المؤلفون > أحمد أمين > اقتباسات أحمد أمين

اقتباسات أحمد أمين

اقتباسات ومقتطفات من مؤلفات أحمد أمين .استمتع بقراءتها أو أضف اقتباساتك المفضّلة.


اقتباسات

كن أول من يضيف اقتباس

  • لقد فتح المسلمون الأولون فارس والشام ومصر والأندلس وغيرها، فلم يفقدوها شخصيتها، ولا حرموها علمًا ولا ثقافة، ولا سلبوها حريتها؛ ومن أسلم فالعالم الإسلامي كله له، ومن لم يسلم ودفع الجزية فله ما للمسلمين وعليه ما عليهم، وظلت هذه البلاد المفتوحة كلها تشترك في بناء المدنية الإسلامية على قدم المساواة؛ فعلماء فرس وعلماء شاميون وعلماء مصريون، وفنانون من كل صنف، وممسكون بزمام الحكم من كل قطر؛ ولكن لما فتح الغرب الشرق حرمه العلم إلا بحساب وفي حدود معينة، ومنعوا أهله حرية القول والتفكير وحمل السلاح إلا بمعيار ضيق، وأخصبوا أرضهم وأجدبوا عقولهم؛ لأن أرض الشرق للغرب وعقل الشرق على الغرب؟ فلو فتح المسلمون أوروبا — كما توقع الكاتب — لحفظوا لأوروبا شخصيتها وأوسعوا في علمها وثقافتها، وتركوا لها حريتها في أكثر شئونها، ولم يمنعوا نبوغ من استعد للنبوغ، ولا حجروا على عقل ولا تفكير، ولا كانوا يستغلون أرض أوروبا للشرق، إنما كانوا يستغلون الشرق والغرب للشرق والغرب. ودليلنا على ذلك أن جميع البلاد التي فتحها المسلمون الأولون ظلت زاهية مزدهرة بعد فتحهم بأحسن مما كانت قبل فتحهم، وأن الشرق كاد يموت بعد أن فتحه الغرب لولا لطف الله وبقية من مناعة الفتح الأول.وأهم فرق بين الفتحين أن مدنية الإسلام كانت تنظر إلى العالم الإسلامي كله كوحدة، خير الجزء خير الكل، وشر الجزء شر الكل، والمدنية الحديثة تنظر إلى العالم من خلال القومية؛ فخير تونس والجزائر ومراكش وسوريا لفرنسا لا لهذه البلاد، وخير طرابلس لإيطاليا لا لطرابلس، وخير الهند لإنجلترا لا للهند، وهكذا جريًا على الأسلوب الحديث في النزعة الوطنية؛ ولهذا نَعِمَ الشرق في حكم العرب، ولم ينعم الشرق في حكم أوروبا، ولا يمكن أن ينعم هؤلاء ولا هؤلاء إلا بإحلال الإنسانية محل الوطنية، ودون ذلك أهوال.

  • لقد ذابت مدنية اليونان ومدنية الرومان في أوروبا، ولم يكن لهما نظير في الشرق، ومع ذلك لم يسبق الغربُ الوارثُ الشرقَ المبتكر.وظل الغرب يتتلمذ للشرق قرونًا طويلة، يجلس رجاله إلى ابن رشد يأخذون فلسفته، وينقلون إلى لغاتهم كتبه، ويدرسون كتب ابن سينا في الطب في جامعاتهم، ويأخذون من رياضي الشرق وفلكييهم إلى عهد قريب، ويطيرون في مدنيتهم الحديثة من على أكتاف الشرقيين؛ فماذا كان يمنع المسلمين أن يصلوا إلى مدنية مثل المدنية الحديثة أو خير منها إذا استمروا في طريقهم ولم تعقهم عوائق خارجة عن دينهم، وخارجة عن عقليتهم؟

  • ومن فجر الحضارة كان هناك مظهران متناقضان في العالم: مظهر كره يدعو إلى الحرب بين الأمم، ومظهر حب كمين يدعو إلى التعاون في الفنون والعلوم والنظم الاجتماعية. كانت المدن اليونانية تتحارب بالسلاح، وتتعاون في الفن والفلسفة؛ وكذلك كان العرب والفرس، والعرب والروم، والعرب والأسبان؛ وكذلك الشأن الآن بين الأمم الأوروبية بعضها وبعض، وبين أمم الشرق وأمم الغرب؛ فالتعاون بين هذه الأمم كلها — قديمًا وحديثًا — قدّم العلوم والفنون والفلسفة، والحروب أخرّتها. ولو ظل التعاون على أكمله ولم يعقه عائق من الحرب لبلغت العلوم والفنون أضعاف ما بلغت الآن؛ فبالتعاون حييت فلسفة اليونان، وبالحروب ماتت، ثم بالتعاون بعثت؛ وهكذا فلسفة الإسلام وفنون الإسلام. وما كان من خير مشترك في هذا العالم كنظم التعليم، والنظم الاجتماعية، والسكك الحديدية والبرية ونحو ذلك، فضرب من ضروب التعاون؛ وما كان من خراب وبؤس للشعوب وخوف على الأنفس والأموال، فمنشؤه الحرب التي دعا إليها الكره.

  • وإنما الأمل الوحيد عند المتفائلين أن تتعلم الأمم جميعًا من دروس الحرب أن تتعاون على قلب النظم الاقتصادية والتعليمية والاجتماعية، ووضعها على أساس جديد هو حب الإنسانية.

  • •••لعل أجمل الأحياء الإنسان، ولعل أجمل ما في الإنسان عيناه، فإذا كان لكل شيء خلاصة فخلاصة الإنسان عينه، هي مستودع سره، وهي النافذة التي يطل منها غيره على ما في أعماق نفسه، وهي الترجمان الذي يعبر أصدق تعبير عما يجول في نفسه من عواطف. تَعِد وتُوعِّد، وترغِّب وترهب، وترسل مرة شواظًا من نار، ومرة شآبيب من عطف وحنان، تقسو وترحم، وتُنعم وتؤلم، وتصل وتصد، وتقْبل وتَنفِر، وتَعجَب وتحتقر، وهي في كل موقف من هذه المواقف تتخذ لها وضعًا يناسبه، وشكلًا يوائمه؛ تتلون ولا تلون الحرباء، وتتشكل ولا تشكل الحسناء، في الأزياء. هي للمرأة أقوى سلاح، وفي روايات الحب أمهر لاعب، وفي مرسح الغزل أشهر ممثل، وفي ميدان الأدب أبرز جائل وصائل.

  • يكدّ الباحثون أذهانهم، ويُجهد المؤرخون أنفسهم في تقليب صحفهم ووثائقهم عن تعرف السبب في أن المسلمين أول أمرهم أتوا بالعجائب، فغزوا وفتحوا وسادوا، والمسلمين في آخر أمرهم أتوا بالعجائب أيضًا، فضعفوا وذلوا واستكانوا، والقرآن هو القرآن، وتعاليم الإسلام هي تعاليم الإسلام، ولا إله إلا الله هي لا إله إلا الله، وكل شيء هو كل شيء؛ ويذهبون في تعليل ذلك مذاهب شتَّى، ويسلكون مسالك متعددة. ولا أرى لذلك إلا سببًا واحدًا هو الفرق بين الدين الحق والدين الصناعي.الدين الصناعي دين حركات وسكنات، وألفاظ، ولا شيء وراء ذلك. والدين الحق دين روح وقلب وحرارة.

  • في الأمة الراقية يفهم الأستاذ في المدرسة أو الجامعة أن العلاقة بينه وبين طلبته لا تنتهي بمجرد إلقاء الدرس وتأدية الامتحان؛ وإنما هي علاقة استرشاد علمي وروحي دائم، فإذا تيسر اللقاء كاشف الطالب أستاذه بمشاكله وشئونه، كما يكاشف الشيخ الصوفي مريدُه، وكما يعترف النصراني المتدين لقسيسه، وإذا لم يتيسر فالبريد الأدبي يقوم مقام اللقاء.

  • وأحب أن أفرق بين باحث يبحث المسائل من حيث تاريخها، وتأثيرها السياسي والاجتماعي وبين داع يخطب في تأييد مذهب أو نقده، فالمؤرخ لا يهمه ماذا فعل أهل هذا المذهب وهل هم على حق أو باطل، إنما يهمه البحث التاريخي مهما كانت النتائج سوداء أو بيضاء، وإذا نقد فيجب أن ينقد إما لضعف سنده أو غلطة في الاستنتاج، ولا ينقد على أساس العواطف التي تواضع أهل المذهب عليها. أما الداعي فإنما يدعو لغاية معينة، ويحاول أن يفسر ما كان ضده على حسب ما يهواه لا على حسب الحق؛ لهذا أسف كل الأسف إذا كان في كلامي في هذه الرسالة، أو في فجر الإسلام وضحاه وظهره ما يغضب إخواننا الشيعيين، وأقرر لهم أن هذه النتائج نتائج تاريخية لا نتائج دعاية فليتقبلوها على ما هي عليه وليس أحب إلى نفسي مع هذا من القضاء على العداوة بين السنيين والشيعيين. فما أحوجنا إلى الصداقة خصوصًا في هذا الزمن، ومن أجل ذلك رحبت بالانضمام إلى جماعة التقريب؛ لأنه غاية ما أتمنى، ولست أريد إثارة فتن جديدة إلى الفتن القديمة، وإنما أردت أن أبين وجه الحق للعلماء والباحثين.

    مشاركة من Wafa Bahri ، من كتاب

    المهدي والمهدوية

  • وأما السنيون فعقيدتهم في المهدي أقل خطرًا؛ لأنهم يعتقدون أنه من أشراط الساعة كالمسيح والدجال، وأنه لا بد في آخر الزمان من ظهور رجل من أهل البيت يؤيد الدين، ويظهر العدل ويتبعه المسلمون، ويستولي على الممالك الإسلامية ويسمى المهدي، ويكون خروج الدجال وما بعده من أشراط الساعة على أثره، ثم ينزل عيسى فيقتل الدجال، ثم يأتم عيسى بالمهدي إلى غير ذلك.

    ولما كانت الساعة أو آخر الزمان غير معلوم الوقت كان كل خارج يدعي أنه المهدي، وأنه علامة آخر الزمان إلى غير ذلك، وقد كتب الإمام الشوكاني كتابًا في صحة ذلك سماه التوضيح في تواتر ما جاء في المنتظر والدجال والمسيح.

    مشاركة من Wafa Bahri ، من كتاب

    المهدي والمهدوية

  • ومن رأي ابن خلدون أن من نجح من دعاة المهدية يرجع نجاحه لا إلى أسباب دينية، وتنبؤات ونحو ذلك، وإنما يرجع على أن له عصبية قوية تحميه وتدافع عنه، كالذي حدث للفاطميين والقرامطة وغيرهم.وأما من فشل منهم ففشله يعود إلى ضعف عصبيته؛ ولذلك كان منهم من قتل ومنهم من هرب وذلك وفاقًا لنظرية ابن خلدون التي أثبتها في محل آخر، وهو أن الملك لا يقوم إلا على أساس من العصبية، وعلى هذا قامت دولة بني أمية لتعصب الأمويين لها، وقامت دولة العباس لتعصب الخراسانيين لها، وهذا هو السر في الحديث المأثور: «الأئمة من قريش»، والسر في ذلك عصبية القرشيين لهم؛ ولذلك تدور العلة مع المعلول فإذا كانت هناك عصبية أقوى من عصبية قريش، فصاحبها أولى كالجنود الأتراك الذين كانوا يتعصبون للمعتصم، ونحو ذلك من الجنود المصطنعة، فالمهدية أيضًا قامت على أساس هذه العصبية، وقد قواها إلصاق المهدية بالدين، والناس للدين أكثر انقيادًا.

    مشاركة من Wafa Bahri ، من كتاب

    المهدي والمهدوية

  • وهذا يفسر أيضًا هلوسة المتنبي في دعواه النبوة، ومن أجل ذلك سُمي بالمتنبي، وطموحه طول عمره إلى أن ينال ولاية أو ملكًا، وغضبه على كافور إذ لم ينله ولاية، ونظن أنه لو نالها لقرمطها وقلبها ولاية شيعية حسب تعاليمه، ونرى ديوانه مملوءًا بالقوة والدعوة إلى الثورة والاعتداد بالشجاعة، وهذا هو السبب في أنه فضل سيف الدولة ابن حمدان على كافور الإخشيدي؛ لأن الأول بطل في الحروب الداخلية مع الأعراب والخارجية مع الصليبيين، بل كان المتنبي نفسه يخرج مع سيف الدولة محاربًا، وأما كافور الإخشيدي فقد عرف السياسة والمكر والدهاء لا بالفتك في الحروب؛ ولذلك أيضًا كان أحب شخص إليه لما جاء مصر فاتكًا الرومي لشجاعته النادرة، حتى سموه مجنونًا، وقد بكى عليه كثيرًا ورثاه في ديوانه في ثلاث قصائد مما لم يفعل مع غيره، وقد أعلى شأنه بمقدار ما حط من شأن كافور، ويستطيع القارئ الدقيق لديوانه بعد هذه النظرة أن يرى فيه تشيعًا كثيرًا وقرمطة كثيرة مثل:

    يا عاذل العاشقين دع فئة

    أضلها الله كيف ترشدها

    ليس يحيق الملام في همم

    أقربها منك عنك أبعدها

    إلى غير ذلك، كما يفسر أيضًا نقمته على العالم العربي وحكمه بغير عربي، ولعل متمناه أن يكون عربيًّا شيعيًّا يطبق تعاليم القرامطة، وأنه يبكي الشام ويبكي مصر ويبكي سوء النظام الاجتماعي الشامل ويطمح إلى تغييره، إلى كثير من أمثال ذلك، فكل هذا الاضطراب والحيرة والبكاء والعويل والنقمة من المتنبي على المعاصرين من غير الشيعية أثر قرمطي واضح، وساعده على ذلك خدمته الطويلة لسيف الدولة الشيعي أيضًا المتصل اتصالًا وثيقًا بالشيعيين ومذهبهم.

    مشاركة من Wafa Bahri ، من كتاب

    المهدي والمهدوية

  • وكذلك في عهد الموحدين أينع الفيلسوفان العظيمان ابن طفيل وابن رشد. فقد حلت الفلسفة في الأندلس. وكانت من قبل ذلك محرمة، أما ابن طفيل فكان صبيًّا في غرناطة. ثم عين سكرتيرًا لعامل غرناطة قبل الموحدين، وهو الذي أخرج القصة البديعة المشهورة المسماة «حي بن يقظان»، وخلاصتها أن حيًّا هذا ولد يتمًا في جزيرة خالية من الناس ولكنه منح عقلًا فاحصًا، فاتصل بالطبيعة، وأخذ يفهمها شيئًا فشيئًا من غير تعليم. وقد استطاع بعقله وحده أن يفهم من الطبيعة أسرارها، وأنه لا يمكن أن تكون من غير صانع، فلا بد أن يكون هناك إله ذو صفات خاصة ينظمها ويدبرها، ثم التقى في إحدى الجزر برجل مؤمن تعلم على أحد الصالحين علم الأنبياء، فرأى حي أن تعاليمه التي اهتدى إليها بفكرته وطبيعته، تنفق وتعاليم هذا الرجل الذي تعلم عن طريق الدين. وخلاصة ذلك أن نتيجة كل من الشرع والعقل واحدة. وأن الشرع لا ينافي العقل، ويتخلل القصة نظرات كثيرة دقيقة صائبة. وقد نقل الكتاب على العبرية بعد مائتي عام من ظهوره. ثم نقل إلى أكثر اللغات الغربية، وخلفه بعد ذلك في منصبه كطبيب ابن رشد الفيلسوف الشهير.

    مشاركة من Wafa Bahri ، من كتاب

    المهدي والمهدوية

  • فكان الشيعيون من الذين يؤيدون نظرية الدين، وقد يبالغون فيها بدعواهم الأئمة وعصمتهم، وربما كان أيضًا جهر المعري بسلطان العقل في كثير من شعر اللزوميات، تبعًا لأمثال محمد بن زكريا الرازي دعاه إلى ذلك مغالاة الشيعة في دعوة الأئمة، فكان أمامه مناظرات أبي حاتم الرازي مع أبي بكر الرازي، وهذه المناظرات منشورة في الرسائل الفلسفية التي جمعها الأستاذ كراوس، ومما ذكره أبو حاتم الرازي في أول المناظرات قوله: «فما جرى بيني وبين الملحد أنه ناظرني في أمر النبوة، فقال: «من أين أوجبتم أن الله اختص قومًا بالنبوة دون قوم، وفضلهم على الناس وجعلهم أذلة لهم، وأحوج الناس إليهم، ومن أين أجزتم في حكمة الحكيم أن يحتار لهم ذلك، ويؤكد بينهم العداوات ويكبر المحاربات ويهلك بذلك الناس، فرد عليه بأن الحكيم فعل ذلك رحمة بالناس، فالناس مع اختلاف عقولهم لا يمكن أن يستغنوا عمن يرشدهم، ويهديهم من الأنبياء والأئمة والعلماء إلخ …». فنرى من هذا أنه كان هناك حركة عنيفة بين الملحدين الذين ينكرون النبوة، والمؤمنين الذين يعتقدون بها، ومن فضل الشيعة أنهم كانوا مؤمنين يدافعون عن الإسلام في الخارج ضد الصليبيين الذين يهجمون على بلادهم، وفي الداخل يصد من أنكروا الدين وجحدوا النبوة.

    مشاركة من Wafa Bahri ، من كتاب

    المهدي والمهدوية

  • وكان من نفحات الفاطميين سيف الدولة الحمداني، فقد كان أيضًا شيعيًّا، وقد اشتهر بنصرته للعلم والأدب وكان في بلاطه الفارابي الفيلسوف الكبير الذي اشتهر بالرياضيات والطب ولكن تآليفه فيهما تدل على أنه وصل فيهما إلى درجة متوسطة، وإنما كان ممتازًا في علمي التنجيم والموسيقى، وقد ألف في الموسيقى هذه كتابين من كتبه، ثم كتب فيها أيضًا ثلاثة كتب أخرى أهمها كتاب الموسيقى الكبير، وقد ذكر عنه أنه حضر مرة مجلس سيف الدولة، فأخرج عيدانًا وقع عليها فضحك كل من كان في المجلس ثم وقع عليها لحنًا آخر، فبكى كل منهم ثم غير ترتيبها ووقع عليها لحنًا ثالثًا، فناموا كلهم حتى البواب، ولا يزال بعض المولوية ينشدون بعض الألحان، المنسوبة إليه ويرى ابن خلكان أنه أكبر فلاسفة المسلمين، ولم يكن فيهم من بلغ رتبته في فنونه. والرئيس ابن سينا بكتبه تخرج وبكلامه انتفع وبهديه سار وصنف.وكان خازن كتب سيف الدولة الخالديين وشاعره المتنبي، ويظهر أن المتنبي أيضًا كان شيعيًّا، بل كان قرمطيًّا كما سيأتي، وكان نفوذ العلويين وتعاليمهم واسعًا كبيرًا ومن أثر هذا النفوذ ما كان من المناقشة والجدل بين داعي الدعاة الفاطمي وأبي العلاء المعري، مما يطول شرحه وقد سمى الغزالي مذهبهم «التعليمي»، وذكرهم عندما اضطر إلى معرفة الحق، هل هو عند الفقهاء أو الفلاسفة أو التعليميين، ويقصد بالتعليميين هؤلاء الشيعة ثم لم يعجبه شيء من ذلك، وأخيرًا تصوف ورد على الشيعة، ومعنى التعليمية الذين يعتمدون اعتمادًا مطلقًا على سلطة الإمام، وأنه مصدر التعليم والإرشاد وهو المهدي.

    مشاركة من Wafa Bahri ، من كتاب

    المهدي والمهدوية

  • وأرقَ إلى خطوة ثالثة تسائل فيها نفسك: ما غايتك وما مبادئك في الحياة؟ وهل وضعت لها خططًا؟ وما مقدار تقدمك إليها أو تأخرك عنها؟سيسلمك ذلك — من غير شك — إلى خطوات أوسع، وتأمل أعمق حسب جهدك واستعدادك؛ وستكون لك في النهاية فلسفة لا من جنس فلسفة أفلاطون وأرسطو، ولكنها فلسفة شخصية قد بنيت على تأملك وشعورك لا على حفظك وقراءتك. وستتصل من هذا الطريق بأفق أوسع وملكوت أعلى.

    مشاركة من Wafa Bahri ، من كتاب

    فيض الخاطر - الجزء الأول

  • في سكون الظلماء يرى الإنسان بعينه ما لا يراه في الضياء، ويسمع بأذنه ما لا يسمع في الضوضاء؛ على أنه هو لا يرى بعينه فحسب، ولا يسمع بأذنه فحسب، بل كل شيء فيه يسمع ويرى، يفهم منطق الطير، ويتذوق موسيقاه، ويدرك معاني المياه في خريرها، والرياح في هبوبها، والأشجار في حفيفها؛ فكأنه منح من الحواس أضعاف حواسه، وملك من الملكات ما لا يعد بجانب ملكاته؛ وكأن عالم الصخب والجلب يغشي عينه، ويثقل سمعه، ويبلد عقله، ويثلم ذوقه؛ فلئن كان الصوت في عالم الحس له حدود، فإذا قلت تموجاته عن حدوده أو زادت انعدم السمع، فليس في عالم الروح حدود للصوت؛ ولئن كانت العين في عالم الحس لا تدرك من الألوان إلا أقلها، وتعجز عن إدراك أكثرها، فعين الفكر لا يحدها حد ولا يعجزها لون؛ ولئن كانت عيوننا الباصرة لا تبصر إلا في ضياء، وآذاننا لا تسمع إلا من قرع هواء، فعيوننا وآذاننا الروحية تستعين بالسكون والظلماء، أكثر مما تستعين بالضوء والهواء.

    مشاركة من Wafa Bahri ، من كتاب

    فيض الخاطر - الجزء الأول

  • والعالِمُ الرجل من أدى رسالته لقومه من طريق علمه، يحتقر العناء يناله في سبيل حقيقة يكتشفها أو نظرية يبتكرها، ثم هو أمين على الحق لا يفرح بالجديد لجدته، ولا يكره القديم لقدمه، له صبر على الشك، وإغرام بالتفكير، وبطء في الجزم، وصبر على الشدائد، وازدراء بالإعلان عن النفس، وتقديس للحقيقة، صادفت هوى الناس أو أثارت سخطهم، جلبت مالًا أو أوقعت في فقر، يفضل قول الحق وإن أهين على قول الباطل وإن كرم.

    مشاركة من Wafa Bahri ، من كتاب

    فيض الخاطر - الجزء الأول

  • أريد بالرجولة صفة جامعة لكل صفات الشرف، من اعتداد بالنفس واحترام لها، وشعور عميق بأداء الواجب، مهما كلفه من نَصَب، وحماية لها في ذمته من أسرة وأمة ودين، وبذل الجهد في ترقيتها، والدفاع عنها، والاعتزاز بها، وإباء الضيم لنفسه ولها.

    مشاركة من Wafa Bahri ، من كتاب

    فيض الخاطر - الجزء الأول

  • ظاهرة واضحة، وهي أن أجهل الناس أكثرهم ادعاءً للعلم وأعلمهم أكثرهم اعترافًا بالجهل.

    مشاركة من Wafa Bahri ، من كتاب

    فيض الخاطر - الجزء الأول

  • وفرق كبير بين من يُلطَم اللطمة فلا يكون له وسيلة إلا البكاء، وتَذكر اللطمة ثم البكاء،ثم تذكر اللطمة ثم البكاء، وبين من يلطم اللطمة فيستجمع قواه للمكافحة. والحياة كلها لطمات، وأعجز الناس من خارت قواه أمام أول لطمة فهرب. ولو أنصف الناس لقوّموا الناس بمقدار كفاحهم لا بمقدار فشلهم ونجاحهم.

    مشاركة من Wafa Bahri ، من كتاب

    فيض الخاطر - الجزء الأول