اقتباسات مينا عادل جيّد

وحيدًا، وكان يحترف تعزية نفسه على وحدته ويبشرها بأن الأيام الأجمل قادمة لا محالة،

أخذ يتلمس حدود الوهم والحقيقة، حدود الرؤى والواقع، حدود الشيطان والملاك، حدود الخير والشر، فتائل دقيقة وباهته تفصل بين مساحات شاسعة وأبدية، سقطات مذلة، ومعجزات براقة، والإنسان من طين يريد عبر رحلة من الأيام التافهة أن يلمس عروش السماء، يريد أن يحشو صندوق رأسه التافه بجل أسرار الكون، ولا أحد يقنع برزق، هذا يطلب المجد فلا ينال طرفه، وهذا يجحد البريق فإذا عطس صفقت له الدنيا وانحنت، هذا أخذ الصحة فطلب المال، وهذا أخذ المال فعازه الولد، وهذا أخذ المجد فاشتاق إلى ستر الظل،

‫ أوه! الطمأنينة الطمأنينة، ما أبدع ذاك الشعور وأندره! ومحظوظ هو مَن يملكه. وماذا لك سوى القصص؟ القصص أم السعادة؟ السعادة أم القصص؟ خسرت كل ما طلبته، ووربحت كل ما رفضته، ها أنا أموت دون أن أشعر في يوم واحد بالسعادة، أوه! هذا هو الجحيم ذاته.. هل أور أسعد أم أنا؟ مَن فينا ربح ومَن خسر؟ أوه! زواني يقدمن الحب الكبير، وقديسات أسيرات البغض المجاني. مارينا.. لماذا؟ لماذا؟ وقفتِ دائمًا في المقابل، وأعلنتِ إعجابك بكل شيءٍ احتقرني.

- إن الشر إذا اتفق الناس جميعًا على كونه شرًّا، سينتهي في الحال، ولكن، ومن واقع خبرتي، إذا اختلف الناس، من وجهات نظر مختلفة، على تسميته، وفي إعلانه كونه شرًّا أم لا، فينمو ويزدهر وتكسب مملكتنا.

‫ قال إله الشر:

‫ - ملحوظة تستحق التفكير في المستقبل، أما عن وصيتي فهي ألا تنهي هذه الحرب قريبًا.

ونظر إلى حياته بعين الفارز ودرس الموقف وعقد العزم على الرهبنة بلا تراجع، وتمنى لو أن ينجح في الرهبنة ويحقق عدة أهداف، يتحلى بالفرز، ويجوع ويصير وحيدًا باختياره، لا أن يفرض عليه الواقع التعس أوامره، يصوم لأنه بإرادته يجحد الطعام لا بسبب مجاعة، ويعيش وحيدًا لا لأن مارينا تتعالى عليه إيمانيًّا ولا تبادله الحب، بل ليكرس حياته، ببتولية صالحة، للمخلص الذي يحب الجميع ويرحم الخطاة، وتمنى لو تفوق في النعمة والحكمة وعمل المعجزات على أبيها الروحي الذي عمَّدها وهي كبيرة بملابسها لتندم، لتُصدقه أكثر مما تصدق أباها الروحي، وتخيل نفسه بعدما يترهب، لو يقابل الراهب، الأب الروحي لمارينا، في

والإنسان من طين يريد عبر رحلة من الأيام التافهة أن يلمس عروش السماء، يريد أن يحشو صندوق رأسه التافه بجل أسرار الكون، ولا أحد يقنع برزق، هذا يطلب المجد فلا ينال طرفه، وهذا يجحد البريق

أتدري ما مشكلة الإنسان؟ أن عينه على الفردوس وينظر العالم.

خرجت هيلاريا من حفرة النول حافية، وقالت مستنكرة وهي تضع يديها في وسطها - ويصح ألا يعطونك في بيت خوما من تين الفردوس نصيب زوجتك لتذوق مثلك؟ أهذا صديقك الذي تدافع عنه طوال الوقت؟ رجل بخيل، أنا أقول عنه دائمًا إنه بخيل ثم سكتت وعادت لتقول - أم أعطاك لي تينة من الفردوس وأكلتها؟ أجب بصراحة فإن كنت عملت ذلك فماذا سأفعل مثلًا؟ ولا شيء سوى الصراخ. والصراخ والصراخ، أجب إجابة مسيحية أمينة من فضلك يا فسطوس ‫ - لا، صدقيني يا هيلاريا هي تينة واحدة ‫ اتفقنا، تينة واحدة - قالت هيلاريا مستدرجة إيَّاه - ولمَّا هي تينة واحدة

❞ وهل غير طريق الخلاص يستحق أن يروى؟ أقول له: نعم، فهكذا فعل المخلص، لقد ضرب الرَّب الأمثال عن الحمقى كما ضرب الأمثال عن الحكماء، ربما في نفس السطر، وفي نفس الحجم، وأعطاها نفس الأهمي ❝

❞ بل أنر شمعتك كي يُصبِح الوطن عبرك أفضل مما هو عليه، والوطن يستحق لعلمِك. ❝

❞ لن يتحقَّق أبدًا شيء مما تتمناه فقط بالتمني ❝

❞ لا تقُل بصوتٍ عالٍ «سأغيّر العالم»، ولا تقلها أيضًا بصوت مُنخفض، فقط ضعها في ذهنك حتى يأتي يومُ الميعاد. ❝

❞ أقضيت قرابة ثلثي حياتك تشدو بأحلام النصر أو الموت؛ النصر على اللا شيء، والموت في سبيل اللا شيء؟ لا شيء تحقق، أهكذا ينقضي عُمرك؟ ❝

❞ وأجهش بالبكاء كطفل نظر حوله في أول يوم له في المدرسة فشعر أنه وحيد لأول مرة في حياته ويرغب في مجيء أبيه في أسرع وقت. ❝

❞ فما وحدته إلا حال مؤقتة، صبر من سينول، جهد من سيفوز، حلوى لمن يكفّ عن البكاء ❝

❞ كان وحيدًا، وكان يحترف تعزية نفسه على وحدته ويبشرها بأن الأيام الأجمل قادمة لا محالة ❝

❞ بعضهم سخر منه، فكان بعدما يغضب يعذر جهلهم، ويقول في سره أولًا: يا ليتني حمار مثلهم لكنت امتلكت رفاهية السخرية. ❝

يوسف الورداني أجبن حتى من ربع ذلك، أمه ربّته وأكدت عليه في كل يوم ليكون أجبن من ذلك، الدنيا هيأت له حاضنة ممتازة لتجبره على أن يكون أجبن من ذلك.

وكأنما لو ذاق الولد الأدب سيصير كالذي عرف الخير من الشر

❞ لو عرف الإنسان ما يُريد، لكان شيئًا لا يُستهان به. ❝

‏