اقتباسات سعيد ناشيد

الأشياء التي تمسك بها بشدّة سرعان ما تتسرّب من قبضتك، الأشخاص الذين تتعلّق بهم بحدّة سرعان ما يؤلمون قبضتك، والأفكار التي تتمسّك بها بتشدُّد سرعان ما تكبّل يديك أكثر من ذلك، لديك دافع سريّ إلى التمسُّك والتعلُّق بكل ما يؤذيك

الأشياء التي تمسك بها بشدّة سرعان ما تتسرّب من قبضتك، الأشخاص الذين تتعلّق بهم بحدّة سرعان ما يؤلمون قبضتك، والأفكار التي تتمسّك بها بتشدُّد سرعان ما تكبّل يديك أكثر من ذلك، لديك دافع سريّ إلى التمسُّك والتعلُّق بكل ما يؤذيك

ليست الشجاعة هي أن تقول كذا أو كذا، فقد لا يخلو الأمر من رد فعل غريزي، بل الشجاعة هي أن تدرك بأن ما ستقوله هو عبارة عن قرار يفرض عليك التزامات لأمد قد يطول. أما الكلام الذي لا يلزمك بأي شيء فهو مجرد ظاهرة صوتية مهما علا أو غلا.

مقصود القول، إذا كنت ستبكي طوال الوقت، تأسى، تأسف، تتحسر، وتندم، على الخسارة، فمعنى ذلك أنك تتشبث بالخسارة كخيار نهائي وكنهاية للطريق، ناسيًا أن الخسارة هي التي ترسم الطريق.

‫ فافعل هكذا:

‫ التفت إلى خساراتك وقل لها بعرفان وعنفوان:

‫ شكرًا لك يا خساراتي، لقد كنتُ أنا العابر وكنتِ أنتِ الطريق.

‫ لا تخف ولا تندم ولا تخجل من خساراتك إذا!

من السهل على الإنسان معرفة الخسائر التي قد تمضي، لكن من الصعب توقّع المكاسب التي قد تأتي. إننا في كل لحظة من لحظات العمر نعرف الوجوه التي تموت ولذلك ننعى الماضي، لكننا لا نعرف الوجوه التي ستولد ولذلك لا نعرف المستقبل.

نحتاج إلى الشجاعة لكي ننتصر في معارك الحياة، لكننا نحتاج إلى كثير من الشجاعة لكي نتقبل الخسارة. غير أن معظم معاركنا في الحياة نخسرها بسبب عدم الاستعداد لتقبُّل الخسارات التي هي جزء من صيرورة الحياة.

الشكّ في جدوى الحياة ضروريّ للحياة الذكية، والتي لا يكفيها أن تجد الماء والهواء والغذاء، بل تبحث عن جواب مقنع لسؤال المعنى: لماذا أنا هنا؟ ماذا أفعل هنا؟ لأجل ماذا؟ ولأي غاية في النهاية؟ فإما أنها ستواصل حمل سؤال المعنى وتحمله بصبر وبصيرة، إلى أن يثمر حياة عاقلة، أم إنها ستلقي بالحمل مبكرًا، وتفرّ إلى شتّى أنواع المسكّنات والمهدّئات والمنوّمات.

إنّ الروح القتالية لا تُبنى إلا في سياق تجارب السقوط والفشل. ذلك أن عدم وجود أي سقوط أو إخفاق معناه عدم وجود أي خبرة في التعامل مع خيبات الحياة.

من لم يمتلك شجاعة الوجود لن يستمتع بالحياة وفق وصية أبيقور الشهيرة، لأنّ الذي يخاف من الارتفاع لا يمكنه أن يستمتع بالرؤية الشمولية للمشهد.

من يفتقد إلى شجاعة الوجود يفشل في كل شيء، وحين تنقصه المروءة سيلقي باللائمة على غيره.

‫ من لا يمتلك شجاعة الوجود، سيكون ادعاؤه للشجاعة في بعض المواقف والأحوال مجرّد جبن بأقنعة التهوّر، مجرّد اندفاع انفعالي مجاني، بل، أو بالأحرى حتى، إن بدت بعض ضرباته شرسة بالفعل، فإنها من باب المثل المغربي الذي يقول، «احذروا ضربة الخوّاف».

إذا لم تمتلك شجاعة الوجود فلن تشعر بالأمان في أي مكان من الأرض أو السماء، ولن تتعلم أي جديد في العوالم التي قد تزورها، كما لن تكتسب أي مهارة من أي تجربة قد تخوضها، وستعيش في حالة خوف وسواسي من كل شيء حتى ولو راكمت التجارب ومهما خزنت من المعارف والعلوم.

السعادة مفهوم يدمر نفسه بنفسه.

‫ شوبنهاور أدرك ذلك الأمر عندما اعتبر -في ما يشبه المفارقة- أنّ الشرط الأساسي للسعادة هو عدم البحث عن السعادة. غير أن الخيار الأفضل هو التخلي عن مفهوم يُمثّل حلقة مفرغة.

صحيح أن الحياة تجربة عابرة، قد ينقطع خيطها فجأة وفي أي لحظة، لكنك ينبغي أن تعيشها في كل أحوالك وأحوالها، بأقل ما يمكن من الأسى والخوف والتذمُّر، وبأقل ما يمكن من الشقاء إذًا.

الحياة ساحة حرب، إنها قتال دائم ضد الأمراض والآلام والجوع والعطش والفقد والحرمان والوهن والعلاقات السامة والأفكار الضارة ومختلف مصادر الشقاء البشري، وكما لا توجد معركة جيدة بل مقاتل جيد، فكذلك الأمر في الحياة، حيث لا توجد حياة جيدة بل يوجد إنسان جيد. لكن، وأيضًا، مثلما أن المقاتل الجيد هو من يقاتل بشجاعة ومهارة فكذلك الإنسان الجيد هو من يعيش بشجاعة ومهارة.

ليس دور الفلسفة أن تمنحنا حياة جيدة، أو طيبة، أو سعيدة، فهذا الأمر محكوم بأمور كثيرة في الحياة، ومحكوم بظروف قد يكون مجال الإرادة فيها محدودًا، لكن دور الفلسفة أن تمنحنا شجاعة العيش في كل الظروف التي نصادفها أو قد تفرضها علينا الحياة.

ما يعني أن الانتصار على قساوة الطبيعة لا يأتي من العناد، بل من القدرة على التكيف مع الضربات والهزّات، بكل ما يتطلبه ذلك من مرونة وليونة.

مواجهة قسوة الحياة بقسوة مضادة يهدد صحتنا الجسدية، والعقلية، والروحية، ولا يوفر لنا الحلول التي نرجوها، بل يورطنا في حرب استنزاف خاسرة، ومن ثم يعظم شقاؤنا بلا طائل.

المقاتل الجيد هو من يعرف كيف يتفادى القتال.

القوة التي لا تدرك حدودها سرعان ما تُدمر نفسها بنفسها. غير أنّ من طبيعة القوّة ألّا تُدرك حدودها طالما أنها عمياء بطبعها.

شبَّه شوبنهاور طاقة الحياة بزيت المصباح الذي كلّما اشتدّ اشتعاله ازداد استنزافه وفرغت طاقته بسرعة. يعني ذلك أن عليك ألّا تشعل قنديلك إلّا بالقدر المناسب للجهد المطلوب تبعًا للموقف. على أنّ لحظات الاشتعال الشّديد والاستنزاف السريع هي لحظات الغضب الجامح والإنهاك الشديد، لحظات التشنج، والتوتر، والعناد، والتعصب، والتشدُّد، وما إلى ذلك، وأن ذلك كله يصيبُ عقلك وجسدك في الآن نفسه، طالما هما الشيء نفسه.