اقتباسات دعاء إبراهيم

بعد فترةٍ انقلب الحال تمامًا. لم تَعُد أمي ترحب بزيارات خالتي. وصارت كلما جاءت خالتي هجم الغَمُّ عليها، كوحشٍ مفترسٍ استطاع أن يستدرج فريسته. كان الغَمُّ يأكل أمي

على مهل لم تجد صيادًا مخلصًا كذات الرداء الأحمر لم تجد مَن يُخرجها من بطن الذئب، ويضع بدلًا منها قالبًا من الطوب لا أحد يخرج سليمًا بعد أن يتم التهامه الحكايات كاذبة من يخرج سيحيا بوجهٍ ممضوغٍ وجسدٍ ممزق، وقتَها سيطرده البشر وينفونه في الغابة وحيدًا، فيصبح بعد فترةٍ وجيزة غولاً، هكذا تولد الغيلان، من بطن المأساة.

‫ في الخارج أشياء جميلة، عملي رغم كل شيء يُسعدني كل هذا الضغط الذي يدكُّ رأسي يسبِّب لي متعةً غريبةً لا أعرف سرَّها ربما يكمن السرُّ في لحظة امتنان من أحد المرضى في الدعاء لي، ولأهلي في عودة طفل إلى الحياة بين يَدَيَّ بعد أن تركها للحظات، في تشخيص حالة مَرضيَّة صعبة، في رؤية الغد بعين مُنجِّم، يرى النجوم، ويضرب الرمل. أقول لهم غدًا سيتحسن. فيتحسن. الوضع أفضل، فيصبح أفضل. "الحالة بتموت"، فتموت.

❞ القرية العجوز التي تشحذ الخبز لا تُعنى بالفتاة. ما يعنيها أن تجد ما تلوكه في أوقات العصارِي وفي ثرثرات الليل. تبحث عن متعة إظهار العيوب وتقليبها على عدة أوْجُه. ❝

‏

لا يعرف الحرب إلا المزروع داخلها

لا وقت لحربٍ خاسرة.

كلنا يربي الوحش داخله؛ لكننا نحافظ عليه هادئًا غير مَرئيّ.

بعد الموت فقط يمكننا أن نتصالح. أن نتجاوز كُلَّ شيءٍ بسلامٍ وهدوء. أن نكسر الدائرة.

الأميرة التي تصير في الليل غولة، ما زال أمامها فرصةٌ للوقوع في الحب. قد يحدث ذلك لو كان العالم أكثر عدلًا، أو لو كُنَّا في عالم آخر.

احكي لي يا ماما، أقولها لك كذبًا، أنا لستُ بحاجةٍ لحكاياتكِ. سأقول لكِ سِرًّا صغيرًا. منذ وجودي داخل الدولاب وأنا أشمُّ رائحتكِ. أعرف أنك هنا. ما زلتِ مختبئة، منذ كُنَّا نلعب الغُميضة.. خلاويص.. لسَّه… خالاويص.. لسه.. خلاص. خلاص. هكذا في لمح البصر. ماما كانت هنا. ثم فجأةً ماما ليست هنا. لماذا ذهبتِ إلى اللـهِ دون أن تقولي "لسه؟".

❞ لكن في لحظة انكشاف الحقيقة، حقيقة أن أباك الذي كنت تراه عبقريًّا، ليس سوى رجل بسيط لدرجةٍ صادمةٍ لأحلامي الساذَجة لصورته داخلي لصورة أمراء الحكايا وما يتمتعون به من وجاهةٍ وعلم هو يشبه كثيرين من البسطاء لكنهم لا يمثلون لي شيئًا،لا ينتمون إلي، ولا انتمي إليهم ❝

في لحظةٍ ما بعدها.. لا أعرف قريبة أم بعيدة. فالوقت يسير بطيئًا كسُلَحْفاةٍ تحاول أن تهزم أرنبًا في سباق عبثي. لماذا نحب السباقات العبثيَّة؟ لماذا ندخلها بكامل إرادتنا؟ .

❞ لا أحد يخرج سليمًا بعد أن يتم التهامه. الحكايات كاذبة. من يخرج سيحيا بوجهٍ ممضوغٍ وجسدٍ ممزق، وقتَها سيطرده البشر وينفونه في الغابة وحيدًا، فيصبح بعد فترةٍ وجيزةٍ غولًا. هكذا تُولَد الغيلان، من بطن المأساة. ❝

"خالاويص.. خالاويص.."، يصلني صوتها المُتهدِّج، وهي تقول: "لسه.. لسه.. لسه…" من داخل الدولاب.

ماذا أعرف عن الألم لأتحدث عنه بأريحيَّة؟! تلك الكلمة التي يقولونها كثيرًا بداعٍ وبغير.

هكذا يتحدَّث الناس عن الموتى، الموتى الوُدَعَاء الذين لا يدمِّرون حياة الآخرين ببساطة!

هل يستحق الأمر كل هذه المعاناة؟!

كلنا نحب الحكايات التي تُحكى قبل النوم. التي توهمنا أن العالم أعدَل مما نظن. وأن الغد ينتظرنا دون أن يُخفيَ خلف ظهره سِكِّينًا.

الأمير لم يحب سندريلَّا لأنها طيبة نقية. الأمير أحبَّها لأنها أعجبته كما تعجب النساء الرجال. نظر إلى جسدها الفارع الممشوق. تأمل كل جزء فيه. وقال هذه لي.

كذبت أُمُّ سندريلَّا حين أخبرتها أن مفتاح نجاتها أن تكون نقيَّة طيبة. لقد كانت كما أمرتها الأم لكنها لم تكسب شيئًا، على العكس خسرت أشياء.

لا أحد يكترث لما خلف اللعنة. حطام الإنسان الكامن خلف الوحش. حين يظهر الوحش، يتقلَّص الإنسان. ينكمش. ينزف. يبكي على قَدَره. يتكسَّر إلى ألف قطعة. لكن الحِكايَةَ لا تهتمُّ بالزجاج المكسور. بالمرآة المتهشِّمة على يد أحد الأبطال. لا يهتمون بما يُخِّلفونه من مُهمَلات. المشاعر الملقاة خلفهم على الأرض لا تثير الفضول. مشاعر الملعونين المسجونين داخل لعناتهم.