المؤلفون > حسن عبد الموجود > اقتباسات حسن عبد الموجود

اقتباسات حسن عبد الموجود

اقتباسات ومقتطفات من مؤلفات حسن عبد الموجود .استمتع بقراءتها أو أضف اقتباساتك المفضّلة.

حسن عبد الموجود

عدل معلومات المؤلف لتغيير تاريخ الميلاد أو البلد

اقتباسات

  • لا تنسى أيضًا التهليل والصياح والطبل والزمر والعيون المنبهرة والقلوب المفتوحة والوجوه المشرقة التي قابلتها كأنها ملكة القدس ملأتها طاقة دافئة وأشعرتها بأنها ستطيل عمرها ألف عام صحيح أنها ليست المرة الأولى التي تُستقبَل فيها بفرحٍ غامر، لكن هؤلاء الناس فيهم شيء غريب مدهش، شيء كالسحر ربما يستمدونه من أديم الأرض، أو من أشجار الزيتون والصبَّار والصنوبر والسرو والبلوط والتوت الأسود، أو من أسماء بلادهم المحبَّبة إلى النفس، بيت لحم، بئر السبع، نابلس، غزة، طبريا، بيسان، يافا لم تشعر أنها تجلس على كرسي في قطار، ولكن على سحابة واطئة تتحرك بخفة تمنت في تلك اللحظة لو تقفز من القطار وتجري

  • وقفزت إلى ذهنها من حيث لا تدري صورتها وهي تجلس في القطار المتجه من القدس إلى حيفا؛ الهواء منعش، والسماء صافية، والضوء يغمرها بالونس، ووجوه الفلسطينيين التي تنطق بالنضارة حولها ترحِّب بها بابتسامات صافية رائقة. لم يخطر لها قط أن تعاني تلك الأرض يومًا أشدَّ معاناة، لم تتصور أن تحتلها أحذية الغرباء، لم تتصور أن تتشرَّب دم أبنائها حتى ترتوي. لم تتصور أن تُسرَق قطعة قطعة، حتى تصير محرَّمة على أصحابها.

  • وبعد قليل وقفت أمام الحشود الهادرة المتحمسة. وصلتها طاقة رائعة حين رأت تأنقهم وسمعت تصفيقهم. شعرت بأنهم أفراد من عائلتها، تحبهم ويحبونها، ولا معنى للحياة بدونهم

  • شعرت بأن الميكرفون كائن حساس يوصل صوتها كما تريد ويجعلها أكثر هدوءًا وهي تغني، ثم إنها لم تعُد تشعر بالألم في زورها بعد كل حفلة، فتأكدت أنه يضيف إليها ولا يأخذ منها. بمرور الوقت ألِفته، وحافظت على مسافة مناسبة بينها وبينه قدَّرتها بالخبرة، حتى لا تضايقه ولا يضايقها، ثم نسيته حين أصبح بالنسبة لها جزءًا من شخصيتها وروتينها

  • ‫ ابتسمت أم كلثوم محاولةً تذكُّر متى كانت المرة الأولى التي ارتضت بأن تغني أمام ميكرفون؟ وفكرت أن الإذاعة غالبًا هي التي أقنعتها، فمن خلال ميكرفونها وصلت للعرب، وبعد أن كانت مطربة مصر الأولى، صارت الكوكب الذي يشرق على نصف العالم مساء الخميس الأول من كل شهر.

  • ثم سمعتها تدندن بالأغاني، ومسَّ صوتُها قلبَها، رأتها تجلس فوق حزمة برسيم في صحن الدار ذات يوم تغني: «عصافير يحسبن القلوب من الحَبِّ، فما لي بها عصفورة لقطت قلبي»، ورأت الإوزات تقف مشرئبة الأعناق في صف تستمع إلى ابنتها، كأنها الجمهور، لا تنبس، ولا تتحرك، وحين أنهت أم كلثوم غناءها تصايحت وتقافزت ورفرفرت بأجنحتها مطيِّرة الغبار وأعواد التبن كأنها تصفِّق تصفيقًا جنونيًّا.

  • لكنَّ صوتًا همس لفاطمة أنها تحمل في بطنها بنتًا جميلة، ستملأ عليها البيت بالفرح والسعادة.

  • هي المرة الأولى التي تسمع فيها لقبها الأبدي. سكن قلبها في لحظة، فتمنَّت أن يتناقله الناس. تحققت أمنيتها ببساطة، فقد وصفت الصحف والمجلات الفنية ما كان من أمر المرأة الحيفاوية «أم فؤاد» واللقب الذي وضعته تاجًا على رأس الآنسة أم كلثوم، ثم رويدًا رويدًا نسي العشاق والنقاد ألقابها القديمة، فلم تعد «الكروانة»، أو «الساحرة»، أو «قيثارة السماء»، وإنما كوكب الشرق.

  • ابتسمت أم كلثوم محاولةً تذكُّر متى كانت المرة الأولى التي ارتضت بأن تغني أمام ميكرفون؟ وفكرت أن الإذاعة غالبًا هي التي أقنعتها، فمن خلال ميكرفونها وصلت للعرب، وبعد أن كانت مطربة مصر الأولى، صارت الكوكب الذي يشرق على نصف العالم

  • وبذكاء فطري غنَّت «أفديه إن حفظ الفؤاد أو ضيَّعا». اهتز قلب الشيخ أبو العلا، ولمعت عيناه، وصفَّق حين انتهت. أثنى عليها ثناء طويلًا، حتى إنها أطرقت خجلًا، ثم دبَّت الحماسة في عروقها حين التفتَ إلى أبيها وقال له: «لازم أم كلثوم تسافر القاهرة وتغني قدَّام جمهور أكبر وذوقه مختلف. بنتك يا شيخ إبراهيم نجمة حرام تدفنها

  • ظلت أم كلثوم تعيش حلم يقظة ممتدًّا، فكلما اختلَتْ إلى نفسها سرحت متخيَّلة، من خلال ما يحكيه العجائز أمامها، شكل مسارح القاهرة وهوانمها وباشواتها

  • رأى امرأة جميلة كالبدر، ترفل في فستان من نور، تدنو منه، وتمدُّ له يدها بلفافة خضراء قائلة إنها أم كلثوم، بنت النبي محمد. خفق قلبه، وشعر بأنه على أعتاب باب الرضوان

  • رأتها فتاة بضَّة، ذات خدَّين متوردين على الدوام، ابتسامتها ملائكية، وصوتها بريء أخضر، قدماها ويداها محنَّاة على الدوام، وفساتينها تسرح فيها الورود الملوَّنة، وضحكها يصل إلى الناس في أسِرَّتهم الجريد، فيطرد كوابيسهم ويملأ أحلامهم بالبهجة.

  • طاب له التأخر في المسجد، خلال العشر الأواخر من رمضان، يصلِّي ويدعو ويبتهل بمجيء الابن الصالح، ثم يعود مع نسمات الصبح الأولى إلى البيت بنفس الفكرة، أن الله لن يخذله أبدًا.

  • لعب الوسواس في رأس الشيخ إبراهيم، صوَّر له ابنته وقد أضاعتها النجومية وأنسَتْها أخلاق الريف. فكَّر في متاهة القاهرة وظنَّ أنها قادرة على أن تبتلعه هو وفاطمة وأم كلثوم وخالد وكل العائلة.

  • قصاصة أخرى تؤكد أن أم كلثوم حققت للمسرح أكبر دخلٍ فى تاريخه الطويل. أمسك برونو بقلم، كتب بخط منمنم وجميل على ورقة بيضاء: «عزيزتي أم كلثوم.. أنا أحب إديث پياف، لكني أصبحت أحبكِ أكثر!».

  • في الحفل السنوي لثورة يوليو جلست أم كلثوم تتأمل الوجوه حولها. لمحت محمد عبد الوهاب يقف مع جمال عبد الناصر، وبالرغم منها شعرت بالضيق، خاصة مع تعالي ضحكهما كأنهما صديقان حميمان. تذكَّرتْ أن الرئيس وقف معها، منذ قليل، وبادلها كلماتٍ حميمة، أي أنه اهتم بها نفس الاهتمام، فلماذا تشعر بالضيق؟ ولماذا يبدو حاجباها كأنهما عُقْدَةٌ لا يمكن فكُّها؟!

  • وصل الموجي أخيرًا إلى فيلا أم كلثوم. صعد إلى الطابق الأول، وبعد قليل وجدها تخطر في فستان كحلي جميل مطرز بورود بيضاء وصفراء. ابتسم وابتسمت. صافحته فبادرها بعتاب: «لدرجة المحكمة يا هانم!»، قالت ضاحكة: «ما هو للصبر حدود يا موجي!».

  • إنها لا تزال امرأة ريفية أسفل فساتينها الزاهية، امرأة ترفض المساس بأخلاقها حتى لو بقصة حب عذرية

  • لكنَّ صوتًا همس لفاطمة أنها تحمل في بطنها بنتًا جميلة، ستملأ عليها البيت بالفرح والسعادة. رأتها في أحلام يقظتها وهي في الثالثة من عمرها، تشدُّ العجائز من ملابسهن السوداء الطويلة، أو تطرق بخشبةٍ على البلاليص. تجري داخل حوش البيت الواسع المفتوح على السماء خلف طيور الدوريِّ وأبو الهزَّار والقمري والهداهد