اقتباسات إيريني باييخو

بفضل اللغة والإبداع، تجاوزَت أدمغتنا التطوُّر البيولوجي شديد البطء، وحلَّقنا بتلك الأجنحة السريعة، أجنحة التطوُّر الثقافي. منذ آلاف الأعوام، كان اختراع تلك التكنولوجيا الراقية المُتمثِّلة في الكتابة هو الشيء الذي فتح أمامنا الأبواب لحفظ المعارف والأفكار والأحلام،

ليس من الضروري أن تجعلنا عادةُ القراءة أشخاصًا أفضل، ولكنها تعلِّمنا النظر بعين العقل إلى ضخامة العالَم والتنوُّع الهائل في المواقف والكائنات التي تسكنه. بالقراءة، تغدو أفكارنا أكثر خفةً، ومخيلتنا أشدّ سطوعًا. نُطِلُّ على وكر إحدى الحكايات، فإذا بنا نهرب من ذواتنا، ونُسقِط أنفسنا على شخصيات من بلدٍ مُتخيَّل

يقول ماريو بارغاس يوسا:

‫ «لطالما أرغمَتنا الحياة المُجحِفة على أن نكون أنفسنا، ولا أحد سوى أنفسنا. بينما يودّ المرء لو كان أشخاصًا كثيرين، بقدر ما يتطلَّب الأمر لإشباع الرغبات المُتوهِّجة التي تستحوذ علينا […] لطالما كان الأدب تحدِّيًا في وجه القائم على قيد الوجود».

بالكتب نسكن أجساد الآخرين، ونلامس بشرتهم، ونغوص في عيونهم. بل إن أفضل ما يمكن أن يحدث للفرد، في عالَمٍ يتَّسم بالنرجسية والأنانية، أن يغدو المرء هو الناس جميعًا.

‫ • «بين يدي إيريني باييخو لا تعود النصوص المكتوبة تقتصر على المتعة الحسّية، بل إنها تنبض بالحياة أيضًا…». ذا إكونوميست

تُذكِّرنا الكتب -الهادئة، الجاهزة دائمًا لبسط صفحاتها أمام العيون- بأن سلامة الكلمات تكمن في دور النشر ومكتبات البيع ونوادي القراءة المشتركة والمكتبات العامة والمدارس… ففي تلك الأمكنة، نتخيَّل مستقبلًا يجمع شملنا.

‫ الكتبُ ملاذ للذاكرة، ومرآة ننظر فيها إلى صورتنا حتى نغدو أقرب شبهًا بمَن نريد أن نكون. وفي تلك الأكوان الهشَّة، تكمن قوتنا.

تضمّ الحكايات والكتب في قلبها سحرًا حارسًا، حصنًا منيعًا يلوذ به البشر. خلف هذه الكائنات التي استطعنا أن نصير إليها، يخفق تمرُّد الأجيال السابقة.

مهما بلغَت المكتبة من الصِّغر، فهي خير ملاذ

للكتاب صوت، رائحة، ملمس. كما أن الورق يمتلك هالةً نحبّها ونميِّزها، نحن عُشَّاق الأدب، ويتعايش في تناغم وسلام مع شقيقته الضوئية: أي الشاشة.

‫ في كتابها «قصة لا تنتهي أبدًا»، تُدلِي كارمِن مارتين غايتيه بالتأمُّل التالي: ‫ «إن القراءة والكتابة أشبه بالوقوف وسط التيار الهادر الذي يجرفنا في طريقه، الوقوف في وجه الريح والأمواج، وكأن أقدامنا تضرب في الأرض بجذورٍ عمرها آلاف السنين

إن الأفكار التي تستند إليها عقلانيتنا في حاجة إلى الوقت والهدوء والطمأنينة من أجل التطوُّر.

«تزداد الحقيقة قوةً بالبحث والتأنِّي. بينما يكتسب الزيف قوةً بالتسرُّع والارتياب».

تغدو الكتب خزائن موثوقة تضمّ الأفكار الخليقة بتثبيت أقدامنا وإنقاذنا

في ذاكرة الكتابة نعثر على آثار التجربة الإنسانية، تلك التي نجَت مرةً تلو أخرى من الجفاف والمجاعات والأوبئة وصدمات الحروب.

إن تلك الملاجئ الورقية الدافئة تشكِّل جزءًا من أفضل ما في حياتنا.

تسجِّل الكتبُ مَن كنَّا وتسجِّل الأشياء التي تغلَّبنا عليها، وتلك التي آلمَتنا، وتلك التي جعلَتنا أفضل حالًا يمضي الزمان، قرنًا تلو آخر، وتنتقل الكتب من يد إلى يد -شاهدةً على حياتنا، في مسيرة من التعاقب-، فتنجح في توثيق الصلة بين

الكتب قوارب نجاة، تكاد تصل إلى حدّ الكمال، على متنها نجا كنزُ الكلمات من غرق الزمان.

‫ الكتاب إناءٌ بسيطٌ تُضغَط فيه العلوم الأشدّ تعقيدًا الكتاب حكمةٌ جوَّالة تُحفَظ في الصندوق أو تحت الوسادة، وتُعار للأصدقاء، وترافقنا في مغامراتنا من بلد إلى آخر بفضل تلك الأداة التي راودَت الناس في أحلامهم، صار لقصص الآباء مُتَّسعٌ في

الكتاب إناءٌ بسيطٌ تُضغَط فيه العلوم الأشدّ تعقيدًا.