اقتباسات د. مصطفى محمود

هذا أول يوم أجلس فيه مع نفسي وأنظر وجهًا لوجه في حياتي وأتأملها..

‫ أي حياة!

‫ إني لم أعِش قط.

‫ ليس في حياتي يوم واحد أستطيع أن أقول إنه كان يومي..

هل تعرف كيف تحب المرأة الرجل؟ إنها تحلم أن تكون سكنه وطعامه وشرابه.. وتحلم بأن تجمع شتاته على راحتيها..

أفضل أن أعيش حياة صغيرة أملكها.. عن أن أعيش حياة كبيرة تملكني.. أريد أن أكون حرًّا.. أريد أن أقطع صلتي بكل ما يفرض عليّ واجبات لا أحبها.. أنا أكره الواجبات كلها.

إن القتل عمل غليظ فعلًا.. ولكن تناول النقود المغمسة بالدم وإنفاقها في هدوء في بارات القاهرة بين الرقص والضحك.. عمل أشد غلظة..

‫ وشعرت باليأس.. وبالنفور..

التجارة في حقيقتها هي تنظيم النصب.. والإثراء بعقد الصفقات على الورق فقط بدون شقاء.. وبدون عرق..

إن النصب في كل مكان.. يظهر إنك جديد على أمور الدنيا.

‫ إن الدنيا يا حبيبي نصب في نصب.

أنا مدمنة لحظات سعيدة.. مدمنة دنيا.. اسمع.. إن الدنيا مثل الأفيون تمامًا.. طعامها يصيب الجسد بالخدر والهمود.. وروائحها العطرة تدوخ.. وشمسها تسطل.. ونسيمها يدغدغ الخدود.. وعنبها يسكر.. وخمرها يسكر.. وكل شيء فيها يسكر.. الدنيا مخدرات.

ليس في التجارة شيء اسمه قانون.. التجارة في حقيقتها هي تنظيم النصب.. والإثراء بعقد الصفقات على الورق فقط بدون شقاء.. وبدون عرق..

لا تظني أني ملاك إلى هذه الدرجة إني في الحقيقة شيطان على طريقتي أحيانًا..

يا نساء لا تجدن إلا الثرثرة، إن الله لم يقطع ضلعًا من آدم ويصنع منه حواء.. ولكنه في الغالب قطع لسانه وصنع منه امرأة.

والحياة كلها كانت تلبسني.. وحركاتي تلبسني. وأنا أتضاءل سنة بعد سنة تحت الردم. تحت ركام من كلمات كبيرة لزجة.

سنة بعد سنة وأنا أغوص في أرض رخوة من الأوامر والواجبات والكلمات الغريبة..

قلت.. أنا لا أحب.. وأنا أشعر بدهشة أنا أيضًا لأني أقول ما في نفسي لأول مرة بدون أن ألقي بالًا لأحد..

‫ وفي كل لحظة من هذه اللحظات أشعر أني وحيد متردد خائف.

‫ وأين هي إرادتي؟!

‫ لقد كنت أتردد ثلاثة أيام متتالية في توقيع شيك.. وأنظر فوق كتفي بين لحظة وأخرى.. أنتظر أن يظهر والدي فجأة لأسأله.. هل من الصواب أم الخطأ توقيع هذا الشيك.

‫ كان كل شيء حولي لا يمت لي.. كان كل شيء غريبًا عني حتى ملابسي.. حتى أفعالي.. حتى أقوالي كانت غريبة عني.

‫ وهكذا ظلت حياتي معطلة طوال هذه السنين.. وظللت أعيش طفلًا كبيرًا يملأ قلبي الخوف والاحترام والرهبة..

‫ وكان يعاملنا نحن أولاده كأننا تكية.. ويعيش حياته ويعيش لنا حياتنا أيضًا.

‫ حتى الجاكتة التي ألبسها كانت مسكينة مثلي بلا شخصية تطول وتقصر وتتسع حسب الموضة لا بإرادتي ولا بإرادة الترزي.. ولكن بإرادة التقاليد..

إني لا أعيش.. ولكني أتدحرج كحصاة كبيرة ثقيلة