اقتباسات محمد أبو الغيط

وبينما أحاول منع السرطان من عبور الحدود بين أعضائي، كنت أعمل لمؤسسة «مشروع تتبع الجريمة المنظمة والفساد العابر للحدود». هو نوع آخر من السرطان على أي حال.

أكره الأمل الكاذب، هو أقسى من اليأس. أشعر بغيظ شديد ممن ينشرون الآمال الكاذبة حتى لو بحسن نية، أما من يفعلونها عمدا فهم عندي كالمجرمين.

‫ يزداد شغفي بنباتاتي، وكذلك تزداد آلامي. ‫ تتفاقم أعـراض التهـاب الغشـاء البلـوري كأحـد آثـار عقار «بيمبروليزوماب» أصحو كل ساعتين تقريبا مصابًا بضيق في التنفس، وآلام في صدري، وجفاف في حلقي ‫ اكتسبت عادة شبه يومية بمجرد ظهور أول ضوء للشمس أذهب للحديقة، أتفقد أطفالي، وأمارس تمارين التنفس قربهم حتى أتحسن بما يسمح بمحاولة معاودة النوم ‫ هل تشعرون بي يا أبنائي؟ ‫ ثمة أبحاث عديدة حول مدى قدرة النباتات على الإدراك والمشاعر، واحد من أشهرها ـ على سبيل المثال وجد أن النباتات تنمو بشكل أفضل في أجواء الموسيقى الهادئة، بينما يتباطأ نموها في ظروف الضجيج ‫ لكني بالغت أحيانا مشاكل المفاصل تتزايد أعرج كي أخرج للعمل في الحديقة ثم تناديني إسراء بحزم، فأكتشف أن ثلاث ساعات قد مرت دون أن احس!

وبأني أريد أن أوثق ما فعلت؛ ليعرف ابني كيف نظرت للموت في عينه ولم أهبه.

أعرف أني مهما عشت فإن حياتي، والعالم كله، كذرة غبار لا تُرى على شاطئ ذلك الكون الفسيح. لكن الكتابة قد تجعل ذرتي ألمع بين باقي الذرات على الأقل.

‫ هذه صيحتي: محمد أبو الغيط مرَّ من هنا!

أكتب لأن الكتابة هي أثري في الحياة، هي أهراماتي الخاصة، فإلى متى ستبقى منتصبة بعدي؟ ‫ الكتابة هي محاولتي لمغالبة الزمن والموت بأن يبقى اسمي أطول من عدد سنوات حياتي التافهة مقارنة بعمر الكون الشاسع المقدر حاليًّا بـ ١٤ مليار

❞ أما أنتم يا من وصلتم في القراءة إلى هنا، فأحسب أن المعنى واضح: ‫ اسعدوا بكل يوم طبيعي ‫ بالطبع اطمحوا واسعوا بأقصى الجهد للأفضل، لأنفسكم، وأسركم، وبلادكم، لكن إن لم يحدث فلا بأس كل يوم من المعافاة هو إنجاز ❝

الأهم يكمن في اختيار الإنسان الواعي أن يربي نفسه ويلزمها بأن يظل ضميره ما يحركه لا مصلحته الشخصية.

قال المؤرخ ميلان هوبل: «لتصفية الشعوب، يُشرع بتخريب ذاكرتها وتدمير كتبها وثقافتها وتاريخها… بعد هذا يبدأ الشعب شيئا فشيئًا في نسيان من هو وكيف كان، فينساه العالم من حوله بشكل أسرع».

هدم القابر كل ده بيحصل علشان يجرو الناس من انسانيتهم انت عايش ملكش كرمه ولما تموت ملكش كرمه

كلما اتسع عالمي أدركت مدى ضيقه السابق.

هذا ما آمنت به دائما، الأبوة مسئولية هائلة، ليست دفتر توفير اشتريته للمستقبل، وليس من حقي أن أطالب ابني في كبري بما لم أقدمه له في صغره، وعمومًا كنت أقول دائمًا إنه لا مشكلة لديَّ على الإطلاق في مفهوم «دار المسنين»، بدلًا من أن أكون عبئًا على أحد.

إن الأبوة ليست معطى طبيعيًّا، بل تُصنع بالاختيار والقرار.

ترفض أمي الدعاء المتوارث: «اللهم إني لا أسألك رد القضاء، ولكني أسألك اللطف فيه»؛ لأنه يتناقض مع أحاديث نبوية تقول إن الدعاء يغير القضاء ‫ دائما تكرر أن الدعاء والقدر يتدافعان، كأنها معركة، وأمي هي المقاتلة الأولى بصف جيش الدعاء ضد قدر مكتوب يحتاج تغييره تلك اللمسة المعجزة.

تعلمت أن رقة القلب، وحضور الدموع لا تعيبان أشد الرجال بأسًا. طفرت عيناه حين رأى حطامي، ومن أرق وأقوى منك يا أبي؟

مثلا يتم الاستشهاد بقصة موسى والخضر؛ لبيان أن هناك حكمة خفية ما دائما، أقول: ممتاز، لكن استنتاجي من القصة أننا لن نعرف الحكمة أبدًا. لا خضر ليخبرنا اليوم!

قال المؤرخ المفصول ميلان هوبل: «لتصفية الشعوب، يُشرع بتخريب ذاكرتها وتدمير كتبها وثقافتها وتاريخها… بعد هذا يبدأ الشعب شيئا فشيئًا في نسيان من هو وكيف كان، فينساه العالم من حوله بشكل أسرع».

قد تهبط الكارثة فجأة علينا وقد نحملها داخلنا منذ الميلاد دون أن نعرف لا حيلة لنا في ذلك كما لا حيلة لنا أمام كثير من المآسي؛ الفراق، والضعف، والموت لا حيلة لنا بمشاعرنا لكن لنا حيلة بأفعالنا، أو على الأقل

أكره الأمل الكاذب، هو أقسى من اليأس. أشعر بغيظ شديد ممن ينشرون الآمال الكاذبة حتى لو بحسن نية، أما من يفعلونها عمدا فهم عندي كالمجرمين.

اسعدوا بكل يوم طبيعي.

⁠‫بالطبع اطمحوا واسعوا بأقصى الجهد للأفضل، لأنفسكم، وأسركم، وبلادكم، لكن إن لم يحدث فلا بأس. كل يوم من المعافاة هو إنجاز عظيم.

عشمي أني لا أكتب الآن رسائل وداع لتُنشر كرثائيات بعد رحيلي، بل نصوصا للذكريات الحاضرة نتذكرها معًا بعد سنوات طويلة، وربما نسخر من دراميتها. «قاعد على قلبكو».