الكل يقول أحبك > اقتباسات من رواية الكل يقول أحبك > اقتباس

‫ وحدها تلك الرغبات القليلة، المحددة، التي لم يكتب لها أن تتحقق، ظلت عالقة بالحلق كالغصة. الرغبة في حياة ثانية، بل فرصة ثانية في الحياة نفسها، تلك الرغبة الملحة التي أشقاني عدم تحققها فيما مضى مازالت تشقيني استحالة تحققها في الحاضر. عودة غريبة لماضٍ راح وولى تلك التي أستقصيها في أعماق نفسي، لا تقل غرابة عن وجودي الآن في قطار مع شخص يشبهني اسمه كريم، أظن أني سأكره لقاءه مرة ثانية. ولو التقينا مصادفة في القطار فلن أمدَّ يدي بالسلام، ولو جلسنا وجهًا لوجه فلن أرحبَ بأي حديث عابر أو جاد معه. ‬

‫ تترددُ في رأسي كلمة عودة مثل كرة البنج-بونج، وتمتزج الصور والأصوات ببدايات الشعور بالغثيان وتوترات المعدة. أتخيل لو أن كريم عاد لمقعده وعاد المخرج وراء الكاميرا وعاد القطار لوندسور وعادت لينا إلى المحطة وعادت ناهد لبيت حدائق القبة وعدت لأخطبها من أبيها، لو حدث هذا في حلم لصحوت منه شاكرًا أنه مجرد حلم وانقضى. لو عادت بي الأيام لسن الثلاثين لأمزق أوراق الهجرة أو للأربعين لأرفض الوظيفة في مدينة لا تعيش فيها ناهد أو للخمسين لأعترض على فراق لينا لكنت إنسانًا آخر الآن، حرًّا ربما، مقيدًا بقيود أخرى غالبًا، بائسًا في كل الأحوال.‬

مشاركة من إبراهيم عادل ، من كتاب

الكل يقول أحبك

هذا الاقتباس من رواية