المؤلفون > أحمد أمين > اقتباسات أحمد أمين

اقتباسات أحمد أمين

اقتباسات ومقتطفات من مؤلفات أحمد أمين .استمتع بقراءتها أو أضف اقتباساتك المفضّلة.


اقتباسات

كن أول من يضيف اقتباس

  • ما أريد ألا تكون أوقات الفراغ طاغية على أوقات العمل، وألا تكون أوقات الفراغ هي صميم الحياة، وأوقات العمل على هامشها، بل أريد — أكثر من ذلك — أن تكون أوقات الفراغ خاضعة لحكم العقل كأوقات العمل، فإننا في العمل نعمل لغاية، فيجب أن نصرف أوقات الفراغ لغاية كذلك، إما لفائدة صحية كالألعاب الرياضية، وإما للذة نفسية كالمطالعات العلمية أو الأدبية.

    أما أن تكون الغاية هي قتل الوقت، فليست غاية مشروعة، لأن الوقت هو الحياة، فقتل الوقت قتل الحياة؛ فالذين يصرفون أوقاتهم الطويلة في نرد أو شطرنج لا يعملون لغاية يرتضيها العقل، وكذلك الذين يتسكعون في المقاهي والأندية والطرقات لا يطلبون إلا قتل الوقت كأن الوقت عدو من أعدائهم.مفتاح العلاج لهذه المشكلة الاعتقاد بأن الإنسان يستطيع أن يغير موضوعات حبه وكرهه كما يشاء، ويستطيع أن يغير ذوقه كما يشاء، فيستطيع أن يمرن ذوقه على أشياء لم يكن يتذوقها من قبل، وعلى كراهية أشياء كان يحبها من قبل، ففي استطاعة أغلب الناس — إذا قويت إرادتهم — أن يقسموا أوقات فراغهم إلى ما ينفعهم صحيًّا، وإلى ما ينفعهم عقليًّا.

  • قد علمنا التاريخ أن العالم حين يقدم على خطوة جديدة، وحين يتمخض لولادة جديدة، تقوم زوابع كثيرة تقلب الأوضاع وتكسر ما يعترضها، ثم ينزل الغيث وتهدأ الزوابع ويلطف الجو، وأظن أن الحرب الحاضرة شأنها شأن الزوابع الماضية، ليست إلا علامة على أن العالم يتمخض للولادة، وأنه يريد أن يتخلص من بعض شرور الماضي؛ ليضع أسسًا جديدة لمستقبل أسمى، ومما يؤسف له أن العالم في الحاضر والماضي ليس لديه إلا هذه الوسيلة للإصلاح، لا يستطيع أن يبني بناءً جديدًا إلا بعد هدم القديم، وإلا كان العمل ترميمًا لا تجديدًا.

  • بُنِي العالم على ثلاث قواعد: حفظ الذات، وحفظ النوع، وتحسين النوع، هذه هي الأوراق الثلاث التي يلعب بها العالم لعباته المختلفة في كل تصرفاته التي لا نهاية لها، وكل شيء في العالم من الحشرة الدنيئة إلى أرقى أنواع الإنسان يسعى إلى تحقيق وجوده الذاتي ووجوده النوعي، والعالم كله في جملته يتسامى لتحقيق غايته، وقد اتخذت الطبيعة لتحقيق ذلك كل الوسائل الممكنة من تحريك الغرائز المختلفة، والانفعالات المتباينة، والعواطف المتناقضة، ونحن لو بحثناها على شدة ما بينها من اختلاف لوجدناها كلها ترجع إلى هذه العناصر الثلاثة:

    تلعب الغرائز والانفعالات والعواطف كل ألاعيبها في النبات والحيوان والإنسان لحفظ الذات وحفظ النوع، وتلعب في الإنسان ألاعيبها كذلك للسمو به، فسعي النبات وراء قوته وتجهيزه بالآلات العجيبة للحصول على غذائه، وتكثير بذوره، وسلوك الحيوان في شهواته وعواطفه، والإنسان في كل تصرفاته وعواطف حبه وغزله، وعواطف أبوته وأمومته وأفانينه — كل ذلك يفسر في النهاية حفظ الذات وحفظ النوع، فقانون الطبيعة في ذلك قانون ثابت لا يتخلف، ولا يمكن أن يصدر ذلك إذا لم يكن للعالم غاية.

  • ولكن هؤلاء المتشائمين قد أصيبوا بعمى اللون، فلم يروا في العالم إلا لونًا واحدًا هو لون السواد، ولم يروا مادة لأدبهم إلا نعيق البوم، وسواد الغراب، وحلكة الظلام، ولم يقوموا في الحياة إلا المآسي، ولم يسمعوا من النغمات إلا المحزن، ولم ينظروا في الحياة إلا إلى سطحها، لا إلى عمقها، وشغفوا بالأحداث الجزئية، لا النظريات الكلية.

  • فلا منفذ لهم من ضيق اليد إلا سعة النفس، ومن الفقر في المادة إلا غنى الروح، ومن الحياة اللاصقة بالأرض إلا السمو إلى السماء، ومن الشكوى من سوء تقويم الناس للأشياء إلا إنشاؤهم مملكة روحية في أنفسهم تقوم فيها الأشياء تقويمًا صحيحًا عادلًا.

  • كل ما في الدنيا من أمثلة يدل على فساد التقويم، كتاب مليء حكمة بدرهم، وحبة من لؤلؤ — ليست لها قيمة ذاتية — بآلاف، ومجهود الآلاف من الناس يحرثون ويزرعون لا يساوي خاتمًا من ماس تتزين به المرأة ساعة في العمر، ولاعب تقوَّم لعبته بالمئات، ومكتشف لا يقوم اكتشافه بشيء، وعلى الجملة فقد عجز العقل أن يدرك «أساس التقويم» عند الناس، فلا هو مقدار ما في الشيء من منفعة، ولا ما فيه من عدم منفعة، ولا هو الجمال ولا القبح، ولا الخداع ولا الصراحة ولا الصدق ولا الكذب، ولا الحق ولا الباطل، لا شيء من ذلك كله، ولا شيء غير ذلك كله، صالح لأن يفسر أساس التقويم عند الناس.

  • كم في الدنيا من أناس أشقياء أكبر شقائهم ناشئ من أنهم يعملون فيما لم يخلقوا له، هذا مهارته في يده يعمل بعقله، وهذا مهارته في عقله يعمل بيده، وهذا مهارته في قلبه يعمل بيده أو عقله، وهذا ماليٌّ يعمل عالمًا، وهذا عالم يعمل ماليًّا وهكذا، ومن هذا القبيل صنف من المعلمين لم يخلقوا للتعليم وإنما خلقوا للمال، فأجسامهم في التعليم، وطموحهم للمال، فلما لم يصلوا إلى المال — وذلك طبيعي — عذبوا عذابًا شديدًا، وضاقت نفوسهم، واضطربت عقولهم، وفشلوا في التعليم والمال معًا، نسوا أن التعليم عمل روحي لا يصلح له إلا من تجرد للروح وشئونها، وقلبوه إلى عمل آلي فحرموا لذة الروح، ولم ينجحوا في العمل الآلي، وكانت حجرة التعليم سجنًا، وعلاقتهم بالمتعلمين علاقة السجان بالمسجونين، فلم ينجحوا في التعليم الذي قيدوا أنفسهم به، ولا في المال الذي طمحوا إليه، وكان من الخير أن يريحوا أنفسهم من التعليم، ويريحوا التعليم من أنفسهم، لقد فهموا كما يفهم الماليون أن مقياس النجاح في الحياة سعة الرزق، وعظم المرتب، وتدفق المال، فلما لم يجدوا شيئًا في أيديهم عدوا أنفسهم خاسرين، فنقموا على أنفسهم وعلى الزمان، وعلى حرفة التعليم، وعلى القدر الذي ألجأهم إليها، وفاتهم أنهم غلطوا في مقياس النجاح، فوزنوا بالمتر، وقاسوا الطول بالقنطار، فمقياس النجاح في الحياة العلمية غيره في الحياة المالية والمناصب الحكومية.

  • التعليم — أيها الأب — نوع من الرهبنة، انقطع صاحبه لخدمة العلم كما انقطع الراهب لخدمه الدين، أو إن شئت فقل: إن الراهب يعبد ربه من طريق تبتله واعتكافه، والمعلم يعبده من طريق علمه وتعليمه، كلاهما زهد في الدنيا إلا بقدر، وانقطع عن الناس إلا ما يمس عمله، وكلاهما ركز لذته وسعادته فيما نصب له نفسه،

    فإن رأيت راهبًا ينحرف ببصره إلى زخرف الدنيا وزينتها فهو راهب فسد، وإن رأيت معلمًا يجعل غرضه الأول المال والجاه وعرض الدنيا فهو — كذلك — معلم فسد.

  • المعلم يتاجر، ولكنه يتاجر في الأرواح والعقول والمشاعر، ويكسب ويخسر، ولكنه يكسب نفوسًا تتعلق به وقلوبًا تتجمع حوله، أو يخسر عقولًا أتلفها ونفوسًا أفسدها.

  • ماذا يصنع المعلم؟

    إنه يجلو أفكار الناشئين والشباب، ويوقظ مشاعرهم، ويحيي عقولهم، ويرقي إدراكهم، إنه يسلحهم بالحق أمام الباطل، وبالفضيلة ليقتلوا الرذيلة، وبالعلم ليفتكوا بالجهل، إنه يملأ النفوس الخامدة حياة، والعقول النائمة يقظة، والمشاعر الضعيفة قوة، إنه يشعل المصباح المنطفئ، ويضيء الطريق المظلم، وينبت الأرض الموات، ويثمر الشجر العقيم، إن المعلمين عدة الأمة في سرائها وضرائها، وشدتها ورخائها، لا تنتصر في حرب إلا بقوتهم، ولا تنهزم إلا لضعفهم، ولا يزهر العلم فيها إلا بهم، ولا ترقى مصانعها ومتاجرها إلا برقيهم، هم منشئو الجيل، وباعثو الحياة، ودعاة الانتباه، وقادة الزمن، هم عنوان الأمة، ومظهر ضعفها أو قوتها، في عقلها وقلبها وخلقها؛ لأنهم يصنعون القوالب التي تصب فيها أبناؤها وبناتها، ويشكلونها بالأشكال التي يتصورونها ويضعونها.

  • ليس يصلح للتعليم من طلب بتعليمه الغنى والجاه، وليس يصلح كذلك من سدت في وجوهه طرق الكسب الأخرى، ثم رأى أن باب التعليم وحده هو المفتوح أمامه فدخله مرغمًا، إنما يصلح للتعليم من كان يرى — بحكم طبيعته ومزاجه — أن لذة التعليم تفوق كل لذة، وأنه سعيد باحترافه التعليم، وأن ما يجده من لذة في حرفته يعوض ما يجده من ضيق في رزقه وضآلة في جاهه، وإلا كانت حرفة التعليم عذابًا، وكل درس يؤديه ألمًا يمتد بامتداد الدرس، وكل فترة من الزمن بين درسين أنينًا من الدرس الماضي وإشفاقًا من الدرس القادم، وكل ساعات فراغه شكوى من الزمان أن رماه بحرفة التعليم، وسبًّا للقدر أن بلاه بهذا البلاء المبين.

  • ويتسلم زمام الأمم أقواها قلبًا وأحياها ضميرًا، لا أشدها دعابة وأكثرها تهويشًا.

  • إن طغيان العلم على الروح والعقل على القلب هو وجه الضعف في المدنية الحديثة، ولا أمل في صلاحها إلا بتعديل عناصرها وحياة قلبها، إذ ذاك تنظر إلى الإنسانية لا إلى القومية، وإلى العدل والحق لا إلى الجنس، وإلى خير العالم كله لا إلى خير جزء منه، وهذا اللون هو لون المدنية المنتظر.

  • لقد أدى إعلاء شأن العقل والعلم وحده إلى هذه الحروب الطاحنة الدامية، ولو تدخل القلب فأعلى شأن الإنسانية لوقف العلم عند خدمة الحياة، ولم يتعدها إلى إعدام الحياة، كما أدى إعلاء شأن العلم إلى أن وجهوه إلى الدين يشرِّحه كما يشرح الطبيب الجسم، ويحلله كما يحلل الكيمياوي الأشياء، ففقد روحه وفقد قيمته، وفقد الناس احترامه، وأنى للعلم أن يحكَّم فيما ليس من اختصاصه؟ إذ كيف تخضع الحب للمنطق، والشعور للعقل، والعاطفة للبرهان؟

    إن تحكيم العلم في هذا كتحكيم العين في المسموع والأذن في المرئي والأنف في الملموس، ﴿لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ﴾، فلما حلل العلم الدين حوله من عاطفة إنسانية وطموح إلى المثل العليا إلى خدمة اجتماعية،

    لقد أنشأ الدين مملكة سماوية تشرئب إليها النفوس، وتسمو إليها الأرواح، فجاء العلم يحطم هذه المملكة ويرد الدين إلى حظيرة الواقع ودنيا الجماد.

    لقد جاء الدين فدعا إلى إحياء القلب وإحياء البصيرة، وجاء العلم ينكر كل شيء إلا العقل وإلا المنطق، ولا أمل لسعادة الإنسان إلا بحياة عقله وقلبه معًا، واعتراف كل بحدود دائرته من غير أن يتعدى اختصاصه، لقد حول العلم الدين إلى رياضة، وجعل البرهنة عليه من جنس البرهنة على نظرية هندسية، وجهل الفرق بين شيء خارجي يبرهن عليه، وشيء في النفس ينكشف بالشعور، إن الدين شعور وإلهام مركزهما القلب، والعلم يشرح ويوضح ويبرهن ويستمد ذلك من الرأس، إن العلم ليعجز عن إدراك جمال الدين كما يعجز عن الشعور بجمال ازدهار الزهرة وابتسامة الطفل، لقد ملأ العلم الحياة مالًا واختراعًا، ولكن كان شأن الإنسان معه شأن الرجل كثر ماله فأنفق عمره فيه يديره ويدبره حتى لم يجد وقتًا ما يفكر فيه لنفسه، كذلك كان شأن الناس في المدنية الحديثة، تنوعت حياتهم وكثرت تكاليفهم، وازدحمت أوقاتهم، وامتلأت جيوبهم، ولكن فرغت قلوبهم، وعاشوا عيشة صاخبة لا يجدون فيها أنفسهم حتى كأنهم في حلم ثقيل.

  • لقد آمنت المدنية الحديثة كل الإيمان بقانون السببية، فكل ظاهرة في الوجود إذا حدثت فهناك سبب لحدوثها، وإذا أريد علاجها فلا بد من علم بها ووضع العلاج على أساس العلم بها، تستوي في ذلك الظواهر الطبيعية والاقتصادية والاجتماعية، على هذا الأساس نظموا حياتهم في الصحة والمرض، في شئون المال، في شئون التربية، في الإقدام على المشروعات، في علاج المشكلات، الدرس أولًا ومعرفة العلل والأسباب والنتائج.ثم بناء العمل على هذا الدرس، لا شيء يعمل سَبَهْللًا، ولا شيء يعمل اعتباطًا، في المدرسة يبنون حياتهم المدرسية على دراسة النفس وعلم التربية، وفي البيت يبنون حياتهم المالية على قوانين الاقتصاد، وفي حياتهم السياسية على قوانين علم الاجتماع، وفي حياتهم الحربية على علوم الحرب وفنونها وإحصاءاتها وتجاربها الميكانيكية والنفسية، حتى لهوهم ولعبهم مبني على قوانين النفس وقوانين الرياضة.

  • فاللهم يا من أعززت المسلمين بعد عناء، وقويتهم بعد ضعف، ووحدت كلمتهم بعد فرقة، وألفت بين قلوبهم بعد شتات، أدرك آخرهم بما أدركت به أولهم، وأعزهم بما أعززت به سلفهم، وبصرهم بوجوه ضعفهم حتى يتخذوا العدة لنهوضهم، وأنِرْ لهم سبيل القوة حتى يعودوا سيرتهم، واجعل العام الجديد فاتحة عهد جديد، يصلحون فيه أخطاءهم، وينعمون بقوتهم، ويعتزون بجاههم، ويباهون العالم بأعمالهم.

  • فالناس مذ خلقوا عبيد ما ألفوا، أعداء ما جهلوا، كلما جاءهم رسول بما لا تهوى أنفسهم استكبروا، ففريقًا كذبوا وفريقًا يقتلون، هذا تاريخ كل نبي، وكل مصلح، وكل داع إلى الخير، أدرك ذلك ورقة بن نوفل، وقد قص عليه النبي ﷺ فلخصه تلخيصًا بديعًا، إذ قال له: «والله لتكذَّبَنَّه، ولتؤذَيَنَّه، ولتخرجنه، ولتقاتلنه، ولم يأت رجل بمثل ما جئت به إلا عودي»، وأدرك النبي ذلك كله فوجم، وأدرك تأييد الله فسكن.

  • كان أول كلمة أوحيت إليه «اقرأ» ولكن ماذا يقرأ؟ وكيف يكلف القراءة وما كان يتلو من قبله من كتاب ولا يخط بيمين؟كلا، إنه لم يكلف قراءة الحروف والكلمات، فهي تقيد البصر وتحد الفكر، إنما كلف قراءة أسمى من هذا وأرقى، إنها قراءة الكون دالًّا على خالقه، ووحدة العالم دالة على وحدة صانعه:

    ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ﴾، اقرأ: ﴿والشَّمْسِ وَضُحَاهَا* وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا * وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا * وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا * وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا * وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا * وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا﴾، اقرأ: ﴿أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ * وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ * وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ﴾، اقرأ اللهَ في السماء ونجومها، والأرض وجبالها ووهادها، والطير في الهواء، والسمك في الماء، اقرأه في اختلاف الليل والنهار، واختلاف الألسنة والألوان، اقرأه في نبضات القلب وحركات الحس وخلجات النفس، اقرأه في كل شيء تجده في كل شيء.نظرة غيرت كل شيء، وسر أوحي إليه فتكشف له كل شيء، وبدأ يقرأ العالم من جديد، فإذا كل شيء جديد، لقد كان هذا العالم قبل هذه النظرة جامدًا فدبت فيه الحياة، وكان لا دلالة له على شيء فدل على خالق الحياة.

  • والنفوس المرهفة تتعلم من الأمر الصغير ما لا يتعلمه أوساط الناس من الكبير.

  • إن ذيوع الترجي في الأمة علامة الخراب في أخلاقها، فالرجاء يُشيع في الراجي ذل السؤال، ويشيع في المرجو صلف المتصدق، وكبرياء المحسن لغير وجه الله، وهو يبث في الراجي والمرجو معًا الاستهزاء بالعدل والسخرية بالحق، ويقلب المسألة من حق وواجب إلى علاقة شخصية، هي علاقة المستجدَى منه، أو علاقة المدل بجاهه على من لا جاه له.