اقتباسات د. مصطفى محمود

❞ حتى الجاكتة التي ألبسها كانت مسكينة مثلي بلا شخصية تطول وتقصر وتتسع حسب الموضة لا بإرادتي ولا بإرادة الترزي.. ولكن بإرادة التقاليد.. ❝

إنك لا تعرف الفلاح في الصعيد.. إنه ما زال يستشير حمارته كل يوم وهو ذاهب إلى السوق.. ويسألها هل يبيع القمح أم لا يبيعه.. فإذا رفست برجلها.. عاد أدراجه ولم يبِع شيئًا..

وخرجت لأمشي بدون وجهة.. وأنا أشعر في داخلي بحرية لا نفع لها..

نحن شرفكم.. ها.. ها.. أليس هذا مضحكًا حرصكم على أن نكون نحن شرفكم.. إن شرفكم أعمالكم يا مغفلون

وتدفقت أيامي كلها تطالب بحقها في أن تعيش من جديد.. طفولتي.. صباي.. شبابي.

ليس في حياتي يوم واحد أستطيع أن أقول إنه كان يومي. ‫ إني لا أعيش. ولكني أتدحرج كحصاة كبيرة ثقيلة تسوقني الوظيفة إلى المكتب. ويجرني الزواج إلى البيت. ويدفعني الملل إلى المقهى. ويلقي بي الجوع إلى مائدة الطعام. ويقهرني الغيظ

كان قلبي تأكله الرغبات من الداخل ولكني لم أكن أجرؤ على التفكير فيها وإشباعها وإنما كنت أتردد وأخاف وأجزع ثم أكتفي بأن أتمنى ثم أهرب من المشكلة كلها وألوذ بوالدي أطلب نصيحته. وأترك له حياتي يبت فيها ويختار كما يشاء

ولكني لم أكن أدرك مشاعري بهذا الوضوح في البداية. لم تكن في ذهني فكرة واضحة عن شيء..

‫ كنت أعيش في فتور وآلية.. وبلادة. واستسلام. حتى مات أبي فجأة.

كان كل شيء حولي لا يمت لي.. كان كل شيء غريبًا عني حتى ملابسي.. حتى أفعالي.. حتى أقوالي كانت غريبة عني.

وأفقت لأجد نفسي وحدي.. بدون سند إلى جواري.. بدون قدر.. بدون إله.. بدون حب.. بدون مبرر لأي فعل أفعله سوى إرادتي.

‫ وأين هي إرادتي؟!

وهكذا ظلت حياتي معطلة طوال هذه السنين.. وظللت أعيش طفلًا كبيرًا يملأ قلبي الخوف والاحترام والرهبة..

كان كل شيء حولي لا يمت لي.. كان كل شيء غريبًا عني حتى ملابسي.. حتى أفعالي.. حتى أقوالي كانت غريبة عني.

الشمس يابني، الشمس هذه شمسٌ لا مثيل لها في الدنيا.. إنها أحسن دواء للروماتزم.. افتح الشباك عندك. أنا قلت ألف مرة افتحوا كل الشبابيك.

أنا أعجب للفضلاء ينتظرون أن يكافأوا على فضيلتهم بالجنة.

‫ أي جنة. وهم في الجنة فعلًا.

الدنيا أدخلتنا في غرفة مظلمة لنختار ملابسنا.. فلم نستطع أن نتعرف على ثيابنا في الظلام.. وخرجنا كل واحد يلبس لبسًا غير لبسه..

إن حبي يتحقق في قلبي وحده.. في وهمي.. إن كل الأمكنة تضيق به.. وكل الحلول تضيق به.. إنه المستحيل الذي أحتضنه في ضلوعي.. وقد ضاقت الدنيا به على رحابتها.

لماذا لا يفارق الأسى والحزن عينيك. لماذا تبدو طفلًا شقيًّا يتيمًا. إن ضعفك يفقدني صوابي كم أتمنى أن أفهمك كم أتمنى أن أسعدك لماذا تبدو قلقًا مشتتًا هكذا ماذا تريد. ها أنا ذا بين يديك اقتلني ولكن لا تنظر إليَّ

لا أستطيع أن أكون شيئًا آخر غير نفسي.. أفضل أن أعيش حياة صغيرة أملكها.. عن أن أعيش حياة كبيرة تملكني.. أريد أن أكون حرًّا..

لا يوجد رجل في الدنيا أهل للحب..

إن الإنسان لا يستطيع أن يعيش إلى الأبد قويًّا.