اقتباسات من رواية بيت خالتي

قدّر فهدى. أحسست أنني سمكة صغيرة أتلمس طريقي في بحر الظلمات. لكني أجده، رغم كل الظلمات، هناك نور يقودني إلى الطريق.

كنت أشعر أني داخل مسلسل رعب بلا حلقة أخيرة. أحسد من تأتي حلقتهم الأخيرة بالموت. وأتساءل، متى أرتاح وأموت… مسلسلي كان طويلًا جدًّا.. كنت أتمنى الموت فقط

كنا أتفه من أن يترك تحضير الشاي وشربه من أجل موت واحد منا أو ثلاثة

كنت متأكدًا مِن أني سأموت.. لا أعرف كم عدد الجثث التي رأيتها، لكني اعتقدت أنَّ كل من يدخل هنا يموت.. تصورت أنَّه لن ينجو أحد

تركوني يومين دون طعام، في صباح اليوم الثالث طلبوا مني أنْ أختار جثة من الجثث لكي آكل لحمها. قلت لهم إني لا أريد أن آكل أي شيء. تركوني يومين آخرين. جاؤوا وطلبوا مني أنْ أختار جثة لآكلها، رفضت، فقالوا إني إنْ لم أختر، فإنَّهم سيأتون بابن أختي ويشوونه أمامي، ويجبرونني أنْ آكله

استيقظت ووجدت نفسي في عنبر كبير مليء بالجثث.. الكثير منها كانت مغلفة بأكياس. لم أفهم أين أنا. لدقائق اعتقدت أني في الآخرة. أني مت وأنَّ هذه هي الآخرة.

الجثث مُكومة على أرض الحمام، براز ودم وبول مختلط بالجثث، وفي مكان يضطر كل المعتقلين إلى الذهاب إليه، بل يضطرون إلى المشي على الجثث، لأنها تملأ أرض الحمام.

‫ لماذا يحدث ذلك؟

‫ لكي يشعر المُعتقلون أنَّهم لم يعودوا بشرًا. فقدوا إنسانيتهم، هذه الجثث تعود لمن كانوا مثلهم، ذات يوم، بشرًا، ثُم صاروا مجرد كومة من اللحم والدم والبراز. وعندما يأتي دورهم في الموت، سيكونون مثل هذه الكومة. أقرب إلى الحيوانات. لا يعاملون كبشر حتى بعد موتهم. بل حتى الحيوانات تُعامَل أفضل منهم.

«الوطن؟ الوطن هو أصدقائي الذين استشهدوا تحت التعذيب أو اختفوا أو تفرقوا بين القارات. لم يَعُد عندي وطن».

لو فكرنا قليلًا بالأمر، لوجدنا أنَّنا نتعامل مع فئات بشرية كثيرة -أحيانًا من ضمن مجتمعنا نفسه- بالطريقة نفسها، ببساطة نعتبرهم أقل، أقل منا. نفعل ذلك لاعتبارات مناطقية أو دينية أو طائفية أو عرقية

الألم سيكون امتحانًا فقط عندما نفهم لماذا هناك ألم ونجد له معنى. دون هذا ستكون المعاناة محض عبث. ليس الأمر أنْ نطرح أسئلة على الامتحان. بل هو أنْ نعد أجوبتنا له. إنْ لم يتغير هذا الواقع المحيط حولنا، بكل ظلمه، بكل قسوته، فعلينا أنْ ننتقل نحن إلى أفق أعلى لكي نستطيع التحمل. إنْ لم تكُن إجابة الدعاء بتغيير الامتحان، فعلى الأقل يمكن أنْ تكون بالقدرة على الصمود فيه.

إنْ لم يتغير هذا الواقع المحيط حولنا، بكل ظلمه، بكل قسوته، فعلينا أنْ ننتقل نحن إلى أفق أعلى لكي نستطيع التحمل

«لا أريد أنْ أنسى، بل أني أصر على التذكر، على حفظ التفاصيل، أشعر أنَّ نسياني لشيء هو خيانة لكل مَن مات

«كنت أشعر أني داخل مسلسل رعب بلا حلقة أخيرة. أحسد من تأتي حلقتهم الأخيرة بالموت. وأتساءل، متى أرتاح وأموت… مسلسلي كان طويلًا جدًّا.. كنت أتمنى الموت فقط».

لم أخبر أحدًا غيرك بأغنية أصالة.

كيف يمكن أنْ أشرح أنَّ الأمر لم يكُن بهذه البساطة، وأنَّ وسامة أنس والبيت الملك الذي يملكه وكونه شاميًّا مائة بالمائة (وليس مثلي، فقط خمسين بالمائة ومِن الأم) لا يمكن أنْ تمنحه حصانة ضد الانتحار.

❞ الاسم له ذاكرة. عواطف. تجارب. معتقدات. أما الأرقام فهي جامدة. بلا ذاكرة. بلا مشاعر وبلا معتقدات. كل اسم من أسمائنا فيه جزء كبير من هويتنا وشخصيتنا وذاكرة تختزن كل مَن نادونا بهذا الاسم. ❝

❞ غالب الذين اهتز إيمانهم، أو الذين فقدوه كان إيمانهم قائمًا على أنَّ الله سيحقق لهم دعواتهم، صعوبات الامتحان سيتم تجاوزها عبر تدخل إلهي، لذا فبالنسبة إليهم ما يحدث من ابتلاءات وظلم واضطهاد أمر لا يمكن فهمه من خلال إيمانهم ❝

❞ أهم محفز بالنسبة لي كان أنْ أثبت لنفسي أنَّهم رغم كل جهودهم معي، رغم الخطط المعقدة المعدة بإتقان لتحطيمي وتحطيم سواي، فشلوا. كل عقدة كنت أتخلص منها كانت مثل نصر لي عليهم». ❝

❞ خيار «السوري» -كل فرد سوري بغض النظر عن انتمائه الاجتماعي أو الديني، من أي محافظة أو مدينة أو ريف- في الحقيقة عليه أنْ يختار واحدة من العبوديات التي يقدمها النظام.. أي محاولة للخروج من هذه الخيارات، ستجعل هذا الفرد يزور ❝

❞ وجدت نفسي أقول: انتحر ابن خالتي في برلين قبل شهرين تقريبًا، بسبب أنَّه لم يَعُد يحتمل تلك المجازر. عم الصمت لثوانٍ، ثُم أبدى الجميع أسفهم وعزاءهم، عاتبني المصري لأني لم أخبره، وكان واضحًا أنَّ الجميع قد صُدموا لأني لم أتحدث ❝