اقتباسات حنين الصايغ

‫ ‏- كلّ إنسانٍ لديه قصَّة، وإلاَّ ستكون حياته بسيطةً مثل حياة الأطفال.‏

توصَّلت إلى نتيجةٍ أنَّ المشكلة لا تكمن في الدين بحدِّ ذاته، بل في الرجال الذين يتقمَّصون دور الله، ويحكمون بالنيابة عنه، وفي النساء اللاتي يقبلن بالمنطقة الرماديَّة بين المعرفة والخرافة، ويقبلن بمسرح الدجاجة كبراحٍ آمنٍ يقيهنَّ مخاطرة التخطيط لحيواتهنَّ بأنفسهنَّ. احتفظت بهذه التأمُّلات لنفسي، وأكملت بحثي في أمر الدين.‏

كما كان لها الكثير من الآراء النقديَّة التي طالما تصدَّى أبي لها بالمقولة التي لا يكفّ عن تكرارها:‏

‫ ‏«أوَّل من عمل برأيه وقاس الأمور بمقاسه كان إبليس، ولهذا سقط».‏

‫ ‏وبهذا، كان يوجِّه رسالةً واضحةً لها بأنْ تمشي على نهج القدماء دون تفكير أو اعتراض، على الرَّغم من أنَّ الفكرة الأساسيَّة للدين الدرزيّ هي استخدام العقل، بل تمجيده.‏

لاحظت أنَّ من يفقد عزيزًا، أو يُبتلى بخسارةٍ كبيرة، يرمي بثقله على فراش الإيمان الوثير. لربَّما تعود هذه النزعة إلى الشعور بالخواء بعد امتلاء! لربَّما ينسى الإنسان حاجته إلى الإيمان حين يكون قويًّا، ولكن لا يلبث الألم أن يُنزله على ركبتيْه حيث يتذكَّر أنَّه أضعف من أن يقف وحيدًا، وأنَّه لا بدَّ من كتفٍ حنونٍ يحمل معه وجع عشوائيَّة هذه الحياة، واحتمال سقوطنا في أيِّ لحظةٍ من قمم الفرح أو حتى الرتابة.

ربَّما لا نخسر أصواتنا دفعةً واحدة عند حدثٍ كبيرٍ أو حادثةٍ مأساويَّة! ربَّما نخسرها بالتدريج وبالتواطؤ الصامت؛ في كلِّ مرَّةٍ نتظاهر أنَّ شيئًا لم يحدث لنتجنَّب المواجهة… وكأنَّ أحدًا ألقى بنا فوق لغمٍ تمَّ تفعيله للتوّ، فنأبى النهوض بعدها ونلتصق باللغم حتى لا ينفجر تحتنا.

كان يتكلَّم بحماسة، وكنت أراقب بتمعُّنٍ حركات وجهه وطريقة كلامه وأسأل نفسي «أيُعقل أن يصبح هذا الغريب زوجي؟!»‏

يا لعذوبة أن نريد شيئًا بقوَّةٍ وتهبنا الحياة فرصةً لنخطو ولو خطواتٍ صغيرة في اتِّجاهه!

هناك أمانٌ خطيرٌ في أن نستكين لليأس، بأن نكون بلا أملٍ ونتمسَّك بهذه الحالة، لأنَّ كلّ أملٍ جديد يحمل احتمال انكساره..

‫ ‏«تتظاهرين بالموت من أجل تفادي الألم». ولكنْ هل حقًّا نستطيع أن نتفادى الألم؟‏

‫ ‏- شيءٌ محزنٌ جدًّا ألاَّ تعرف عائلتك ما هو غالٍ بالنسبة لك،

النساء بعد الأمومة يصبحن أُمَّهات فقط، والرجال بعد الأبوَّة يبقون رجالاً.

لو أنَّ الله رزقني طفلاً هل كنت سأصبح مثلها؟ هل يأتي الأطفال بالرضى إلى حيواتنا الفارغة؟ أم أنَّ وجودهم يروِّضنا فنتخلَّى عن أحلامنا التي تُشبه غاباتٍ بممرَّاتٍ مليئةٍ بالشوك والعشب الكثيف، ونرضى بالشتول وأحواض الزرع المرتَّبة على شرفاتنا؟‏

❞ لقد رضيَت أمَّهاتنا باللاشيء، لذلك تحتَّم علينا أن نكون ممتنَّاتٍ للقليل، وأن نشعر أنَّ القليل هو أكثر من حقّنا، وأنَّنا إن لم نقدِّر القليل سنكون جاحدات. ولكنْ من له الحقّ أن يحدِّد ما هو قليلٌ وما هو كثير، حين نتكلَّم ❝

❞ وهذه الطفلة التي أودّ بكلِّ كياني أن أكون منصفةً بحقِّها، ستربطني بالرجل الذي لا أحبّ إلى الأبد. وعيي بهذا كلّه جعل نظرتي لنفسي تزداد سوءًا، لأنَّني لا أحبّ زوجي ولا أشعر برابطٍ بيني وبين الطفل الذي سيأتي، ❝

❞ ولكنَّه لم يفهم أنَّ ثقب الشرنقة الضيِّق والمجهود الذي تبذله الفراشة لتخرج من الشرنقة هي حيلة الطبيعة لتقوية جناحَي الفراشة اللذين سيؤهِّلانها للطيران بعد الخروج. هذه الصراعات هي التي تخلِّصنا من سجوننا، والمساعدة التي تأتي من الخارج ليست فعلاً مساعدة. ❝

❞ شبرًا؛ معرفةً فيها الكثير من الألفة والأمان، ولكنَّها معرفةٌ تجعل المدينة مملَّةً ومتوقَّعةً لدرجةٍ تبعث على الموت. فالميِّت وحده لا يتغيَّر. ❝

لن أكذب وأقول إنَّ الوجع لم يعد هناك. بل هو حاضرٌ بشدَّة، ولكنْ فهمي له، تقبُّله، وإجلاسه في صدر دار روحي جعله أليفًا ورقيقًا. أحيانًا، أشعر أنَّ الوجع يربِّت على كتفي، ويقول لي إنَّني محظوظ، لأنَّني لم أكن لأختبر الحياة بهذا العمق لو لم يكوِني الألم.‏

❞ ليس عليكِ أن تعتذري. الحياة تحدث لنا جميعًا. وقد حدثت لي مرَّةً على شكل حبٍّ عظيم. ليس هناك من ضمانةٍ ولا من عقدٍ مبرمٍ بيننا وبين الحياة يعدنا بأنَّنا سنكون بخير طوال الوقت، وأنَّ كلّ شيءٍ سيبقى على ما يرام.‏ ❝

❞ «هناك أشخاصٌ لا يمكنهم أن يقولوا وداعًا‏

⁠‫‏وُلدوا بهذه الطريقة‏

⁠‫‏هكذا يموتون‏

⁠‫‏ما يحرِّكهم لا يستهلكهم‏

⁠‫‏ولاؤهم سوف يمزِّق ساعات حائطك»‏ ❝

❞ قد نتخيَّل، وتكون خيالاتنا أجمل ممَّا نراه، ولكنَّ الإنسان الحاضر في جسمه وقلبه يقدِّر الجمال مهما كان بسيطًا، قال مؤكِّدًا وجهة نظره.‏ ❝