عالمي الهادئ
إسماعيل وهدان
127صفحة
2018سنة
روافد للنشر والتوزيع
**بين وعد النهاية السعيدة وواقع الحرب الأسود**
من عنوان عالمي الهادئ ووعد الكاتب بنهاية سعيدة، تتوقع أنك تمسك عمل مبهج يربت على القلب… لكن ما إن تفتح الصفحات الأولى حتى تصطدم بويلات حرب لا ترحم.
رواية تُفتَح برسائل تُقرأ عليك، لتضعك مباشرة أمام حكاية شاب اُنتُزع من دياره ليُجند فى جيش لا يعرف عنه شيئًا، ويُلقى به فى معركة لا يدري عنها شيئًا، ليواجه جيشًا آخر لا يعرف عنه شيئًا أيضًا. ستة جيوش يسمّون أنفسهم أسماء لا يقتنع بها إلا هم، وكلهم ينقضّون على أقوام أبرياء أكثر مما يواجهون المعتدين… وكأنها الكوميديا السوداء التى يعيشها هذا العالم المنكوب.
وسط كل هذا العبث يرى بطل الرواية أبشع صور الحرب، فيبوح بكلمات تزلزل القلب:
> ❞ أنت لن تكره الحرب أكثر مني.. أنت لم تجرب ألم اليقين بأنك ستموت الآن… لم تجرب ألم أن تقتل أحدًا لا تعلم عنه شيئًا… لم تر عينَي شاب يأمل بالعودة لأهله تنطفئان للأبد… كل ما أريده حياة ساكنة، وأن لا أرى دمًا آخر… ❝
عند هذا الاقتباس بالذات… يترقرق الدمع فى عينيك، وقد تعجز عن متابعة السطور التالية من شدة ما تحمله الكلمات من وجع. تستريح قليلًا، تلتقط أنفاسك، ثم تكمل، لتجد شبح الحرب يتجسد أمام البطل، يعيد تشكيل وعيه تدريجيًا، ويؤكد له أنه لن يعود كما كان بعد تلك الحرب الغشماء.
عند هذه النقطة يرتمى البطل على سحر الطبيعة الطيبة، يحاول أن يحيا من جديد بعدما ظن أنه صار شبحًا لا يَرى ولا يُرى. وهنا يضع الكاتب شعلة أمل صغيرة فى منتصف الظلام… يفتح له باب الحب، بقصة رقيقة دافئة تحمل الكثير من التفاؤل.
يقابل البطل عائلة ممزقة، شتّتها القصف وشرّدت الحرب بعضها، حتى صار بعضهم هشًّا لا يلوى على شىء. ومع الوقت يتجمعون ويلُمون شملهم من جديد… لكن الحرب لا تترك شيئًا على حاله.
تنقلب الدنيا مرة أخرى عندما يتألم البطل فى أذنه، فتعود إليه تلك النصيحة القديمة التى تلقاها فى الجيش، فينقذ بها ما تبقّى من قلبه، ليعيش أخيرًا مع حبيبته… أنصاف بشر بعد أن التهمت النيران كل من أحبوهما.
فى هذه اللحظات يتزعزع إيمان قلب الأنثى الطيب بأسئلة وجودية عن الحرب وعن ربّ السلم والحرب. لكن يظهر إيمان البطل هنا ثابتًا، قويًا، يقوّم اعوجاج قلبها الهش بتروٍّ ورفق، حتى تستعيد بعدها تفاؤلها من جديد.
تحاول معه تعمير الأرض، أو حتى جزء صغير منها، فقط ليسترجعا آدميتهما المفقودة.
ثم تأتى النهاية وكأنها تهمس:
ستستمر محاولات العيش مهما طالت الحرب… سيعود التعمير بعد الخراب… سيبقى الصبر والدعاء رفيقين أمام الظلم والبلاء.
ويختتم البطل رحلته بفكرة كتابة مذكراته، ليخلّد وجوده فى عالم لفظه، هو وكل من لم يطلب سوى حياة بسيطة فى سلام.
زين الكاتب العمل بلغة عربية فصحى سلسة مميزة وحساسة جدا وتوجها بغلاف معبر جدا عن محتوى العمل.
رأى الشخصي
رواية أكثر من رائعة… أُرشّحها بشدة.
لكن ترفّقوا بقلوب المكلومين؛ فمن فقد حبيبًا فى الحرب، أو شارك فيها يومًا، فلا أنصحه بخوض هذه الرحلة الشاقة مرة أخرى.
اقتباسات راقت لي
❞ كل الحكايات تنتهي، والنهاية في ذاتها لا تفرق كثيرًا.. فقط أتمنى أننا سنصل لنهايتها الحقيقية بدون أي أحزان أخرى. ❝
❞ أنا لم أفقد إيماني بالرب، برغم إني في لحظات كثيرة أردت هذا.. في لحظات كثيرة شعرت بأن عدم وجود من يسمعني أخف وطأة من أن يكون هناك من يسمعني ويتجاهلني.. لكنني لم أستطع.. ما زلت في بداية كل يوم أسأله بداخلي علامة، تدلني على معنى لكل ما يحدث، أو إشارة أنه موجود.. وأنه يأبه..
- وهل وجدت هذه العلامة أبدًا؟
ابتسمت لها مطمئنًا ❝
❞ أكره العالم.. أكره دفعه لي دومًا نحو الهرب والتعلق بأمل مؤلم بالنجاة. لا نجاة من هذا العالم.. كل الطرق تؤدي للموت.
تجسَّدتُ الموت ينظر لنا في أعيننا بسخرية واستهزاء. أو لا.. هو حتى لا يبالي بنا بما يكفي لكي يسخر أو يستهزئ.. ❝
❞ - لا أريد الهروب. أريد أن أحارب من تسبب في هذا. سأحارب حتى آخر نفس في حياتي. ❝
❞ -الحياة قصيرة. وأنا أقولها حقيقة ليس مجازًا كمن يقول إن الثمانين عامًا يمضون كدقيقة وثلث.. بل حقيقة، كشكٍ في أنني سأكمل الثلاثين من الأصل. لقد رأيت شبابًا ورفاقًا أصغر مني يموتون.. لا بد من انتهاز أقل فرصة.. ❝
#أبجد
#عالمي_الهادئ
#إسماعيل_وهدان
#مسابقةـريفيوهات
#ما_وراء_الغلاف_مع_Doaasaad
#مسابقاتـمكتبةـو



















