اقتباسات أحمد عبد المـجيد

ذا تحديدًا ما تفعله القراءة البُعد السحري للحقائق ذاتها ارتباك ممتع حيث كل الاحتمالات متاحة وحيث عقلك هو القالب الوحيد على إعادة تصدير المشهد والغوص في تفاصيله إشكالية أخرى لم تكن في الحسبان قبل عشق القراءة أنت البطل الدائم لكل النصوص التي تورطت في حبها.

في رواية خوان خوسيه مياس البديعة «العالم»، يطلعه صديقه المريض «فيتامينات» والذى سيموت طفلًا بتضخم القلب سعيدًا ومنتشيًا بركوب الدراجة، على سِرِّه العظيم نافذة البدروم التي يستطيعان منها كطفلين متابعة عالَم مُغاير تمامًا حيث للأرجل دور البطولة في تعريف الأشخاص .

متعنا الله وإياكم بعزلة تُدخلنا جنة السلام النفسي عزلة مليئة بدوائر الأمان من أصدقاء وكتب ومدن نحبها وكفانا وإياكم شر الوحدة التي تلتف حول الروح كحية عاصرة في زمن أصبح أسمى فضائله الصمت، في مُدن لا تسكنها سوى الأفواه التي لا تكف عن الكلام.

هنا في الغرب ـ حيث أعيش ـ سمعت كثيرًا هذا المصطلح العجيب دوائر الأمان دوائر نصنعها من معرفتنا الخاصة بتفاصيل نحتاجها في حياتنا بشدة المدينة التي تعيش فيها أحد دوائر أمانك تكسبك خبراتك الحياتية معها معرفة بمحلات البقالة، طبيبك الخاص، .

كلما نظرت لأي من طفليَّ؛ لاستدارة الوجه البريئة والشعر الناعم أتذكر مطلع أغنية كاظم الساهر: «أبوس روحك» التي استغربتُ كلماتها في البداية قبل أن أدرك أن حب الأبناء مختلف عن أي مشاعر أخرى، طوفان من الحب والحماية لروحك المقسمة أمامك في كائنين، ترغب أن تقبل وتحتضن كل تفصيلة فيهما .

عليَّ أن أحدثكم أولًا عن علاقتي بوالدي جدو صلاح الذي ربما يتذكره يوسف ومصطفى ولن تتذكره سلمى أبدًا كان ذات يوم لي يا قرة عيني أبًا عظيمًا بسيطًا وملغزًا كنا أنا وهو شديدَي التشابه عرفته وأنا طفل وشاب وأب له أولاد.

بطل قصة ماركيز القصيرة «دراما الخائب»، ذلك البائس الذي ألقى نفسه من الطابق العاشر، فرأى من النوافذ أثناء سقوطه حيوات جيرانه، لحظات سعاداتهم، مآسيهم المشتركة، وربما عناقًا بحب، بحيث عندما تهشم رأسه على الأرض كانت نظرته للعالم قد تغيرت تماما .

فحمادة هو الاسم الآمن بين أسمائه، اسم الوضع الحيادي، الوضع الذي لا يكون فيه مخطئًا ولا مرضيًّا عنه، الوضع الذي لا يثير فيه الأنظار، لا بالسلب ولا الإيجاب.

قد يبدو أن تقديم كتاب يتحدث عن الحياة باعتباره نتيجة لعبة أمر هزلي قليلا. لكن الحياة علمتنا أن اكتشاف هزلية الحياة أمر شديد الأهمية لنستطيع استكمال المسيرة.

قاله الحكيم «ما الإلهام إلا مصباح في حجرة، ولا قيمة للمصباح إذا كانت الحجرة خاوية، فالمهم قبل كل شيء أن تحوي الحجرة شيئا قيمًا».

اقتباس لكافكا من رسائله إلى ميلينا يقول: «كتابة الرسائل معناها أن يتجرد المرء أمام الأشباح، وهو ما تنتظره تلك الأشباح بشراهة، ولا تبلغ القُبلات المكتوبة غايتها، ذلك أن الأشباح تشربها في الطريق».

أن تندم لأنك فعلتَ أفضل من أن تندم أنك لم تفعل.

خاطر بأي شيء! لا تُعرْ أي اهتمام بآراء الآخرين، أو بهذه الأصوات، قـم بفعل أصعب الأشياء على وجه الأرض مِن أجلك، تحرك من أجلك، واجه الحقيقة

لأني اخترتُ أن أعيش ألف حياة وأختبر ألف شعور بالكتابة، أنا محظوظ لأني اخترتُ أن أكتب، محظوظ بالمشاعر المختلطة التي أعاني معها وأنا أكتب، محظوظ بالحيوات المختلفة التي أعيشها وأنا أكتب.

ستجد من يقولون إن عصرهم هذا أسوأ العصور، أسوأ الأزمان، لكنَّ هؤلاء غير منصفين، الخير والشرُّ يزدادان في العالم بالمقدار نفسه، وهم لا يرون سوى الشرِّ، بينما أنتَ ستمتنُّ للخير الذي يملأ العالم.

أنتَ لستَ مهنتك، لستَ شخصيتك، لستَ صفاتك، لستَ ما تملك، لستَ ما تعتقده عن نفسك، أو ما يعتقده الناس عنك، كلُّ هذه الأمور هي أدوار تقتضيها تجربة الحياة، أدوات مُنحت لك لتستعين بها على أداء وظيفتك في السنين التي مُنحت لك على الأرض، فلا تكُن كالرجل الأحمق الذي منحوه ساعة ليعرف بها الوقت، فأخذ يمشي بين الناس وكلما سأله أحد عن نفسه كان يشير إلى الساعة ويقول بحماس: «أنا الساعة»!

«أنتَ» الآن لستَ «أنتَ» القديم، «أنتَ» القديم كان يمتلك وعيًا مختلفًا، اتخذَ القرارات وتصرَّفَ وتكلَّمَ بناءً على ما كان عليه وقتها، فسامِحْه إن كان قد أخفق، سامِحْه إن كان قد أساء الاختيار، فلا بُدَّ أنه بذل ما في وسعه بما أتيح له وقتها.

أتدري ماذا سيحصل حينما تصل يا صديقي إلى المرحلة التي لا تكون فيها حريصًا على إيصال أي رسائل إلى الناس؟ لستَ مهتمًا بإقناعهم باختياراتك، أو حملهم على اعتناق مبادئك، أو جعلهم يحترمونك أو يرسمون انطباعات معينة عنك؟

حينها ستجد نفسك مشغولًا بما تحبُّه فعلًا، بما تودُّ فعله، بما تودُّ تركه على الأرض، ستستمتع بكلِّ شيء، ستصير الحياة كلعبة أطفال بين يديك.

‫ عندها عِش جنَّتك التي حرمك منها طويلًا شبحُ الآخرين الذي صنعتَه.

أغلب الناس هكذا؛ تظلُّ الحياة تُكرِّر لهم الدرس نفسه، بسيناريوهات مختلفة، حتى يفهموا ويتعلَّموا، فيرتقوا.

نحن ننتظر من الآخرين، من العالم، من كلِّ ما حولنا؛ أن يثبتوا لنا أننا أشخاص طيبون ناجحون ونستحق الخير والسعادة، ننتظر ابتساماتهم وتأكيداتهم وقبولهم. وهنا يكمن الشرُّ كلُّه، الألم كلُّه.

الدنيا ليس بمقدورها أن تسعدنا، الدنيا تعرض علينا سعادة مؤقتة، أشبه بالمخدِّر الذي يزول مفعوله مع الوقت. مَن بإمكانه منَّا الوصول إلى السعادة هو ذلك الشخص الذي باستطاعته أن يثور على كلِّ هذا، ويتخذ من ذاته ملاذًا أولًا وأخيرًا.