اقتباسات من رواية أنثى العابد: الرقص سيرة حياة

فضّ المظروف، ساعدني بفحته.

القاهرة تتمدد أحياء ومدنًا جديدة وأسواقًا كبيرة وبشرًا متعددين، إلاّ أن النيل يظل راسخًا لا يشغله التجديد أو التكنولوجيا، لا يهتم كيف أصبحنا نتراسل، من الورق إلى البريد الإلكتروني، من الهاتف الثابت إلى المتحرك، من البرقية إلى النت.

وهنا ركع سيف أمامي لم يهتم بنظرات الناس وقدّم لي خاتم الخطوبة وألبسني إياه، يوم لم أنسَه، أتذكره من وقت لآخر جو مفعم بالسحر والحب والنيل يرقص بهدوء الرقص ذكرى قديمة أتوقف عندها وأغمض عيني برهة أستمع لصوت موسيقي خيالي، وطرقات كعب راقص.

والدتك فنانة مبدعة، وكانت متحفظة بعض الشيء إذ إنها لم تكن تظهر في النوادي الليلة، الرقص كان بالنسبة إليها فنًا يليق بها بكونها أنثى جميلة تقدم استعراضًا راقيًا، للأسف عاد الرقص في زمننا كما ابتدأ بسبب حالة التدين المنتشرة،

يمنحنا محبة ذواتنا، وتفهم أجسادنا، نفرغ الطاقات السلبية المشحونة في داخلنا ندور حول أنفسنا في الرقص، وكأن الكون كله يدور معنا بحرية وكأننا أسياد ولنا سيطرة عليه، وهو كاليوغا، ويساهم في التخلص من الأمراض مثل السكري، وينشط الدورة الدموية،

وكما قال (جن ليك هينج) في كتابه (موجز تاريخ الأرداف)، وهو ما يختص به الرقص الشرقي أو الأقرب إلى وصفه، فأصبح أكثر انسيابيًّا عند اهتزاز الردف بعدما كان الرقص بحدودية الظهر والسيقان، فالروح المنفلتة من القيود تتلبس جسد الأنثى الراقصة،

والدي كان من قبل خطيب مسجد ومتصوفًا. عرفت عنه أنه يحضر بعض الحضرة ويرقص مع الدراويش وينشد معهم. كنت أراه راقصًا أيضا كأمي باختلاف معناه وتوجهه. رأيتهما بجسد واحد وهو جسدي. لذلك رقصت النوعين، واستمتعت بهما معًا.‏

وكأنني (كوزيت) وأبي (جان فلجان) في (البؤساء) منظره بائس، وكأنني الشيء الوحيد الذي أصبح يملكه كجان فلجان بعدما حوصر واتُّهم بمصدر ثروته، لم يعد يملك شيئًا غير كوزيت.‏ ‫ ‏هيأ لي كل سبل الحياة السعيدة، رغم شوقي لجديّ وأخي أدهم،

لم أتوقع يومًا أنني من أصول صعيدية، هذا يعني أنني سأعيش أجواء الصعيد التي سمعت عنها يومًا، رغم أن التصور كان مثيرًا بعض الشيء إلا أنني شعرت بالخوف، ولكنني عرفت تدريجيًّا أن أبي يعيش وحيدًا، وأنني سلواه الوحيدة في الحياة .

تركتهم جميعًا دون إجابة وخلوت مع نفسي لا أدري لماذا لم أبكِ. متلبدة، غائبة الحس، عالم جديد يُكتب لي، وجوه لم أعتدها سوف تحل مكان أحبائي. بيت جديد ووجه لا أعرفه سيكون لي كل شيء!

يحملون نعشها فخرجت من البيت إلى المسجد القريب محملة على الأكتاف صُلي عليها بعد صلاة العصر ودُفنت في مقابر عائلتها حضر العزاء رغم اعتزالها بعض زميلاتها في الفرقة الشعبية قديمًا، فاجأتني الراقصة لوسي بحضورها أيضًا لم أتوقع أنها تعرف والدتي.

(أمي اسمها سمارة) بشعر أسود جميل طويل، وعينين واسعتين سوداوين ورثتهما عن جدتي الهندية الأصل وبريطانية المنشأ، وجسد رشيق بسبب الرقص والجينات الوراثية؛ فقد كانت جدتي أيضًا راقصة في صباها، هذا ما علمته متأخرًا حاولت أمي أن تعلمني الرقص وكذلك جدتي أحيانًا .

وأخي أدهم شقيقي لم يفرق بيننا، علمت أنه فقط أخي من أمي، وكان ذلك في المدرسة عندما وجدت اختلافًا بين اسم أبيه واسم أبي سبّب ذلك صدمة لي حينها، وأدركت الحقيقة ساعتها لكن ظل هناك سؤال ملح: من هو أبي؟‏

جميلا جدًا 🥀