اقتباسات عبد الله جعفر صديق

تَحْكِي لَغِيَرِكَ،

‫ عَنْ جَرَّاحٍ فِيكَ مِنْ وَقْعِ الْهَزِيمَةِ،

‫ وَاِنْتِصَارَ الْمَوْتِ،

‫ فَاُكْتُبْ عَنْكَ وحدكْ

‫ سَأَقُول لَا لِلْحَرِبِ،

‫ وَلَتَفْعَلْ بِصَوْتِي مَا تَشَاءُ،

قَدْ تَضِيقُ الْأَرَضُ،

‫ لَكِنْ فِي رِحَابِ الْمَوْتِ،

‫ قَدْ نَلْقَى بَرَاحًا نَشْتَكِي لله فِيهِ،

‫ بِأَنَّنَا ظُلْمَا، أَتينَا قَبْلَ مَوْعِدِنَا الْأَخِيرِ،

‫ بِدَمْعَةٍ ورَصَاصَتَينْ

كَيْفَ الحَالُ عِنْدَكِ؟

‫ عِنْدَنَا….

‫ مَا عَادَتِ الأَحْلَامُ وَالأَشْجَارُ،

‫ تَنْمُو فِي ضِفَافِ النَّيْلِ،

‫ مَا عَادَتْ لِهذي الأَرْض ذَاكِرَةٌ،

‫ لتَحْفَظ وَصْفَ خَطَوِ الرَّاحِلَاتِ،

‫ مِنْ النِّسَاءِ السُّمْرِ لِلمَنْفَى،

‫ أَو المَوْتِ الأَخِيرِ بِلَا وَدَاعٍ أَو دليلْ

‫ لَا دَمْعَةٌ سَالَت،

‫ وَلَا دَمُهُ اِسْتَرَاحَ عَلَى بَيَاضِ قَمِيصِهِ،

‫ سَدَّتْ مظاريفُ الرَّصَاصِ،

‫ بِصَدْرِهِ بَابَ الْجِرَاحِ فَمَا نَزْفْ

لَا زِلنَا نَدُورُ وَنَرْقُبُ الْإعْلَاَنَ،

‫ عَنْ وَقْتٍ يُسَمَّى فِي كِتَابِ الْحَرْبِ هُدْنَة

‫ كَيْ نُغَطِّي بَعْضَ موتانا بِشَيْءٍ مِنْ غُبَارِ الْأَرَضِ،

‫ لَوْ سَمَحَ الْعَسَاكِرْ

مُرْهَقُونَ وَفِي دَوَاخِلِنَا رُهابُ الْخَوْفِ،

‫ مِنْ غَدِنَا وَمَجَّانِيَّةِ الْمَوْتِ الْأَخِيرْ

‫ عَبَثَا نُحَاوِلُ أَن نُدَارِي خَيْبَةَ الْخَطْوَاتِ،

قَالُوا:

‫ كُلُّ شَيْءٍ فِي الْمُعَارِكِ،

‫ كَانَ حَوْلَ الْأَمْنِ فِي بَلَدِي،

‫ لِذَا كنتم وَقُودَ الْحَرْبِ،

‫ كَمْ مِنْكُمْ قَتَلَنَا فِي الْمُعَارِكِ لَا يَهِمْ،

‫ مَا دَامَ فِيكُمْ مَنْ يُهَدِّدُ أمْنَ،

‫ أوغادِ الْعَسَاكِرِ،

‫ فَاِرْعَوَوْا

لَلْأحْزَان كُلَفَتُهَا،

‫ وَلِلْأَخْبَارِ تُجّار الْكَلَاَمِ الزيْفِ،

‫ فَاحْذَرْ حِينَ تَخْتَار الْقَنَاةَ،

‫ فَلَا غُرَابَة إِن سَمِعَت بِنَشَرَةِ الْأَخْبَارِ،

‫ أَنَّكَ ضِمْنَ مَنْ قُتِلُوا غَدَا

مَا تَحْطَمَ،

‫ لَمْ يَكُن تِلْكَ الْعِمَارَاتِ الشَّوَاهِقِ،

‫ لَمْ يَكُن تِلْكَ الشَّظَايَا وَالْقَنَابِلِ فِي الشَّوَارِعِ،

‫ لَمْ يَكُن قِصَرُ الْمَسَافَةِ،

‫ بَيْنَ أَنْقَاضِ الْمَنَازِلِ وَالْمَقَابِرِ،

‫ مَا تَحْطَمَ كَانَ شَيْئًا قَدْ تَكَسَّرَ فِي قُلُوبِ النَّاسِ،

‫ شَيْئًا لَيْسَ نَدْرِيهِ وَلَكِنْ،

‫ يَحْتَوِينَا حِينَ نَلْتَزِم التَّنَفُّسْ

كُلُّ شَيْءِ قَابِلٌ لَلْكَسْرِ،

‫ إِلَّا الحُزن فِي زَمَنِ الْحُروبِ،

‫ فَلَا تَسَل أَبَدًا،

‫ عَنِ الْحُزْنِ الَّذِي مِقْدَاره،

‫ طُولُ انحدارِ الْجُرْحِ فِي قَلْبِ النِّسَاءِ،

‫ الْعَائِدَاتِ مِنَ الْمَقَابِرِ لِلْبُكَاءْ

لِقَاتِلِي وجهٌ سَأَرْسُمُهُ عَلَى كُرَّاسَةِ التَّارِيخِ،

‫ يَوْمَا مَا سَنَكْتُبُ عَنْ تَفَاصِيلِ الْجَرِيمَةِ،

‫ وَاِنْتِهَاكَاتِ الْعَسَاكِرِ ،

‫ خَوْفَ أَنْ ننْسَي تَوَارِيخَ الْهَزِيمَةِ وَالْبُكَاءْ

سَقَطَ الْقِناعُ،

‫ وَلَا نَزالُ هُنَاكَ فَوْقَ الْأَرْصِفَةْ

‫ لا فرقَ مَا بَيْنَ الْقَدُومِ أَوِ الرَّحِيل،

‫ كِلَاهُمَا يُفْضِي لِأحْزَانِ الرَّصيفِ،

‫ بِلَا وَدَاعٍ أَوْ لِقَاءْ

‫ نَتَنَفَّسُ الْبَارودَ،

‫ نُخْرِجُ مِنْ رُكَامِ الْمَوْتِ،

‫ يسْأَلُ بَعْضُنَا بعضًا،

‫ عن الموتى

‫ وكَمْ قَتَلُوا بِغَارَةِ أَمْسِ؟

‫ كَمْ أَحَيَاءَ مِنْ سُكَّانِ هَذَا الْحَيِّ،

‫ يَنْتَظِرُون!

لا تَلِدُ الْحُروبُ الشِّعْرَ،

‫ لِكَنِّيَّ أغَنَّي،

‫ خَوْفَ أَن أَنْسَى بِلَادِي،

‫ أَوْ أَمُوتْ

‫ يَتَدَفَّقُ الْبَارودُ فِي رِئَتِي،

‫ اُحْسُ بِأَنَّنِي اللَّاشَيْء،

‫ أَرَخْصَ مَا أَكَوْنُ أَنَا وَأَرْضِي،

‫ حِينَ يَنْتَصِر الْعَسَاكِرُ،

‫ فِي الحِرُوبْ

كانت مِثْلُ أحْلَاَمِ الْفَقِيرِ نَقِيَّةً،

‫ وَكَرِيمَةً كَالْنَّيْلِ،

‫ كانت كُلُّ مَا يَحْتَاجُهُ الْفُقَرَاءُ،

‫ فاغْتصبُو طَهَارَتَهَا وَسَمُّوهَا مَجَازًا،

‫ مَا تَبَقَّى مِنْ بِلَادِي

وَلَيْسَ بِوُسْعِ قَلْبِي أَنْ يُغَنِّيَ الْآنَ،

‫ فَالْأحْلَاَمَ غَطَّتْهَا الدِّمَاءُ

ذَاكِرَةٌ بِلَوْنِ الْأَرَضِ، ‫

لَا شَيْءٌ عَلَى جُدْرَانِهَا السّمَرَاءِ غَيْرَ الْحُزْن، ‫

نبْحَثُ عَنْ صَدَى صَوْتِ الَّذِينَ مَضَوْا، ‫

مِنَ الشُّهَدَاءِ نَحْوَ الْعَرْشِ، ‫

كَيْ نحيا بِذَاكِرَةِ الشَّوَارِعِ، ‫

وَالتَّوَارِيخِ الَّتِي حَتْمًا، ‫

سَيَكْتُبُهَا أَنْبِيَاءُ الْأَرَضِ، ‫

سَرَدًا مِثْل وَمَضِّ الْبَرْقِ،

‫ يُومِضُ فِي ليالي الظلمِ،

‫ ضوءٌ يَنْحَنِي،

‫ حَسْب ارْتِدَادِ الصَّوْتِ جَهْرًا،

‫ فِي تَعَارِيجِ الْهُتَافِ

خَلْفَ بَابِ الْقَلْبِ،

‫ قَدْ يَأْتِي بِرَغْمِ الحزن،

‫ عَصْفُورٌ صَدِيقٌ

صَلى عَلَيْكَ اللهُ، ‫

لَيْسَ لَديَ مَا أُهْدِيهِ إِلَّا الْقَلْبَ، ‫

فاشْفَعْ لِي وَكُن سَنَدِي، ‫

إذا حَانَ الْقَدُومُ وَبتَّ وَحْدِي، ‫

لَا أنيس وَلَا حَبيب، ‫

فَكُن شَفِيعي حِينَ يُوجِعُنِي السُّؤَال، ‫

وَكُن أنيسي حَيْثُ لَا وَجْهٌ يَطِلُّ وَلَا صديق

لَا شَيء نَخْسَرُهُ إِذَا عُدْنَا لِمُبْتَدَأِ الطَّرِيقْ

‫ فَالْمَوْتُ أَضحى رزْقنَا الْيَوْمِيّ،

‫ قَدْ يَأْتِي إِلَيْكَ مِنَ الرَّصَاصَةِ،

‫ أَوْ سَيَأْتِي فِي اِنْكِسَارِ الرَّوْحِ،

‫ فِي حَرْبِ اِنْشِغَالِكَ بِالرَّغيفْ

وَارْفِقْ بِحُزْنِيِّ،

‫ عَلِّنِي أَمْضِي بِأحْلَاَمِي،

‫ لَذَاكِرَةِ الشَّوَارِعِ،

‫ وَالْمَشَاوِيرِ الَّتِي كانت يُزَيِّنُ خَطوَهَا،

‫ ضَحِكُ الْحُفَاةِ الْكَادِحِينْ