عنوان الكتاب: سايكوسينما
الكاتب: د. إسماعيل إبراهيم
دار النشر: المحرر للنشر والتوزيع
سنة النشر: 2025
عدد الصفحات: 486 صفحة
"أنتَ هنا لستَ تشاهد الفيلم... الفيلم هو من يشاهدك."
أنا شخصيًا مش من محبي الكتب اللي بتحاول تكون معقدة لمجرد التعقيد. بس الكتاب ده، طلع حكاية مختلفة تمامًا. من أول كام صفحة حسيت إني بدأت رحلة غريبة جوايا، كأن دكتور إسماعيل بياخدني في رحلة اكتشاف، حطني قدام مرايتي بس من خلال شاشة سينما. ده مش مجرد كتاب، دي تجربة.
دكتور إسماعيل، كطبيب نفسي فاهم أدق خبايا النفس البشرية، ما كتبش الكتاب ده بس ككاتب، ده كتبه كمرشد. بيشرح إزاي السينما دي قدرت أوقات ترسم الاضطرابات النفسية بدقة موجعة، وأوقات تانية للأسف شوّهتها تمامًا. والأهم، إنه بيربط بين المشاهد اللي كلنا شفناها في أفلام، وبين تفاصيل حياتنا، مواقفنا، وحتى أوجاعنا اللي مرينا بيها أو شفناها حوالينا.
الفكرة هنا مش مجرد تحليل فني لفيلم، لأ... كل فيلم بيتحول لأداة، لمفتاح بيفتح باب على فهم الألم الإنساني. فجأة تلاقي نفسك بتسأل: هو المشهد ده كان مجرد لقطة عادية؟ ولا دي كانت مراية بتوريني اللي بيحصل جواي؟ اللي شدني فعلاً إن الكتاب مش بيديلك الإجابة على طبق من فضة، هو بيخليك تكتشفها بنفسك، وده اللي خلاني أكمل القراءة بحذر، كأني ماشية على أرض مش ثابتة.
الأسلوب والكتابة:
اللغة اللي بيستخدمها بسيطة وواضحة، بعيدة عن أي تكلّف أو صعوبة. فيها صدق نادر وتجربة حقيقية. الجمل ممكن تكون قصيرة، لكن كل جملة بتسيب بصمة كبيرة جواك. حسيت كأن كل فقرة عبارة عن حوار عميق بيني وبين نفسي.
مثلاً جملة زي:
"كل مشهد في الفيلم ممكن يكون قصة... لكن اللي بيربطهم هو الألم"
مش موجودة حرفيًا في الكتاب... بس ده الإحساس اللي وصلني.
الجانب النفسي (وتفاصيل الاضطرابات):
أنا مش متخصصة في علم النفس، بس وأنا بقرا، حسيت إني في جلسة علاج جماعي، بالرغم من إني ما اتكلمتش ولا كلمة. دكتور إسماعيل بيقدر يقدم مفاهيم معقدة من خلال مشاهد سينمائية، ويخليها مفهومة وبسيطة من غير أي مصطلحات طبية متعبة.
الاكتئاب: مش بس حزن، ده خمول داخلي قاتل، كأنك عايش جوا مشهد رمادي مش بينتهي ولا عارف تعيش طبيعي.
اضطراب الهوية التفارقي: لما الإنسان يعيش بجواه أكتر من نسخة... كل واحدة بتحاول تحميه من ماضي واجعه.
الفُصام: إدراك مشوّه للواقع، كأن الشخص محبوس جوا دماغه، شايف عالم تاني محدش شايفه غيره.
اضطرابات القلق: إحساس دايم بالخطر، كأنك طول الوقت في حالة ترقّب لحاجة مش عارف إيه هي بس الاكيد هتحصل.
الاضطراب الوجداني ثنائي القطب: تقلب ما بين نشوة مفرطة واكتئاب غائر، زي ما تكون طالع جبل وتنزل مره واحده.
الوسواس القهري: أفكار ملحة بتسيطر على الشخص، مش بس ترتيب أو نظافة، لكن سجن ذهني حقيقي ده هذا الشخص.
كذا مرة وقفت عن القراءة، مش من الرعب، لكن من قوة المواجهة. حسيت كأن الكتاب بيقولي: "شايفة؟ ده مش مجرد فيلم... ده فيه منهم انتِ."
التقسيم والمحتوى:
الكتاب متقسم بطريقة عبقرية، كأنها عروض سينمائية، كل عرض بيحكي عن اضطراب نفسي معين من خلال مجموعة أفلام. ده خلى التجربة قريبة من المشاهدة الحقيقية، مش مجرد قراءة. فيه توازن رائع بين التحليل الأكاديمي، وبين الطرح الإنساني اللي بيلمس القلب، وده اللي خلى الكتاب بعيد تمامًا عن الملل.
الرمزية واللغة:
لو دماغك مشغولة أو مستعجلة، ممكن تحس إن فيه حاجات مش بتوضح من أول مرة. أنا نفسي رجعت أقرا كذا جزء علشان أستوعب أكتر. بس ده مش عيب، بالعكس... الكتاب بيفتح لك مساحة إنك تعيد التفكير، تراجع مفاهيمك القديمة عن نفسك وعن اللي بتشوفه في الشاشة.
أنا شخصيًا...
اللي خلاني أندمج مع الكتاب بالكامل مش المعلومات اللي فيه، لأ، كان الإحساس اللي بيوصلني. كل فيلم كان بمثابة زرار بيضغط على حتة معينة جوايا. حسيت إن جزء مني بيتكلم بين السطور.
افتكرت وأنا بقرأ موقف حصل لي من سنتين، كنت فيه مرعوبة من مواجهة معينة، وفضلت أهرب منها بكل طاقتي. الكتاب ده لمحلي - من غير ما يقولها صراحة - إن الهروب بيخلينا نعيد نفس الفيلم جوا دماغنا مليون مرة... بس من غير ما نوصل للنهاية أبدًا.
الخلاصة:
"سايكوسينما" مش مجرد كتاب عن السينما أو علم النفس، ده مرآة بتوريك نفسك، وأوقات بتكون صفعة تصحيك. بتقفل آخر صفحة فيه وأنت مش عارف ارتحت من المواجهة دي ولا وجعك طلع على الوش أكتر. بس الأكيد: الكتاب ده مش هيتنسي بسهولة.
وأنا عن نفسي، هسيبه على الرف...
مش علشان أنساه، لكن علشان أرجع له تاني لما أحتاج أفتكر أنا مين.