اقتباسات أحمد الفخراني

‫ من أجل لحظة كتلك أنشأت نعمات البار، خطتها بعيدة المدى التي لم تفصح بها لأحد ولا لزوجها فؤاد المر نفسه، أن تجمع العقول الذكية والموهوبة في مكان واحد، أن يتصدروا الواجهة، كانت تعلم أن بريقهم هو المغناطيس الذي سيجذب إليها عشرات الراغبين في أن ينتموا إلى تلك الطبقة التي ستكبر يومًا بعد يوم، لتصير نافذة فيما يخص الثقافة والفنون، وهم إن لم يملكوا المال فإنهم يملكون جاذبية الذكاء والكلمات، لم يكن نوح إلا فرصة سانحة، ومقابل هذا المقعد ستمتص نقوده حتى الثمالة.

تلك المرة لم تكن قصة توماس إديسون وحدها كافية لإزالة الشك العميق في ذاته، والأسئلة التي تولَّدت في نفسه مما حدث له، لقد كان هناك عالم آخر لا يعرف عنه شيئًا يلوح خلف سخرية نديم من أفلامه، التي أدرك هول رداءتها في اللحظة عينها التي نطق فيها بحُكمه هل أضاع حياته كلها خلف أوهام عن موهبته؟ إن كان ما عرفه طيلة حياته مَحض زيف، فأي يأس ينتظره؟ وهل حُكم نديم كان نهائيًّا، أم أن ثمة أملًا؟ لكن تلك الأسئلة توارت وراء كُفره بذاته.

‫ كان في حاجة إلى معجزة تعيد إليه إيمانه الذي تلقى صفعة كبرى، وقد أتت إليه بأغرب الطرق.

لقد أدرك بفطرته حينها أول دروسه في التقمص: تلك هي الدنيا، سيكون كما أرادت، سيربط عقاله أينما حلت وفي أي صورة كانت، إن كانت تربة خصبة سيكون شجرة، وإن كانت خراء سيصير كنيفًا.

تضحية الحب الكبرى هي تحمُّل الضجر، التجلد أمام انكشاف الوهم، سير الطريق إلى النهاية، هنا فقط قد تنبت زهرته الخرافية كحقيقة، تتجسد العنقاء.

وداعا للشباب، للمرح الجامح، للخسارات التي لا تعنينا كلفتها، للصدام الجريء مع العالم، لشهوة الاشتباك مع كل شيء، للعنف اللامبالي، للثرثرة المجانية.

كأن الموت هو شهوتنا الوحيدة الأصيلة، الطريقة الوحيدة للسير هي باتجاهه، كل ما عداه ليس إلا مخاتلة، مراوغة وطمس لما ننشده حقا.

ظننت أني بالانغماس بتأمل الوجوه والقراءة أصنع فخا مطليًّا بالعسل، يجذب نمل الوقت، يتجمع حوله، فأرديه صريعا.

‫ «أيستند الحب على شيء إلا على أحجار أوهامه؟».

‫ لكن في النهاية لا يوجد للمرء أفضل من مأساته، كرحم يبتلعه، كنقطة ارتكاز تُحيل دورانه من وهم إلى حقيقة تغرس داخله مخالبها.

فلكي يُمحى الألم لا يكفي أن تنسى، بل أن تُنسى، فالثقل الأكبر لا يأتي من ذاكرتك، بل من تذكُّر الآخرين لك.

‫ «لا بد أن ما مررت به بالغ القسوة والأذى، لكن كثيرًا ما نغفل أن الوجود مأساة، علينا أن نتقبلها بشجاعة»

«لكي تصل إلى تفكير جيد عليك أن تتوقف عن التفكير، أن تُبطل عجلة العالم الرهيبة التي لا تكف عن الدوران فلسفة الزن هي المحاولة الوحيدة المعروفة لإيقاف العالم، فما كل هذا الدوران إلا إيهام بالرؤية كل ما عليك فعله هو

لو قدر لي في حياة أخرى أن أختار ما أريده لصرت مغنيا، فبتجاوز شرط تبادل الحديث إلى الطرب، يمكن لي أن أحقق تواصلا حقيقيا مع الناس لا تتبدى فيه اللغة كعجز، بل تندفع عبر الغناء حرة كسيل، دون أن تهدف إلى أن تقتنص شيئا بعينه أو أن توضح فكرة، بل كل ما يعنيها هو الخروج حيث العلاقات ملتبسة والكون الغائم والأشياء عصية على التأويل، كما أن أصحاب الأصوات الجميلة يحظون بالحب دون عناء.

لو قدر لي في حياة أخرى أن أختار ما أريده لصرت مغنيا، فبتجاوز شرط تبادل الحديث إلى الطرب، يمكن لي أن أحقق تواصلا حقيقيا مع الناس لا تتبدى فيه اللغة كعجز، بل تندفع عبر الغناء حرة كسيل، دون أن تهدف إلى أن تقتنص شيئا بعينه أو أن توضح فكرة، بل كل ما يعنيها هو الخروج حيث العلاقات ملتبسة والكون الغائم والأشياء عصية على التأويل، كما أن أصحاب الأصوات الجميلة يحظون بالحب دون عناء.

⁠‫الوقت الذي يسبق نومي يصير ذُعرا خالصا، فكل ما أظن أني قذفته إلى النسيان، ينتظرني كغُول متربص، ككلاب متوحشة في نواصي الشوارع، كصخرة فوق فراشي عليّ أن أدفعها بعيدا كل يوم، لكنها تتدحرج إلى سفح نومي في الليلة التالية.

لعينيها استدارة فنجانَي قهوة، عميقتين وداكنتين.

يخوض معه صراعا خفيا