اقتباسات فادي زغموت

عادة ما أحبّ دغدغة أشعّة الشمس الصباحيّة الناعمة، فهي برقّتها تحمل حنان أمّ تعلن بزوغ فجر يوم جديد.

محبطة هي صحوة الصباح عندما تفتح عينيك وتتذكّر أنّ كتفك مثقل بأحمال يخيفك التخلّص منها بقدر ما يتعبك وزنها.

لم يعد زيد شريك حياتي، بل أصبح هو «حياتي»، هو هويّتي وكياني، وفكرة انسحابه منّي ترعبني إلى أبعد الحدود.

كيف سيصبح شكل هذه الأرض بعد عقودٍ من الزمان إن أصرّ كلّ من هو طيّب وجميل على الرحيل؟

وما هي نتيجة ذلك على المدى الطويل في نظام اجتماعيّ سائد ما زال يؤمن بالثواب والعقاب في العالم الآخر؟ فيتشوّق أهل الخير لثوابهم في عالم الراحة، بينما يهرب أهل الشرّ من عقابهم بالتمسّك بالدنيا والبقاء بيننا؟

فها هي صور لذكريات جميلة جمعتنا بدأت تطفو داخل فقاعات هوائية ملونة أمامنا. تضيء بتناسق هادئ كل بدورها لتنقلنا بين مشهد وآخر لأحداث جمعتنا.

وقفنا ثلاثتنا عاجزين أمام شبح الموت. كل واحد منّا يراه من زاويته. كل منّا يتابع قصته تكتمل وتتداخل مع قصة الاثنين الآخرين.

وبرغم من حالتي الأثيرية وقصور قدراتي بالتأثير على العالم المادي إلا أن رغبتي بحمايته والذود عنه دفعتني لاكتشاف قناة بين العالمين.

لكني كنت أرفض ربطها بشهواتي بشكل مباشر فأحاول تحجيمها وفصلها ووضعها في سياقها الصحيح، دون خلط بين ما هو خيال وبين ما هو رغبة وبين ما هو واقع.

أعد الرجل العصري المرن الواثق من نفسه أكثر جاذبية من ذلك الرجل المحمل بثقل ثقافي يجعل منه أصلح للحياة في العصر الحجري أكثر من حياة عمّان القرن الواحد والعشرين.

فوجوده في المنزل لا ينتقص من رجولته كما كان يتخيّل، ونجاحي في العمل لن ينبت لي شاربًا كما كان يتصوّر.

فشلت الثورة. نعم فشلت كما تفشل كافة الثورات التي تُزهر قبل ميعادها.

لا يدرك المرء هشاشة حياته سوى حين تدركه الأقدار وتخطف منه كل ما يعرفه ويحبّه في هذه الدنيا، بحلوها ومرّها، بمخاوفها وهواجسها، بمخططاتها المستقبلية وأحلامها الآنية.

شوقي له كان أكبر من خوفي لذلك لم أتردد.

وكنت أكره ذلك الرابط العجيب الذي نما ليرسم علاقة عكسية بين حرياتي التي تعودت ممارستها بشكل طبيعي في السابق وبين تصوّر فراس انعكاسها على رجولته.

كنت أشعر في بداية زواجنا بأنني انتقلت فجأة إلى بيئة عمل جديدة وبت مسؤولة من مدير لا يملك خبرة سابقة بالإدارة.

كانت تراه، مثلما كانت تريد أن تراه، جبلا راسخًا. لم تشعر بذلك البركان بداخله الذي كان يوشك على الانفجار.

وأنا كنت امرأة مفترسة بدوري. لا أستسيغ لعبة المطاردة إلا عندما أكون أنا من يطارد. أي عندما أكون أنا من يكسر شوكة الرجل ويحوّله إلى حمل وديع خاضع لي.

وحين لم يلقَ صراخي آذانًا صاغية، بدلت نبرة صوتي وأطلقتها أكثر هدوءًا لعلّ تردد أمواجها الصوتية يخترق الأثير الهوائي الذي يجمع روحي بجسده بطريقة أفضل.

كان أقصى ما يصل إليه عقلي حين أفكّر في الموت هي تلك اللّحظة التي ستسحب بها روحي من جسدي. عادة كنت آملها أن تمر عليّ بهدوء فتسحبني معها كعجوز مسنة توافيها المنية في فراشها بين أولادها وأحفادها