اقتباسات إبراهيم شلبي

ولم يعثروا على قدمي التي يبدو أن الانفجار قد أطاح بها بعيدًا. و في اليوم التالي عثر بعض أصدقائي على قدمي المبتورة وسط كومة من الركام على بعد أمتار من موقع إصابتي. وقاموا بتكفينها ودفنها.

أخبرني عليوة عن بتر رجله اليمنى عام 2018. إثر إصابته برصاص الاحتلال الإسرائيلي وهو يحمل علم فلسطين خلال مسيرات العودة التي انطلقت في ذلك العام وكان وقتها في السادسة عشرة من عمره كان عليوة ضمن 136 طفلًا وشابًّا تعرضوا لبتر

أغلبنا في فلسطين لا يكبر. نعلم ذلك جيدًا، وبالتبعية فليست لدينا خطط أو أحلام للمستقبل. أحلامنا متواضعة قد تنحصر الآن في الحصول على رغيف خبز أو سندويتش شاورما أو قضاء ليلة لا نسمع فيها دوي انفجارات أنا مثلًا. أقصى أحلامي

فنحن لنا دورة حياة مختلفة عن أي طفل في العالم. فنحن نعرف الموت ونقترب منه ويقترب منا قبل أن نبدأ بفهم الحياة والتعامل معها منذ بداية العدوان الإسرائيلي استشهد أكثر من أربعة عشر ألف شهيد. بينهم أكثر من ستة آلاف

بدأ الموضوع عندما كنت أقف أمام أنقاض بيتين في مخيم النصيرات بغزة دمرهما قصف صاروخي للحي الذي أسكن فيه، فقصدني مراسل إحدى القنوات التليفزيونية وخلفه مصور يحمل كاميرا، وسألني: «لما تكبر شو حابب تصير؟»، فأجبته متعجبًا من السؤال: «لما أكبر؟»،

لن أنسى في حياتي منظر جثمانها المحترق المشوه الذي رأيته في غرفة الموتى بالمستشفى المعمداني.

أغلقت دفتر اليوميات وسقط نظري على العنوان الذي كتبته بخط جميل على غلافه: (يوميات طفل غزاوي).. ابتسمت ابتسامة ساخرة وتناولت قلمي.. وقمت بشطب كلمة طفل.

وقفت بجوار والدي وأطبقت بكفيَّ على ذراعه. شعرت بأننا يجب أن نتبادل الأدوار. إنه يحتاج إلى أن أعزيه أكثر من حاجتي لأن يعزيني. إذ فقد أباه وأمه وابنته وصهره وثلاثة أحفاد، منهم اثنان لم يريا النور شعرت وقتها بأنني قد

دعوني أخبركم بما قاله لي جدي اليوم. قال إنني أجسد الروح الفلسطينية. لم تستطع القسوة أن تنتزع منها الرحمة. ولم يقدر القهر والترهيب أن يسلبا منها الإصرار والشجاعة. ولم يوقفها ضيق ذات اليد عن السخاء. ولم تمنعها الحاجة من

لم يعد في غزة أطفال. فقد حملتنا المصائب في قفزة عبر الزمن، انتزعتنا بها من طفولتنا».

الصهاينة يقولون عنا، نحن الغزاوية، إننا حيوانات بشرية. وضمير العالم يضع حياة الفلسطينيين في منزلة أدنى من حياة الإسرائيليين.

بينما أصبت أنا بجروح وحروق سطحية، ولكن الجرح الأعمق كان في روحي وقلبي نسيت بعدها كيف أكون طفلًا. لم يعد اللعب يستهويني أو اللهو يجذبني كل ما كان يستغرقني هو الحزن والغضب والرغبة في الثأر لدمائهم الزكية التي روت رمال

«تُحدثني عن الطفولة؟ هذه رفاهية لا يعرفها الفلسطينيون. لقد فقدت براءتها منذ أن بدأت أعي الدنيا من حولي شعرت بها تتسرب مني يوم حضرت بنفسي استشهاد أربعة من جيراني من عائلة بكر في قصف صاروخي إسرائيلي ونحن نلعب الكرة على

«أطفال؟ أي أطفال يا سيدي؟ هذا الوصف لا ينطبق على أطفال فلسطين.. فقد انتُهكت طفولتنا وسُلبت منا منذ زمان بعيد. لو كنت رأيت ملامح وجه أخي نصر الذي لم يبلغ العاشرة من عمره وهو يلقِّنني الشهادة لفهمت ما أقصده».

‫ تذكَّرت الرحلة الصعبة إلى المستشفى. أخذت أدور بعينيّ بين عينيِّ والدي المليئتين بالدموع وهو يحتضن جثمان جهاد بذراع وقد وضع يده الأخرى على رأس أمي الشهيدة وأخذ يتمتم بآيات من القرآن الكريم نظرت إلى وجه أمل الذي اختلطت فيه

‫ تذكَّرت رقدتي على الأرض في ساحة استقبال المستشفى.. فلم يبقَ بها مكان على سرير أو نقالة، فحصني أحد الأطباء ونظر إلى والدي نظرة أسف

رضا المرأة عن مظهرها الجسدي أمر مهم في توافقها الاجتماعى، وقد تؤثر المظاهر الجسدية في استجابة الآخرين نحوها، وبالتالي في نظرتها لنفسها فالمريضة تناضل من أجل الشفاء، وتحتاج إلى من يدفعها ويشجعها ويستمع إليها وكثيرًا ما تشعر بعدم الراحة من كثرة الأسئلة الموجهة إليها.

قيل عني: إن كان جوهر قد بنى الحجر، فإن المراغي قد بنى الجوهر.

وقالوا عنها: أم الدنيا التي لا يحكم الحياة فيها المنطق وقواعده حتى صارت أم العجائب. فقلت: وهذا سرها الذي لا تمنح تفاصيله إلا لعشاقها.

ولهذا يصعب حكم مصر على من لا يؤمن بها ومن لم يَعِ قدرها وقيمتها. فلا يليق بحكمها إلا من قرأ التاريخ ووعاه، وتتبع آثارها ومكانتها ففهم ثقل ما تقوم به من أدوار ومسئولية؛