ذكر الكاتب ان الهدف الرئيسي من الكتاب هوالمزج ما بين الطب والفن بصوره لطيفه وبسيطة والعلاقه بينهما لكي نكتشف بعدها ان الكاتب ابحر بنا في دروب التاريخ والادب ايضا حيث انه قرر التمهيد للكتاب بذكر بدايات الإضطرابات النفسية ومنشأها مقسما الامر الى فصول التسهيل فنجد الكتاب منقسم الى شقين شقه اول خاص بتاريخ نشاه الطب النفسي وشقه الثاني عن علاقه الطب النفسي بالسينما والأفلام.
الحياه تقلد الفن احسن بكثير مما يقلد الفن الحياه اوسكار وايلد حينما بدات بقراءه هذه الجمله لم افهم مغزاها جيدا حتى قام الدكتور بشرحها ويالمصداقيتها فكثيرا ما نشعر بشيء ولا نستطيع التعبير عنه حتى نراه مصورا على الشاشه او في هيئه كلمات عبر عنها كاتب او شاعر لنقول نعم هذا هو شعوري صدقت فنكتشف ان الحياه وما نعيشه هي التقليد الحي للفن الذي نراه امامنا بالفعل وعلى ذكر الفن فاكثرها انتشارا هي الافلام ومن منا لا يهواها وكما يخبرنا الكاتب يقولون ان اي فيلم هو بالضروره فيلم نفسي ويا حبذا أن نرى معاناة البطل.
في فصل عن الطب النفسي واشياء من هذا القبيل:
يرسخ الكاتب ثلاثه مسلمات يجب التاكيد عليها /
1️⃣ لا يوجد ما يسمى بالمرض النفسي وانما يسمى الإضطراب النفسي ليقوم بعد ذلك بشرح الفرق ما بين المرض والاضطراب فيكون تعريف الادق هو الاضطراب النفسي.(وعلى ذكر ذلك كان يعتقد قديما ان الاضطرابات النفسيه هذه نتيجه لاسباب روحيه او فلسفيه او تاثيرات فلكيه او خارجه عن الطبيعه)
2️⃣ لا يوجد اضطراب اسمه "الجنون" انما هو مصطلح ذكر في الكتابات القديمه او المقدسه مثل القران والاحاديث كاتهام للخروج عن المالوف.
3️⃣ كلنا مرضى نفسيون الفيصل في الامر انه ان كانت التاثيرات النفسيه تعوق عمليه الاستمرار في الحياه فيجب على الفور اللجوء الى الطبيب لتقديم المساعده والعون.
ولم يغفل الكاتب ذكر كيفيه تحديد الاضطراب النفسي فالمرجع هنا هو ما اطلق عليه الكتاب المقدس او "انجيل الطب" الذي يلجا اليه الطب النفسي وهو "الدليل التشخيصي والاحصائي للاضطرابات النفسيه" بالاضافه الى "التصنيف الدولي للامراض" كما اننا سنعرف ان الامراض قديما كانت اما ذُهانيه او عُصابيه وقد وضح الكاتب الفرق بينهما ❞ باختصار، مرضى «العُصَاب» يبنون قصورًا في الهواء، أما مرضى «الذُّهان» فيعيشون فيها (و لكن الطبيب النفسي هو من يجمع الإيجار في النهاية، كما قال الكاتب المسرحي الأمريكي «جيروم لورانس» ساخرًا!) ❝
كما سنلعم ان انواع العلاج المتاحه في الطب النفسي تنقسم الى "علاج نفسي سلوكي" و"ادويه نفسيه" و"علاج بالصدمات الكهربائيه" او "التحفيز المغناطيسي" او "علاجات تكميليه وانظمه غذائيه" وعادة ما يكون المزج بينهم جميعا هو الأفضل.
في فصل تاريخ موجز الطب النفسي رحلتي من الشك الى البروزاك قدم الكاتب تاريخ الطب النفسي بدايه من عصور ما قبل التاريخ المكتوب وحتى العصر الحالي فكان كما يلي:
💫عصور ما قبل التاريخ المكتوب/ تشير دراسات علوم الحفريات لوجود جماجم بها اثار لعمليات التربنه تعود لقرابه 6500 عام كما كان العلاج يتم بالرقص او الموسيقى او العزل داخل الكهوف لحمايه المرضى او حمايه من يحيطون بهم.
💫العصور القديمه/ اشتهرت فيما بين بلاد الرافدين وعند قدماء المصريين وكانت تعتقد انها بسبب غضب الالهه وتسمى بايادي الآلهة مثل "يد عشتار" كما فسروها من منظور روحاني في جانب اخر وكان يتم العلاج عن طريق الكهنه بالتعاويذ السحريه او التامل او تقديم القرابين واحيانا كانوا يلجأون الى المهلوسات.
•كان المصريون القدماء هم اول من قاموا بتفسير الاحلام باعتبارها مرآه للروح من قبل فرويد بقرون عديده، كما كانت "برديه ايبرس" هي المرجع لكل الامراض والادويه في ذلك الوقت ومن العجيب انهم ارجعوا الاضطرابات العقليه التي تصيب النساء لامر غريب وهو تجول الرحم داخل الجسم فكان يتحرك من مكانه ليصعد الى الراس.
💫 حضارات اسيا الشرقيه القديمه/ في الهند مثلا ارجعت البوذيه الامر الى اخطاء الشخص السابقه او روحه في شخص اخر فكان الاضطراب النفسي عقابا او فرصه لسداد ديون الماضي.
•في الصين كان هناك نظريتان للأمراض النفسية الاولى "الخلل في اليين واليانج" او "خلل في العناصر الخمسه" او من خلال مفهوم "الاعداد الهامه" فكانت هناك اعداد محظوظه واعداد غير محظوظه وهكذا وكان الاعتماد في العلاج على الاعشاب الطبيعيه "لاسيما زهره الجينسينج لانها تشبه شكل جسم الانسان" والوخذ بالابر والكي والتمارين والتغذيه.
•النظريه الثانيه كانت تعتمد على الموروثات الشعبيه من المس والاستحواذ الشيطاني وكان الكهنه والسحره هم المعالجون بممارسة الصلوات وطقوس طرد الشياطين.
💫العصر اليوناني والروماني القديم/ كان الاعتقاد السائد في بدء الامر انه عقاب من الالهه وكان العلاج بالنوم في المعابد والتقرب من الالهه ثم ظهر فكرا اخر عن طريق ابو قراط وجالينيوس وارسطو حتى ان ابوقراط والملقب ب "ابو الطب" قام بوصف اضطرابات مثل الاكتئاب والهستيريا والهوس والصرع والهذيان والتدهور العقلي كما قام بتقديم نظرية الاخلاط الاربعه الشهيره والتي اثرت في الممارسات الطبيه لما يقرب من الفي عام ولكن للاسف بمرور الوقت وتدهور الامبراطوريه الرومانيه عادت الافكار السائده بغضب الالهه والاستحواذ الشيطاني للظهور.
💫القرون الوسطى/ بدايه من القرن 5 الى 15 كانت تتسم بالتخلف والانهيار نظرا لحروب الصليبيه ومحاكم التفتيش وانتشار الاوبئه والمجاعات ونظرا لانتشار المسيحيه وسطوه الكنيسه كان الفكر السائد هو الاستحواذ الشيطاني وكان الكهنه هم القائمين بالعلاج فكانوا يمارسون اشد انواع التعذيب من التجويع والضرب والغمر بالماء اضف الى ذلك النفي فيما يسمى بابراج الحمقى او سفن الحمقى سيئه السمعه والتي كانت غالبا بلا رجعه اضف الى ذلك فتره صيد الساحرات من القرن 15 الى 18 والتي كان السبب بها كتاب يدعى "مطرقه الساحرات" وكانت النتيجه موت ما يقرب من 60 الف الى 100000 بدون محاكم او لأسباب تافهه أغلبهم من النساء.
💫العصر الذهبي للاسلام من منتصف القرن 8الى 13 وقد اتسم بالتقدم والازدهار في جميع المجالات وعلى سبيل المثال كان ابن سينا قد الف العديد من الكتب والتي وصف فيها الكثير من الامراض النفسيه بوضوح وكان هذا قبل ما يقارب 1000 عام من معرفه الطب النفسي كما قام ابو بكر الرازي والملقب ب"جالينيوس العرب" بشرح وتاليف كتب عن العديد من الامراض العضويه والنفسيه وعلاجها ايضا اضف الى ذلك ان المسلمين هم اول من بنوا "البيماريستان" عام 707 كما انهم هم اول من بنوا البيمارستان عام 707 كما انهم كانوا يعتقدون ان من فقد عقله مبروك في حين لقبه الغرب بالملعون.
💫عصر النهضه/ من القرن 14 ل 17 بدات دراسه التشريح وعلم النفس بشكل افضل وتم التصدي لحرق الساحرات نوعا ما.
💫العصر الحديث/ القرن 17 وما بعده كانت البدايه الحقيقيه لدراسه علم النفس والنهضه وتم انشاء مستشفيات المجانين وهي "سانت ماري بيت لحم" في باريس او "بيثلم" ولكن الامر انقلب للاسوء فكان المرضى يعاملون بوحشيه وضرب وتعذيب حتى ان العاملين بالمستشفى كانوا يقومون بفرض الرسوم لكي يقوم الناس بمشاهدة المرضى واُكتشف انهم كانوا يجمعون المرضى لحماية المجتمع منهم وليس رعايتهم وهو ما كان يسمى ب "الحبس الكبير".
💫بدأت دراسة علم النفس والامراض الاضطرابات النفسيه والاعتراف بها كواقع في القرنين العشرين والحادي والعشرين وخاصه في الخمسينيات ولكن النقلة الحقيقيه كانت عند اكتشاف عقار البروزاك والذي استخدم في العديد من الامراض ولاقى استحسانا كبير.
■ في فصل الجنون فنون قام الكاتب بمناقشه العلاقه ما بين الافلام والسينما وما بين الطب النفسي وهل قامت السينما بخدمه الطب النفسي ام كانت عقبه في طريقه بدأ الامر منذ بدايه القرن وكانت الافلام حينها غير ناطقه وتعتمد على الرعب عن طريق تصوير كل من مستشفى المجانين والطبيب المجنون والعالم المجنون الذي يستخدم شره للسيطره على عقول وهو امر غير صحيح كما شاع الشر والعنف عن المرضى النفسيين بالرغم من ان العكس هو الصحيح فالمرضى النفسيين هم من كانوا يتعرضوا للعنف والاضطهاد.
• في الخمسينيات من القرن قام الطب النفسي بالانقلاب على السينما لانها قامت بتشويه صورته واعطاء منظور مغلوط عنه، في حين كانت فتره السبعينيات والثمانينيات هي الامثل في تصوير الطب النفسي والامراض النفسيه فقامت بمعاونته والتشجيع على الوعي به وكيفية التعامل معه.
■في فصل سكوت حنصور قام الكاتب بعرض الامراض مستعيناً بالافلام مثل:
1️⃣الفصام/ شيزوفرينيا
2️⃣الاضطراب الاكتئابي الكبير
3️⃣ الانتحار
4️⃣ اضطراب ثنائي القطب
5️⃣اضطراب الوسواس القهري
6️⃣اضطراب ما بعد الصدمه
7️⃣اضطراب طيف التوحد.
■ في كل الامراض القادمه سيقوم الكاتب بشرح الفيلم وهل قام بتصوير المرض بشكل صحيح ام لا؟ وبدايات اكتشاف المرض وتاريخه وأسبابه ،وهل هناك فروق تشريحية بين المرضى وغيرهم ام لا؟ وطرق العلاج وكيفية إكتشافها، وعليه سوف أقوم بذكر اهم ما لفت انتباهي عموما في الفصول القادمة من معلومات.
■ في الفصل الخاص بمرض الفصام او الشيزوفرينيا كانت طرق العلاج وحشيه واستمرت الى هذا القرن ولعلها من اشهرها العلاج "بالتعقيم" كما قام هتلر باصدار اوامر بقتل المرضى نفسيين وذوي الامراض المزمنه اثناء الحرب العالميه ومن اشهر طرق العلاج ايضا "العلاج بالحمى" والعلاج ب"بضع الفص الجبهي" والتي اخترعها "مونيز" وفاز بجائزه نوبل بعدها ومن اشهر المرضى "روزماري كينيدي" والتي اصيبت بشلل جراء هذه العمليه وتم ايداعها في مصحه نفسيه.
■ في الفصل الخاص بالاكتئاب بالرغم من ظهور العلاج في الخمسينيات من القرن الماضي الا انه على الاقل كان معروف في القرن 17 والذي تم ذكره على لسان الشاعر الانجليزي "توماس دورفي" في مجموعه من الاغاني التي اسماها "الطرافه والضحك: حبوب لتطهير الكآبه" والتي تقدر بحوالي 1000 اغنيه وقصيده.
■ من العجيب استخدام الاطفال في اعلان 7 اب لانه كان يحتوي على "سترات الليثيوم" فيسبب الهدوء وكانت تلك وسيلة دعائية تدل على الجهل والهمجية من الغرب في رأيي.
■ كان انتشار الوسواس القهري الديني عند المسلمين منتشر بصوره كبيرةفي حين انه عند المسيحيين كانت نسبته اقل بينما ما لفت نظري انه كان عند اليهود بنفس الصوره عند المسلمين.
■في الفصل الخاص بالتوحد كنت اعتقد ان اغلب المتوحدين لديهم ذكاء خارق ولكن تم التصحيح حيث ان 10% فقط منهم من يتمتعون بذكاء خارق، كما كان من العجيب الربط بين الجهاز الهضمي وظهور مرض التوحد عن طريق "الميكروبيوم"، اضف إلى ذلك أنه لا يوجد دليل طبي على أن الهواتف تسبب الإصابة بالتوحد، كما كان من العجيب أن يتم تحليل شخصية "شيرلوك هولمز" ومعرفة إصابته بالتوحد وتحديدا "متلازمة آسبرجر"
■ كان الفصل الخاص بفرويد يحتوي كل المعلومات عنه وعن نظرياته وحياته حتى موته كما ناقش اتهامه بالتحيز ضد النساء وضد المثلية الجنسية والتي اعتبرها شذوذ وكذا تم ذكر الاراء ما بين من يراه عالم جليل وبين من يراه دجال ولعل السينما كانت السبب في شهرته الكبيرة بالفعل واحببت تشبيه العلاقه بينه وبين السينما "بعقدة الأب" فقد كان كارهاً لها في حين كانت هي تمجده دوما.
■ كان الكتاب بلغة فصحى مبسطة وسلسة احببته جدا واحببت طريقة الكاتب في تسلسل السرد وترتيب النقاط كما انه كان يقوم بالتنوية وإبداء رأيه في كثير من المواقف والافلام وهو ما اضاف لمسة من الألفة مع القارئ وبالطبع لا يخفى الحس الكوميدي للكاتب خلال القراءة كما احببت عنصر التشويق الخاص بلمحات خاطفة عن محتوى الجزء الثاني من الكتاب.
■في رأيي كان ذكاء من الكاتب الربط ما بين الأمراض والأفلام فالاعراض والتشخيصات متداخله ولن يكون الامر سهل للفهم بينما تذكر الافلام اسهل بكثير فيمكن الربط لاسيما ان اغلب الافلام قد عبرت بطريقة قريبه جدا من الواقع عن الامراض.
■احببت جدا التنبيهات الخاصة بالافلام عن الانتحار وارجو اخذها بعين الاعتبار حيث انه غالبا ما يكون العكس هو المعمول به.
■ فيما يتعلق بالمراجع والملاحق كانت منظمة جدا ووافية واحببتها كما احببت مقدمات الفصول والتي كانت تاتي علسان بطل الفيلم تعبيرا عن معاناته.
■احببت الصور واللوحات للغاية كما احببت القصص الاغريقية ايضا والعلاقة بين الباذنجان والجنون ولكني شعرت بالثقل في قراءة الادوية الموصوفة واسماءها ولكن للحق الكتاب يمكنه افادة المختصين ولا مانع من ترك اسماء الادوية بالنسبة لغير المختصين.
■ كتاب شيق وممتع ومهم انصح بقراءته وفي انتظار الجزء الثاني
■ اقتباسات:
● «فريدريك نيتشه»: «أن تحيا يعني أن تُعاني، وبقاؤك حيًّا يعني أن تعثر على بعض المعاني في المعاناة.
● عكس الاكتئاب ليس السعادة، بل هي الحياة نفسها، فالأوقات التي سرقها الاكتئاب من عمره هي أوقات لن يعوضها أبدًا!
● «سوف يَكْسَرُ العَاَلمُ قلبَكَ بعشْرِ طرق مختلفة طوال الأسبوع، وحتى يوم الأحد، هذا أمر حتمي! لن أتمكن من أن أشرح لك لماذا يحدث ذلك، أو أن أفسر لك الجنون الذي بداخلي وبداخل كل شخص آخر.. لكن خمن ماذا؟ عندما يأتي يوم الأحد، يكون هو يومي المُفضل مرة أخرى».
بات سوليتانو (برادلي كوبر)
● «إذا كنت تعتقد أن هذه الحرب لن تغيرك فأنت مخطئ. أنت فقط تلتف حول النيران لأطول فترة ممكنة لتتجنب الحقيقة!».
تايا كايل (سيينا ميلر)
● شبه فرويد «الهو» بحصان قوي جامح يمثّل الرغبات والغرائز، و«الأنا» بالفارس الذي يحاول توجيه هذا الحصان بذكاء وفق الواقع، بينما «الأنا الأعلى» هو المرشد أو المعلم الذي يعلم الفارس القيم الأخلاقية ويضبط تصرفاته ليتبع المسار الصحيح.