سنوات الجري في المكان > مراجعات رواية سنوات الجري في المكان

مراجعات رواية سنوات الجري في المكان

ماذا كان رأي القرّاء برواية سنوات الجري في المكان؟ اقرأ مراجعات الرواية أو أضف مراجعتك الخاصة.

سنوات الجري في المكان - نورا ناجي
تحميل الكتاب

سنوات الجري في المكان

تأليف (تأليف) 4.2
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم



مراجعات

كن أول من يراجع الكتاب

  • لا يوجد صوره
    3
    Facebook Twitter Link .
    2 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    4
    Facebook Twitter Link .
    2 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    5
    Facebook Twitter Link .
    2 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    5
    Facebook Twitter Link .
    3 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    5

    *الرواية التي وضعتها على قائمة القراءة منذ صدورها، في كل مرة كنت ابدأ في صفحاتها الأولى وأتوقف، ولا أعلم السبب، ولكن بعد ذلك عرفت.

    *شاهدت لقاء لنورا ناجي تتحدث عن الرواية كانت تتحدث بقلبها وروحها وجسدها، فكانت يديها تتحرك وهي تحكي عن سعد ونانا ومصطفى وياسمين وكأنها تمد يديها لتخرج الكلمات من قلبها وتقذفها في قلبي، بعد ذلك بيومين –ودون أي سبب واضح- فكرت في تصوير غلاف الرواية، حتى الأسبوع الماضي عندما فتحت الرواية مرة أخرى وقررت البدء فيها، ومع صفحاتها الأولى عرفت أن القدر كان يرسم بالضبط كل الأماكن التي سأقرأ فيها صفحاتها، ومواقفها التي كانت صدفة تأكل قلبي بشكل غير مفهوم، وعرفت سبب تأخري في قراءة هذه الرواية حتى الآن، لأن هذا كان وقتها بالتحديد، أحب الروايات التي تصنع معي تاريخ قبل أن ابدأ فيها وأعرف إنها ستكون قريبة لقلبي وهو ما حدث مع سنوات الجري.

    *نورا ناجي لا تكتب رواياتها، نورا ناجي تعيش رواياتها؛ لتجعلني أن الأخرى أعيش فيها بكل مشاعري وحواسي، لم تتحدث فقط عن حواس الأبطال وما فقدوه، ولكنني كنت أنا الأخرى أفقد شيء معهم في كل صفحة أكثر من دموعي وحدها، طوال مشاهد الرواية وأنا أحدث نفسي، بالتأكيد نورا عاشت هذا الجزء، مؤكد قامت بتلك الحركة أو شمت هذه الرائحة أو لمست هذه القطعة، وصفت صوت المترو كما أشعر به بالضبط! لا يمكن أن يصف شخص كل تلك المشاعر والروائح والمواقف دون أن يعيشها حقًا، كنت أرى أمام عيني ما تكتبه، وكأنها رسمته بصورة خيالية تتجسد مع كل صفحة اتخطاها من صفحات الرواية.

    *بكيت حين مات سعد وبكيت أكثر وأكثر حين زار مكان موت أبيه، شعرت بالغصة والفقد والوحشة والخوف معه، كنت اقرأ الرواية وأنا أسير بهدوء في الشارع فجلست على جانب الطريق لأتماسك قليلًا، والمصادفة العجيبة أنني كنت قبلها بلحظات أخرج من محطة مترو السادات وأسير نحو الميدان، المكان ذاته الذي رحل فيه سعد!

    *كنت اقرأ صوت ياسمين حين وصفت كيف إنها أصبحت لا تتذوق النسكافية الغني الذي كانت تفضله نصفه ماء ونصفه حليب ونصف ساخن، حين كنت أمسك بكوب النسكافية في يدي بالفعل، وكما تفضله بالتحديد دون أدنى تغيير! فتوقف لساني عن الشعور بمذاقة ولم تعد معدتي تشعر بدفئه!

    *لا أعلم لماذا كانت تطاردني أحداث الرواية بمفارقات عجيبة طوال قراءتها وكأنها تضيف توحد وثقل أكثر مما أشعر بالفعل ما بين سطورها!

    *ربطها ما بين موقعة الجمل وحتى فترة جائحة كورونا خلق لدي شعور إنها تربط الحصار ببعضه، المرة الأول حاصرنا مجهولين، والمرة الثانية حاصرنا فيروس مجهول، الجهل وباء بكافة اشكاله، جهلك بعدوك يجعلك لا تعرف من أين ستأتي ضربته.

    *شخصية "نانا" كانت هي حل اللغز، على الرغم من ظهورها في أحداث الرواية منذ بدايتها إلا أنني شعرت إنها أكثر شخصية غريبة وغير مفهومة حتى بدأ الفصل الأخير من الرواية معها، كانت حل اللغز لكل الأحداث التي ظهرت قبلها ومواقفها وردود أفعالها وحتى ردود أفعال الشخصيات الأخرى، كلما تحدثت ووصفت مشاعرها كنت أشعر بثقل فوق قلبي، غصة تعُقني عن التنفس وتُبكيني.

    *القراءة الثالثة لنورا ناجي وفي كل مرة أجدها مختلفة سواء من حيث الفكرة أو السرد أو حتى روح العمل نفسه وكأنها تتلبس الأبطال والحياة التي ترسمها، تحتاج هذه الرواية عند كتابتها إلى خريطة لربط الأحداث ببعضها البعض عبر الشخصيات، ولكن لقراءتها تحتاج كل ما تملك من حواسك وفي مقدمتهم أيضًا قلبك، هي رواية تقرأ بالقلب والروح والذاكرة، من الروايات التي سأحتاج فترة للتعافي منها، ولا أعلم كيف تعافت نورا ناجي من كتابة هذه الرواية المؤلمة بعد أن توحدت معها بهذا الشكل.

    *اقتباسات:

    ❞في الضباب الخفيف يسطع هو لون الحزن والأحلام البعيدة، ولون الفرح الناقص، والحب الباهت، والكراهية الممزوجة بالحسرة الأزرق شفاف على الرغم من عتمته، يشفُّ الجلد فوق عروق اليد البارزة، ويطلي الأظافر في الأمسيات الباردة❝

    ❞الأسود لون الأغاني، لأن الحزن فيها غالب على الفرح تتضارب جميع الأحاسيس في الأسود، لأنه قادر على تلويثها ببطشة واحدة، مثلما يغيِّر الألوان الصريحة بنقاط قليلة، يغير الأصفر إلى زيتي، والأزرق إلى نيلي، والأبيض إلى رمادي، والصراحة إلى ملاوعة يكره الجميع الأسود وتحبه المرأة الراغبة في التلاشي، تختاره الفتيات في بداية مراهقتهن لإخفاء أنوثة خجلى، ويختبئ داخله القتلة في الليل، الأسود لون الإخفاء، ولون الفقد، ولون القلوب التي توقفت عن النبض وهي لا تزال على قيد الحياة..❝

    ❞الأخضر لون الكذب، لأن الكذب بريء مثله، مريح مثله، ويخفي الحقائق التي لا نريد الاعتراف بها لأنفسنا وللآخرين مثله. الكذب مسكين مثل الأخضر، ومثله غريب ووحيد. ❝

    ❞حقول فان جوخ خضراء فاتحة، بدرجة تميل إلى الأصفر ولا تنتهي إليه، رأى فان جوخ العالم بدرجات باهتة من أصولها، لأن اكتئابه منعه من الرؤية الصريحة لكل شيء، كان يعرف أن النمو ينتهي بالموت، لأن الأخضر هو أيضًا لون الفناء.. ❝

    ❞ ‫ أردت زيارة المكان الذي مات فيه، فكرت أن للموت ثقلًا لا يختفي، تخاف أمي من دخول المستشفيات، تقول فلان جارنا مات فيه وأقول لها يا ماما، ثمَّة إنسان مات في كل مكان على هذه الأرض، كل حجر، كل ذرة تراب، كل رصيف وكل شارع وكل بيت وغرفة ودرجات سلم وشرفة، كل حيِّز صغير، مات فيه شخص ما في زمان ما. كيف نفرُّ من أماكن الموت؟ وكيف نتجنب الخطو فوق بقعة تحمل ثقله؟ ❝

    ❞البرتقالي على الرغم من زهوته منكسر، وكأنه يمنح السعادة دون أن ينالها، قلب حبات المانجو الناضجة في صيف حار، قشر برتقال لامع في شتاء قاسٍ، التناقض بين هدوئي وبين صخبي، بين حزني وبين سعادتي، بين غربة أبي وحضوره، بين ضعف أمي وقوتها. ❝

    ❞أنا أريد أن أموت خفيفة، مثل طيف عابر أو فراشة، فراشة بيضاء تحلق قليلًا على العشب في حديقة ثم تختفي في ضوء الشمس. ❝

    ❞الرسائل لم تعد تنجلي في عقلك كصورة لظرف في صندوق بريد، صارت جملًا مصفوفة تنتظر فتحك للشاشة، كتابة الرقم السري أو طبع البصمة، لتظهر لك كلمات قد تقتلك أو تحييك صوت الرسائل هو صوت العالم الجديد، وهو الدليل على الاختيارات الخاطئة، وقصص الحب الميتة، والحياة التي لا نريدها، والدليل أيضًا على وجود حياة أخرى نتمناها.. ❝

    ❞ صوتك الذي يسمعه الجميع ليس حقيقيًّا، صوتك مستعار يختلف عما يتردد داخل فراغ جسمك، تريد أن يسمع العالم صوتك الحقيقي، تعبئه في رسائل صوتية، تسجيلات ومقاطع فيديو ومكالمات وهتاف تسكبه في آذان أحبائك، ربما يحفظه أحدهم داخله، ثم يبعثه ذات يوم ليثبت مرورك على الحياة. تتخيل صوتك مثل هدير داخل حائط، مثل سريان الماء في ماسورة، مثل نمو جذر داخل الأرض أو هواء يمر عبر تجاويف شجرة. صوتك هو تعريفك إلى العالم.. أو هو العالم بأكمله.. ❝

    ❞ما الحياة أصلًا؟ مجرد مزحة.. تطلُّع إلى هدف بعيد مضيء ومُغرٍ، وعندما نصل إليه نكتشف أنه محض سراب. ❝

    ❞ الروائح مثل كل شيء خدّاعة، العقل يخدع صاحبه بذكرى رائحة، يصنعها بنفسه تمسكًا بماضٍ لن يعود أبدًا. ❝

    ❞ كيفَ تَرْسُمُ قلبًا؟ ‫ علامتا استفهامٍ متقابلتان؟ ‫ شكلٌ هلاميٌّ يشبه أخطبوطًا ميتًا؟ ‫ ما رائحةُ القلبِ؟ ‫ حديقةٌ من زهورٍ؟ ‫ أم مطهرٌ قويٌّ في غرفةٍ فارغةٍ؟ ‫ ما القلبُ؟ ‫ دقاتٌ فرحةٌ عند رؤيتِك؟ ‫ أم خفقانٌ مؤلمٌ يشبه غيابك ❝

    ❞ الفيسبوك يزيِّف الحقائق ويزيِّف الحياة ويزيِّف تاريخ هذا الجيل. ❝

    ❞ نحن الجيل الأكثر تواصلًا، وعلى الرغم من ذلك الجيل الأكثر إحساسًا بالوحدة. لماذا يقبع كل منا داخل كرة شفافة؟ ❝

    #دينا_ممدوح

    #bookreview

    Facebook Twitter Link .
    1 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    3

    الرواية جيدة، بل بارعة، لون جديد من السرد وأحداث مرتبطة بالواقع، وأعتقد أن أحد أسباب انتشارها وحب القراء لها هو ارتباطها بالواقع المصري وثورة 25 يناير، فهي مقطوعة نصية حزينة، بل كئيبة، بل تشعر وكأنك تقرأ لأحد أعمدة الفلفسة العدمية، فيخيل إليك أن الرسالة التي تريد أن توصلها إليك أن ..(لا فائدة في شيء) و (لا معنى لشيء) لذلك هي -وإن كانت تربط الشخصيات ببعض الأحداث الواقعية- غير واقعية، فلا يمكن أن يكون العالم الخارجي والداخلي (داخل النفس البشرية) بتلك السوداوية والكآبة والحزن.

    .

    أعترف أنها بالنسبة لي لا تشبه شيءً مما قرأت (وأنا مقلٌ في قراءة الروايات أصلاً)، لذلك فهي مشوقة من هذه الناحية، لكنها مملة من ناحية أخرى، لأن الـ 260 صفحة كان يمكن لها أن تصبح 160 صفحة بدون أن يحدث خلل في بنية الرواية أو جرعة التشويق، وأعتقد أن أحد أسباب الـ(تطويل) أن الكاتبة أرادت أن تربط الشخصيات بالحواس (ألوان وأذواق وروائح) لذلك فقد أكثرت من التشبيهات التي كنت أجدها ذكية في مواضع، ولا معنى لها في مواضع أخرى.

    .

    لم تعجبني الرواية في محاولتها تمرير بعض القيم الفاسدة، فقد أوردت مشهدًا عاطفيًا جنسيًا مثيرًا لم يكن له داعٍ، لكن المشكلة أن هذا المشهد تم خارج إطار الحياة الزوجية، ثم تم تصوير الحياة الزوجية لنفس الشخصيات وشخصيات أخرى على أنها إما مملة وكئيبة، أو غير ناجحة، وكأن الرسالة التي تختفي بين السطور أن الحب والمتعة يكمن هناك خارج هذا الإطار، وأن الزواج هو بوابة الكآبة والحزن والــ(عدم).

    .

    لقد ارتبطت الرواية بأحداث ثورة 25 يناير وسلطت الضوء على خيبة الأمل الكبيرة التي منيَ بها الشباب، ثم حاولت أن تربط كل تلك السوداوية والعدمية التي اجتاحت جميع الشخصيات و 95% من أحداث الرواية بخيبة الأمل تلك، ويبدو أنها -بوعي أو بدون وعي- قد رسمت صورة أخرى لأسباب تلك الحياة السوداء التي لازمت الشخصيات، فالمشكلة الأساسية لم تكن فشل ثورة أو تحولات سياسية، بل المشلكة أعمق من ذلك، إنها عدم وجود غاية أسمى من الحياة، فبوجود تلك الغاية المتجاوزة تصبح الحياة مجرد وسيلة لتحقيق ما هو أعمق وأبعد وأسمى، لذلك فحين قامت الثورة، تعلق بعض الشباب بها ورأوى فيها المنقذ، فقد وجدوا لأنفسهم غاية أسمى من تفاصيل حياتهم المملة، وهي بحق غاية سامية لكنها ليست الأسمى، وهي هدف بعيد المدى لكنه ليس الأبعد، لذلك حين تلاشا الهدف تلاشت معه أرواحهم.

    .

    العنوان والصورة مقتبسة من عمل أحد الفنانين، وقد تم الإشارة إليه في نهاية الكتاب، والعنوان جذاب ومعبر، وفعلًا هذا ما يحدث للبعض (أو الكثير) من الناس، بل أن الأمر هو أكبر من مجرد ثورة فشلت أو أوضاع ما تحسنت، فالذي يجري في المكان هو الذي ينطلق من نقطة ويصل إليها، الذي يكون هدفه الأسمى هو موقعه الحالي، أي الحياة الدنيا، فكل من تصبح الحياة فقط هي غاية وجوده هو فعلاً من (يجري في المكان) أما الذي يؤمن (بحق) باليوم الآخر، فإنه ينطلق من (هنا) ووجهته (هناك)، ينطلق من (الدنيا) ويريد الوصول إلى (الآخرة)، لذلك، ومهما حصل من معوقات وعراقيل وخيبات أمل، هو مستمر في الجري نحو (مكان آخر) فكل عمل صالح يقوم به يقربه خطوة، وكل معاناة يمر بها ويصبر هي خطوة تقربة من المكان (الآخر)، فيمكن أن نستخلص هذه الفائدة الفلسلفية: المادية هي جري في المكان، والإيمان هو المنقذ من هذه العجلة التي تستهلك عمر الإنسان دون أن توصله إلى أي مكان.

    .

    من نقاط القوة التي في الرواية، أنها تحدثت عن الاكتئاب (مرض العصر) بطريقة مميزة وعميقة، لقد تركت لمن يمر بالتجربة أن يتحدث بلسانة، فهو يرى الحياة بشكل مختلف عما نراه نحن، يعيش وهو ميت، أو هو ميتٌ في جسمٍ حي، لذلك فأحد آثار الرواية الإيجابية أنها تجعلنا أكثر تفهمًا وتعطفًا مع من يمرون بمرض الاكتئاب.

    .

    لا يكتب مثل هذه الرواية إلا شخص عانا في حياته، وأصيب بخيبات أمل عديدة ومواقف حزينة، فقام بعجن كل تلك الأحداث والمواقف وأضاف إليها من خياله الواسع واستخدم موهبته الأدبية ليصنع في نهاية الأمر هذه الرواية، أو كما قال أحدهم، هذه الملحمة.

    Facebook Twitter Link .
    1 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    5

    ■ سنوات الجري في المكان

    (تجريبة إطلاق الحواس وتجاوز أوراق وأحبار الكتابة وهدم الحائط الرابع)

    تقدم لنا الرواية أبعاداً حسية فريدة ووسائطَ متعددة، فيها النظر والتذوق والسمع والشم واللمس، تتجاوز أوراق وأحبار الكتابة، من خلال مقاطع أدبية بديعة وبارعة، متتبعة سنوات الرحلة من ثورة منحتنا كل الأحلام ثم أيام تجيء فتسحب منا أحلامنا واحداً تلو الآخر وتسحب معها حواسنا، إلى وباء أفقدنا ما تبقى من الحواس، وعبث صخرة سيزيف الذي أصبح يلف واقعنا، فما زلنا نلهو بالصخرة غير عابئين بعبثها، في غياب الحواس الواعية وتحت وطأة تيه العقل والوجدان.

    بدأت رحلة الجري في المكان من محطتها الأولى مع الألوان، فلكل لونٍ معنى وشخصية، وأحاسيس متفردة وأغنية، وفستان وقُبَّعة، رأينا "الأزرق" في كشفه وتوهانه - و"الأسود" في حزنه وطغيانه - و"الأحمر" في غضبه وخوفه - و"الأخضر" في براءته وكذبه - و"البرتقالي" في زهوه ونقصانه - و"الرمادي" في غموضه وتناقضاته - و"الأبيض" في ثباته واستغنائه، فكأنها قُبَّعات الحياة السبعة التي نجد أنفسنا نرتديها.

    ثم انتقلت الرحلة إلى محطتها الثانية مع المذاقات، من خلال دفتر يوميات جعلنا نشعر بمذاق "الموت" بصدئه ومساخته - ومذاق "الدفء" بعذوبته ونشوته - ومذاق "الذكرى" بنكهاته ومراوغاته - ومذاق "الخوف" ببرودته وجزعه - ومذاق "اللا شيء" بزيفه وعدميته، فكأنها أصناف طعام مائدة الحياة التي ليس أمامنا إلا تناولها.

    ثم انتقلت الرحلة إلى محطتها الثالثة مع الأصوات، من خلال معرض فنان جعلنا ننصت إلى صوت "الرسائل" بخفوته وآماله - وصوت "الموت" بخلاصه وتكراره - وصوت "المترو" بنوستالچيته وثباته - وصوت "الهتاف" بجموحه وجلاله - وصوت "الأغاني" بشوقه وحنينه - و"صوتها" بأمانه وملاذه - و"صوتك" بازدواجه ومساراته، فكأنها سيمفونية الحياة امتزج فيها الطرب مع النشاز ولا بد من أن نعزفها إلى آخرها.

    ثم انتقلت الرحلة إلى محطتها الرابعة مع الروائح، من خلال مسرحية جعلتنا نشم رائحة "الدماء" أصل العالم وسر الوجود - ورائحة "الجِلْد" مَنْبَعُ نهر الزخم ومصبه - ورائحة "العرق" بحر التكرار - ورائحة "القلب" بستان الأضداد - ورائحة "الدموع" وادي الصخر والملح، فكأنها حديقة العالم حين اختلطت فيها كل الروائح.

    ثم انتقلت الرحلة إلى محطتها الخامسة مع حاسة اللمس التي تلتقي عندها كل الحواس الأخرى، فنجد أنفسنا داخل بانوراما أطلقت كل الحواس من مكامنها وجعلتها تعمل في آن واحد، ونكتشف أن كل ما قرأناه من أول الرواية هو من أصل رواية "نانا" الأخيرة.

    بعد أن امتلأت حواسنا بحكايات سعد مع البصر والألوان، ومصطفى مع السمع والأصوات، وياسمين مع التذوق والطعم، ويحيى مع الشم والروائح، ونانا مع اللمس والملمس، نجد أن هذا الجزء الأخير قد أدخلنا في حالة إبداعية فريدة وساحرة، إذ نفاجأ بمقاطع قص ما ورائي أو "ميتا سرد" تطل علينا من بين صفحات الكتاب.

    انفجار تجريبي مدوٍ يهدم الحائط الرابع في الرواية والذي هدمه "بريخت" في المسرح منذ قرابة قرن من الزمان، فقد هدمت الكاتبة الحائط الرابع وتحدثت مع القارئ وعرضت عليه تصورات واحتمالات وأطلعته على البدائل قبل اتخاذ القرار، فوجد القارئ نفسه متورطاً بلا خط رجعة، وشريكاً في الكتابة ومسئولاً عنها، والكاتبة ترقب تورطه، درافتات وشخصيات وزوايا تناول وهوامش وتمارين كتابة.

    في النهاية نصل إلى السطر الأخير للكتاب فنجد الرواية أوشكت أن تبدأ، ثم نجد أنفسنا قد عُدنا إلى سطره الأول، لنقرأ تلك الرواية.

    من يريد أن يحيا التجريب في أبهى وأزهى وأروع صورة، فعليه أن يرى ويتذوق ويسمع ويشم ويلمس "سنوات الجري في المكان".

    Facebook Twitter Link .
    1 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    5

    ❞ كيف ترسم قلباً؟

    علامتا استفهام متقابلتان؟ ❝

    سنوات الجري في المكان | نورا ناجي.

    دار النشر: دار الشروق.

    عدد الصفحات: ٢٦٥ صفحة.

    التقييم: ٥/٥ نجوم.

    حَادثة السفينة الغارقة سالم إكسبريس، ثورة ٢٥ يناير عام ٢٠١١، و وباء الكورونا.

    ما الذي قد يربُط بين هاتهِ الأحداث الثلاثة سوى عَبثية الحياة، والمـ/ـوت!

    خمسةُ شخصيات، وحكايةٍ واحدة. أجل، حكايةٍ واحدة، فقط الحياة من إختلفت هُنا.

    سَتسمع، وسَترى كل مَا حدث مِن خلالِهم.

    عَزيزي قارئ المُراجعة،

    «سنوات الجري في المكان» عنوان اختزل هَزيمة جيل كامل.

    هَل يُمكن أنّ نقول هنا أنّها مَبنية على أحداثٌ حقيقية، أو حتى مستوحاة من أحداث وقعت بالفعل؟ لا.

    القولَ الحقّ هُنا، أنّها رواية واقعيّة حدثت بالفعل. ليست مستوحاة، وليست مبنيّة على شيء، بل حدثت.

    تُرى.. أتساءلت ما الذي حدَث بعد تلكَ الثورة؟ بصيغةٍ أدق.. أتساءلت عمّا حدث لهؤلاء اللذين جمعتهُم الثورة، الميدان؟ أهم بخير..؟ أيمكنك أن تجزم بهذا؟

    ستقرأ هاتهِ الرواية، دون أن تقرأها، ستعيشها، فأنت كنت هُناك، كنت ثائرًا، مدافعًا، واقفًا في الميدان، ولم تبرُح.

    مَع كل حكاية تقرأها، ستعتقد أنك أنت الحكّاء، ستكون الخمسة شخصيات دون أن تدري كَيف.

    سَتُصبح 'سعد' الفَنان، الشهيد، و'ياسمين' صَاحبة المُذكرات، 'يحيى' الشاعر، والكَاتب، 'مصطفى' المستمع للأصوات، و'نانا' مَن تكتب الرواية.

    ثَورة يناير، وإن لم أذكُر التاريخ، فـذكر الشهر يَكفي.. 'يناير' حيثُ حلمًا كان، وإنقضى.. كانت حجرَ الأساس لـهذا العَمل..

    يَستغرقَ المـ/ـوت لحظةً واحدة فَحسب، لـيوقف كل عداداتِ الوقت الخَاصة بمن حولهِ، لحظةٍ واحدة، فارقة، قد تجعلكَ حيًا، ميـ/ـتًا، تجري في المَكان.

    هل يُمكن لـ رحيل شخصٌ ما، أن يوقف الوقت الخاصَ بـ حياةِ آخر؟ هو لا يزال حيًا، لكنّه ثابتٌ في مكانِه. هو حتى لا يجري، فقط ثابتٌ في المَكان..

    خمسة شخوص، ليسوا أصدقاء بالمعنى الحرفيّ، ولكن كانوا جمعًا ما، أو ثورة.. ربما.

    توفيّ واحدًا منهم، فإنكسر الجمع، وتفتت أرواح الخمسة الآخرين.

    حينَ رحلَ سعد، رحلَ الجانبُ الجيد في الثورة، قبلما يأتي كل مَا حل علينا بعدها.. إحتـ/ـراق ياسمين، وتمنّيها للمـ/ـوت، هو إحتـ/ـراق لكلِ روحٍ بعدما وجدتَ أنّ شيئًا لم يتغير..

    مصطفى يُمثل هؤلاء اللذين هَاجروا باحثين عن المَأوى بعدما تبددَ بهمِ الأمل، ويحيى يُعبر عن كلِ من باعَ عقله، واشترى هواه، فلا شيء سينفعُ بعد الآن..

    أما عن 'نانا'، فهؤلاء هم الباقون، مَن يبحثون عن حياة في ميدانٍ كان رمزًا للثورةِ ذات مرة..

    رِواية قد تعتقدُها في بادئ الأمر، روايةً سياسيّة، لكن السياسية هنا مجردّ خلفية تُزين السَطح. فهي روايةً نَفسيّة، دراميّة، إنسانيّة..

    طريقة عَرض الرواية كانت مختلفة عن أي روايةٍ أخرى قرأتها، لونًا جديدًا في النصوص الأدبية، وبطريقةٍ ما قد أعجبني، فقد كان سببًا للتغلب على الملل المُصاحب لقراءة مثلِ هذا العمل الثقيل على النَفس.

    إستخدمت الفصحى للغة السرد، والعَامية للحوار، على الرغمِ من قلتِه، فالرواية سرديّة درجة أولى.

    اللغة كانت جَيدة، بلا ركاكةٍ على الإطلاق، إستخدم التشبيهات، المجسّمات، الألوان، الحواس، والرسومات، كان في محلِه. بشكلٍ عام، كان العرض مِثاليًا.

    هي واحدةً مِن الروايات التي لن تُغادرني قط.

    كان هذا هو العمل الأول الذي أقرأه لقلم "نورا ناجي"، لكنّه بالتأكيد لن يكونَ الأخير..

    #ترشيحات_سلحفاة_قراءة 🐢📚

    Facebook Twitter Link .
    1 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    5

     هذه الرواية تستحق ٧ نجوم وليس فقط ٥

    ⭐⭐⭐⭐⭐⭐⭐

    ------------------------

    مقدمه:

    هناك دائما وجهان لأى عملة. أتحدث هنا عن عملة الواقعية الأدبية. هذه الواقعية يمكن تقديمها بطريقة الإسقاط فى شكل رواية مستقبلية الأحداث وأهم رموزها بالنسبة لجيلنا هو الدكتور أحمد خالد توفيق ، أتحدث عن روايات يوتوبيا وفى ممر الفئران ومثل إيكاروس والسنجة وشآبيب. هذا هو الوجه الأول للعملة.

    الطريقة الأخرى لتقديم الواقعية هى كتابتها كما هى فقط ، مجردة وصريحة وواضحة. هذا هو الوجه الأخر للعملة ، وهنا أتحدث عن سنوات الجري فى المكان.

    اذا كنت قرأت روايات العراب التى ذكرتها وأعجبتك ، إذن هذه الرواية يجب أن تضمها لمكتبتك بدون أى تردد.

    رواية من العيار الثقيل ، شديدة الوطء على القارىء ، واقعية إلى أقصى حد ممكن.

    -------------------------

    تتحدث الرواية عن السنوات العشر التى مرت منذ يناير ٢٠١١ مروراً بجائحة كورونا وحتى وقتنا هذا. ماذا حدث فى تلك السنوات ؟ ما مصير هذا الجيل ؟ هل تحقق شىء من أحلامه أم بقى ثابت أو يجري فى مكانه وكأن شيئاً لم يكن ؟.

    الرواية تأخذ منظور مختلف فى تقديمها. اعتمدت على الحواس الخمس للإنسان فى تقييم تلك الفترة من خلال خمس شخصيات اجتمعوا فى ميدان التحرير ، كل شخص فيهم تعامل مع تلك الفترة بحاسة مختلفة تتناسب مع شخصيته كما يلي:

    سعد البيومي - حاسة الرؤية

    تجسيد لقصة الشهيد أحمد بسيوني

    فنان سمعي وبصري ، مدرس فى كلية التربية الفنية واستشهد أثناء ثورة يناير. استخدمت الكاتبة الألوان لتعبر بها عن كل مرحلة من مراحل حياته ، بدءاً من اللون الأزرق ( نشأته وطفولته وشبابه ) وصولاً إلى اللون الأبيض ( الكفن الذى التف حوله بعد استشهاده ). كل لون كان فى محله وتم استخدامه بشكل مثالي جدا وواقعى بالتأكيد.

    ياسمين السيد - حاسة التذوق

    حكاية مؤثرة جداً جداً

    طبيبة شرعية شهدت أهوال وفظائع إبان فترة الثورة أدت بها إلى فقدان قدرتها على تذوق أى شىء بدءاً من الطعام وصولاً إلى حياتها نفسها وأصبح كل شىء لا طعم له ولا مذاق.

    مصطفى عبد العزيز - حاسة السمع

    فنان سمعي وبصري يعتمد على التقاط الأصوات الخافتة التى لا ينتبه لها أحد على الإطلاق ، وكان صديقاً لسعد البيومي وشهد لحظة استشهاده. كل حياته يسعى لجمع الأصوات المختلفة من شخصيات وأماكن لتقديمها فى مشروع سمعي بصري يجسد به أحداث الثورة.

    يحيى الصاوي - حاسة الشم

    شاعر ومدون شهد أحداث الثورة وعايشها من خلال الروائح المختلفة كرائحة الموت والدم والجسد ...إلخ. إلى أن اعتزل السياسة وتفرغ لكتابة الأغاني والمسرحيات الكوميدية !!!.

    نهال عبد الوهاب - حاسة اللمس

    أجمل حكاية فى الكتاب بدون شك.

    خريجة فنون جميلة وتحلم بكتابة رواية. لا توجد رواية أروع من ما عايشته ولمسته بنفسها فى الميدان لكي تكتب عنها وتحكيها لنا. فتاة تعرضت لأسوأ الانتهاكات وتحولت إلى امرأه باهتة فقدت اهتمامها بكل شىء ولم تعد تكترث أو تأبه بأى أحداث أو مستجدات.

    فى النهاية ستجد أن جميع الشخصيات ظلت تجري فى مكانها باستثناء الشهيد سعد البيومى الذى ربما يكون هو - ومعه باقي الشهداء - الوحيدين الذين تحركوا للأمام ولو لخطوة واحدة رغم انتهاء حياتهم بعد هذه الخطوة وهم من تركوا الأثر الباقي الذى نعيش لنتذكره بقية حياتنا.

    Facebook Twitter Link .
    1 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    4

    أصبحت علي يقين مؤخراً أن كل الأشياء يمكن أن تبدوا علي غير ما يظهر منها ، أن يكمن في داخلها ما لا يُعبر عنه بمظاهر مفهومة ، لكنها رغم ذلك ظاهرة جليّة لكل صاحب روح يعرف معاني وقيمة الأشياء.

    حتي الألوان بمقدورها أن تكون لغة خاصة يُخاطب بها المُتلقي ويفهم أسرارها ورمزيتها وما يرمي إليه كل لون وأي معني من معانية يُقصد بالتحديد ، ولكن لا أسوأ علي الإنسان من أن تُلوَن أيامة بالذكري ، حينها لن تكون الألوان مُجرد باعث علي الذكري وعامل لاستدعاء الألم ، ولكنها ستكون كابوساً نشطاً بحجم الوجع.

    القصص دائماً تبدأ من الماضي ، أو الحاضر ، ولكن ما فائدة تحديد الزمن إن كُنا نقبع في نفس الحيّز ونفس الظروف !

    ما فائدة الزمن إن أصبحنا أشباحاً تحوم حول الأحداث لإعادة إنتاج دائرة أُخري من التاريخ المُكرر الأحداث رغم اختلاف زمانه وشخوصة ، لا فائدة تُرجي من الزمان ، مادام رفيق الإنسان هو الجري في المكان.

    تعرفت علي سعد وحكاياته في الجزء الأول ، وسعد بشخصه واسمه هو رمزية لجيل كامل ، عايش نفس الظروف وانخرط في تقلباتها ، كان صاحب أحلام من سذاجتها خُيّل إليه أنها ستصبح يوماً ما واقعاً يبعث عليه ولو مرة واحدة شعوراً بالسعادة والرضا.

    الجميع كان يتمني واقعاً أفضل وأحلاماً تفوق عنان السماء ، الجميع تألم علي رداءة الأوضاع وانحطاطها واستمرارنا جميعاً في النزول إلي أسفل بسرعة الصاروخ ، الجميع ترقب التغيير ، لكنه قليلون هم من حاولوا صنعة وجعله واقعاً ملموساً يشمل الجميع بلا تفرقة ، الجميع أراد الحياة ، ولكن فئة بعينها استقبلت الموت كبوابة لحياة جديدة لا تنتهي.

    مات سعد ، وانطلق يحكي عن ما يراة بعد موته ، ثلاجات الموتي ، لحظات الفراق ، تلاحم الجسد الحي النابض بالحرارة مع الجسد البارد الخافت بلا أنفاس ، كل ما رواه رأيناه ، شعرنا به ، ولا أظن أن يختلف شعور الحي عن الميت في تلك المشاعر ، لا فرق غير أن الميّت قد فاز ، وصل إلي الحقيقة المُكتملة ونجا من كل هذا العبث الكاذب المسمي بالحياة.

    اثني عشر عاماً مرّت في عمر الزمن ، لكنها في عمر الذكري دقائق معدودة مُتوقفة ، لا تنتهي ولا تَمُر ، ورغم أن الحياة لا تتوقف إلا بالموت وانقطاع الأنفاس ، إلا أنه عملياً يُمكنها أن تتوقف بعد أن يُقر الإنسان أنها انتهت ، مهما طال بقاؤه بعدها.

    تحسست نفسي في أوصاف نورا لمشهد سير ياسمين في الميدان بعد سنوات ، كُل ما كتبتة نورا حدث معي ! نفس الخوف واستعادة الذكري وسيل الأحداث ، نفس الخطوات المحسوبة في مكان مسكوب عليه دماء لن يُمكنك تجاهلها حتي وإن كانت غير ظاهره ، نفس عُزلة نانا و صدمة مصطفى بأن الطلقة اختارت صديقة وأعرضت عنه ، كل هذه الأحداث المُركبة رأيناها وعايشناها ورغم مرور سنوات علي الحدث مازلنا في داخلنا نقف عند نفس النقطة.

    تكنيك أنيق ومختلف بلورت من خلالة نورا ناجي القصة ، ربطت بينهم رغم إنفراد كل منهم بالحكي والحديث ، أعطت للألوان والمذاقات والأحاسيس تعبيرات مُختلفة ، حتي الجمادات كان لها صوت في هذا العمل.

    كتابة جميلة و مؤثرة جداً ، ونهاية يظهر من خلالها أن هناك أمل في الحياة حتي وإن كُنا سنجري في نفس المكان.

    Facebook Twitter Link .
    1 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    5

    رواية سنوات الجري في المكان

    نورا ناجي من جديد - وروايتها الأخيرة والتي رشحها الكثير من أصدقائي لكي اقرأها وبالفعل هي على قائمتي من فترة ليست بالقصيرة!

    أنا لن أتكلم عن اللغة فلغة الكاتبة دائماً رائعة ومضبوطة على الميزان فتجدها خفيفة ولطيفة ولها طعم وطالع ممتع. ولكنني سأتكلم عن الأسلوب واختيار الفصول بأسماء الألوان أو المذاقات أو الأصوات وكيف استطاعت الكاتبة بتوظيف تلك العناصر لتقص الحكاية وتسرد الأحداث ! كبف استطاعت أن تحول تلك الفترة بأحداثها السياسية إلى هكذا رواية مكتوبة ببراعة منقطعة النظير لتقفز بين ما يراه من كان في الميدان من الأحياء وما شعر به وعاينه الشهداء! كيف استطاعت أن تقفز بين الماضي والحاضر بتلك الانسيابية في الجملة الواحدة دون أن نشعر بالارتباك او التوهان!

    جميل هو قلمك يا نورا وجميلة هي كتاباتك وأفكارك!

    الكثير من الاقتباسات فما اخترته هنا هو غيض من فيض:

    "كل من حولنا يملكون أسبابًا للحزن، وكلنا نسير في صمت وكأننا لا نشعر بشيء، لكننا نشعر بكل شيء."

    "عندما تلقيت الرصاصة توقف الزمن، توقفت الأغنية عن الدوران في عقلي، وغرقت في ظلام غريب لا يشبه النوم، ظلام سائل لزج أحاط بي، لم أتوقف عن التفكير، شعرت بجسمٍ ساكن خلف عيني اليمنى، ثقيل وبارد، لم يؤلمني لكنه أزعجني بشكل ما. لم أعد قادرًا على الكلام ولا تحريك يديَّ أو قدميَّ، ثم رأيت كل شيء بوضوح أكبر. تماوجت أمامي الألوان ورأيت مشاهد لا أعرف إن كانت حدثت أم لا. لم يكن الموت سيئًا جدًّا، كنت أقول دائمًا من يموت يستريح، التعب لمن يظل على قيد الحياة."

    يا لجمال هذه الفقرة: "أنا أيضًا لست ببطل، كنت خائفًا من الموت، ولم أرغب في النزول إلى الميدان حتى آخر لحظة، لكن وجه أبي المتعب، وفستان أمي الأزرق، ومدخل البنك البارد، ووجه المحاسب الخجل، وبدلة النقيب محمد، وبرجولا كلية الفنون الجميلة، وحوائط المكتب الخشبية، والنافذة المطلة على سماء سوداء، وحذاء أبي البالي.. دفعوني إلى النزول."

    "البرتقالي على الرغم من زهوته منكسر، وكأنه يمنح السعادة دون أن ينالها، قلب حبات المانجو الناضجة في صيف حار، قشر برتقال لامع في شتاء قاسٍ، التناقض بين هدوئي وبين صخبي، بين حزني وبين سعادتي، بين غربة أبي وحضوره، بين ضعف أمي وقوتها، بين الصوت المستكين لشهادات الناجين من الغرق وبين اهتزاز خفي يظهر في مقاطع الحروف. البرتقالي لون آلي، له رنين المعدن وبرودته، له حرارة الخوف وطعم العرق."

    “مذاق الموت: ريق يملأ الفم. ملح يملأ القلب، طعم انسحاب البنج من الجسم، تصاعد البرودة إلى الحلق. وَهَن يصيب الركبتين. الموت مثل وجبة فاسدة يأكلها جوعان. مثل طعام الأطفال المهروس في وعاء بلاستيكي. مثل غلي أرجل الدجاج في حلة صدئة."

    "يُسمع الصوت من الحشود وكأنه يصدر من داخلهم، أفواههم أحيانًا مغلقة، لكن الصوت يخرج من أعينهم، من أصابعهم، من البثور على جلدهم."

    #فريديات

    Facebook Twitter Link .
    1 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    4

    مراجعتي لروايه "سنوات الجري في المكان":

    - روايه ابحرت بنا عبر الزمن و ارجعتنا لاحداث ثوره ٢٥ يناير و أدمت قلوبنا علي كل شهدائها مره أخري .. علي كل الورود اللي فتحت في جناين الصديقين والشهداء ورووا بدمائهم ارض مصر الطاهرة.

    - فكره ربط كل بطل من أبطال الروايه بحاسة مختلفه من حواسنا الخمس هي فكره عبقرية.. جعلتنا نتأمل في داخل أنفسنا لنتعمق ونوحد بين اللاوعي الشخصي واللاوعي الجمعي لنسترجع أحداث ثوره ٢٥ يناير بكل تفاصيلها.

    - وقد فوجئت ان أغنيه الشهداء التي طالما ابكتني اثناء أحداث الثوره "قولوا لأمي ما تزعليش" حاضره بكل تفاصيلها في ذهني وانها استدعت معها كل أحداث ثورتنا المجيدة.. رغم اكتشافي اني حرصت علي عدم الاستماع لتلك الأغنية التي طالما ادمت روحي طوال ال ١٢ سنه الماضية. لأثبت من ارض الواقع ان نظريه الكاتبه في ربط الذكريات بالحواس

    سليمه ١٠٠٪؜ 💯

    - رغم ايغال الروايه في الحزن الشديد منذ اللحظه الأولي الا انني لم استطع ان اتركها من يدي.. ومع وصولي لنهايتها اعتبرتها wake up call لكي نسترجع معها احداث ثوره ٢٥ يناير لنراها مره اخري كنقطه مضيئه في تاريخنا الحديث.. وان ندرك انه رغم كل شئ ان تلك الثوره ستظل موجوده في اللاوعي الجمعي للشعب المصري مثلما حدث مع توأمها الروحي ثوره ١٩١٩.

    - ذكرني انتقاء الكاتبه نورا ناجي للحواس الخمس وربطها بطريقه ابداعيه بابطال روايتها مع تفرد شخصياتهم بالمثل القائل "فاقد الشئء لا يعطيه" وكيف انها عدلته بكتاباتها المبدعه والسلسه في آن واحد "ان فاقد الشئ هو أقدر الاشخاص علي رؤيه تفاصيله بعمق اكثر" او وفق مبادئ علم النفس " ان مفتقد الشئ احيانا يكون اقدر الاشخاص علي العطاء اكثر من غيره"

    Facebook Twitter Link .
    1 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    4

    اعتقد ان ابلغ وصف للواقع المصري منذ سنوات طويلة هو الجري في المكان، لا يخفى على متابع أن المصري يبذل مجهودا في اللاشئ

    حتى الثورة تلك المحاولة اليتيمة لأخذ خطوة للأمام لم تكن سوى زيادة في معدل الجري في المكان

    الكاتبة ابهرتني في قدرتها على ربط الشخصيات ببعضها وتوجيه الأحداث بانسيابية

    الشخصيات الرئيسية جميعها تستحق الوقوف عندها قد تكون نانا أكثرهم تعقيدا أفعالها غير مفهومة في سياق معين وقد يكون مبرر شيئا ما بسبب الصدمات النفسية الشديدة

    سعد الشخصية الملائكية الرومانسية اعتقد أنه يمثل الجانب الطاهر من الثورة جانب بلا اغراض ولا امراض جانب مات مع اخر ايام الثورة

    اعتقد أن كل شخصية هي جانب من جوانب الثورة جانب مات مع يوم ١١ وجانب جُن عقله وشط وجانب باع واشترى وحقق ثروات بلا حدود وجانب هج من البلد وبحث عن مأوى بعيد وجانب اخير مازال يبحث عن حياة بجوار الميدان الذي لن يعود ابدا

    Facebook Twitter Link .
    1 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    5

    كتابة نورا ناجي في ثوب مختلف تماما عن أعمالها السابقة.. العمل ملحمي على مستوي اللغة، تعبيرات جديدة وبليغة غير متكلفة، فيه تجريب على مستوى البنية، هتلاقى فنون عديدة جوة الرواية، شعر ومسرح وفيجوال آرت واغاني، كل ده مع المحافظة على نقاط تفوقها القديمة، السرد السلس والعاطفة القوية، مع جرأة شديدة في الكلام عن السياسة والتابوهات من غير فجاجة، سنوات الجري في المكان عمل عظيم جدا بيمس جيل الشباب اللي عاش طفولته في جمود، وشاف الأمل للحظة، وبعدها الأمل ده هو نفسه اللي بيسحق روحه.

    Facebook Twitter Link .
    1 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    5

    نورا! أنتِ إكتشاف رائع… أعترف بخجل أنني لم أقرأ لك من قبل… خطفني كتابك خطفًا وإسمتعت كثيرًا بلغتك السلسة والبليغة في آن، وميزتها الأكبر أنها تلقائية ولا تبحث عن "الإبهار"… وعشقت شخصياتك الجميلة جميعًا وتألمت مع ياسمين الرقيقة وشاركتهم كافة مشاعرهم … أحببت كتابك رغم ثقل الموضوع وذكرياته الموجعة… وتذكرته معهم وبكيت مثلهم…

    أشكرك جدًا على هذا الإبداع الراقي، المفعم بالإحساس وأنا الآن في سبيلي لتعويض ما فاتني منك لتوطيد علاقتنا…

    نشوة

    Facebook Twitter Link .
    1 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    5

    الرواية مؤلمة و بتعيد ذكريات كل ما نفتكرها بينفطر قلبنا

    وانا بقرا الرواية كنت حاسة اني واقفة وسط المشهد شيفاه بعيني بكل تفاصيله قدرت حتى اتخيل شكل الابطال

    الفصحى اللي اتكتبت بيها الرواية سهلة مش معقدة ومش ركيكة و تسلسل الاحداث و طريقة ربط مشهد من الماضي مع مشهد من الحاضر و التحامهم ببعض حقيقي اتعملت بشكل احترافي

    الرواية تستحق القراءة بجد ولا غلطة و شكرا للكاتبة نورا ناجي على العمل القيم ده

    Facebook Twitter Link .
    1 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    5

    نورا ناجي موهوبة في استدعاء الذكرى لتجعل من أدق تفاصيل الماضي صورة حاضرة أمام أعيننا، وموهوبة في الكتابة عن أعمق المشاعر لتجعلها تلمس القلب بخفة وتتغلغل فيه بقوة وعمق..

    وهذه الرواية بكل ما فيها من رؤية مختلفة لمرحلة الثورة وما بعدها، ومن استخدام تقنيات جديدة ومبتكرة في الكتابة، وبكل ما فيها من صدق في حكي حكايتنا ومشاعرنا وأحلامنا واخفاقاتنا، هي أجمل ما كتبت نورا ناجي.

    Facebook Twitter Link .
    1 يوافقون
    1 تعليقات
  • لا يوجد صوره
    4

    نورا ناجي من أفضل الكاتبات حاليا على الساحة الأدبية في مصر. تقرأ لها فتحس بمنتهى الصدق في سردها وكأنها هي كل الشخصيات، مرت بكل ما مروا به وخبرت ما خبروه.

    رغم ذلك أجد أن الجزء الخاص بيحى الصاوي ضعيف ومقحم على الرواية ولا يضيف للعمل الكثير، بالعكس كان كنغمة شاذة، وكان ظاهرا عدم إرتياح نورا في الكتابة.

    Facebook Twitter Link .
    1 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    3

    سنوات الجري في المكان .

    الكاتبة نورا ناجي.

    في البداية العمل مربك بعض الشيء، لم أجد نهايات مفهومة للأبطال بجانب الكثير من الحشو والتكرار لبعض الجمل مثل الجري في المكان سنوات الجري في المكان وهكذا أعجبتني قصة سعد ووصف كل لون على حدا غير ذلك العمل لم يكن مثل ما توقعته!

    Facebook Twitter Link .
    1 يوافقون
    اضف تعليق