمة على نَصِّهِ قائدة له❞ الفصل الثاني صفحة رقم 58.

    ❞ “إن الذين عاشوا وقائع من التاريخ لا يستطيعون التَّأْرِيخ لها، لأن رؤيتهم مَشُوبَةٌ بتجربتهم الذاتية، وقُصَارَى ما يستطيعون تقديمه هو شهادة للتاريخ وليست تاريخًا، وهناك فارق ضخم بين الاثنين”، ويقول تأكيدًا على وجوب الحرص على الموضوعية وتوفر عناصرها “الموضوعية حق القارئ وحق التاريخ” ❝ صفحة رقم 60.

    ❞ وفي جميع الأحوال فالنتيجة واحدة؛ أن الأستاذ “هيكل” تَحَصَّلَ بالفعل على (صور) كثير من وثائق العهدين الناصري والساداتي على الأقل حتى مايو 1971، وفي الأغلب حتى النصف الثاني من 1972؛ حيث بدأت العلاقات تَفْتُرُ بين السادات وهيكل ❝ صفحة 70

    ❞ ‫ وهكذا استخدم هيكل التصريح في أكثر من موضع لإلصاق الاغتيالات بخصمه السياسي، وفي الكتاب ذاته والسياق نفسه استخدم صيغة المبني للمجهول؛ لتَجَنُّبِ إلصاق الاغتيالات باسم نصيره السياسي. ❝ صفحة 100

    ‏❞ شَكَّكَ هيكل –بأثر رَجْعِيٍّ بعد سقوط مبارك– في الأهمية العسكرية للضربة الجوية الأولى، ذاكرًا أن أهميتها كانت في الواقع معنويةً فقط، بينما كانت 12 إلى 18 طائرة تَكْفِي لتحقيق الأهداف المطلوبة لقِلَّتِهَا، وأن السادات أرادها (مظاهرة جوية) لرَفْعِ الرُّوحِ المعنوية للقوات، ولكي يَسْتَرِدَّ ثقتهم في انفسهم❝ صفحة 230

    ❞ ‫ ويعقب كشك قائلًا: “ولولا أننا لا نَشُكُّ في وطنية عبد الناصر، ولا نَثِقُ إطلاقًا في رواية هيكل لظَنَنَّا (فيهم الظنون)، ألا يعرف زعيم مصر - الذي كان عسكريًّا - ماذا يريد الإسرا ئيليون في سيناء؟ ولا يفهم لماذا يَسْتَوْلُونَ على المواقع الخالية؟، وما ذنبُ الإسر ائيليين إذا كانت المواقع قد تركت بلا مدافعين ❝ صفحة 255

    ❞ وأحيانًا يستخدم أسلوبَ المتحدث المجهول ليضع على لسانه ما يريد قوله، مثل (يعتقد البعض..)، أو (يرى الكثيرون أنه..)، فيُسْنِدُ إلى المجاهيل، ومن ذلك قوله “جاء دخول العراق إلى الكويت هدية من السماء لصناع القرار الأمريكي، مما دعا كثيرين إلى الظن بأنه (تدبير أمريكي) وليس خطأ حسابات عراقيًّا” ❝صفحة 331

    ‏❞ والاستغراق في الوصف وصولًا لأدق الأشياء إحدى وسائل هيكل للتأثير على القارئ من ناحية جذبه لكتاباته وكَسْرِ الأنماط التقليدية لتقديم المعلومات السياسية، وفي الوقت ذاته يكون الوصف دومًا مؤديًا رسالةً ما تصل للقارئ، إما عن حرارة استقبال، وإما عن أبهة مكان، وإما عن مكانة ضيف أو مضيف، إلى غير ذلك من الرسائل. ❝ صفحة 317

    Facebook Twitter Link .
    0 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    4
    Facebook Twitter Link .
    0 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    4
    Facebook Twitter Link .
    0 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    1
    Facebook Twitter Link .
    0 يوافقون
    2 تعليقات