اللغز وراء السطور

فيه تريقة غريبة على فكرة إنه أحمد خالد توفيق -الله يرحمه – كانت كتاباته كلها سطحية ومالهاش أهمية أدبية قيّمة؛ زي كتابات ديستوفيسكي أو ماركيز عالميًا، ونجيب محفوظ مصريًا.. أنا مش فاهم لحد دلوقتي أصل الموضوع ممكن ييجي منين؟

هل عشان الراجل كان بيكتب أدب مراهقين؟ طب هو نفسه بذات عضمه لسانه قال إنه بيكتب كده فعلًا، وإنه نوعية ما يكتبه اسمها ’’أدب البوب ‘‘ وده مخصص للشباب أكتر منه للكبار، وأكتر منه أدب عظيم، مع إنك لو سألت حرّاس الأدب دول: يعني إيه أدب عظيم؟محدش هيعرف، ولا أنا أعرف، وحتى الدكتور في كتابه العظيم (اللغز وراء السطور ) يعرف.

والتريقة بتاعت السطحية والكتابة للمراهقين امتدت معاه وقالوا عنه لم يقدم شيء حقيقي، ولم يكتب سوى القصص المسلية بتاعت الأطفال والمراهقين، باعتبار طبعًا إنهم فحول ثقافة ومقطعين ورق الكتب من العرق!

المهم، الكتاب اللطيف للغاية ده: (اللغز وراء السطور ) واحد من أهم الكتب الأدبية اللي ممكن أي حد، أو ’’شاب ‘‘ يقراها في حياته.

الكتاب تقريبًا أهم رد على فحول الثقافة والأدب في إن الراجل لم يضف شيئًا قيمًا.

الكتاب قسمين، القسم الأول ماسورة معرفة أدبية خاصة وعامة، كمية من الآراء، والحكايات، المعلومات، وأسماء أدباء من كل أطراف الأرض وحكاياتهم مع الكتابة، وطرائف عنهم، وعن أسئلة طرحوها وكانت بتدور في عقولهم. قنبلة معرفة أدبية.

القسم الثاني من الكتاب مقالات خاصة ليه، عن الشعر والسينما والأدب وعلاقتهم ببعض، وعن مواقف وآرائه في كل ما يتعلق بالأدب. قنبلة متعة أدبية.

الكتاب أسلوبه مميّز جدا زي الدكتور الله يرحمه، الحكايات والمعلومات الكتيرة جدا فيه مكتوبة بشكل مباشر وبسيط وغزييير.

الكتاب يكشف الغطاء بكل سهولة عن إن الكاتب الفاهم هو قارئ نهم ممتاز وفاهم. الكاتب الشاطر بيبقى قارئ شاطر أوي. كمية من أسماء أدباء عالميين قرأ ليهم وترجم عنهم وبيحكي عنهم تخليك تقف احترامًا للراجل حتى لو كان أدبه أدب مراهقين، وإنت كفحل أدب تخطيت المرحلة دي!

أنا هنا مش بدّعي إنه ده كتاب لا يأتيه الباطل، أو إنه كتاب خرافي مالوش مثيل؛ لكنه كتاب بيظهر من وراه قارئ موسوعي ملم بأنواع وأشكال من الأدب العالمي قبل المصري كبيرة جدا.

وكتبت عنه؛ لإنه أكثر الكتب المظلومة للدكتور، عشان مش رواية وعشان مأخدش حقه الإعلامي أوي، بس هو ممتع جدا جدا والله.

هل شهادتي مجروحة في هذه المراجعة؟ الإجابة نعم... وكيف لا والشجن ما زال يسري في عروقي عندما أتذكّر وأنا أقرأ كلمات الراحل أحمد خالد توفيق، أنه لم يعد موجودًا في هذه الدنيا.

عندما يتحدث هذا الرجل أنصت... فقط أنصت، مهما اختلفت معه في الرأي يجبرني على احترامه، لم أره يفجر في خصومة من قبل، ولم أقرأ له حرفًا يُعبّر عن كراهية صريحة سوى عن كراهيته للكيان الصهيوني.

ككاتب... أسعدني الكتاب خاصة الجزء الأول منه الذي يتحدث عن مطبخ الكتابة، وكقارئ... فتنني الكتاب بجزئيه، سواء في متابعتي لما وراء كواليس كتابته التي كنت نقرأها بكل شغف، أو في قراءة الثرثرة خارج مطبخ الكتابة، وللأمانة فكل ثرثرة الكاتب ممتعة.

أتعجّب من بعض الناس الذين ظنّوا أن أحمد خالد توفيق سيكتب إلى سر الخلطة التي يتبعها كي تظهر كتاباته بهذه الجودة، في الحقيقة كما يقول هو... ليس هناك خلطة سرية... الخلطة داخلنا نحن... القواعد ثابتة لكن النصوص تختلف بأرواح من كتبها... سر غامض يشبه "نَفَس المرأة التي تطبخ" - نأكل أكلة ما بوصفة ثابتة بنفس المكونات، لكن طعمها يختلف من طبّاخ لآخر... وهذا هو السر الحقيقي... أصالتنا.. تركيبتنا... شخصيتنا.

مقالات الكتاب مميزة وجميلة، تخلط الأدب مع مكونات الحياة، نقرأ عن ارتباط الأدب مع الطب، وعن حرية الإبداع، وعن القصة البوليسية التي أدرك متأخرًا جمالها وصعوبة كتابتها. تحدّث عن خطورة العمل المُبهر للكاتب وكيف يمكن أن يدمّر مسيرته بالكامل، تحدّث أيضًا عن النقد والنقاد، وعن ميزة أن تكتب عملًا رديئًا! تحدث بألم عن السرقة الأدبية، كما تحدّث عن هجرته لموقع جوود ريدز بعد تجربة سيئة مع سيكولوجية جماهيره!

الكتاب شيّق جدًا وأراه مفيدًا للكاتب والقارئ للأدب على حد سواء.

تقييمي 4 من 5

كتاب رائع من كتابات أحمد خالد توفيق رحمه الله.. قرأته عام 2018... مشكلته أنني أرى ان أحمد خالد توفيق لم يكتب كل ما يعرفه عن الكتابة فيه.. بدلالة انني سمعت كلام قاله عن ما وراء السطور في فديوهات على اليوتيوب او حتى كتبه الأخرى ولم يدرج تلك الكتابات في ذلك الكتاب...

مقالات عن كيفية كتابة الرواية بأسلوب بسيط وممتع للتفاصيل أكتر قناتي في يوتيوب عالمي الأخضر