ريفيو مسابقة عالمى الهادئ
العمل : عالمى الهادئ
دار النشر : روافد للنشر والتوزيع
الكاتب : إسماعيل وهدان
عدد الصفحات : ١٣٠ صفحة على أبجد
التقييم : ٤.٥/٥
الرواية تأخذنا فى حالة من الحماس المشوب بالحزن من المقدمة، أسلوب الحكاية يدفع فى قلبى ببعض الإطمئنان لنهايتها فالراوى عاش الأحداث كاملة ورأى فيها ما يستحق الخلود فدّونها لتنال أبديّة الحروف بين السطور
لكن طابع نهاية العالم المُسيطر على الأجواء منذ المقدمة هو ما جعل بى من التوجس للأحداث وقد كان!
نبدأ الرواية مع جِرم الذى وضعته الحياة فى محل الجندى المحارِب دون رغبة حقيقية منه، بل والأكثر بؤساً أنه لا يعلم ماذا يُحارب ولصالح مَن؟! فقط يعلم أنه يجب أن يحارب، يقتل أرواحاً لم تأثم شيئاً فقط كى لا يُقتل
فى أثناء تحضيراته للحرب وتلقيه التعليمات مع زملائه لا يعلق بذهنه سوى نصيحة واحدة ويشاء القدر أن تكن هى سبب نجاته فى المعركة وهى: "إن أحسست بضغطٍ عالٍ على أذنيك وأنت فى ساحة القتال، إحتمِ بأقرب ساتر بجانبك، وإسأل الرب الرحمة"
ترتفع وتيرة الأحداث من محاولة هرب جِرم من حطام المعركة ورغبته فى العودة إلى أهله إلى الوقوع فى أسر العدو ورؤيته تنفيذ حكم الإعدام فى زملاءه الأسرى إلى أن ينقلب عالمه مرة أخرى عندما يقع فى أسر من نوع مختلف هذه المرة
بارِج أو من لُقب بشبح الحرب
معه نغوص فى قصة أُخرى بطلها طفل صغير ضعيف يرى الدنيا جميلة فاتحة له كل أذرعها واعِدة له بمستقبل مبهج ملئ بألوان ريشته التى وجدت مكانها بين أنامله المميزة فأبدع بها الرسم فكان له حُلماً أن يرسم يوما لوحة تحوى جمال الكون محتشداً فيها ليعلم العالم من بعده أن أنامله أتقنت إمساك فرشاته لكنه كان حلماً أجمل من أن يُحقق، لعل العِلة كانت فى من إستبدلوا فرشاته وألوانه بالأسلحة والرصاص أو ربما لم يحوى العالم أياً من جمال لتصوره أنامله فى لوحة!
نشأ بارِج على التدريب كمقاتل وأجاد جميع فنون القتال إلا شئ واحد، الرغبة فيه
بعد أن تنازع عليه ضابطا الشرطة العسكرية والقوات الخاصة، هرب بارِج فى أول فرصة سنحت له وإختبأ بمنزله إلا أن تم القبض عليه ووصمه بالخيانة للوطن والواجب العسكرى وأُلقى فى ظلمة ما خلف القضبان وإذ به يجد من يعاونه على الهرب ليضموه معهم فى جيش عُرف ب(جُند الآلهة) وهم من صدق عليهم وصفه فيما بعد بالمجانين
إنفصل عنهم بارِج عندما إكتشف نواياهم وأصبح يُحارب بمفرده جميع هذه الجيوش مستغلاً قدراته القتالية والحسابية الفذة مستثنياً فقط من لم يطلق رصاصة قاتلة فى حياته وهنا يلتقى طريقه مع جِرم الذى سيصبح ذراعه الأيمن ليساعده فى تصفيه العديد من المعسكرات فيما بعد إلى أن ينقلب الأمر فى عشيةً وضُحاها ويقع كلاهما فى أسر جند الآلهة ويتم الحكم عليهما بالإعدام لكن بارِج ينقذ جِرم فى اللحظة الأخيرة مُضحياً بنفسه ليُكمل جرم طريقه فى الحياة عسى أن يحمل نهاية مُغايرة لخاصته.
بعد أيام من الهرب والتيه فى الصحراء يصل جرم إلى جنة خضراء يلتجئ إلى أهلها فيضيفوه ويُكرموا مثواه ويمنحوه العمل والمبيت فيعود له مفهوم العائلة بعد الوحدة والشبع بعد الجوع والإرتواء بعد العطش والأمن بعد طيل الخوف والتيه ولأول مرة كانت الحياة معه كريمة فمنحته الحب لنيرة إبنة العائلة التى تبادله حبه
فى أصفى لحظة تمر بحياة جرم وأسعدها تحدث الكارثة لتقع على قلب نيرة بالحريق الذى طالها مجازاً من إحتراق قريتها وبعد محاولات بائسة لإنقاذ أى شئ يجدا أن عليهما بالفرار قبل أن تأكلهما ألسنة النيران التى لا تُبقى ولا تَذِر
ليخرجا إلى الصحراء لا يملكان إلا حصاناً والذى سرعان ما فقداه فقداناً مؤلماً ليعودا صِفراً للتيه مرة أخرى، إلى أن تهتدى نيرة إلى البدء من الصفر على رصيف ميناء المحيط ببناء بيتاً خشبياً من خشب الأرصفة هناك ويتخذا بقعتهما الهادئة المنفصلة عن العالم ويوافقها جرم بل ويزيد عليها بكتابة رحلتهما وتركها تجول أمواج المحيط حتى يقرأها أُناسٍ ما لا يهم إن كانوا أحياء وقتها أم بعدهم بقرون، لكن حكايتهم ستبقى وسيقرؤها أشخاص آخرين
رأيى فى الرواية:
✨️الفكرة:
️رواية عن الحرب والسلام أحببت فكرتها المختلفة عن المألوف من أعين العامة الزاهدين فى الحرب، البسيطة أحلامهم التى تتمثل فى معيشة هادئة وبيت مستقر آمن.
️لم أتفق مع فكرة بارِج فى محاربة الحرب بالحرب لكن لا أنكر أن هدفه نبيل فقط الطريقة كانت قاسية وخاطئة
✨️الشخصيات:
كانت مؤثرة ومحكمة البناء كلٍ منهم له البُعد النفسى الخاص به والمؤثرات التى ساهمت فى بناء شخصيته
✨️السرد:
️ كان قصيراً وعميقاً فى آنٍ واحد فبعض الجمل تستحق أن تُخلد لما وصفته من دِقة الشعور بأقل الكلمات
✨️الأحداث:
️تنقل الأحداث من الأسر للحرية ومن التيه للأمان فيه رمزية عميقة أن كل عسر لا بد أن يتبعه يُسر وأن
كل حال مصيره إلى زوال
عدم تحديد زمان أو مكان معين جعل التركيز على البُعد النفسى الفلسفى للشخصيات والأحداث بدون السماح للجانب التاريخى بتمويه الفكرة
إرتفاع وتيرة الأحداث بشكل لم يسمح للملل بالظهور ولو للحظة وبالرغم من ذلك كنت أتمنى لو كان للحديث بقية فأعلم نهاية عالمهم الهادئ وأعيش مع أطفالهم أثناء اللعب على رمال رصيف الميناء وأشهد ضيوفهم من المجانين تاركى العالم ليبنوا بيوتاً خشبية إلى جوارهم
بالنهاية إستمتعت بالعمل وهو تجربة أولى لى مع قلم الكاتب إسماعيل وهدان وعلى وعد بتجربة أخرى قريبة
✨️إقتباسات أعجبتني:
"نهاية العالم ليست حدثاً ننتظره، بل هى كل يوم... كل جريمة... كل إنتهاك....وكل سرقة...وكل قتل. نستيقظ كل يوم على نهاية العالم، ونودِّعها قبل أن نغلق جفوننا ليلًا"
"الخوف هو غياب الألم مع توقعه، إذا حل الألم ما عاد هناك خوف"
"أكره العالم، أكره دفعه لي دومًا نحو الهرب والتعلق بأمل مؤلم بالنجاة. لا نجاة من هذا العالم. كل الطرق تؤدي للموت. "
"أسوأ ما يحدث عندما تحارب العالم، أنك لن تدرك أبدا أنك تخوض كل المعارك الخاسرة إلا قرب النهاية"
"لا أدرى ما المنطق فى هذا، لكننى لحظتها تمنيت الموت خوفاً من الموت"
#مسابقة_ريفيوهات_عالمي_الهادئ
#مكتبة_وهبان
#إسماعيل_وهدان

