كتاب "سايكوسينما" لدكتور إسماعيل إبراهيم.
الكتاب يجمع بين موضوعين شيقين وهما "الأمراض النفسية" و "السينما". يشرح لنا الكاتب في البداية بخبرته الطبية ما هي الأمراض النفسية ورحلة تفسيرها وتشخيصها والبحث عن علاجها ويركز تحديدا علي الإكتئاب، الوسواس القهري، اضطراب ما بعد الصدمة، طيف التوحد، الشيزوفرينيا واضطراب ثنائي القطب وهي مجموعة من أشهر الاضطرابات النفسية والتي ظهرت في عدة أعمال سينمائية كذلك فيحكي لنا عن بعض هذة الأفلام ودقة أحداثها وإظهارها للأعراض وهكذا.
النصف الأول من الكتاب ركز علي الحديث عن الأمراض النفسية بشكل عام تاريخها واكتشافها ورحلة علاجها المستمرة حتي الآن ودحض بعض الشائعات الخاصة بها والنصف الثاني يركز علي كل مرض من هذة الأمراض بالتحديد والأفلام التي ناقشتهم.
كما ختم الكتاب بفصل عن "سيجموند فرويد" الطبيب والعالم النمساوي الشهير الذي أسهم بشكل كبير في فهم الأمراض النفسية ووضع مبادئ التحليل النفسي فنتعرف أكثر علي قصته ونظرياته المهمة والمثيرة للجدل في آن.
لغة الكتاب سلسة جدًا ولا تخلو من الفكاهة، مناسبة للقارئ المهتم ولا يحتاج لخلفية علمية مسبقة كما يذكر د.اسماعيل ابراهيم في النهاية اسماء الأدوية والافلام والأمراض المذكورة والمصادر ويرفق بعض الهوامش للتسهيل علي القارئ.
قراءة الكتاب كانت رحلة ممتعة رغم كبر حجمه ولكنها -بالطبع- لا تخلو من الشعور الألم والأسي لكل المصابين بهذا الأمراض وخاصة في الماضي ممن خضعوا للكثير من المعاناة قبل فهم ماهية الأمراض النفسية واعتبارهم مصابين بمس شيطاني أو جنون أو ما شبه.
أعجبني تعمق الكاتب في تاريخ المرض نفسه ورحلة الوصول لعلاج، وايضا تمكن من تفنيد خرافات عديدة حول الأمراض النفسية ربما كان للسينما دور فيها ولكن هذا لا يمنع وجود افلام عديدة أظهرت الأعراض بطريقة صحيحة واختار الكاتب هنا أن يشاركها معنا وأري أنها وسيلة مناسبة جدا لتوصيل الفكرة والمشاعر للمشاهد وتزيد فهمه وتعاطفه.
فكرة التعبير عن العلوم المعقدة بالفن لا تفشل في إبهاري أبدًا فإما أشاهد عملًا يعبر عني ويشعرني أنني لست وحدي وهناك أشخاص في العالم يشاركوني نفس التجربة مما يقلل حدتها أو افهم اشياء لم أجربها بنفسي قط ولن اتمكن من معرفة شعور أصحابها سوي عن طريق عمل فني يساعد في نقل الفكرة. أري أن الفن أقوي بكثير من مجرد وسيلة للتسلية "حتي وإن كان كذلك في بعض الأحيان" وأحببت جدا كيف استغل د.إسماعيل إبراهيم هذا الأمر وجمع بين شغفه بالفن وتخصصه في الأمراض العصبية والنفسية ليوصل لنا هذة الأفكار ببساطة وبطريقة مشوقة أيضًا تثبت أن العلوم والفنون ليسا خطيت متوازيين بل يكمل كلًا منهما الأخر بطريقته.
قرأت نيوروسينما قبله وأحببت كليهما وأحببت فكرتهما جدا واستمتعت بقرائتهما. متحمسة للجزء الثاني خاصة وأن أكثر اضطرابين اود التعرف عليهم -القلق ونقص الإنتباه- سيكونوا في الجزء القادم.
#كتاب_الشهر_في_مكتبة_وهبان
#مسابقة_قراءات_سايكوسينما