اقتباسات هيثم حسين

يحفر الفراق في أرواحنا أنفاقاً يكاد يستحيل ردمها… ويكتسب التلاقي أيضاً بعض الشقاء توجّساً ممّا يليه من فراق.

ليست كلّ الكتب التي نقتنيها أو تصل إلينا تستحقّ أن تحتلّ مكاناً دائماً في مكتبتنا، فالكتب كالأصدقاء، كما أنّ هناك صديق الطريق أو السفر، وهناك صديق العمر، يكون عابراً للزمان والمكان، كذلك هناك كتاب للطريق، يكون مؤقّتاً، تزجي به وقت رحلتك وتملأ به فراغك في أثناء سفرك، وقد يستمرّ هذا الكتاب معك، ويغدو ضمن رفّ الكتب الدائمة، وقد تتخلّى عنه في أقرب محطّة تخلٍّ لديك.

أليست أشياء المرء المتراكمة في خزانته الواقعيّة، وخزّان ذاكرته المفترض، ملح الأزمنة والأمكنة بالنسبة إليه؟

إن الهجرة، المنفى، أن تكون بلا جذور وأن تصبح منبوذاً،

أن تصبح لاجئاً يعني أن تصبح مذعوراً، أن تصبح منبوذاً، أن تصبح رهين ذاكرتك وذكرياتك وحنينك،

زيغمونت باومان (2017 - 1925) في كتابه «الأزمنة السائلة» حين قال: اللاجئون في المكان ولكن ليسوا منه…. فهم معلّقون في فراغ مكانيّ توقّف فيه الزمن، فلا هم مستقرّون، ولا هم متنقّلون، ولا هم من أهل القعود، ولا هم من أهل الترحال. ‏

الألم يمتصّ كلّ شيءٍ، يجرّدك من أوهامك، ويتركك عارياً أمام حقيقتك. هل حقّاً نحن مَن يبقى، أم أنّ بقايا ممّا عشناه هي التي تظلّ عالقةً في ذواتنا، تذكّرنا بأنّنا مررنا من هنا ذات يومٍ؟

ماذا يعني أن تكون ناجياً؟ وهل يمكن للنجاة أن تكون فقط انتهاء تجربةٍ، أم أنّها بدايةٌ لحياةٍ جديدةٍ تحمل على عاتقها كلّ الندوب والخسائر التي خلّفتها تلك اللحظات القاسية؟

لطالما كانت الحكايات وسيلتي لفهم العالم، لالتقاط تلك اللحظات العابرة التي تصنع الفرق، ولإعادة بناء الذات وسط ركام الواقع.

فلربّما يكمن الحظّ، لا في النجاة من الموت، إنّما في قدرتنا على بناء حياةٍ جديدةٍ من رماد الماضي

الحياة لا تتوقّف عند الجسور غير القابلة للعبور

قد يغدو الألم دليل حياةٍ. ترانا نتجنّبه، نتحاشاه، نهرب منه، لكن في لحظةٍ معيّنةٍ نحتاج للشعور به لأنّه يكشف لنا أنّنا ما زلنا على قيد الأمل، وأنّ هناك ما هو حيٌّ فينا ويمكننا الاعتماد عليه. الألم مَعْبرٌ إلى الإحساس بالقادم المأمول الذي من شأنه ترميم دواخلنا

صرخة الحياة التي يطلقها الوليد إيذاناً بشقّه دربه في عالمه، إعلان ولادةٍ وإثبات حضورٍ وبحثٌ لاشعوريٌّ عن الانتباه والاهتمام، لكنّ صرخة الموجوع تعبيرٌ يائسٍ عن انعدام حيلته في مواجهة ما يحدث له

كيف يمكن أن تظلّ الذاكرة حاضرةً في كلّ زاويةٍ، في كلّ حجرٍ؟ كيف يتسرّب الماضي إلى الحاضر، ليصبح جزءاً من حيواتنا اليوميّة، من أحاديثنا، من مخاوفنا، من نظراتنا لبعضنا؟

الزمن يروّض الجرح ليبدو أقلّ حدّة، لكنّه لا يبرّئه. تعلّمنا أن نبتسم ونتحدّث عنه كما لو أنّه مضى، فقط لأنّنا تعبنا من مواجهته، لا لأنّه غادر فعلاً.

النسيان، حين يتمنّع، لا يكون عجزاً، إنّما فعل مقاومة. ثمّة ماضٍ لا يموت، يُطلّ دوماً بهيئات مختلفة.. نحاول طمره، دفنه، محوه… فيعود أكثر عنفاً، كأنّ فيه حياةً لا نملك مفاتيحها

تهتمّ بجني الرحيق مع تقدّمها في السنّ، تشبّه نفسها بعالم النحل الذي تغيّر فيه الشغّالات وظيفتهنّ مع تقدّمهنّ في السنّ، يكنّ منظّفات، ثمّ مرضعات، ثمّ صانعات للصمغ، وفي الأخير يجنين الرحيق إلى أن يمتن.

يدرك أنّ الأدب يمتاز بقوّة خياليّة محيّرة، يجعل الموتى أحياء ويمنع الأحياء من الموت

يدرك أنّ لروح الإنسان أعماقاً لا سبيل إلى سبر أغوارها.

«إنّ الأدب هو الكذبة التي تحوي حقيقة مخبّأة، لا الحقيقة الثانوية وإنما الحقيقة العميقة