اقتباسات من رواية لأجل تلك الليالي

عجبًا لمن لا يملكون من طيب أسمائهم شيئًا،

وكأن الحياة ما فاضت بخيرها عليهم إلا بأسماء.

يبدأ يوم جديد بإحباط جديد ويأس جديد وما زلت أشتاق لحضن، فقط حضن هو كل أمنياتي..

أن تترك امرأة جزءًا منها وتمضي، شيء لا يمكن تصوره.. ما زلت أبكي صغيري الذي فقدته منذ سنوات، وسأظل إلى نهاية عمري أبكيه.. لم أره ولم ألمسه، ونحر قلبي لغيابه؛ فكيف استطاعت هذه السيدة أن تترك وراءها يدين وأصابع تشبثت بها أربع سنوات بهذه البساطة دون أن تشعر بألم الفقد الذي يشق صدري إلى الآن؟

‫ ترى هل يستطيع بعض البشر التحكم في مشاعرهم إلى هذا الحد؟ ليتني أملك ذرة من قدراتهم فقط لأستطيع أن أمضي في حياتي وأسير دون أن أنظر وراءي لا لكي أتجبر ولا لأظلم ولا لأخون.. أريد فقط أن أرضى بالهزيمة وأحيا ما تبقى من الأيام.

لا أعرف هل أقحمت نفسي في هذه الدوامة عنوة أم كان رغمًا عني بسبب سحر التضاد، فقد كان طارق على النقيض من رضوان في كل شيء، فبينما كان رضوان شبه رجل يحيا على امتصاصي لآخر قطرة، كان طارق يتعامل معي بترفع ليمنعني من السقوط في بئر حبه لأنه يعرف أنه لن يستطيع أن يكون لي وهي تسكن بداخله.

‫ لكني امرأة في النهاية لا يسعني إلا الغرق في بحور رجل أملكه ولا أملكه، وبسبب هذا الأمر الأخير تفاقمت أزماتنا جدًا.

وعلى الرغم من كون طارق كريمًا جدًا ومعطاءً، إلا أن مشاعره جدباء. ومنذ واقعة ليلة الزفاف وهو يتعامل معي في تقاربه بتنافر شديد.. يمتنع عن القبل ذات المعنى، وإن كان من حين لآخر يطبع على جبيني قبلة بلا أحاسيس.

‫ وعلى الرغم من أني أراه عظيمًا إلا أنني منذ زمن وأنا ألقي عليه اتهاماتي، أحاول أن أقزمه ليشعر باحتياجه لي تارة وأعملقه ليرأف بحالي تارة أخرى، ولم أشعر أنا إلا بمزيد من الخواء والضعف حيث لا يوجد لي سند أتكئ عليه.

في معظم اللقاءات المنظمة من أجل التعارف يكون هناك احتمالية قبول أو رفض من أحد الطرفين، لم يكن هذا احتمالًا واردًا في حالتي أنا وطارق, فقد كان ما حدث هو مقابلة عمل لشخص سيقاتل من أجل الفوز بالوظيفة وشخص آخر لا يملك رفاهية اختيار موظف لملء المكان الخالي في منزله فورا. ما كان يختلف بيننا هو أنني كنت أتوهم أن الوظيفة ستكون أم بدرجة زوجة، بينما كانت الوظيفة الشاغرة في منزل طارق هي أم برتبة خادمة تتحول إلى غانية لممارسة الجنس في المساء.

زوجي الطبيب الصيدلي طارق صاحب الخبرات والشهادات العليا يجهل أن هناك شيئًا اسمه حضن، مجرد ممارسة مستقلة في حد ذاتها تحتاج لها المرأة، تبدأ وتنتهي عند نفس النقطة، فيها حواء تختفي عن أنظار العالم بين ذراعيه، تدفن رأسها في ضلوع آدم كغزالة مرعوبة من وحشية العالم، تكون في هذه اللحظات طفلًا يهدأ على صوت دقات قلبه، تشعر بدفء كفه يربط على ذراعيها من أعلى لأسفل مرات ومرات في وتيرة واحدة، وتيرة مهدئة وممتعة، وتيرة ساحرة.

- في البداية يتزوج الناس من أجل تحقيق السعادة، ولكنهم أحيانًا لا يجدونها فيتخذوا قرارهم بالرحيل إلى مكان آخر يبحثون فيه عن سعادتهم، بعضهم يجد شخصًا آخر يجعله سعيدًا، وبعضهم يقرر البقاء وحده لينال السعادة.

الجميع يواسوننا بكلمة «التأقلم» يظنون أنهم بهذه الكلمة يشدون من أزرنا. ولم يدرك من يتفوه بها كم هي كلمة مرعبة؛ فالتأقلم كلمة إن نزعت بعض حروفها مثلما نُزعت أنا من موطني لوجدت «ألم» يجتاح روحك، ولوجدت أيضًا مستوى «أقل» مما نشأت فيه، وإن أمعنت النظر لوجدت حوت «التقم» أحلامك لتمكث في بطنه أياما ربما، وربما سنين.

‫ ذهبت إلى غرفتي كما طُلب مني لجمع أشيائي، لكنني في الحقيقة كنت أجمع أشلائي.

نزلت من عيني دمعة أخرى لتلحق بتلك التي سبقتها وعرفت أن كل معاركي خاسرة من قبل حتى أن أخوضها..

لماذا من الأساس انتظرت كل هذه الشهور لأخبرها كم تعني لي الحياة بجانبها؟

صراعي الحقيقي والغير متاكفئ كان مع صبي وفتاة لا تتجاوز أعمارهم ربع عمري.. وللعجب كانوا هم الأقوى والأكثر قدرة على هزيمتي.

كنت أنزف من كل مكان في جسدي، نزيف مرئي ونزيف آخر لم يره أحد غيري.

أخرجوا هذا الصغير ليفسح مجالًا لآخر كي ينمو، أخرجوا هذا الحزن وهذا الألم وهذا اليأس حتى أصنع واحدًا آخر. انزعوا معه جزءًا صغيرًا من قلبي ليأخذه معه.

لن تسلمي من الحزن إن تظاهرتِ بعدم وجوده حولك.

أريد فقط أن أرضى بالهزيمة وأحيا ما تبقى من الأيام.

ترى هل يستطيع بعض البشر التحكم في مشاعرهم..؟

انقلبت شفتاي إلى أسفل، حاولت مرارًا أن أجبرهما على الارتفاع حتى لا أبكي لكنهما ظلتا ترتعشان وتسقطان لأسفل مرة تلو الأخرى، لن أبكي أبدًا، لن تنزل دموعي، وإن كنت بداخلي أظنني بكيت فعلًا.

ولأن شكلي هو الآخر لم يكن مميزًا وسط الجموع هذه المرة فلم يلحظ أحد وجودي..