اقتباسات من رواية سراب دجلة

للمرة الأولى منذ رؤيتي لعيونك الصغيرة عند ولادتك وأنا أتلقَّفك من يدَي الداية أشعر أن ظهري أصبح عاريًا، ربما تكون تلك المرة الأولى التي أخبرك فيها بتلك الكلمات، ولكنك دومًا كنت بعيوني أمان المستقبل الذي راقبته مع تطوُّر حركتك ونُموِّك أمامي،

"أَهِي هي هي الحدوتة

‫ مش كنت بتزرع هنا في أراضي الغير

‫ وآخر الحُول تكون اتهدِّيت والغير ياخد الخير

‫ عندك نفس القصة يا حراجي

‫ صدَّق وتعالَ

‫ لو كان راح يدُّوك كانوا ادُّوك

‫ همَّا ما عاوزين منَّك يا حراجي غير حيلك

‫ لمِيتَى ها نقعد عُبَطه كده.. يلعب بدماغنا ديكي وده

‫ هاودني وعَاوِد يا رويجي

‫ عاود وتعالَ

‫ ادي عندك قراطين ازرعهم

‫ وحدَاك عيال.. تنهب جهدك على مين؟!!

‫ دي عباد شرسة..

‫ بكفاية ست أحوال"

‫ عبد الرحمن الأبنودي

كانوا خائفين في الأَسْر واستمر خوفهم في الوطن، كانوا ناجين، ولكنهم كانوا تعساء.

‫

دومًا تمضي الحياة لا يُوقفها ولا يعطلها فقدان حكاية أو ألم لرواية لم تكتمل أو اكتملت بنهاية سيئة، تتخطى الحياة كل العقبات وتستمر..

الاستسلام يعني الموت في الظلام دون أن يراك أو يشعر بك أحد، وليس هناك أقسى من أن تعيش مُتخبطًا ثم تموت وحيدًا، واليأس هو أن تضيع المجهود الذي عانيته لتصل إلى تلك النقطة فتلقى نفس مصير المستسلم، والنجاة لن تعرفها إلا بعد أن تحققها مهما تعددت قبلها محاولاتك أو صاحَبها الفشل.

‫ لم تُعطه الحياة ما يريد، كانت المشاكل هي مَنْ تبحث عنه بلا حيلة منه، لم يكن يريد سوى الحياة، يريد أن يزرع ويحصد ويأكل من عمل يديه، يريد الخير لأسرته دون مشاكل ودون صراعات ويبحث دومًا عن سيرة عطره يتذكَّرها الناس حينما يفارق.

كان صديقه دائمًا كتاب من ميراث جده.

أنا أعرف الحرب وأعرف مأساتها، حتى المنتصر يخسر، رفعتُ رأسي بالنصر منذ سنوات، ثم نكَّستها حتى لا يرى دموعي أحد على فراق أخي وأعز أصدقائي، ذهبنا معًا وعدت وحيدًا منتصرًا أمام الجميع، وخاسرًا أمام قلبي، ما خسرتُه في الحرب يا ولدي وما خسرتُه بسببها وبعد نهايتها لم يستطع النصر أن يعوضني عنه.

نظراته عبر نافذة السيارة الخلفية بينما تبتعد حفزت دموعه على مغادرة مقلتيه. كثيرًا ما رأى ذلك المشهد على شاشة التلفزيون في أحد الأفلام الرومانسية بالمقهى، ولكنه لم يعرف معنى شجن الرحيل إلا عندما جرَّبه.

في الحرب يا ولدي حتى المنتصر يخسر.

- في الحرب يا ولدي لا وقت للحزن