اقتباسات إبراهيم عبد المجيد

كان طبيعيًّا لقادة الانقلاب الإجابة عن سؤال ماذا نفعل، خاصة بعد أن خلص لهم الحكم بسهولة لم يتوقعوها إذ لم يبدي الملك فاروق أي مقاومة ولم يوافق علي أي مقاومة.

سؤال النهضة عند أي أمة من الأمم هو مَنْ نحن وماذا يمكن أن نفعل؟

بل ووجدت الدولة في ذلك فرصة أن ينشغل الناس بالدين عن السياسة، لكن الناس لم تنشغل بالدين عن السياسة فقط، لقد رأي البعض أن الدولة التي كانت وراء التطور الاجتماعي في الحقبة الناصرية، أو وراء النزعات الليبرالية قبل الثورة،

بدت قوة الدولة تزداد كل يوم، قادرة على أن يظل الدين في مكانه الأخلاقي لا السياسي، حتى وقعت هزيمة يونيه١٩٦٧.

كيف يمكن أن يصير الدين مشكلةً بالفعل البشري، وكيف صار الدين، أعظم ما سعى إليه الإنسان، أسهل ما يمتطيه الإنسان فيما بعد من أجل السلطة!

حروبا استعمارية المبدأ أو الغاية، رفعت رايات الدين، وقيام دولة إسرائيل كان كذلك أبشع أشكال الاستعمار الذي رفع راية الدين.

الذي سعى إلى الدين هو الإنسان، والذي يمارس شعائره هو الإنسان، والذي هبطت من أجله الرسالات السماوية هوالإنسان، والإنسان وهو يمارس حياته على الأرض وجد في الدين قوة عظيمة على الأخلاق، وانفتح له عقله وقلبه وتمكن منه ووجد فيه نجاته

خلاصة الأمر، يمكن القول بثبات، إنَّ الدين بدأ بصفته حاجةً إنسانيةً، ثم ترقى في أشكاله مع ترقي العقل البشري، والإسهام الرئيسي للدين هو تعميق النظرة الأخلاقية في الإنسان،

فكل الكتب السماوية تنهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، لكنها لا تقول لنا ماذا نفعل في هؤلاء الذين يرتكبون هذه المعاصي على التفصيل،

الأصل في الدين أنَّه مُنتَج بشري؛ والسبب هو حيرة الإنسان الأول في الظواهر الطبيعية والحياتية من حوله.

مَن نحن؟ مصريون، أم عرب، أم مسلمون؟

الحروب الصليبية كانت كذلك، حروبا استعمارية المبدأ أو الغاية، رفعت رايات الدين، وقيام دولة إسرائيل كان كذلك أبشع أشكال الاستعمار الذي رفع راية الدين.

لا يمكن أبدا إنكار الدين، مهما تقدم الإنسان، وترقى في عقله، وفاق وتطور في الكون، فهناك دائما الحاجة إلى إله يلوذ به، يطمئنه ويحميه، وهكذا كان مصير كل الفلسفات المادية الفشل، وكل حركات الإلحاد النسيان.

الأمم الحية لا تكف عن سؤال النهضة، تتجدد به، وتتجاوز به مراحل مختلفة من تطورها، ولا تكف عن التطلع إلى الأمام.

لقد سعى الإنسان إلى الدين، ثم راح يستغله خارجا به عن حدود الأخلاق، التي هي هدف الدين الأسمى،

أدرك القوّة الخفيّة في المصريّين. يتركون الحاكم الظّالم للحاكم العادل الّذي لا يخذلهم مهما طال الوقت. كيف حقًّا انحدر المصريّون من الأزمان السّحيقة إلى هذا الزّمن؟ أيّ معجزةٍ يقدّمها هذا الشّعب. البقاء مع الظّلم أكثر من الثّورة عليه.

ثم كبرت قليلًا وصرت في الثانية عشرة من عمري وسمعت حكاية سفاح محطة مصر. محمود أمين سليمان الذي استوحى من حكايته نجيب محفوظ رواية اللص والكلاب. أذكر جيدًا كيف كانت صحيفة الأخبار تنشر كل يوم عنه أخبارًا ملفقة.

كيف إذن صار المجرمون أبطالًا؟ هذا هو السؤال. لم أجد إجابة كافية، لكن ما شاع عن الجميع أنهم دوخوا السلطات وهكذا فعلوا ما لا يفعله الآخرون.

ريا وسكينة في العشرينيات، ثم سفاح كرموز سعد إسكندر في نهاية الأربعينيات وبداية الخمسينيات، ثم محمود أمين سليمان أو السفاح كما أطلقت عليه جريدة الأخبار.

وبدأ النّاس يهجرون الإسكندريّة وهو مضطرٌّ للبقاء، إنّها رحلة قهريّة أرادها اللّه أن يكون وحيدا وعليه أن ينام الآن، في المدينة الّتي صارت عيونها مفتوحة على السّماء.