اقتباسات فيصل الأنصاري

كان أبي الخيمة الحانية التي تحمي عائلتنا الصغيرة من تقعُّر وجه الزمن،

فهو الموت إذن.. لا.. لن أموت قبل أن أُدرك السبب، هل عاكستني الأقدار؟ هل أغرتني زخارف الدنيا، أم هل غَدَرَتْ بي نافذة المصير؟! أم رُبَّمَا نفسي!! نعم نفسي التي طالما تبعتُها فيما اعَتَقَدَتْ، وانقدتُ لها فيما آمنتْ به، رُبَّمَا نَسِيتُ قبل أن أسير خلفها، رُبَّمَا نَسِيتُ أن أُصْلِحَهَا قبل أن أبدأ ذلك المسير.

ما زلت أشعر أني وسط حُلْمٍ مُرْبِك، الأحداث العاصفة التي اتخذت منِّي مركزًا لتدافع رياحها لم تخفف من وطأتها بعد، قبل أيام قليلة كنت ذاك العابد الرَّبَّانِيّ في طرف بني عباس، واليوم ها أنا أتربع على كرسي الإمارة في سجلماسة، رغم ذلك فإني ما زلت أتطلَّع إلى المزيد، يالِ جنون الأيام، رغم أنه تأخر بعض الشيء إِلَّا أن داغر قد أوفى بوعده وجاء بنافذة المصير لتكمل إزاحة الغشاوة عن قابل أيامي.

اسمع يا (ابن أبي محلي) لا يريد القَدَر أن تجري حياتُنا على ما نستحق، فيبعثر آمال الناس وأحوالهم عكس ما يُمَكنُّهم من ذلك، فإذا التقى الحُصَفَاء من أهل العلوم العليا وتمكنوا من جمع أولئك بتلك فإنهم يُحكمون قبضتهم على تدافع الأيام، عندها يعطلون حبكة القدر ويذللون لأصحاب القوى الالتقاء بوسيلتهم، فيصل كل منهم إلى ما يستحق.. لا ألومك إن شردت مجددًا.. على كل حال.. نلتقي قريبًا في سجلماسة.. إلى اللقاء.

رغم ما يدِّعي أهلُ الخلوات والمساجد والمراقد من خُلُقٍ وفضيلة واستعدادٍ للتضحية إِلَّا أنهم قلَّما يُترجمون ذلك إلى عمل حقيقي، عمل يكرِّس حقيقة تلك الأكاذيب.

‫ أَمَّا هؤلاء القوم بين يديَّ في هذا الكهف فقد اجتمعت عظامهم طواعية، جعلوا من موتهم أمرًا ذا معنًى، سَلَّموا أَرْوَاحهم مختارين لجبل توبقال لتبقى عِظامُهم.. عظام مائة مشعوذ.. ليأتي وريث المشعوذ الأخير ويحصد تلك العظام.. وها قد أتيت اليوم.. وسأبدأ فورًا.

ياه.. لا أصدق أن الأيام مرَّت بهذه السرعة، لا أُصدق أن الأَرْوَاح التي باركت قدومي إلى توبقال لأول مَرَّة ها هي ترعاني حتى أعود إلى توبقال مرة أخرى لأُقدِّم نفسي طواعية.. أُقدِّم نفسي وقد أمضيتُ عمرًا طويلًا في خدمة تلك الأَرْوَاح.. التي سأنضم إليها قريبًا، تاركًا الجبل يلتهم جسدي ويترك عظامي.. التي سيأتي داغر ويضمها إلى مَنْ قبلها ويصنعُ منها ذلك الشيء النفيس.

‫ أرجوكَ يا بُني.. أرجوك يا داغر.. لا تُخيِّب ظنَّ والدك أرجوك يا وريث الأَرْوَاح، اجعل لذلك الموت معنًى يستحق التقلُّب لأجله في أعماق النيران.

ياه.. لا أصدق أن الأيام مرَّت بهذه السرعة، لا أُصدق أن الأَرْوَاح التي باركت قدومي إلى توبقال لأول مَرَّة ها هي ترعاني حتى أعود إلى توبقال مرة أخرى لأُقدِّم نفسي طواعية.. أُقدِّم نفسي وقد أمضيتُ عمرًا طويلًا في خدمة تلك الأَرْوَاح.. التي سأنضم إليها قريبًا، تاركًا الجبل يلتهم جسدي ويترك عظامي.. التي سيأتي داغر ويضمها إلى مَنْ قبلها ويصنعُ منها ذلك الشيء النفيس.

‫ أرجوكَ يا بُني.. أرجوك يا داغر.. لا تُخيِّب ظنَّ والدك أرجوك يا وريث الأَرْوَاح، اجعل لذلك الموت معنًى يستحق التقلُّب لأجله في أعماق النيران.

ياه.. لا أصدق أن الأيام مرَّت بهذه السرعة، لا أُصدق أن الأَرْوَاح التي باركت قدومي إلى توبقال لأول مَرَّة ها هي ترعاني حتى أعود إلى توبقال مرة أخرى لأُقدِّم نفسي طواعية.. أُقدِّم نفسي وقد أمضيتُ عمرًا طويلًا في خدمة تلك الأَرْوَاح.. التي سأنضم إليها قريبًا، تاركًا الجبل يلتهم جسدي ويترك عظامي.. التي سيأتي داغر ويضمها إلى مَنْ قبلها ويصنعُ منها ذلك الشيء النفيس.

‫ أرجوكَ يا بُني.. أرجوك يا داغر.. لا تُخيِّب ظنَّ والدك أرجوك يا وريث الأَرْوَاح، اجعل لذلك الموت معنًى يستحق التقلُّب لأجله في أعماق النيران.

ياه.. لا أصدق أن الأيام مرَّت بهذه السرعة، لا أُصدق أن الأَرْوَاح التي باركت قدومي إلى توبقال لأول مَرَّة ها هي ترعاني حتى أعود إلى توبقال مرة أخرى لأُقدِّم نفسي طواعية.. أُقدِّم نفسي وقد أمضيتُ عمرًا طويلًا في خدمة تلك الأَرْوَاح.. التي سأنضم إليها قريبًا، تاركًا الجبل يلتهم جسدي ويترك عظامي.. التي سيأتي داغر ويضمها إلى مَنْ قبلها ويصنعُ منها ذلك الشيء النفيس.

‫ أرجوكَ يا بُني.. أرجوك يا داغر.. لا تُخيِّب ظنَّ والدك أرجوك يا وريث الأَرْوَاح، اجعل لذلك الموت معنًى يستحق التقلُّب لأجله في أعماق النيران.

لم أَكُنْ أتمنى أن يحمل ولدي هارون من الخبائث والقسوة أكثر مما تجسَّد أمامي في داغر.. لكن.. ذاك الفتى هارون يظل ابني.. عظامه بعضٌ من عظامي.. كيف سأقبل أن يخرج من هذه الجائزة العظيمة خالي الوِفَاض؟! كيف سأُهدي تضحيات مائة مشعوذ إلى الشاب الذي لم يربطني به إِلَّا السعي في أسواق فاس؟!

غريب كيف أن انطلاق قدميَّ في الشرور يصبح خفيفًا على النفس مذللًا للصعاب،

- لا بأس يا سفيان.. أَعلمُ أن نار توبقال كانت ستشتعل يومًا ما لتنهي حياة والدي وتترك عظامه فحسب، أعلم أن ذلك كان اختيارَه، وها أنا أتجرَّع اليوم مرارة هذا الخبر المؤلم، لا بأس.. إنما تَقْتَاتُ الأقدارُ على الآلام.

يحاول الإنسان مغالبة بعض الأمور جاهدًا.. إِلَّا أن سنن الله ما تلبث أن تقول كلمتها الأخيرة.

رغم ما أنفق أولئك الراقدون في الضريح من أموال لينمِّقوا حقيقة الموت، فإن الجَمَال لم يُفلح في هزيمة صدق الفناء، ورغم ما يدبُّ في أحياء الفقراء من حياة وتدافع أنفس، إِلَّا أن الفقر أبى أن يعيش هو والجَمَال في مكانٍ واحد..

لا أعلم حقيقةً إن كان الفقر درجةً من درجات الموت!!

كيف يكون المرء وقد ترقَّى في علوم الدين والدنيا، ثم يطمس الله على قلبه إلى هذا الحدِّ؟! لا حول ولا قوة إِلَّا بالله.

ياه كم أحمد الله على نجاتنا.. كما أحمده على أن أمي لا تعلم بما جرى لولدها المرتحل.. ها.. ها.. كانت لتأمرني بالرجوع فورًا وتبلل رمال الصحراء باكية حتى أُنفِّذَ أمرها.

ياه كم أحمد الله على نجاتنا.. كما أحمده على أن أمي لا تعلم بما جرى لولدها المرتحل.. ها.. ها.. كانت لتأمرني بالرجوع فورًا وتبلل رمال الصحراء باكية حتى أُنفِّذَ أمرها.

ألا يرى كيف تردَّت مُرَّاكِش خلال سنتين من حكمه؟! ألا ينقل له أتباعه حال أهل مُرَّاكِش وشكواهم المريرة من سوء الأحوال، وزيادة المكوس، وتسلُّط الدراويش من أتباعه؟! ألم يعلم بعد بانكشاف ظهره وتخلِّي معظم القبائل والعشائر عن نصرته.

وعقلي حبيس وادٍ مقفرٍ مُوحِش لا تصاحبني فيه سوى الدهشة والحيرة، ذئاب الشك توشك أن تُجهز على ما تبقى في نفسي من ثباتٍ ويقين.