اقتباسات أحمد الفخراني

. . خبير بفك أعمال الشئون السفلية للمصالح الحكومية والدليل الأول للتائهين في دهاليزها».

تمنيت لو أني كنت من ارتكبت الخطأ الذي بسببه رُفضت هديتي ولُعنت لا أنتم، فلو لم تكن كلماتكم هي الحقيقة، فما الحقيقة إذن؟ إن كان ما عرفته قبلكم زيفًا وإن كان ما فهمته عنكم أيضًا محض زيف، فأين أضع قدمي،

شاهد أحلامه القديمة بحياة أسعد وهي تذوي وتموت وتتفتت مع الصور التي تلاشت جميعًا، إلا من صورة واحدة تشبهه ولا تشبهه في الآن عينه، فقد كانت صورة خاوية، لكنه لم يستطع أن يتوقف عن التحديق إليها.

وبدا أن لا علاج لها سوى أن يتشبث بشجاعة التخلي، لكن ما إن بدأ في التخلص منها، حتى استعادت قيمتها في عينيه، كأنه يكتشف نبع حياته المطموس تحت ركامها، كل قطعة تخبره كم كان مليئًا بالأمل والأحلام

«الماس للجميع يا هانم، للجميع. لولا الشر وجشع الإنسان لسقط على الناس من الأشجار، لوزِّع كهدايا مجانية على قسائم الشراء، لجمعه المتسولون من الخرائب وأكياس القمامة

«يظنون أن بإمكانهم شراء الذكاء، لكن كيف يحصلون على ما لا يؤمنون به»

فهو لا يعرف من الدنيا سوى الشقاء والكدح كوسيلة لبلوغ كل مرمى وهدف، رغم ذلك آمن أن كسله هو سر شقائه وفشله، دائمًا هناك شيء ما لم يبذله ولم يعرف أبدًا ما هو.

وتعجب من أن يخضع لها بتلك الطريقة، قال لنفسه: «إلى من يخضع أمير سوى إلى ملكة».

لقد لمس جُرحًا، كاد ككل جراحه التافهة والرهيبة أن يفجر حياته إذا ما أمعن النظر فيه للنهاية

كرر القصة لنفسه آلاف المرات، كعزاء لرغباته المستحيلة وطموحاته التي لم تتنازل عن عناق السماء، لكن أليست الحكايات، كل الحكايات، هي عزاء طويل لفشل الإنسانية الممتد والعميق؟

لكن ما نهرب منه يسعى حثيثًا إلينا ويتنكر وعيده كبشارة.

لا يتورط في حوار بأكثر من جمل بسيطة يستعملها في إغلاقه،

تفوح من عينيه رائحة ضغينة مقدسة تطال كل شيء حتى نفسه

وينشرخ صدره بأكوام من المعسل التي نفثها ليذيب تراكم خيبات الأمل.

" لقد أحب نوح كل شيء في العالم، الجمال تحديدًا، الذي كان يكتشفه حتى في أكثر الأشياء قبحًا. "

كنت أعرف يقينًا أني خدعت، بل إن كل ذرة فيَّ كانت تؤمن أني أستحق ما حل بي، فلا شيء يحمي المغفلين، لا القانون ولا الشفقة ولا ذاتي الحمقاء التي كلما جاهدت للفرار من حقيقتها، لطخني وحلها أكثر

ألهذا يصر أن يجمع حوله من أسماهم الموهوبين ويحصن نفسه بقوة ضد الحمقى هل تلك هي المقايضة، عراب بلا فكرة واحدة سوى امتصاص دخان الرءوس التي تجلس حوله؟

كانت أيامًا حلوة، كان كل شيء ممكنًا في الخيال، وفي هذا الشق أقاموا حياة كاملة تتحدى القبح، لكن الأحلام تبخرت، لم يجذب البار «موهوبي» المدينة، ولم يستدعِ روحها الساكنة والتي لا تصحو حرة من قيد الرداءة وسلطة العفن إلا في الليل كما يؤمن يسري الحلو، وكتب علي الأمير ذات مرة في تنظيرة شاعرية ما زالت معلقة على أحد جدران البار ‫ خسر البار بالطبع، وكاد أن يغلق أبوابه بعد ست سنوات، بعد أن هجرته جماعة «باب الحقيقة»، تبخروا جميعًا بعد اتهامات متبادلة، وانتقلوا إلى بار آخر فوق سطح أحد فنادق وسط البلد.

«لم يأتوا لإيذائنا أو للتجسس علينا بل كي يمنحونا الخلاص، أن يهبوا الذكاء والموهبة للجميع، لكن فاتهم إلى أي مدى تغلغلت جذور العفن والرداءة في روح المدينة، فقد لوحقوا وأوذوا، ولم يصمد تنكرهم طويلًا أمام قدرات أمن الدولة الخارقة، مات أغلبهم من التعذيب في المعتقلات والسجون، من نجح في الفرار طارده بطش الناس عقابًا لهم على فرادة دمائهم الخضراء، شُردوا، جاعوا، لم ينج منهم إلا فضائي واحد، ذلك الذي أتى إلينا وهو على وشك الموت، وعندما جاءت السفينة الأم لتعيده، أقسم أن يرجع مرة أخرى ليدمر تلك المدينة الظالم أهلها بطوفان لا يبقي ولا يذر، إلا جماعتنا التي قرر أن يكافئها على حسن معاملتها له، فوعدنا بالنجاة إن نحن اعتصمنا بسفينته من الماء وعلامتنا ذلك الحجر».

استخدم نديم عناوين مكتبة أبيه التي لم يقرأ منها حرفًا لإنشاء سمعة زائفة كمثقف عتيد، وكان يعيد تدوير ما تناثر إلى سمعه من مناقشات حولها في جلسات والده والتي كانت أقرب لصالونات تضم ألمع العقول وأنبلها أتاحت له جلسات بار ليالينا تطوير قدرته على إعادة إنتاج ما يسمعه، وقد أضاف إليها حماسة مبشر مستعد للقتل بكل ما أوتي من قوة الترهيب وإشاعة الرعب وتكتيكات إرباك الخصوم دفاعًا عن أشخاص أو آراء أو أعمال فنية قد أشارت إليها نخبة بار ليالينا بالإعجاب، أو لدفنها إذا ما أشارت إليها المائدة باحتقار، وهو ما وفر له الحماية ومقعدًا في البار، فرغم أن تنكره كواحد منهم قد كُشف سريعًا، فإنهم قد حدسوا فائدة أن يتولى عنهم أمثال نديم الصبان الأعمال التي قد تلوث أيديهم ومكانتهم.