اقتباسات دعاء إبراهيم

لا يمكن أن أمرر الشعور الزاحف نحوي، حين أكون بينهم، أنني بشرية أو شيطانة وسط ملائكة لا يخطئون! ما أسوأ أن تشعر بذلك!

أضغط ضغطة بطيئة على السائل الباهت، أرى الطفل المدلل وهو يتوقف عن البكاء، يتوقف عن كونه محظوظًا، عن كونه محط اهتمام الجميع، أشعر بقوتي.

كلما حاولت الابتعاد عن واقعي، شدني الغراب نحوه بكل قوة. كان موجودًا، دائمًا، خلفي، أمامي، من فوقي، من تحتي، المحاولات الكثيرة للهروب منه بدت ساذجة. كأنه ظلي الذي لا مهرب منه، انعكاسي الأسود على الأرض، صوتي الذي تمنيت لو انحشر.

لم أرَ ملاكًا أبيض، يحمل جناحين من نور، ليخبرني في أسف، أن أمي ستموت الليلة. الليلة بالتحديد.

‫ لم يفكر قابيل في القتل كوسيلة للنجاة، لكن غرابه، أنت. نعم، أنت أخبرته أن أخاه سيموت اليوم. علمته كيف يخفي خبيئته، كارثته، حفرت الحفرة معه، لم يعرف أنه يدفن نفسه. أريد أن أخرج من الحفرة.

أرى الممرضات زميلاتي حولي يهرعن نحوي، ويكشفن الغطاء عني. فيلحظن أنني نصف عارية. أملك شامة تخرج منها قسترة بولية، وساقان ضامرتان. يضغطن وريدي وهن يحاولن أن ينقذن قلبي من انفجاره. فيما هو - مريض حجرة 1 الذي لم أحفظ اسمه بعد - يمرق أمامي مبتسمًا وسعيدًا بساقيه الجديدتين. يغادر الدنيا الضيقة، ويتركني وحدي للموت الذي لا يأتي. متى سيقول لي الغراب: "تموتين الآن". وقتها ستنتهي الفاجعة

أنا داخل بئر بلا حبل أو حيلة. من سينجدني من السواد الهائل حولي، من الأصوات الهامسة في الليل

أتعجب من قدرة الإنسان على التكيف، ككائن هلامي كلما وضعوه في إناء أصغر، اقتطع جزءًا من جسده، وألقى به بعيدًا ليعيش، دون أن يبكي على أجزائه الكثيرة المقطوعة،

فرق الزمن أبعد من فرق المسافات.

لا تصدق جدتي كيف صعد الإنسان إلى القمر ومع ذلك يعجز عن حل أصغر مشاكله. لديها كل الحق.

سمعت الغراب يصرخ في أذن قابيل يحرضه على قتلي: "ستموت اليوم لولاها لما قتلت أخاك" رأيت جثة هابيل تحول بيننا، لا يزال هادئًا وزاهدًا حتى بعد الموت ما كان على قابيل أن يقتل رجلًا شريفًا من أجلي، كان يكفي أن يقتل خالي فحسب لم أكن بحاجة لرؤية صخرة ضخمة عليها دم متجلط لأعلم ما سيفعله القاتل الأول بي فكل ما حدث معي مر كأنه حلم، ما فعلته وما لم أفعله تركت قدميَّ المخدرتين مكانهما، كنت أخف وأطفو كذرات هيليوم اكتشفت أن التحليق لا يحتاج لأقدام سليمة، ولا حتى لإرادة واعية أُساق كما يُساق الجميع نحو قدر مبهم حفّني السقف براحة

أسوأ عقاب لي أن أخلو بذاتي. كيف لي أن أنجو منها. أنا وهي في مواجهة الجدار.

للموت رائحة أخرى. رائحة الدم، قطرات البول في الثياب، اللعاب المر على الوجه. والأسوأ رائحة تعفُّن الداخل. أنا والموتى نتمتع برائحة العفونة نفسها، لكن رائحتي أقل وطأة يمكن مداراتها بكريمات ترطيب الجسم.

كل الأشياء المفزعة تصبح معتادة مع الوقت.

لم أعد آخذ الألم بمحمل الجد، لا ألقمه كلطمة سريعة متهورة، بل كشربة دواء مرة لكنها شافية، أتشربه ككائن خرافي سينمو داخلي،

فشلت في الشيء الوحيد الذي خُلقت من أجله. ثم تحول الفشل إلى ذنب. كنت أبكي في الليل، لا لأنني خُلقت سمكة صغيرة، بل لأنني لم أتحرك في الوقت المناسب.

تلك النظرة التي طبطبت على كتفي. كيف لنظرة أن تملك يدين بحنان أب. كيف لي أنا اليتيمة أن أعرف كيف يكون حنان الأب؟!

بدا لي المجتمع من الخارج مجتمعًا كاملًا من الملائكة. هذا ما جعلني أكرههم.

كل ما أريده هو النجاة من مئات الغربان حولي.

هل توقف قابيل عن القتل؟ هل عاش بعدها.. وتزوج البنت التي أحبها، وأنجب منها أطفالًا؟! لماذا لم يخبرنا أحد؟! أم أن هذا الطريق اتجاه واحد بلا عودة.