إيراث : رحم الطين > مراجعات رواية إيراث : رحم الطين
مراجعات رواية إيراث : رحم الطين
ماذا كان رأي القرّاء برواية إيراث : رحم الطين؟ اقرأ مراجعات الرواية أو أضف مراجعتك الخاصة.
إيراث : رحم الطين
مراجعات
كن أول من يراجع الكتاب
-
Mohammed elshokhaiby
مراجعة كتاب
إيراث
تأليف: أدهم العبّودي
صادر عن: دار سما للنشر والتوزيع
النوع: فانتازيا / فلسفي
عنوان جانبي: رحم الطين
الإصدار: 2025
عدد الصفحات: 406 صفحة (أبجد).
اللغة: فصحى سردًا وحوارًا.
عن الكاتب: أدهم العبودي، محامٍ وروائي مصري، تخرج في كلية الحقوق بجامعة أسيوط عام 2003، ويشغل منصب مقرر لجنة القصة باتحاد كتاب مصر، من أبرز أعماله: «جلباب النبي» (مجموعة قصصية)، «باب العبد»، «متاهة الأولياء»، «خطايا الآلهة»، «الخاتن»، «حارس العشق الإلهي»، «بينما نموت»، «ما لم تروه ريحانة»، و«رواه الترمذي»، وغيرها. نال عدة جوائز أدبية مرموقة، منها: جائزة إحسان عبد القدوس في القصة القصيرة عام 2011، جائزة الشارقة للإبداع العربي في الرواية عام 2012، جائزة دبي الثقافية عام 2015، جائزة لجنة الشباب باتحاد كتاب مصر في القصة القصيرة عام 2016، وجائزة بهاء طاهر في الرواية. وتُرجمت أعماله إلى عدة لغات، منها: الفرنسية، والألمانية، والإنجليزية، والفارسية، والهندية، والكردية.
〔قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا〕
◾️فكرة الرواية:
تدور فكرة الرواية حول استخدام الكاتب تقنية ماذا لو؟
ماذا لو تم إعادة صياغة بدء الخلق بطريقة خيالية غرائبية متضمنة معاني كلمات الله في آياته:
(هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُّسمًّى عِندَهُ ثُمَّ أَنتُمْ تَمْتَرُونَ) ، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) ، (مَّا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) ، (خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنزَلَ لَكُم مِّنْ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِن بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ) ، ( مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاء غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاء حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءهُمْ) ، ( وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ)، ( فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاء حَسَناً إِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) ، وغيرها من الآيات التي تضمنتها فكرة الرواية.
◾️الحبكة:
خلق لنا الكاتب عالمًا جديدًا من الأساطير، في زمن تحكم فيه الآلهة بطقوسها الغرائبية المعقدة، قبل أن تُعرف القرى والحدود واللغات، زمن لم تكن فيه امرأة ولا رحم، في زمن كان الكون فيه كيانًا ذكرًا صرفًا جنس الآلهة الأحب سواء كانوا بشرًا أو أشباه آلهة، زمن فيه الطبيعة لا ترسو ولا تستقر، تتمرد، تتغازل تبعًا لما يستحدث عليها، زمن فيه الأرض بكرًا لم تدنس، لا نبض فيها، لم تفسد بعد، عاش قوم كانت الإشارة لغتهم في أوقات الجدال والمساءلة.
نقلنا الكاتب من التكوين الأول من رحم الطين، ببطله المبعوث (إيراث) المختار بعناية من الآلهة، من وُهب القدرة على استدعاء ما لم يستدع من قبل، من بذوره لقح رحم الطين فاستجاب الرحم وأخرج المرأة الأولي (أولا)، ثم نقلنا إلى بدء التكوين من اجتماع (إيراث وأولا) لتخرج لنا سبعة أبناء هم الحراس الصامتون لمفاتيح الأسرار السبعة متجسدين لقوى العالم العظمى (الزمن – الضوء – الظلال – المعرفة – الطبيعة – النفس – الروح). ثم نقلنا إلي الجزء الأهم وهو رحلة الألف عام للأبناء السبعة، حيث تصاعدت الأحداث وتناقلت الأدوار من سفر الطوفان إلى سفر العمى إلى سفر الملك إلى سفر الحكاية إلى سفر الملاك إلى سفر التوحيد إلى سفر العودة.
في رحلته تنقل الكاتب بنا ما بين وادي الأرواح المنسية إلى بحر الأحلام الضائعة إلى بحيرة الأنفاس.
◾️الشخصيات:
شخصياته رئيسية مثل "إيراث" (أول الخلق)، و"أولا " (أم الخلق)، والأبناء السبع وهم (قلب الماء، روح السلام، صوت السماء، الزارع، حامل الأسرار، الرائي، عين الحكمة)، و"إيراكان" أول رسام، و"إيلا"، و"بحر"، وبعض المخلوقات الأسطورية الخيالية الثانوية التي تظهر وتختفي وفقًا لمسار الأحداث مثل (زلحاف، أم الظلال، المارد، سيد النهر، وحش الغابة، ذي القرنين، السيرافا، السبَّاحين الأزليين، الكظماء، الرمليون، راكب الدياجير، النوراسيون، الحجرانيين، الأخيلة، كاراسما، وغيرهم...)، أسماء أراها مناسبة لنوع الفانتازيا.
◾️السرد:
استخدم الكاتب تقنية تعدد الرواة فمزج بين الراوي العليم والراوي المتكلم، ليحكي لنا بأسلوب أدبي بلغة قوية عالمه الخيالي. بقلم ذكوري تحدث الكاتب عن الأنثى كما لم تتحدث أنثى عنها من قبل.
الحوارات قليلة بالنسبة لحجم الكتاب كان من الممكن الاستفادة منها في التقليل من رتابة السرد.
على الرغم من استخدامه لكلمات معبرة عن الخيال مثل ( الصخور المجنحة، السيف الذهبي، الطائر المجنح، أشجار تنمو تحت الماء، أجنحة مائية، سمك في جلد بشر) إلا أنه لم ينجح في جعل الأحداث والمخلوقات الأسطورية تعلق بذهني.
◾️الوصف والتشبيه:
وصف وتشبيه أكثر من رائع حيث تنوعت الجمل الوصفية والتشبيهات، يمكن للكتَّاب المبتدئين أن يجعلوه مصدر للتشبيهات والمحسنات البديعية، إلا أنه زاد في بعض الفقرات السردية. وأعجبني منها:
- صرختُ، ولكن صوتي كان هامسًا كقطرة تسقط في محيط بلا قاع.
- ضحكت، ضحكة أشبه بموجة رقيقة تلامس شاطئًا خجولًا.
- كأنه إعجاز في جوهره، جلدها بلون الضوء، شعرها يتراقص كأن الريح نسجته، وعيناها ليستا كأعينهم، بل كان فيهما عمق مخيف، ساحر نعم، آسر، لكنه مخيف، كبئر عميقة تسحب الناظر إليها، كبئر رقدت أسرارهم فيها.
- لم تكن هي تعرف أيضًا، لم تكن تفهم، لكن قلبها كان يخفق، وكانت تحس، وكانت يداها تمتدان، تلمسانه، تتحسسانه، كما يتحسس الأعمى طريقه في الظلام، وكان هو أيضًا يمد يده، يضعها على يدها، فيحس بحرارتها فيحس بأن شيئًا ما يتغير.
◾️العنوان والغلاف:
عنوان مناسب معبر عن بطل العمل، والغلاف يصور لقاء إيراث وزلحاف في معركة الاصطدام العظيم.
الصراعات:
تثير الرواية كثير من الصراعات البشرية منذ بدء الخلق عن:
- الفكرة الأولى لكل شيء ( مستودع النسل – الشهوة – الولادة – الرضاعة – النذر).
- سر الخلق والفناء، النور والظلمة، الفتنة والهداية، الحقيقة والأسطورة، الغواية والندم.
◾️اقتباسات:
- وأدركوا إنما الأنثى ليست لهم متاعًا فحسب، لكنها سفينة من دخلها بغير هدى تاه في لجج الضياع.
- تقابلا كالموج والريح، فكانت السماء من فوقهما تتزلزل، والأرض من تحتهما ترتجف، والنيران تتطاير شظايا من الاصطدام العظيم.
- هكذا كان اللقاء الأول بين المرأة والرجال الصم، لقاء بين لغة تولد، وصمت قديم يأبى أن يندثر، بين جسد يتكلم بلا صوت، وأرواح تتكلم بلا جسد.
- إن القلب إذا ذاق الحكمة لم يعد يطيق العيش في العمى.
- الآباء لا يرحلون، لكنك لن تجدني في الرمل تحت قدميك، بل في كل ما حولك، ابحث عني في الريح، وفي الماء، وفي النجوم، هناك، سأكون، تحرك يا "قلب الماء" تحرك فيما حولك، لا تدفن حزنك في الشط وتُبقي عليه.
◾️الخاتمة:
حاول الأبناء السبعة أن يتجمعوا مرة أخرى بعد تفرقهم على يد أبيهم إيراث ورحلتهم إلى عوالم مختلفة ومعاركهم مع مخلوقات أسطورية والتي أدركوا معها أن الكون مليء بالأسرار ، ولكن تبينوا أن هناك قصة لم تغلق بعد، وأن بابًا جديدًا قد فتح ودخلوا فيه ليدركوا أسرارًا أخرى للكون.
◾️الرأي:
رواية أسطورية تجذب الجيل الجديد، بلغة تجذب الجيل القديم من القراء، حيث أن الكاتب لديه حصيلة لغوية عظيمة، لكنه أساء استخدامها هنا، حيث اختار نوع أدبي غير مناسب لإبراز فكرته، فلا هي وصلت كرواية فلسفية كما تُعبر لغته، أو جعلني أعيش الأحداث الخيالية التي بنيت الرواية على أساسها.
كتاب غير مناسب لجميع الأعمار، وتقييمي له 5/4.2.
إلى الملتقى في مراجعة أخرى
د.محمد الشخيبي
#مسابقة_ريفيوهات_إيراث
-
Nour Elnager
رواية: إيرَاث رَحمُ الطِّين
الكاتب: أدهم العبّودي
عدد الصفحات: 422 صفحة
دار النشر: سما للنشر والتوزيع
سنة النشر: 2025
بصراحة "إيراث رحم الطين" مش مجرد رواية بتقراها وتنساها بعد كده. من أول الصفحات حسيت إني غارقة جوه العالم اللي بناه أدهم العبودي عالم فيه الألم والأمل القوة والضعف النور والظل. الشخصيات مش أسماء بس كل واحد فيهم عنده عمق وتجربة بتخليك تحس بيها وكأنك عايش معاهم.
إيراث أولا.. الأبناء السبعة… كل شخصية ليها لحظاتها اللي بتخليك تتأمل في القرارات اللي بناخدها في حياتنا في التضحية في الوفاء في الغضب والخوف. أحببت الطريقة اللي الكاتب دمج بيها الأحداث الواقعية مع لمسة فانتازيا من غير ما تخلي القارئ يحس إنها بعيدة عن الحياة أو مش ملموسة.
اللغة مش سلسة بقدر إنها ممتعه فيه لحظات بتخليك توقف عند جملة معينة تعيدها اكتر من مره وتتأمل فيها ...المشاهد بين الماضي والحاضر بين الطبيعة والقوى الخارقة كلها متشابكة بطريقة تخليك متشوق تعرف إيه هي الخطوة الجاية للشخصيات.
القراءة هنا تجربة مش بس متابعة قصة. بتحس إنك جزء من الأحداث بتشاركهم مشاعرهم وبتشوف العالم من منظورات مختلفة. أدهم العبودي قدر يخلق نص غني ومعقد وفي نفس الوقت ممتع ومؤثر يخليك تحس إن الرواية دي هتفضل معاك حتى بعد ما تقفل آخر صفحة.
#مسابقات_مكتبة_وهبان
#مسابقة_ريفيوهات_إيراث
-
Mahmoud Toghan
« من رحم الطين إلى عين اليقين »
قراءة في رواية "إيراث ـ رحم الطين"
للكاتب / أدهم العبودي عن دار سما للنشر والتوزيع
▪️حين يغوص الخيال في بحر الجنون:
ـ تجد من الأمر عجبًا، ومن الحكاية طربًا ، تشرب من قاعه فتظمأ، وتأكل من سكانه فتجوع، وتسبح هائماً نحو النجاة ، فتراك في عمق المياه؛ لا العقل يُسعفك، ولا المنطق ينصفك ، ولا القلب يعرفك، ولا الشاطئ يأتيك، بل الأهوال تصطفيك، فتجاور روحك أهوال الملكوت ، يستوي عندك الضوضاء والسكوت، والعِزّة والخفوت ، الوهم والثبوت ، الجهل والعلم ، الحرب والسلم ، الغضب والحلم .
ـ تصنع من جوهر العدم حكاية الأعلام، وتتشابك خيوط النور بالإظلام ، وتتعانق أسرار الكينونة بالفناء ، ويستوى في ذاتك المنع والعطاء .. هناك في عوالم الجنون، لا سلطان لزمان، ولا قيد لمكان، فالأكوان طوع بنانك، والأحداث تنقاد لبيانك، تصوغ منها أسطورة لا عربية ولا أعجمية، بل أبهى وأقوى قديمة معاصرة ، أعتى من التاريخ وأسبق من الذاكرة .. ترفع جبالًا من خيال، وتبسط بحارًا من محال، وتُسكن الرياح أرواحًا، وتزرع في صمت الفضاء نواحاً.
▪️ الفانتازيا العربية من التكوين إلى اليقين:
ـ يُعَدّ أدب الفانتازيا والخيال ـ بالنسبة لي ـ هو الأصعب؛ فهو على الطرفين شاقّ ومتعب، فالكاتب يعصر خياله ليلج إلى فكر جديد، وطرح فريد، لم يسبقه إليه قلم، ولم يدخله عَلم ، والحق أن الأدب العربي في لونه الفانتازي آخذٌ في التطور، بل والتحرر من قيود فرضتها الطبيعة والدين والسياسة والجماعة.
ـ يكمن تحديه في قدرة الكاتب على خلق عوالم جديدة لا تخرج عن إطار المنطق والقيم، محافظًا على روح الجذب والتشويق والإثارة. ويلجأ الكبار إلى دسّ رمزيات معيّنة لها أبعاد دينية أو سياسية أو علمية أو فلسفية أو ثورية، لكنها عميقة، لا تصل إلا إلى قلب ماهر وفكر أنيق.
ـ وعلى الناحية الأخرى، يقف القارئ يستبصر ويتروّى، ويدقق ويحقق في الجديد والمفيد، والأفكار والأسرار، ويبحث بين طيّات العمل عمّا يرضي وجدانه، ويطلق عنانه إلى حيث الرضا.
ـ ناقِمًا على كل ذلك، جاء العبودي بروايته الأحدث «إيراث»، والتي كتبها بنفس منطق وقوة وفكرة عمله الأسبق «صلاة الأجنّة».. رحم الطين يقلب الطاولة على سابقيه، ويصعّب الأمر على لاحقيه، برواية تتقاطع مع العقل، وتتعارض مع النقل؛ خيالها غريب، وغريبها جنون، وجنونها جحيم، وجحيمها شرار لا تُدركه الأبصار. بلا زمان، بلا مكان، بلا أركان، بلا أوتاد، ليصنع الأمجاد من حفرة رآها يومًا، فبنى عليها عالمًا من أعجب ما يكون، بعيدًا عن الدين، عن المنطق، عن الثوابت، عن الحقائق، عن الدقائق؛ ينصت فقط لوعي جامح يُملي عليه وهو يكتب، مستمعًا ومستمتعًا ومضطرًّا، يأخذنا في رحلة مجنونة إلى هناك... حيث لا هناك هناك..!!
▪️بين الوعي والإدراك ، جحيم لا يطاق :
ـ حين داعب الآلهة في سماواتهم طفلهم الأثير، أفلت من بين أيديهم، وسقط إلى الأرض سقوط الملوك، فارتجّت له الجبال والبحار، وانشق التراب عن حفرة عظيمة، تحوّلت مع الزمن إلى رحم الطين، ومنه كان النبت الأول للإنسان.
كان ذلك جوابًا على سؤال مجنون:
ماذا لو كانت بداية الخلق من رحم الأرض، لا من رحم المرأة؟ … هكذا نسج العبودي عالمه، فابتدع أسطورة لا تشبهها أسطورة؛ لا عربية ولا أعجمية، أسطورة تقف شاهدًا على بدء التكوين...ومحاولة للوصول إلى اليقين .
ـ ومن قلب رحم الطين خرج "إيراث"، الرجل الكامل في أرضٍ لا يعرف أهلها إلا النقصان؛ رجال التحمت بطونهم بأرجلهم، أحدبوا الخلق، عاجزين عن النطق، لا يعرفون سوى لغة القرابين التي يرفعونها للآلهة، رجاء لقوتٍ أو خلقاً لكهنوت، وهم يطوفون في جنون حول الرحم الأرضي، ينتظرون مولودًا يشبههم.
ـ لكن "إيراث" كان مختلفًا، فملأهم رهبة وإجلالًا، وجعلوه سيدهم إجمالاً .. ولم يزل سيدًا حتى انبثق من رحم الأرض وجهٌ آخر للنور: "أولا"، المرأة الأولى، نبية مُلهمة، أوحي إليها من السماء، فعلّمت البشر لغة الكلام، وشرعة التعايش، وأسرار الزواج، وفرّقت بين الحق الذي يبني، والباطل الذي يفني.
ـ بيد أن النور ، ما تركه الظلام يسير ، فحيثما وُجد الأول، تَبِعه الآخير .. وانطلقت ملحمة لا تسعها الأرض، أتعبت بوصفها الشرح والسرد ، شهدتها السماوات والأراضين، وارتجفت لها البحار والأنهار، وشاركت فيها الأحجار والأشجار، وراقبتها الأقمار والنجوم ، فأخرجت الأسرار والشهود، لكل الناس والأجناس في همود.
ـ ولما تزاوج إيراث وملكته ، أنجبت "أولا" سبعة من الذكور، كان كلٌّ منهم يحمل سرًّا من أسرار الوجود: قلب الماء، وروح وه السلام، وصوت السماء، والزارع، والراء، وحامل الأسرار، وعين الحكمة..❞ الزَّمَنِ، الضَّوْءِ، الظِّلَالِ، المَعْرِفَةِ، الطَّبِيعَةِ، النَّفْسِ، وَالرُّوحِ. ❝
ـ وفي معركة أسطورية ضد ملك الظلال زلحاف، خرج النور منتصرًا، لكن إيراث وأولى أدركا أن قوة أبنائهما لن تكتمل إلا إن تفرّقوا في الأرض، ليواجه كلٌّ منهم قدره .. فتبدّدت خطاهم في الجهات السبع، وواجه كل واحد منهم جيوشًا من الأهوال، أهوالًا لا تصفها الأقوال، ولا تدركها الأجيال…عبر متاهات وأسفار ، وأعماق وأسرار .. سفرالطوفان ـ سفر العمى ـ سفر الملك ـ سفر الحكاية ـ سفرالملاك ـ سفر التوحيد ـ سفر العودة … فهل عادوا ، وكيف ، ومتى ، وأين ….؟
▪️بين الفانتازيا والواقعية ، شعرة أو أدق كثيراً:
ـ هنا لا رابط بينهما بتاتًا؛ فلا مكان للواقعية، ولا للمنطق، ولا للعقل، ولا للزمان، ولا للمكان، وإنما يتحدث الوعي، ويسرد الجنون متقلدًا أسلحة شتى يداعب بها التاريخ بالتفخيخ، ويراقص التأويل بالتهويل ، ليضيف الإثارة ويصنع الغموض، ليجبرك سحراً على الإكمال والصمود.
ـ لم يبنِ العبودي حبكته بتسلسل أو تقديم لهذا العالم العجائبي، بل أسقطك فيه إسقاطًا، مراهِنًا على وعي القارئ في أن يفهم، ويعقل، ويفكر، ويحاول أن يصل إلى الحقيقة، ليسأل نفسه: ماذا كنا قبل أن نكون بشرًا؟ ماذا لو كان الخلق الأولي هكذا؟ ماذا لو كانت قوة المورِّث هكذا؟ ماذا... وماذا... وماذا...ثم ترك العقل ليجيب أويغيب ، يصيب مرة ومرات يخيب
▪️بين النقص والكمال ، حين تتم الأنثى معنى الرجال:
ـ فالرجل الأكمل بُنيانًا، والأكثر أمانًا، رمزُ الحِكمة والسيادة، ونبعُ العَظمة والرِّيادة، لا يستغني يومًا عن أُنثاه، فهي منتهى كماله، ورقّةُ جماله، ورهبةُ جلاله .. في الرخاء له مدد، وفي الشِّدَّة له سند، في الكَرب ملجأه، وفي الكوارث مَخبأه، لها يسكن، وبها المودّة، ومنها الرحمة .. هكذا كان آدم مع حوّاء، والنبي مع خديجة، وفاطمة مع عليّ، وكل امرأة مع ذي فَهمٍ جَلِيّ.
ـ كان وجودها في الرواية مُبهِرًا، له أُسُسٌ نفسية وتربوية وتقنية واجتماعية، نَبِيَّة من السماء، ومعلِّمة بالحِكمة والضياء، مُربِّية للرجال، وملهمة للأبطال، سيّدة أرجائها، ورحمة أبنائها، رحمٌ للحياة، وأرض للمياه ، جوهرٌ للوجود، ورمزٌ للصمود..جمالها جلال، وجلالها اكتمال، وكمالها نقصٌ يُكمِله الرجال.
▪️اللُّغَةُ سلاحٌ ذو حدَّيْن، حَمَلَ النَّقيضِينَ:
ـ لا أقول إنَّ اللُّغَةَ عنصرٌ ثانويٌّ في هذا العمل، وإنَّما هي أبرَزُ أبطالِ الكاتب؛ فهي ركنٌ قائمٌ بذاتِه.. لأنَّ الحديثَ عن هذه الأسطورة، وإمكانيَّة تصوير هذه الأهوال، وإمكانيَّة التعبير عن الوعي، وإمكانيَّة دَسِّ العمق الفلسفي، وإمكانيَّة إخفاء الرمزيَّة فوق سطحيَّة العبارات، يحتاج إلى لُغَةٍ ثقيلةٍ جدًّا، لُغَةٍ تُشبه الحدث، تتماشى مع الفكرة، تتماهى مع الشخصيَّات، تتفاعل مع الأحداث، وتتوافق مع الأبطال.
ـ لُغَةٌ تنقل إليك حقيقةَ ما قبل التكوين، ما قبل اللُّغَة أصلاً. فأيُّ كلامٍ عن جَزَالَةِ المبنَى، وشُمُولِيَّةِ المعنى، ودقَّةِ العبارة، وروعةِ الإشارة، وسلامةِ البنيان، وسلاسةِ البيان — في شأنها — قليل. ورغم ذلك، فهي بهذا تُدهِشُ مَن فَهِمَ المُراد، وفَكَّ الرموز، وأخذ المعنى من المبنَى، وفهم العبارة من الإشارة. وعلى النقيض، فهي مُتعِبةٌ مُرهِقةٌ لجمهورٍ واسعٍ من القرَّاء.
ـ ومع ذلك فإنَّه يظهر جليًّا أنه تمَّ الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في تشكيل الحروف، وهو أمرٌ مشروعٌ في اختصار الوقت واغتنام الجهد .. لكن غير المشروع، وغير المقبول، ألَّا تتمَّ المراجعة بعد ذلك من قِبَل فنيين متخصصين؛ إذ إنَّ الذكاء الاصطناعي في التشكيل أتى بنقيض المقصود تمامًا مثال:
ـ ❞ يَحْكُمُه كائناتٌ سَماويُّونَ❝
ـ ❞ وَأَجْزَاءً ظَلَّتْ فِي الْعَوَالِمِ الَّتِي نفيوا إِلَيْهَا ❝
ـ ❞ أأَدْخَلْتَ إلى أرضِنا ما لم نعرفُ وما لم نألفُ؟ ❝
ـ ❞ الآلِهَةُ القَدِيمَةُ، أولئك الذين نُسُيوا مع وِلادَةِ أولا ❝
من ناحية أخرى وجدت بعض الكلمات التي لم تتناسب مع هذه اللُّغَة القوية من قريبٍ ولا بعيد ، مثال ذلك:
•أعصابُه سابَت
•ســــابَت أطرافُـها
•كَبَـسَ عليــــه النــومُ
•بَرْبَشَتْ بعد أن تفتَّحتْ عيناها
▪️شَفَراتٌ خَفِيَّة تَعكِسُها الرَّمزِيَّةُ وتُخفِيها الحِكاية:
ـ للرمز هنا النصيب الأكبر ، عن الحَقِّ والبَاطِل، والخَوفِ والأمَل، والرَّهبةِ والحُبّ، والكَرهِ والسَّكينة، والأسطورةِ والحَقيقة، والوَهمِ والواقِع، والقُوَّةِ والسَّلام، والمَوتِ والخُشوع، جاءت في قالَبٍ فانتازيٍّ ساحِرٍ لِمَن يُحِبّ، شَديدِ الوَطأةِ، سَيِّئةٍ جِدًّا لِمَن لا يُحِبّ .. رمزية تُفهَمُ ولا تُقرَأ، تُذاكَرُ ولا تُمرُّ مُرورَ الكِرام، يَراها البَعضُ قِمَّة، ويَراها الآخَرُ حَرام.
ـ تعانقتا واللغة هُنا فكانتا أعظم مَواطنِ الرِّواية، وأشدَّها جَمالًا، وأكثرَها كَمالًا، وهي ما جَعَلَني أُكمِلُ الرِّوايةَ أسيرًا، وأنتَهيَ منها حَسيرًا .. شاعريَّةٌ قَويَّةٌ بِأنماطٍ عَتِيَّةٍ ومعانٍ خَفِيَّة، جَذلةٌ، صَلبةٌ، لِكاتبٍ تلاعَبَ بالألفاظِ والعباراتِ والمَعاني، تلاعُبَ المُتقِنِ البارِع، فَخرجَت مِن هذا الجَنبِ على أفضَلِ صورةٍ مُمكِنة؛ مَعزوفةٌ موسيقيَّةٌ تطربُ مِنها الآذان، ويَفرُّ مَعَها الجَنان، بَلاغةٌ وبَديعٌ وبَيان، تَمزُجُ بَينَ الواقِعيَّةِ والفَلسفةِ والشِّعريَّةِ والرُّوحانيَّةِ والفانتازيا.
▪️تَمَرُّدُ الأُسطورَةِ على الحَبكةِ الميسورة:
ـ ليست كَرِوايةٍ عاديَّة؛ حَبكتُها غَريبةٌ قواهما الإيهام لتُداعِبُ الأفهام، وتَتراقَصُ مَعَ العُقول، وتَتَناغَمُ مَعَ المَجهول، تَعصِفُ بالذِّهنِ عَصفًا، وتَنسِفُ اللُّبَّ نَسفًا. تَحتاجُ إلى عَقلٍ مُتَفرِّغٍ لَها، مُغرَمٍ بِها، مُدقِّقٍ فيها، مُتفاعِلٍ مَعَها، باحِثٍ عن فَحواها، مُنقِّبٍ عن مَعناها، يَستعذِبُ مَبناها ليَصِلَ لمُقتضاها، يَغوصُ في أعماقِها، ويَجولُ في أفلاكِها، ويُفكِّكُ شَفراتِها، ويَفهَمُ حِواراتِها، ويَصِلُ إلى إشاراتِها.
ـ فالحِكايةُ أُسطورة، والنَّاسُ مَسطورة، والرِّجالُ ألوان، والنِّساءُ أركان، والرَّمزِيَّةُ عَتِيَّة، واللُّغةُ شَجِيَّة، والحَياةُ قائمة، والأرواحُ هائمة، والتَّكوينُ حَدَث، والحروب دائرة ، والفَناءُ قادِم، والرِّحلةُ سَتنتهي، والبَقاءُ ليسَ لِلخلق، وهذا هو الحَقّ
..ورغم ذلك أدهشني وجود نص كامل في إيراث صـ 150 فصل بدء التكوين عن الحديث عن الزارع..❞ وَقَفَ أمَامَ شَجَرَةٍ عَتِيقَةِ وسَطِ القَرْيَةِ، نَظَرَ إلِيهَا طَويِلاً، ثُمَّ قَالَ بِصَوْتٍ لَمْ يشْبِهُ صَوْتَ الأطْفَالِ: ❝
كما هو بالضبط في صلاة الأجنة صـ28 وليد المعجزة..❞ وقفَ أمام شجرة عتيقة وسط القرية، نظر إليها طويلًا، ثمَّ قال بصوتٍ لمْ يشبه صوت الأطفال:❝
▪️المرجعيَّة العُليا والسَّببيَّة والفَن:
ـ أقرَّت الأسطورةُ بأنَّ المرجعيَّةَ دائمًا إلى السَّماء، فمهما بَلَغَت القوَّة، ومهما تمكَّن الإنسانُ منها، ومهما تحكَّم فيها، فإنَّه لا يتمُّ المقصودُ إلَّا باللجوء إلى المعبود، بغضِّ النَّظر عن جَمعه لإنفراد الربوبية ، ووحدة الألوهية، فكلُّ جَمعٍ في حَقِّه إفراد، فنحن مع الواحدِ أنا..هكذا لغةً ويفهمها الأنا .
ـ كذلك فإنَّ الرواية أوجبت السَّببيَّة، فَرغم ما ذُكِر عنهم من قوَّةٍ خارقة، فالسماءُ رهن الإشارة، والأرضُ لهم سيارة، والجبالُ تأتمرُ بأمرِهم، والبحارُ تسيرُ وفقَ هواهم، والرِّياحُ تفعَلُ مُبتغاهم، إلَّا أنَّهم لَمَّا كانوا يَخرجون للصَّيدِ والبَحثِ عن المَتاع، كانوا يُعِدُّون عدَّتهم، ويأخذون حاجتَهم.
ـ أما الفن فقد لعب لَعِبتَه في الرِّواية من خلال شخصية "إيراكان"، أوَّل رسَّامٍ في الوجود، في دلالةٍ على أنَّ الخلودَ ليس للبشر، وإنَّما لما نُقِش — ولو على الحَجَر..وفيها أيضاً رمزية صوفية .. كما النجباء والنقباء والأبدال والأوتاد ، القطب والغوث رجال الغيب حراس البلاد .
▪️دلالة الأسماء والشخصيَّات ومعاني الوجود:
ـ في إيراث، ليس ثَمَّةَ مجالٌ للصُّدفة؛ فكلُّ اسمٍ له دلالة، وكلُّ شخصيَّةٍ لها إحالة، وكلُّ معنى وجوديٍّ له عُمقٌ نفسيٌّ أو فلسفيّ، على سبيل المثال: "إيراث" المورِّث، "أُولا"، أي المرأة الأولى التي علَّمت الوجود..حتى أسماء الأولاد السَّبعة ورحلاتهم وأسفارهم وملاحمهم وقُدراتهم، كلُّ ذلك جاء مُحمَّلًا بالمعاني العميقة.
ـ لكنَّ المؤلِّف ترك الأمر مُبهَمًا لكلِّ قارئ: كيف يُصوِّره له عقلُه، وكيف يأخذُه قلبُه، وكيف يصلُ به يقينُه، وكيف يغوصُ في أعماق الحكاية .. لكلِّ فهمٍ، ولكلِّ معنى، ولكلِّ أدواتٍ منها يَستنبط، وعليها يَعتَمِد، وبها يُفكِّر، ثمَّ إمَّا أن يَصل، أو أن يَضِلّ..كتابًا مفتوحًا على احتمالاتٍ شتّى، ومرايا لا تعكس صورةً واحدة، بل صورًا متداخلة تتبدّل مع زوايا النظر وعمق الغوص ..
ـ عمل يختبر قارئه كما يختبر الحلمُ صاحبه: يقدّم له مفاتيح ولا يبوح بالأبواب، ويمنحه الشفرات دون أن يشرح الرموز .. من يقرأها بعين العقل يجد فيها فلسفة، ومن يقرأها بعين القلب يلمح فيها أسطورة، ومن يقرأها بعين الروح يدرك أنّ الحكاية، مهما امتدّت، تعود إلى السماء، وأن الخلود ليس إلا نقشًا على حجر الذاكرة..في عمق الفضاء .
#أبجد
#أدهم_العبودي
#إيراث_رحم_الطين
#مراجعات_محمود_توغان
-
Heba badr
((أنني، كقارئ، أدعي الحق في الإيمان بمعنى القصة خارج تفاصيل السردية، من دون التأكيد على وجود عرابة خيالية أو ذئب شرير، أن سندريلا وذات الرداء الأحمر لا داعي لأن يكونا شخصين حقيقيين لكي أؤمن بحقائقها))
ألبرتو مانغويل
يأخذنا الكاتب أدهم العبودي في رحلة شيقة وغرائبية، وتقدم رؤية مختلفة عن العالم، وتصنع أسطورة شيقة.
فكما تقول كارين ارمسترونج" إن الأسطورة هي التظاهر بالاعتقاد، إنها لعبة تتعالى على عالمنا المتشظي المأساوي، وتساعدنا على التقاط إمكانات جديدة حول سؤال: ماذا لو؟
وأعتقد أن الكاتب كان يتبع هذا الأمر وبدأ في اختلاق أسطورة مغايرة للواقع، وبدأنا بماذا لو كان الإنسان يُنشأ من رحم الطين؟ ولأن البداية مختلفة، فسنرى على مدار الرواية أحداثًا مختلفة عما ألفناه عن واقعنا، ولكن ستلامس عند كل قارئ وترًا معينًا في أفكاره ومعتقداته.
عكس المؤلف حياة الإنسان، فبدلًا من أن نُدفن في الحفرة أصبحنا نخرج منها، وأصبحت هي من تمنحنا الحياة، وكأن فعل الولادة والموت يتشابهان، فكل موت هو بداية لشيء آخر. ففي الرواية لقد جئنا من باطن الأرض وسنعود إلى باطن الأرض، وكل مرحلة هي رحلة قائمة بذاتها.
إيراث المنفرد بالمعجزة:
في الرواية نرى إيراث المختلف عن أقرانه، ما يمثل الإنسان العاقل الوحيد (الهومو سابيان) كما هو معروف حاليًا، فهو الذي يمشي منتصبًا بينما أقرانه يمشون مقوسين. ولأن الاختلاف ليس فقط في الهيئة ولكن أيضًا في الفكر، كان هو المختار لكي يكون رفيق (أولا)، وهو الشخص الذي يستطيع أن يتآلف مع ما يعجز الجميع عن فهمه بين قومه، وهو الذي لديه جرأة التجربة وأن ينحي غروره جانبًا ليتعلم من كائن آخر يختلف عنه ويجعله المرشد والمعلم. فهو على الرغم من أنه سيد قومه لم يجد حرجًا في أن يأخذ العلم والمعرفة من أولا، وأن يبحث عما يكمل نقصه ويسد الفراغ في روحه، ولذلك استحق اسمه بعد ترجمة الإشارات إلى كلمات: إيراث…من يحمل الارث والعب
أولا المساوية للحياة
في كتاب البطلة بألف وجه ووجه ذكرت ماريا تاتار" في أغلب الأساطير المروية نجد المرأة جاءت تابعة وليس محركًا، فكما يقال إن العالم القديم نادرًا ما ترك النساء ينطقن بآرائهن، لا في الحياة الحقيقية ولا في الأسطورة ولا في القصة والتاريخ"، لذا كان طرح أ\ أدهم مميزًا في إبراز دور المرأة كشريكة، وكمانح للغة وكمعلمة، وجعلها هي التي أهدتهم اللغة، وجعلهم أناسًا عاقلين مثل إيراث. فلقد منحتهم بركتها عدة مرات، فكانت مخلصهم من عبودية الجسد المنحني وكذلك عبودية الفكر، فكانت بركاتها تحف العالم منذ خلقها حتى فنائها. قد يرى البعض، بسبب أن أولا لها دور كبير في الرواية، أن الرواية قد تكون منحازة، ولكن أنا أرى أن الرواية كانت تسعى إلى التكامل وإرساء الفكرة التي قامت عليها الحضارة المصرية القديمة، فعندما كان العالم غارقًا في الظلام كانت المرأة المصرية ملكة وقائدة وإلهة. وأعتقد أن دور أولا يعد طبيعيًا نظرًا للإرث الذي نحمله كأحفاد لحضارة عريقة أعطت المرأة قدسيتها وفهمت دورها.
في البدء كانت الكلمة:
أهدت أولا اللغة إلى العالم، فاستُبغ بالسحر. فبتعلم الإنسان اللغة يتغير العالم درجة، ويكتسب الإنسان حسًا مختلفًا، وينتقل من وحشة الصمت إلى أنس الكلام.
ففي كثير من الحضارات تعتبر الكلمة المنطوقة فعل سحر، ويعتبر النطق بالكلمة موكلًا بالخلق. فسواء كانت مرويات دينية أو أسطورية، اتفق الجميع على تقديس الكلمة.
بعد اللغة يأتي الفن كمتمم لأسس الحضارة، الفن الذي تمثل في سعي إيراكان للرسم، وعلى الرغم من أنه يعلم أنه إن اقترب سيحترق، فقد فضّل الاحتراق بالفن على العيش بدونه، فكانت رسوماته طريقًا لباقي قومه وبداية معرفة الكتابة وتخليد الكلمة.
وعندما كنت أفكر في إيراكان ورسوماته الغرائبية التي أثارت حيرة قومه، تذكرت كهوف تاسيلي التي لا زالت تثير حيرتنا نحن في العصر الحديث، كيف لأقوام كانوا بدائيين أن يعرفوا هذه الرسومات البديعة؟ وأفكر: أليس الرسم هو أيضًا نقوش الفراعنة التي صنعت الكتابة الهيروغليفية التي خلدت الحضارة الفرعونية على جدران المعابد؟
فإن كانت اللغة هي فعل خلق، فإن الرسم والفن هو فعل إلهام واحتفاظ. ورغم المجازفة اختار إيراكان أن يختار الخلود عن طريق الفن حتى لو عنى ذلك فناؤه هو…
أن تفقد لتعبر:
مر على إيراث العديد من مراحل الفقد، فقد نفاه قومه من أجل أولا، فافتقد الرفقة. ولكن أعتقد أن الخسارة التي أشعرته بالحزن والأسى هي فقدان الكائن الذي كان يستكشف معه الصحراء، ويلتمس معه مغامرات وحكايات. في رأسي أطلقت على الكائن اسم "البراق" لأنه لا يوجد مثله شيء، ولأنه كان يأخذه إلى أماكن بعيدة، وعن طريقه كان يتلمس المعارف بنفسه. وعندما فقده، سيطر عليه الحزن، وإن كنت أشعر أن هذا الفقد مقصود. هناك مروية قرأتها من فترة ولا أعرف مصدرها، أن هناك واليًا كان لديه حصان يشاركه الرحلات، ولكن فقد الحصان فانتكس الوالي، وبعد ذلك فهم أن الفقد مهم ليستكشف بنفسه، وأن الحصان كان رفيقًا لفترة، والآن عليه أن يجتاز ويتعلم بمفرده. كما أبرز هذا الجزء أثر أولا في حياة إيراث، إذ جعلته يركز على وجود أشياء أخرى تستحق الحياة بدل الاستغراق في الحزن، فمرة بعد مرة كانت أولا تهدي إيراث الطريق، تدفعه إلى الحياة.
أولا والأبناء السبعة المقدسون
بعد ما منحت أولا العديد من الهدايا للعالم ، قررت أن تقدم لهم هدية من نوع آخر، إنهم أبناؤها، مفاتيح حياة العالم، والذي مثل كل منهم عنصرًا يساعد على توازن الكون. لذلك، في نهاية الأمر لم يجتمعوا أبدًا، لأن على الكون دائمًا أن يتجدد ويسير في البحث عن التوازن.
أما اختيار عدد الأبناء كسبعة، فهو رقم سحري فريد وله ثقل في الأساطير والمرويات. ولكن في اعتقادي أن السر أيضًا يكمن في رقم تسعة المستتر، لأنني شعرت أن هناك تماثلًا ما بين أولا وإيراث وأبنائهما، وما بين التاسوع المقدس الفرعوني. لا أعرف إن كان هذا مقصد الكاتب أم لا، ولكني رأيت أنهم يعكسون بداية العالم.
وأيضًا شعرت بالتماثل ما بين الأبناء السبعة والسبع عقارب الحاميين لإيزيس، فالأبناء هم حماة الكون في كون أولا وإيراث، كما كانت تحمي العقارب إيزيس من الشرور.
الرمزية في الرواية
أعتقد أن الرمزية في رواية "إيراث" تعمل كالمرآة، فكل شخص يقرأ الرواية ويسقط عليها معارفه وأفكاره ، ويكون بذلك أسطورته الخاصة. وأعتقد أن هذا هو حال الأساطير والمرويات في العالم، فكل شخص يرى حدثًا ويفسره، ومن بعد ذلك ينتقل التفسير ويصبح أسطورة. لذا، فقد يرى البعض أن كثيرًا من الأشياء في الرواية تشير إلى أنبياء أو تفسيرات دينية، وقد يرى البعض أنها تشير إلى أساطير أو تفسيرات ميثولوجية، وقد يرى شخص آخر أنها تميل إلى تفسيرات علمية. ويتسع المجال بحجم الخيال لدى القارئ.
وإن كنت أميل أنا إلى أن الكاتب يميل إلى الأساطير المصرية القديمة والتاريخ الفرعوني والتأويلات الصوفية في مزيج فريد يجتمع في الرواية. فإذا ابتعدنا عن رمزية الأسماء الواضحة، واتجهنا إلى الرموز كعين الحكمة أو مفتاح الحياة، نجد أنها قد تحمل معاني أثقل بكثير من كونها عنصرًا داخل الرواية، نرى أهمية هذه الرموز في الأدبيات الصوفية أو الأساطير المصرية القديمة.
أيضًا، فعلى سبيل المثال وليس الحصر، قد نرى تفسير الميزان الذي يحتل أهمية كبيرة في الرواية منذ بدايتها، وكيف هو انعكاس لميزان ماعت أو لفكرة الميزان في الأدبيات الصوفية. وأعتقد هنا يكمن موطن قوة الرواية، إذ تمنح الخيال فرصة للتحليق وخلق تأويلات عدة من نص واحد.
فضائل الأبطال في اختيار العزلة وألم التضحية
أبرز الكاتب دور العديد من المفاهيم داخل الأسطورة، وجاءت اختياراته لصفات معينة، والتي تعكس دائمًا المعضلة التي يخوضها الأبطال ما بين أن يختار القوة الغاشمة أو التعقل الحكيم، ما بين أن يضحي بنفسه لإنقاذ عالم قد لا يأبه به، أو أن يعيش لنفسه ويحترق العالم، وما بين أن يستغرق في الملذات أو ينعزل من أجل أن يجرد روحه من غرورها ويؤدبها.
لعبت الحكمة عمومًا دورًا كبيرًا في الرواية، فنرى شجرة الحكمة وعين الحكمة، وكيف لا والحكمة هي ما قد ينجينا، وهي الدعوة التي ندعو بها، وكما قال الله تعالى: {ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرًا كثيرًا}. الحكمة هي نبراس الطريق المستقيم، وكما نبتهل في الدعاء: أن يعطينا الله الحكمة في الاختيار وفي القول والعمل. وحتى في الأساطير المصرية القديمة نرى أن للحكمة إلهًا وهو تحوت.
كما تجلت أهمية التضحية في اختيارات إيراث وأولا، وكذلك أبناؤهم الذين اختاروا دائمًا التضحية من أجل انسجام العالم، وحتى لو ظنوا أن الأمر قد يعني فنائهم، فكانوا يرون أن الحفاظ على العالم أهم من بقائهم، وأن هزيمة الشر والحفاظ على التوازن واجبة. وحتى عندما كان إيراث في خلاف مع قومه، اختار مساندتهم، وحتى عندما كان الأبناء في عالم قد يظنون أنه دخيل، اختاروا نصرة أشخاص ضعفاء على الخلود. وفي كل مرة أصلًا لا يوجد ضامن للنصر بسبب قوة العدو، لذا فقد كانت التضحية قيمة، وهذه هي سمة الأبطال.
الزمان والمكان: دوائر العود الأبدي
عندما قرأت مقابلة المؤلف عن الرواية وتحدث عن الزمن، وأنه ليس خطيًا وإنما دائري، فكرت أن الزمن في الرواية يليق بأسطورة، فكلما انتهينا ابتدأنا، وجاءت خاتمة الرواية أيضًا لتؤكد هذا.
أما المكان، فهو لا يمثل فقط أي مكان في العالم، بل أيضًا أماكن لا نعرفها، أماكن متخيلة، ولكن نشعر بإحساسنا أنها قد تكون موجودة. وعندما ترتقي الأمور إلى عالم البرزخ، نشعر بالتواصل مع هذا العالم.
وكأننا نرى من منظور عين الطائر في كل من الزمان والمكان، ونكون عند التقائهما أمام رؤية بانورامية عن الأحداث، وكما يقول ألان ليتمان: (في العالم الذي يكون فيه الزمن دائريًا ستتكرر جميع الأشياء في المستقبل، فإن جميع الأشياء التي تحدث الآن قد حدثت مليون مرة من قبل، قلة ما من البشر في كل بلدة تدرك بغموض في أحلامها أن كل شيء حدث في الماضي في دورة الزمن السابقة
اللغة وسحر المخطوطة
لا أنكر أنني في البداية استصعبت اللغة، وخاصة أنها أبطأتني أثناء القراءة، ولكن فكرت: إن كانت الرواية مخطوطة، ألم أكن سأبذل مجهودًا في قراءتها؟ ولقد سهل علي هذا التفكير الأمر، فقد كنت أبحث عن معاني الكلمات التي لا أعرفها. ولكن ظلت مشكلة التشكيل الملاصق تمامًا للكلمات، والتي جعلتني أفقد تركيزي في عدة مواضع وأخلط بين كلمة وأخرى أيضًا.
لقد أحببت بناء الرواية، لكن هناك أحداث كنت أطمح في تفسيرات لها، مثل أن الرجال البدائيين الذين لم يكونوا يهتمون سوى بتحصيل قوت يومهم، اهتموا كثيرًا بالميزان وكان إيراث في ذلك الوقت حامل الميزان. لقد تعجبت من وجود هذه المعرفة لديهم كأشخاص بدائيين، وكنت أرى أن سير الأحداث من الممكن أن يكونوا اهتموا به بعد أن شربوا من لحاء الشجرة وأصبح لديهم القدرة على التمييز ومعرفة أهميته الرمزية أو أهمية المعادن كثروة.
كما أنني كنت أريد أن أرى أن "الرائي" تم عقابه بشكل ما على ما فعله بـ"أيلا" وبأخيه، كنت أريد عقابًا أكثر من شعوره بالمعاناة وتأنيب الضمير، وأعتقد أنه كان عليه أن يكفر عن الأمر بشكل أكثر جدية. لم أسامحه على الرغم من أن الجميع مضى قدمًا وكان الأمر كأنه لم يكن.
أثمة معنى للخلود إن كان العالم مكسورًا؟
ظهرت أهمية الخلود والبقاء في العالم بشكل كبير داخل الرواية، فدائمًا كانت رغبة الآلهة أو الكائنات القديمة في العودة مرة أخرى للعالم، حتى لو تدمر العالم أو تغيرت نواميسه وفقد معناه. ونرى هنا التباين ما بين رغبة الكيانات القديمة في البقاء، وترفع روح السلام عن ذلك إن كان يعني فناء العالم.
وقد عبرت الرواية عن الفكرة التي هي مركزية بالنسبة للبشر في عدة ثقافات: ألم يعرض الشيطان على آدم الخلود إذا أكل من الشجرة؟ وكذلك في الأساطير القديمة نجد أن الفراعنة يؤمنون بخلود الروح إذا كانت صالحة، وأن الموت هو مجرد رحلة إلى باقي الحياة. وفي نهاية الأمر تتركنا الرواية مع تساؤل هل اذا منحنا الأختيار ما بين الخلود او بقاء العالم ماذا سنختار سؤال قد يبدو سهل علي المستوي النظري ولكن تكمن الصعوبة دائما عند المواجهة .
، هذه رواية ممتعة لمن يحب الإبحار في عوالم الخيال ورؤية العالم من منظور مغاير، وأختتم باقتباس لكارين ارمسترونج: (الرواية مثل الأسطورة، تعلمنا أن نرى العالم بطريقة مختلفة، ترينا كيف ننظر في قلوبنا، وكيف نرى عالمنا بمنظور يذهب إلى ما وراء اهتماماتنا الخاصة، لذا أصبح بإمكان الفنانين أن يحملوا إلى عالمنا رؤئ جديدة وحية).
#مسابقات_مكتبة_وهبان
##مسابقة_ريفيوهات_إيراث
#أدهم_العبودي
-
Monyaboelhoda
#مسابقات_مكتبة_وهبان
#مسابقة_ريفيوهات_إيراث
اسم الرواية / إيراث – رحم الطين -
اسم الكاتب / أدهم العبودي -
عدد الصفحات / ٤٢٢ صفحة -
دار النشر / سما للنشر والتوزيع -
- اول مرة أقرأ رواية احس كانها أسطورة تاريخية معمولة بإتقان ، الراويه لها فكر جديد وطابع مختلف عن أي عمل قرأته قبل كده ، فكره انك تجيب مسلمات معروفه ومفيهاش خلاف وتقلبها كلها بجرة قلم دا فن جرئ جداً ، انت بتشوف بداية الخلق بوجهه نظر مختلفه أسطورية ، حفرة طين مصنع للرجال بداية خلقهم منها ، مجتمع ذكوري وبس ذكور مش مكتملين لحد ما جه إيراث وكان الكمال والقوة والسيطرة .
- لحد هنا بتلاقي نفسك بتقول عايشين ازاي من غير انثى ،لحد ما الحفرة بتخلق أولا الأنثى الأولى الفريده الدهشه والجمال والذكاء ، وهنا الرواية بتاخد بعد نسوي قوي ، ازاي هي قدرت تغير وتوجد مجتمع مختلف ، بيتعلم ويقرا ويرسم ويتكاثر ويعمر .
- إيراث وأولا بيجلبوا للحياة سبعة أولاد ذكور كآلهه كل واحد فيهم مميز بقدرات خارقه ، رحلتهم مليانه صراع بين الخير والشر وكائنات أسطورية وعالم غريب ، بتعيش معاهم كأنك بتتفرج على فيلم خيالي أسطوري .
-الرواية صعوبتها بالنسبالي كانت فاللغة حسيتها عاوزه تركيز جامد وكان في كلمات تقيله ، بيتهيألي الكاتب قاصد يخلي النص تقيل كأنك بتقرأ كتاب مقدس خاص بيهم بنصوص شبه الآيات المقدسة كانه قاصد يعمل عالم موازي له لأبطاله بقوانينهم وحياتهم وتاريخهم اللي بيكتبوه بإيديهم ، في وصف شديد جداً وتفاصيل خاصه دقيقه للبالغين ، مناسبه للفكره كبدايه تكوين من الصفر كانك بتتعلم معاهم أ ب ..
- الرواية تقرأ على مهل وتكتب كمان وراها الأشخاص والترابط عشان تندمج اكتر معاها ، وفكره جريئة مختلفه لو حد بيحب الأساطير الميثولوجيه والتفكير بره الصندوق والمسلمات .
- تجربة جديدة مندمتش اني قرأتها .
-
Mohamed Tharwat Abdulaziz
إيراث ..الصراع الدائم ما بين الخلق والفناء
■ وفي كلِّ مرَّةٍ سوفَ يُغْفَلُ فيها معنى الاتِّحادِ بين الرَّجلِ والمرأةِ، أو يَسْتعصِيَ الإنسانُ على إلهِه، تستعرُّ الطَّبيعةُ، تتقاطعُ الأقدارُ، أو حتَّى يروقُ للشَّرِّ أنْ يعبثُ، سوفَ تهتزُّ الأرضُ قليلاً، ولسوفَ يبدو كأنَّما تتوقُ للعودةِ إلى طقوسِها الأولى.
يقدم لنا أدهم العبودي في عمله الأحدث "إيراث رحم الطين" الصادر عن دار سما للنشر والتوزيع في ما يقرب من 422 صفحة طرح جرئ كعادته مشاغب ومتمرد على ما اعتدنا عليه من مسلمات ناقش فيه فكرة الخلق والوجود فيما جنب أثناء العمل كل الثوابت الدينية والفكرية والجنسية والميثولوجية أيضا وعليه فقد يجد القارئ في ذاته إما إنبهار تام بالعمل أو نفور كامل من أول صفحاته لذا فعلى من يود الخوض في تلك التجربة الشيقة أن يقرأ العمل كنص ادبي فقط وأن يُنحي كل ما آمن به جانباً فكما قِيل أن الفنون جنون فنحن لا نأمن شطحات العقل البشري في لحظة تجلي إلى أين ستودي به ولكني هنا وفي هذا العمل أعدك بوجبة دسمة للغاية في أكوان عجيبة ولغة تليق بأن تكون لغة "صانع الأساطير"
تنقسم الرواية إلى ثلاثة فصول نرى فيها بداية الخلق منذ ان كان فكرة ففي فصل ما قبل التكوين وحينما كان الذكر هو الجنس الأفضل عند الآلهه كانت الولادة تتم في رحم الأرض المقدس تلك الحفرة التي وُجدت منذ البداية وتكاثرت حولها الأقاويل حتى قيل أنها ظهرت حينما كانت الآلهة تداعب طفلها الأول وسقط منها حين غفلة في الأرض فاخترقها وكان ذلك الرحم العجيب وكما كان وجوده من العجب كانت طقوس الإنجاب كذلك ففي مجتمع من الذكور فقط بلا أي أنثى كان إتيان تلك الحفرة هو السبيل الوحيد للإنجاب في طقوس هستيرية مؤلمة تحاكي في ألمها ما تنازعه الأنثى في مخاضها وتتوالى الأيام ويأتي النداء لمن يناشد الحقيقة بقلب مؤمن يبحث عن الحقيقة حتى جائت "أولاً" من "إيراث" الذي يشاع أنه ابن للآلهه ذلك الذي كان سبباً في وجود رحم الطين المقدس وبينما كان الذكور على هيئة غير سوية تلتصق بطونهم بأفخاذهم ويشربون كالهوام ويأكلون تتناثر من افواههم الاطعمه لقصور في فكوكهم كان ايراث بهيئته الطبيعيه التي أهلته لحكمهم والدفاع عنهم وكانت كذلك "أولاً" في هيئتها بَيد أنها أنثى تختلف بكثرة تعاريجها وطول شعرها وصفاء ملامحها ❞ بدتْ كالنُّورِ إذْ انبجسَ مِنْ قلبِ العتمةِ، تسيرُ بخُطًى كأنَّها الطَّيفُ إذا تهادى فوق الماءِ، أو كأنَّها الفجرُ إذا انبثقَ مِنْ رحمِ الدُّجى، كانتْ كَائنًا جديدًا لمْ تألفهُ أبصارُهم العاجزةُ عَنِ البيانِ، ولمْ تستطعُ لغاتُهم الصَّامتةُ أنْ تَنْقِل فزعَهم أو تعجُّبهم. ❝
إستأنس إيراث بأولا وسكن إليها فغلبته الطبيعه وغلبت الطبيعة أيضا جماعته فخافوها وأبعدوا إيراث عنهم ولفظوه ولكنهم حينما استبد بهم الخطر كان هو خير معين وقرروا أن يتقبلوا أولا التي كانت رمزا للعلم والتغيير فعلى يديها تعلموا التطهر والنظافة وعالجتهم مما ألم بهم وصاروا اسوياء بعدما سقتهم من شجرة الحكمة التي أُوحي لها بزراعتها وهي في غابة النبضات السرمدية وكان الوحي يتنزل عليها في خلواتها فعرفت الحروف والكلمات وكانت المُعلمة الأولى ولكن كما جرت العادة كُلما وُجد النور وُجد الظلام فكانت الظلال من حولهم تخيفها هي وإيراث .
في الفصل الثاني [بدء التكوين الابناء السبعة] يحكي لنا الكاتب عن أُفول شجرة الحكمة وذبولها بسبب كثرة الظلال والتي كان سببها خطايا الآلهة التي استيقظت وتطالب بحقها في حكم الأرض من جديد فكان علاج الشجرة أن تُروى بفعل حب يُحييها من جديد وكان الفضل ل أولا وإيراث في ذلك فكان أن أنجبت أولا سبعة من الأطفال الذكور يحملون في داخلهم قوى العالم العظمى ( الزمن، الضوء، الظلال، المعرفة، الطبيعة، النفس، الروح) فبعد أن اغتسلت أولا من الماء الموحد بين السماء والأرض الذي رأته بعدما انشقت لها الصخرة جاءها المخاض وولدت كل من (قلب الماء، روح السلام، صوت السماء، الزارع، حامل الاسرار، الرائي، عين الحكمة) وكانوا يمتازون بصفات الالهة واُتوا من العلم الكثيرالذي أوغل صدور قومهم منهم فكانوا بين شقي رحى يشعرون انهم سبب مصابهم وابتلاءهم وايضا كانوا سبب انكشاف هذا البلاء كما كانوا مستهدفين من قوى الشر بقيادة زِلحاف الذي قاد كائنات الظلال الناتجة عن خطايا الآلهة وقد عادت تطالب بحقها في الحكم بعد ان توقف الناس عن عبادتها وهجروها بعد ولادة المعجزة أولاً فتصارع الوجود في يوم مشهود بعد ان ضربت شجرة الحكمة بسور حول البشر لتحميهم من زلحاف وشره فصارعتها شجرة الظلال لتَصرعها وتُدميها بينما تصدى الاخوة السبعة ل زلحاف الذي قيدهم بسجن العظام فما كان من أولا إلا أن تطلب المدد والعون لتستعيد إيراث البدائي الذي سيقضي على زلحاف ويورِّث قوته لأبنائه السبعه وهو يموت وينفي كل منهم لمكان مختلف حتى لا تعود قوى الشر لإستهدافهم من جديد لننتقل للفصل الأخير وهو فصل التكوين الأول ورحلة البدء بعد ألف عام من التيه.
■ الصراع بين الماضي والحاضر:
إعتمد الكاتب في ثيمته الأساسية للعمل على الصراع الدائم بإختلاف أطرافه فتارة نجده بين الخير والمتمثل في إيراث وابناؤه والشر متمثلا في زلحاف وخطايا الآلهه، وتارة نجده بين فكرة الوجود والعدم ، وفي قول آخر نجده بين النظام والفوضى فتعددت المسميات للأطراف مع ثبوت الحدث كما اعتمد الكاتب اللازمن في الرواية فالزمن هنا متغير بتغير الخلق فكلما تجدد الخلق انتقلت عناصر القوى العظمى للجيل التالي وتكرر الصراع من جديد وكأمثلة لذلك:
☆ قلب الماء في رحلته سِفر الطوفان بمساعدة بحر الحكايا السائلة وأمواجه المسماه بالسيرافا وساكنيه من السباحيين الأزليين في مواجهه حاسمة مع كائنات الكُظماء كنموذج لقوى الشر.
☆ روح السلام في رحلته سِفر العمى حينما ذهب إلى عالم البرزخ عند تلاقي السماء بالأرض عند وادي الأرواح المنسية ومنه لبحر الأحلام الضائعة ثم شاطئ العدم وأخيرا إلى برج الميزان الأزلي حتى يستطيع إستخدام الميزان ضد راكب الدياجير الذي سرق نور الرمليون واستعبدهم.
☆ صوت السماء في رحلته سِفر المُلك بعدما سخر له الله الكائنات وأُوتي من العلم الكثير ليحارب كائنات النوارسيين بعدما استعبدوا البشر وأمروهم بعبادتهم هم واصنامهم.
☆ الزارع في رحلته سِفر الحكاية حينما وجد شجرة الأبدية وحكت له بعد عتب عن المعابد الطائرة مثل المعبد السماوي ومعبد الذكرى العتيقة والمساحات النابضة والفضاء الملون والفضاء المكاني_الزماني وبعدما ظهرت الأخيلة من تحتها وبعد أن أدرك انها تطالب بحقها ووجب عليه التوحد مع شجرة الأبدية لمحاربتهم.
☆ حامل الاسرار في رحلته سِفر الملاك حينما بُعث وسكن الجبل وعرف قصته وعرف السر على يد التابعون للتعاليم الإلهية ليحارب المتجبر على المادة.
☆ الرائي في حكايته سِفر التوحيد حينما رأي إيراكان وأخبره بتوحيد جيش يضم كل من الهائمون وجذور الظل والحداة الكونية والمرآويون والرياح الناطقة والأخنسا والغسارون والتريلسيما بإستخدام بحيرة الأنفاس ليحارب جيش الكاسرون وقائدهم كاراسما مستعيناً في حربه بكل من السلالميين والخراميس للحفاظ على نواة الأبدية.
☆ عين الحكمة في رحلته سِفر العودة حينما بُعث في أرض الحديد والثلج ليبحث عن نواة النار نار الخلود بعدما تجبر سكان هذه الأرض وأرادوا تحدي الطبيعة وتأليه أنفسهم.
■التضحية في الرواية:
تتجلى التضحية والإيثار في الرواية في مواقف متعدده من أبرزها:
☆ إيثار إيراث لجماعته وتركه لموطنه والجبل حتى يستوطنوها هم .
☆ تضحية أولاً بذاتها في الحرب ضد زلحاف حينما تحولت لنور يروي بحر الأحلام الضائعة.
☆ تضحية الزارع بنفسه حينما قرر الإلتحام بشجرة الأبدية ليمنع الأخيلة من الظهور والمطالبة بحقهم في الملك.
☆ تضحية روح السلام بنفسه لينقذ الرمليون حينما أعاد لهم نورهم وتحول هو إلى كائن من رمل وصخر وحصى.
■ الرمزية في الرواية:
تعددت الرمزية هنا فكانت الرواية مشبعة بها حتى النخاع ومن أمثلتها:
☆ تشبيه الإنسان أنه يخرج من ظلمات ثلاثة ظلمة الطين والارض والصمت تماما كما يولد الطفل من رحم إمه من ظلمات ثلاثة.
☆ وصف الزارع للحديقة التي زارها فكانت كالنعيم قبل ان تراه الأعين تحمل في وصفها وصفاً مماثلاً للجنة بثمارها وأنهارها .
☆ قلب الماء في جمعه للكائنات في السفينة كان كمثل سيدنا نوح عليه السلام في هجرته بالدواب وما فعل الطوفان بهم.
☆ صوت السماء في تسخير الريح والدواب والطير كان كمثل سيدنا سليمان وقصته بقوم سبأ .
☆ سيد الأعماق وثورته على البشر كان كمثل بوسايدون إله البحار في الأساطير الإغريقية .
☆ روح السلام في منحته ان يعيد الحياة للرمليون ويشفيهم كان كمثل سيدنا عيسى عليه السلام بإحياء الموتى.
☆ تحول روح السلام ل طائر العنقاء كرمز للتجدد والأبدية فكلما كان الفناء عادت دورة الحياة من جديد وكان الوجود.
☆ الأسماء في الرواية كانت مُعبرة وتحمل الكثير من الرمزية ف إيراث قد ورث ثقل البحث عن الحق و أولاً كانت الأولى والمعلمة والأم وبداية الإدراك كذلك كل من الأبناء السبعة إسمه يحمل رمزه وهبته في الوجود .
ناقشت الرواية طبيعة الإنسان التي جُبل عليها من تمرد وتطلع فكان العقاب دائماً ، كما رأينا فطرة الإستغناء فحينما استطاعت جماعة إيراث الصيد وحماية نفسها استغنت عن وجود إيراث بينهم ونبذته وحينما إستطاع بحر الإعتماد على ذاته ترك قلب الماء وجده بحر وذاب في الامواج، كذا ناقشت فكرة التضحية بالذات في سبيل الحق ولإعادة ناموس الكون.
كانت الرواية مزيج من الأساطير الإغريقية وقصص الأنبياء وبعض التصورات لأنواع من العقاب كنظرة التكفير في فيلم ghost rider ولعل السبب في إحساسي هذا هو تتبعي لهذا النوع من الأدب وحبي له.
كان العمل طرح دسم لفكرة الوجود والخلق ماذا لو كانت البداية من الأرض من رحم الطين المقدسة وليست السماء وهذا طرح جرئ أحب ان اقرأوه ولكني شعُرت بالتخبط كثيرا في الأحداث فكانت شجرة الحكمة مثلا هي أم الظلال وكلاهما نبتتا من رحم الطين في حين أنه تم تصوير كل منهما ككيان مختلف وكذلك وجدت تشابه في صفات الأخوة السبعه في بدايتهم ولكن للحق اختفى هذا التشابه في رحلة كل منهم واتضحت صفته جلية واضحه كما أنه كان هناك تداخل كبير أيضا في أسماء الكائنات فالكاسرين مثلا كان قائدهم كُتب بثلاث طرق(كارسما / كراسما / كاراسما) خلال الرواية حتى تخيلت ان هذا الجزء قد تم كتابته بالذكاء الإصطناعي لولا علمي بقلم الكاتب وعشقي له.
كُتبت الرواية بلغة رائعة قوية تليق بها كأسطورة ولكن يعيبها في رأيي كثرة التشكيل فقد ادى عكس المطلوب فكانت تلتبس عليّ العلامات ولا أتبين المعنى الصحيح للكلمات لاسيما بين النقطة والسكون كما كانت هناك كلمات عديدة شُكلت خطأ فضاع المعنى فكانت رحلة القراءة مُرهقة للغاية.
كانت اللغة قوية ولكني شعُرت في مواضع كثيرة أن الكاتب يقصد ان تكون اللغة صعبة بل ومُرهقة أحياناً فمثلاً كلمات مثل ( كوائن و أظلتهم ) هي كلمات جمع صحيحه ولكنها غير دارجه مما استلزم مني البحث وراء الكلمة لتقصيها.
افتقدت الرواية للتدقيق اللغوي وهو ما زاد الأمر صعوبة في ظل قوة اللغة فعلى سبيل المثال كانت هناك بعض الكلمات العامية التي يجب استبدالها من اجل الشكل العام مثل:
☆ اتقلعت عينه / إنفقأت
☆ تتلف حولها / تلتف
☆ أدكنت قدمي في باطن الأرض / أوغلت أو غرست
☆تَقِب / تطفو أو تفور
☆ محجراهم / محجريهما
☆ يسير قُدّامي / يسير أمامي
تضمنت الرواية الكثير من الآيات القرآنية وأحيانا بتصرف بسيط في الضمائر كقصة روح السلام أو وصف القوم الطغاة أنهم كانت قلوبهم كالحجارة أو أشد قسوة كما في سورة البقرة الآية 74 وهو ما أثار حفيظتي .
عمل مميز ودسم يحمل الكثير من التساؤل والفلسفة كتجربة أولى من هذا النوع للكاتب أنصح بالعمل عليها أكثر من ذلك فأنا من عشاق قلمه وأعلم مدى براعته ويكفي عمل مثل حارس العشق الآلاهي أن يجعلني اثق في قدرة الكاتب على تخطي ما تم التحفظ عليه في هذا العمل مع تمنياتي بدوام التوفيق.
#أبجد
#أدهم_العبودي
#إيراث_رحم_الطين
#مسابقة_ريفيوهات_إيراث
#اقتباسات_إيراث_رحم_الطين
-
Shaimaa Farouk
✍🏻فى حقيقة الأمر لست فى الجانب المتقبل لنوع الرواية غير أننى لا أحمل لها تمام الرفض إذ وجدتنى أستمر فى قراءتها وأستحسن للكاتب محاولته إخراج هذه الفكرة الصعبة وتقديمها القوى وعلى غير عادتى أكتب ريفيو لعمل لست من معجبيه وإنما إشادة وتقدير لمحاولات الكاتب هذا التوغل المختلف والمتميز.
✍🏻ربما تختلف معى عزيزى القارئ فى أنى لاأحب اللعب فى الثوابت أو أساسيات الخليقة ولكن مؤكد تتفق معى أن الكاتب لعب لعبة خطرة وأن خلق عالم جديد لرواية ليس سهلا فمابالك بمن قلب الثوابت رأسا على عقب وأقتحم عالم الخالق والخلق وتأسيس الكون بمن وما هو عليه وصنع محاكاة لخلق الإنسان وتناسله وما حازه فى الأرض من اللغة والمعرفة والتعمير.
✍🏻أول نقطة جذبتنى للرواية اللغة عربية فصحى بكلمات ومصطلحات ليست سهلة على الإطلاق حيث استخدمت جوجل لأفهم كثير من الكلمات وإنما موائمة لطبيعة النص ، بحروف مشكلة وكأنك تقف أمام نص مقدس من القرون الغابرة (غير أنى وددت لو قلت نسبة تواجد تشكيل الحروف حيث أربكنى التشكيل فى كثير من الفقرات نظرا لدسامة الطرح خاصة فى توغل الأحداث فى الجزئين الثانى والثالث)، أيضا فى بعض الفقرات وقفت قليلا حائرة أمام بعض الكلمات أو الجمل إذ وجدتها غريبة عن النص مثل حديثهم عن سمنة أبيهم بعد فراق .
✍🏻السرد سرد قوى ممتع ويمتلئ بأساليب التشبيهات والإستعارات والتصوير والكنايات
الرواية ممتلئة بالأفكار والأحداث المتلاحقة الدسمة أعتقد أن كل فكرة جديدة كانت تستحق أن يفرد لها فصلا منفصلا خاصا بها
مثل فقرة إيراكان وتعلم الرسم أوفقرة شجرة الحكمة أو فقرة كل صراع مع وحش من الوحوش أو فقرة الولادة للأبناء أو وهكذا..
✍🏻أما الحكاية فهى ثلاثة أجزاء
يحكى الأول حكاية أرض أسطورية تحكمها الآلهة رحمها الطين وجنسها الأول هم رجال غير مكتملوا الخليقة طعامهم عسل من ورد حشائش الأرض ثم يلد رحم الطين معجزة وهو حاميهم المتفرد بكمال خلقته إيراث الذى جلب لهم أولا الأم والمعلمة التى تعلموا على يديها الكلام بعد أن كان حديثهم إشارات وأصوات.
الصراع فى الأحداث تفاوت بين الشد والجذب وبين القبول والرفض فى علاقتهم مع إيراث وأولا أو بين سعيهم المستمر للحصول على الطعام والأمان ، أما حروبهم مع الوحوش الأسطورية ومناوشاتهم مع الآلهه فكانت أحداثا أخرى أضفت المتعة والقوة لهذا العالم الأسطورى .
والجزء الثانى تناول تعلمهم الكلام ،الرسم والتدوين ثم ولادة أولا لسبعة أبناء من الرجال هم بداية أبناء البشر وتوقف رحم الطين وهم قلب الماء ، روح السماء،صوت السماء ، الزارع ،حامل الأسرار، الرائى ، عين الحكمة لكل واحد إسم يرمز لصفة أو قدرة يحتاجها البشر لتعمير الأرض.( رسم شخصية الأبناء وصفاتهم فيه درجة من التشتت و التداخل وإحتاج من الكاتب إبراز أفضل بمميزات كل واحد وأيضا الأسماء كانت بحاجه لتصبح أكثر وضوحا ).
الصراع فى أحداث هذا الجزء كان بين الأبناء السبعة وكائنات الظلال و زلحاف ( إلتبس على الفهم فى هذا الجزء فى أكثر من نقطة )
،خلاف الإخوة على إيلا وقصتها مع قلب الماء( لكنه كان بحاجة لشرح وتوضيح أكثر) وانتهى الجزء الثانى بموت إيراث بعد حربه مع زلحاف .
أما الجزء الثالث السبعة أسفار سفر الطوفان ، سفر العمى ، سفر الملك، سفر الحكاية، سفر الملاك ، سفر التوحيد ، سفر العودة
(بداية تملكنى كقارئ إكتفاء من الرواية وتشبع من الفكرة والأحداث أوقن لو أن الأسفار كانت فى رواية منفصلة لكان شعورى تجاهها وإقبالى عليها مختلفا ) تحكى الصراع بين الأولاد السبعه وبين مخلوقات الظلال والرحلة التى قاساها كل منهم فى التيه ليجد هويته.
✍🏻توقفت أمام منطقية بعض المصطلحات
١.فتات : كيف وطعامهم عسل من ورد
٢.النقص فى خلقة الرجال الأوليين ( اعوجاج الأجساد والتصاق البطون بالأفخاد ) كيف لم يصبح هذا عائقا للحياة وأحداث الصيد والقتال .
٣.أكواخ ،مشاعل ، دلو ، عصا ، سياط ، رمح حديد ، زيت زيتون مقطر،ورد مقطر، طاحونة ، أجران ، ثوب أسود ، قنديل : أعتقد تعد أدوات ومصطلحات متقدمة عن البشر البدائى وبالفعل فى فقرات لاحقة يؤكد الكاتب بدائيتهم وأن أدواتهم مجرد أدوات بدائية من عظام وقشور وجلود الحيوانات .
✍🏻 فى النهاية نحن أمام فكرة مختلفة وإخراج متميز لها وكانت إيراث أول قراءاتى للكاتب أدهم العبودى ولن تكون الأخيرة فأنا أحمل الآن بداخلى الكثير من التشوق والترقب لقراءة باقى أعماله .
-
Zahraa Esmaile
"إيراث...رحم الطين وقوة الأساطير"
في كاتب بيبتدي مشواره الادبي بشكل عادي وبيكمل بشكل طبيعي، وفي كاتب بيحب كل فتره انه يغير من جلده تماما وده اللي عمله بالظبط الكاتب ادهم العبودي في روايته الجديده ايراث رحم الطين" الصادره عن دار سما للنشر والتوزيع"
الروايه من النوع الفانتازي او المثيولوجيا او ما يسمى بالاساطير ،بتبتدي بمشهد عن ولادة طفال ولكن مش من رحم ام او سيده كالمعتاده لا من رحم الارض في طقس قاسي جدا ، في وسط ده بيتولد ايراث اللي بعكس كل اللي حواليه بيتولدوا فخدهم ملتصق ببطنهم وبياكلوا بشكل صعب جدا عشان مشاكل في تكوين الفك هو كان انسان عادي جدا بطوله وتكوينه الجسدي وكان بالطبيعيه سيدهم
الوضع بيكمل فتره طويله لحد ما بيتولد من باطن الارض مخلوق مختلف عن الولاد وكانت "أولا" اول سيده على الارض
بنشوف مع أولا و إيراث مراحل الدهشه الاولى، من تكوينها وشكلها المختلف وبعدين محاولتها المستمره لتعليمه اللغه واول كلمه قالها "أولا" وهو بيشاور عليها ، بعد كده بنشوف الاحساس الاول في كل حاجه الدهشه الحب استكشاف حاجات كثير بنعيشها مع اولا وايراث والجزء ده تحديدا كان مفضل جدا بالنسبه لي الطبيعه البكر، هقبتس منه
"وكخائفٍ مِنْ مصيرٍ مبهمٍ، بدا مرغمًا على البكاءِ، مدفوعًا عبْر مشاعر ملتبسةٍ لا يُمكن الإحاطةُ بمنبعِها ولا جدواها، لكنَّه بكى، قبالة هذا الجلالِ بكى، ومثْله لمْ يعرف البكاءَ إلَّا في سنواتِه الأولى حيثُ يبدأ في مزاولةِ الحياةِ."
بنشوف معاهم الصراع الابدي بين الخير والشر والغيره الاولى من قومه بسبب تملكه او تبعيه اولا ليه دي لدرجه انهم نفوه من وسطهم وشعوره بالغربه الشديده بعيد عنهم وبعد كده لجوئهم ليه ورجوعه وسطهم
بنكمل الرحله مع ولاده سبعه اولاد من اولا وايراث، بعد كدة بتتولد مجموعه بنات ويبدا الطقس الولاده من الارض يختفي تماما وبدات الولاده العاديه جدا من رحم ام ولكن الامور مش هتفضل بالاستقرار ده كثير
في الجزء الثاني من الرواية بنشوف صراع الخير والشر وصراع الالهه اللي اكتشفت انها ما بقاش ليها سلطه على الارض فبدا صراع كانت نتيجته ان ايراث قرر يبعت ولاده السبعه لرحله نحو المجهول بحيث انهم يواجهوا الصراع دة ويرجعوا له او ما يرجعوش وهنا بدا الجزء الاساطير بشكل كامل
بالنسبه لي انا ك زهره مش بحب الاساطير اليونانيه ومش قارئه ليها فبالتالي الاجزاء دي كانت صعبه عليا، ما عجبنيش المزج بين الاساطير وبين قصص الانبياء تحديدا قصه سيدنا سليمان، انا ما حبتش الجزء ده خالص وبالتالي ما حبيتش باقي الروايه
كمان الروايه فيها كميه وصف مش طبيعيه في الاول كنت مبسوطه جدا باللغه والفرق والاختلاف ولكن مع الثلث الثاني من الروايه بدات احس ان الموضوع بقي فيه إاستعراض لغوي او وصف زياده في الجمل بشكل مش عاجبني، كمان زود صعوبه الرؤيه التشكيل الكثير جدا اللي كان بيخليني اقرا الجمله مره واثنين واوقات ثلاثه لمجرد ان انا افهم المعنى او افهم المقصود بالظبط من الجمله دي، كمان كثره الصراعات بين الالهه والشخصيات الكتير قوي اللي كانت في النص لغبطتني جدا في القرايه
في المجمل الروايه هتكون علامه فارقه في مشوار ادهم العبودي لانها مختلفه فعلا، وهتبقى كويسه قوي لاي حد بيحب الاساطير اليونانيه والمثيولوجيا
#قراءات_حرة
#قراءات_اغسطس
#إيراث_رحم_الطين
1/26
-
Elmohareb
إيراث... رحم الطين
أدهم العبودي
422 صفحة
2025
دار سما للنشر والتوزيع
"إيراث رحم الطين" – أسطورة الخلق من منظور مختلف
عندما تفتح صفحات الرواية ، تجد نفسك أمام عمل يحاول إعادة صياغة الحكاية الأولى للخلق، لكن ليس من منظور آدم أو رواية دينية مألوفة، بل من منظور الأنثى الأولى: أولا.
الكاتب يضع المرأة في موضع صانعة الحياة، المعلمة الأولى، وحاملة النور والمعرفة، في عالم يهيمن عليه الرجال، ليعيد رسم بدايات البشرية بأسلوب أسطوري تتشابك فيه الرمزية مع الحكاية.
منذ البداية، يتضح أن أولا ليست مجرد شخصية، بل رمز للأم الأولى التي علمت النطق، والتطهر، وفن العيش، وأشعلت شرارة الإعمار على الأرض.
عبرها يعرض الكاتب فكرة أن وراء كل رجل عظيم امرأة، بل وأبعد من ذلك: "لا قيام للعالم بدون المرأة". أولا هي التي جربت الألم الأول للمخاض، وهي التي ذاقت الغيرة والحقد عليها، لكنها واجهت ظلال الشر بالحب حتى أعادت الحياة لشجرة الحكمة.
رمزية الأسماء والأحداث
الأسماء في العمل ليست عبثية: أولاد أولا السبعة، أشبه بقارات الأرض، لكل منهم قوة خاصة ووظيفة كونية؛ قسمة ترمز لتوزيع مهام السماء والأرض.
لكن وسط هذا البناء الرمزي، هناك تحفظات لغوية ونصية؛ بعض الألفاظ كانت تنفّر أكثر مما تعمّق المعنى، وبعض المشاهد فقدت مصداقيتها، مثل معركة الظلال التي هُزم فيها سبعة إخوة أمام "زلحاف" في وقت واحد، رغم رمزيتها في استمرار الصراع بين الخير والشر.
مواطن القوة
الرواية ثرية بالأفكار، غنية بالصور الرمزية، وتمتلئ بمحاولات فلسفية لتفسير أصل الحياة، الشر والخير، والحكمة.
تبرز قدرة الكاتب على استحضار رموز كونية وأساطير بدائية ودمجها مع رموز إنسانية معاصرة.
يظهر احترامه العميق للمرأة، إذ يجعلها محور الخلق، والمعلمة الأولى، وحافظة الأسرار.
حتى المعابد التي قسمها إلى ستة أنواع جاءت مشبعة بالخيال البصري والروحي، مما يعطي النص عمقًا بصريًا وروحيًا مميزًا.
مواطن الضعف
لكن مع ذلك، فإن كثافة الرموز، والإفراط في التشكيل اللغوي للجمل، أصاب النص كثيراً بالإرهاق، وأجبر القارئ على إعادة قراءة بعض المقاطع لفهم المعنى المقصود.
كذلك، هناك فجوات في السرد، مثل كسر سجن العظام بواسطة إيراث ثم نفي الأبناء ألف عام دون توضيح واضح لتسلسل الأحداث.
بعض الأسماء المختارة أضعفت أثر الشخصيات، مثل "الكظماء" الذي يوحي بمعنى مختلف تمامًا عن صفاته في النص.
البنية السردية
العمل مقسم إلى ثلاثة أجزاء، وأبرز ما فيه الجزء الثالث: التكوين الأول – تيه الألف عام، حيث يتوسع الكاتب في الحديث عن كل ابن من أبناء أولا على حدة، وقدراتهم حين يتحدون.
هنا يبرز تأمل فلسفي مهم: "داخل كل إنسان شر لا بد من معرفته وترويضه"، وهو ما يذكر بكتب التحليل النفسي التي ترى أن التوازن بين النور والظلام الداخلي هو مفتاح النضج.
لكن العمل يعاني من زحام الأفكار في الثلث الأخير، مما يضعف من وقع النهايات، ويجعل بعض القضايا تمر مرورًا سريعًا رغم أهميتها.
هذا ما يجعل من المنطقي المطالبة بإعادة صياغة وتنقيح هذا الجزء أو تحويله إلى سلسلة روايات، لإعطاء كل فكرة ومسار حقه من التوسع.
القضايا الفلسفية والإنسانية
الرواية تناقش بوضوح الخطايا السبع، وتعرض صراع النفس البشرية مع نفسها، من حب السلطة، إلى الغيرة، إلى البحث عن الحكمة.
وتربط هذه الخطايا برموز كونية وشخصيات أسطورية، مؤكدة على أن الشر والخير لا يختفيان ما دمنا على الأرض. الصراع ليس فقط بين البشر والظلال، بل بين الإنسان وظله الداخلي.
الانطباع العام
إيراث رحم الطين ليست رواية سهلة، بل نص متشعب يحتاج قارئًا صبورًا محبًا للأسطورة والرمز.
هي عمل يحمل الكثير من القيمة الفكرية، لكنه أيضًا يتطلب عناية أكبر في الصياغة، وضبط الإيقاع السردي، وتقليل الحشو اللغوي ليبقى المعنى أكثر سلاسة.
مثل تكرار قصة من قصص الانبياء بالنص مما جعلنى اشعر بالاستسهال.
الكاتب نجح في خلق عالمه الخاص، لكنه أرهق نصه بكثرة الأبواب التي فتحها دون إغلاق محكم.
في النهاية، تبقى الفكرة الأساسية للرواية قوية: المرأة ليست فقط بداية الحياة، بل حافظتها، وحارسة نورها، وبدونها لا قيام لأي حضارة.
وفي زمن يغيب فيه صوت الحكايات الكبرى، جاءت هذه الرواية لتعيدنا إلى أسطورة البدايات، لكنها تحتاج إعادة ترتيب لتصير أسطورة محكمة لا تُنسى.
اقتباسات ذادت من جمال الرواية وبهاءها
❞ مَا أَقْسَى الفِرَاقَ عَلَى القَلْبِ إِذَا تَعَلَّقَ بِمَا يَأْنَسُ بِهِ. ❝
❞ أَنَّ أَعْظَمَ مَا مُنِحَ الإِنْسَانُ، لَيْسَ السُّلْطَانَ، وَلَا القُوَّةَ، بَلِ الحِكْمَةُ الَّتِي تَسْبِقُ كُلَّ شَيْءٍ، وَتَبْقَى بَعْدَ كُلِّ شَيْءٍ. ❝
❞ أَنَّهُ لَا حَقَّ إِلَّا مَعَ العِلْمِ، وَلَا حُكْمَ إِلَّا بِالمَعْرِفَةِ، وَإِنَّ الإِنسَانَ لَوْ صَعَدَ فِي السَّمَاءِ أَوْ هَبَطَ فِي الأَرْضِ، فَإِنَّ حَقِيقَتَهُ فِي نَفْسِهِ، وَمَنْ جَهِلَ نَفْسَهُ فَقَدْ هَلَكَ. ❝
❞ أَنَّ الحَقَّ يُولَدُ مِنْ مَشَقَّةِ الصَّبْرِ، وَأَنَّ العَدْلَ يُورَّثُ لِمَنْ صَانَ الوَعْدَ وَحَفِظَ المِيثَاقَ. ❝
❞ خُطَاهَا خَفِيفَةً كَطَيْفٍ يَمْشِي عَلَى أَطْرَافِ الزَّمَانِ ❝
❞ تُرَاقِبُ سَطْحَ المَاءِ، تَرَاهُ أَمْلَسَ أَكْثَرَ مِمَّا يَنْبَغِي، كَأَنَّهُ يَرْفُضُ أَنْ يَعْكِسَ صُورَتَهَا. ❝
❞ لَيْسَ كُلُّ مَا نُرِيدُهُ هُو مَا نَحْتَاجُهُ، وَلَيْسَ كُلُّ مَا نَرَاهُ هُو المَصِيرَ المَحْتُومَ. ❝
#ما_وراء_الغلاف_مع_DoaaSaad
#أبجد
#إيراث_رحم_الطين
#أدهم_العبودي
-
Asmaa Ramadan
كتاب أسطورة لا يمت الحقيقه ب صله
خالق الأكوان والسبع اراضين هوا الله الخالق الوحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد
السابق | 1 | التالي |