اقتباسات مي التلمساني

وحدها تلك الرغبات القليلة، المحددة، التي لم يكتب لها أن تتحقق، ظلت عالقة بالحلق كالغصة. الرغبة في حياة ثانية، بل فرصة ثانية في الحياة نفسها، تلك الرغبة الملحة التي أشقاني عدم تحققها فيما مضى مازالت تشقيني استحالة تحققها في الحاضر.

عشق المكان الآخر ما هو إلا بديل لإحباط الحاضر الماثل لأعيننا

فثمة ذنوب فادحة ارتكبت باسم الفضيلة، باسم الوطن، باسم الدين، لا يرفع أحد إصبعًا لدرئها عنا

كلتانا تحتقر المال على طريقتها، وكلتانا لا تكفُّ عن التفكير فيه لأسباب مختلفة. عندما تحتاج إليه عايدة، تطلبه أو تأخذه، تحصل عليه بأي وسيلة. عندما أحتاج إليه، أحاول الاستغناء عنه، وأفضِّل لو استطعت العمل في مقابل الحصول عليه.

لابد أني مت في عام ثمانية وثمانين. أو أني أحيا في جسد آخر منحتني إياه وزارة الهجرة مع بطاقة اللجوء.

‫ وحدها تلك الرغبات القليلة، المحددة، التي لم يكتب لها أن تتحقق، ظلت عالقة بالحلق كالغصة. الرغبة في حياة ثانية، بل فرصة ثانية في الحياة نفسها، تلك الرغبة الملحة التي أشقاني عدم تحققها فيما مضى مازالت تشقيني استحالة تحققها في الحاضر. عودة غريبة لماضٍ راح وولى تلك التي أستقصيها في أعماق نفسي، لا تقل غرابة عن وجودي الآن في قطار مع شخص يشبهني اسمه كريم، أظن أني سأكره لقاءه مرة ثانية. ولو التقينا مصادفة في القطار فلن أمدَّ يدي بالسلام، ولو جلسنا وجهًا لوجه فلن أرحبَ بأي حديث عابر أو جاد معه. ‬

‫ تترددُ في رأسي كلمة عودة مثل كرة البنج-بونج، وتمتزج الصور والأصوات ببدايات الشعور بالغثيان وتوترات المعدة. أتخيل لو أن كريم عاد لمقعده وعاد المخرج وراء الكاميرا وعاد القطار لوندسور وعادت لينا إلى المحطة وعادت ناهد لبيت حدائق القبة وعدت لأخطبها من أبيها، لو حدث هذا في حلم لصحوت منه شاكرًا أنه مجرد حلم وانقضى. لو عادت بي الأيام لسن الثلاثين لأمزق أوراق الهجرة أو للأربعين لأرفض الوظيفة في مدينة لا تعيش فيها ناهد أو للخمسين لأعترض على فراق لينا لكنت إنسانًا آخر الآن، حرًّا ربما، مقيدًا بقيود أخرى غالبًا، بائسًا في كل الأحوال.‬

صور من فيلم آخر: الأشباح لا تتزاوج. لكنها لا تشعر بالسأم. فهي قادرة على اختراق الحجب. على التحليق فوق القلعة المسكونة. وأيضًا على الغناء في ظلام الليل بصوت شجي.

لا رادع لهذا الحب المستحيل سوى الابتعاد والنأي.

عزمت على أن أغلق باب الاجتهاد في الحب. وأن أعثر على الرجل المناسب للزواج بغض النظر عن المشاعر والرغبات. بحسبة علمية بسيطة، أدركت أني الخاسرة في العشق.

الزوجة الثانية للرجل الوحيد الذي أحببته فمنح حياته لامرأتين غيري.

وبدأ في الانسحاب بهدوء وبلا إفصاح. وكأنه أراد للحب وللصداقة أن يموتا معًا، رويدًا رويدًا. كان يعرف النهاية منذ البداية. يعرف العذاب الذي ينتظرني، ويربت على كتفي بحنان وهو عازم على ما هو عازم عليه.

نختلف حول معنى القرب ويتحول الحب لنثار أوقات مسروقة أعيشها على هامش حياته، كزهرة ملقاة على قارعة الطريق، تموت وتذبل في العشرين وتُنسى كأن لم تكن.

انتبهت لأنه يقود الدفة بوهم أني من يختار، وأني من بيده الأمر والنهي بشأن علاقتنا. يقول إني حرة وهو مكبل. يقول إنه لم يفرض إرادته وظروفه ونمط حياته عليَّ، وإن العكس صحيح.

انتبهت لأنه يقود الدفة بوهم أني من يختار، وأني من بيده الأمر والنهي بشأن علاقتنا. يقول إني حرة وهو مكبل. يقول إنه لم يفرض إرادته وظروفه ونمط حياته عليَّ، وإن العكس صحيح.

بمرور الوقت أيقنت كم كنت أفتقد القرب منه، وكم كان القرب مستحيلًا.

يقول مدللًا على عمق حبه لي إنه بات يعرف كل شيء عني، وأعرف كل شيء عنه. يقول إني أكبر من سني، وإني أقرب إليه من نفسه. ويقول إني أجمل من أن يصدق وقوعي في غرامه.

تتخلى ملامح وجهه عن الابتسام بعيدًا عنهم. يوم عمل طويل والجراح التي يغني لها لا تهدأ ولا تنام، جراح غائرة في الزمن.

❞ ابتلعته في مائها العكر وبدا وكأنها ابتلعتنا معه حيث أمكننا لثانية هي الدهر كله أن ندرك أننا لسنا كائنات منفصلة كما توهمنا، إنما تربط بيننا شبكة من الضرورات المطلقة فيلم بلا ترجمة، بلغة نفهمها دون الآخرين، سر مفضوح ودافئ نحمله إلى القبر كالغنيمة. ❝

‏عين سحرية "قصة في انتظار موت أبي" - مي التلمساني

❞ اكتشف أن غواية الموت أقرب إليه من الوريد، و إلا فما الحياة بلا موت يتكرر؟ ❝

‏

❞ ‫ فكرت أن أختصر المسافة بيننا، أن نتبادل الأدوار كما كنا نتبادلها بيسر يفاجئنا في فترة مرضه كان الوجود ساعتها يتخذ شكل الحلزون وأحيانًا أخرى شكل الدائرة، يظل في دوران مدوخ أو ينغلق على بدايته لكننا كنا نحتفظ بخط رجعة يسمح باعتدال الميزان، ❝