فيض الخاطر - الجزء الثاني > اقتباسات من كتاب فيض الخاطر - الجزء الثاني

اقتباسات من كتاب فيض الخاطر - الجزء الثاني

اقتباسات ومقتطفات من كتاب فيض الخاطر - الجزء الثاني أضافها القرّاء على أبجد. استمتع بقراءتها أو أضف اقتباسك المفضّل من الكتاب.

فيض الخاطر - الجزء الثاني - أحمد أمين
تحميل الكتاب مجّانًا

فيض الخاطر - الجزء الثاني

تأليف (تأليف) 5
تحميل الكتاب مجّانًا
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


اقتباسات

كن أول من يضيف اقتباس

  • وأكبر شقاء العالم الإنساني — أفرادًا وأممًا — أتى من أنه جهل قوانينها، أو عرفها ولم يسر عليها. ولا أمل في سعادته حتى يعلم، وحتى يعمل وفق ما يعلم.

    مشاركة من Wafa Bahri
  • نعم قد تعرَّض لنقد الحالة الاجتماعية في عصره أبو العلاء المعري، ولكنه لم يحقق غرضنا من ناحيتين: من ناحية أنه فصل في تعديد نواحي الفساد، ولكنه لم يحلل كل ناحية كما ينبغي؛ قال بفساد القضاة وفساد رجال الدين وفساد الأمراء وفساد المرأة، ولكنه لم يحلل تحليلًا تفصيليًّا نواحي هذا الفساد وأسبابه وجنايته على العالم؛ وله بعض العذر في ذلك؛

    لأن الشعر لا يفسح المجال لهذا التحليل؛ ولو عالج هذه الموضوعات نثرًا مرسلًا لتأتى له ذلك.

    وثاني الأمرين في شعر أبي العلاء أن نزعته لم تكن نزعة إيجابية في الدعوة إلى الثورة وإصلاح الحال، ولكنها دعوة سلبية إلى الزهد وترك الدنيا. ونحن إنما ننشد العمل الإيجابي والإصلاح الإيجابي والانغماس في الحياة لمعالجتها لا الهروب منها.

    مشاركة من Wafa Bahri
  • أنه لما اختلط المسلمون بالأمم الأخرى في العصر العباسي، وعرضت عليهم آثار الأمم وخاصة اليونان، نقل الناقلون إلى اللغة العربية فلسفة اليونان وطبهم وجغرافيتهم ورياضتهم وهندستهم؛ ولكنهم لم ينقلوا أدبهم ولا شعرهم ولا قصصهم ولا تمثيلهم؛ فكان موقفهم غريبًا، إذ سمحوا للعقل أن يتغذى بأنواع أخرى من الغذاء، ولم يسمحوا للعاطفة أن تتغذى بأنواع أخرى من الفن! بل أمعن في باب الغرابة أن يسمحوا بنقل نظريات فلسفية تتعارض في صميمها مع الدين الإسلامي، ولم يسمحوا أن ينقلوا ضروبًا من الشعر والأدب اليوناني لا تتعارض مع الإسلام في شيء! ولقد كان يكون في هذا التصرف بعض العذر، لو أن منبعهم في الشعر الذي يستقون منه منبع إسلامي، أما ومنبعهم الوحيد هو الشعر الجاهلي الوثني بما فيه من لات وعزى، وخمر وميسر، وشرك وأوثان. فالأمر جد غريب!

    أعتقد أن من أهم الأسباب في ذلك أنه لو كان حملة لواء الأدب في العصر العباسي عربًا خلصًا لسمحوا للآداب الأخرى أن تعرض عليهم، ولأخذوا منها ما تستسيغه أذواقهم، وتجيزه مداركهم؛ ولكن كان أكثر حملة لواء الأدب أعاجم استعربوا. والأعجمي إذا استعرب كان قصارى همه وغاية كده أن يصل في فنه إلى العربي الأصيل، ولا تحدثه نفسه أن يبتكر في القديم، أو يجدد في الشيء الأصيل. أترى المصري — مهما بلغ في إتقان اللغة الإنجليزية — تحدثه نفسه أن يبتكر في الشعر الإنجليزي؟ أو الشامي مهما بلغ في إجادة اللغة الفرنسية أن يبتكر في الشعر الفرنسي؟ إنما يبتكر في الإنجليزية والفرنسية الإنجليزي الأصيل والفرنسي الأصيل؛ لأنه من الناحية النفسية لا يشعر فيها بعجز طبيعي، فكذلك الشأن في العربي الأصيل والأعجمي الحامل لواء العربية في العصر العباسي، وهناك من غير شك أسباب أخرى..

    مشاركة من Wafa Bahri
  • في حضرة اللانهاية ومناظرها يشعر الإنسان بالتسامي والرقي، ويشعر بلذة التغير من حياة مادية كلها أكل وشرب وشهوات، وتشع عليه اللانهاية من نفسها فيحن إلى اللامادية، ويسبح في التجرد، ويحتقر ما هو متقلب فيه أثناء حياته اليومية، وتلمع في نفسه لمعات برق مضيئة يود لو طالت، ولكنها لا تطول، فسرعان ما تجذبه أرضيته إلى الأرض، وماديته إلى المادة.

    في هذه المواقف تتحرك العاطفة الدينية، فهذه اللانهاية الصغرى تذكر الإنسان باللانهاية الكبرى، وهذه الأزلية الأبدية المحدودة نوعًا ما، تذكر بالأزلية الأبدية المطلقة، وهذه ضعة الإنسان أمام جلال البحر والشمس والأفق وما إليها، تذكره بضعة هذه كلها أمام خالقها، وتجرُّد النفس أمام هذه المناظر يطمعها في الخلود، على حين أن انغماسها في المادة يبعث فيها الشره؛ لتنعم أكثر ما يمكن من النعيم قبل أن يدركها الموت، ثم هذا الغموض في هذه المناظر يذكرنا بالموضوعات الدينية التي دقت عن الفكر وسبح فيها الخيال، كالنعيم المقيم، والعذاب الدائم، والجنة والنار، واللوح والكرسي والعرش، وما إلى ذلك.

    أمام هذه المناظر الجليلة، والمناظر الجميلة، والمناظر اللانهائية، تنبعث صرخة من أعماق القلب: «هنا موضع سجود».

    مشاركة من Wafa Bahri
  • إنما طلب محمد الحق من طريق أسمى من ذلك كله، وأرفع من ذلك كله: طلبه من طريق القلب، وأعلن أنه لم يطلب علمًا ولكن طلب إيمانًا، فأعلن أنه أمي وفخر بأمّيته؛ لأن القلب فوق اللغة، وفوق الكتابة والقراءة، وفوق العلم، وفوق المنطق؛ وهو القدر المشترك بين الناس، لا يؤمن بحدود اللغة والجنس، ولا يؤمن بحدود اللسان والألوان. من أجل هذا لم يذهب — وقد حار — إلى معلم يعلمه الكِتَاب، ولا إلى مثقَّف بالكتب والأديان، وإنما فضل على ذلك كله غار حراء حيث الطبيعة — على فطرتها — مفتوحة أمام قلبه، وحيث يتصل هو وهي بربها وربه. لقد اهتدى إلى الصراط المستقيم، واتجه اتجاه الأنبياء، لا اتجاه الشعراء والعلماء، وتهيأ للأمر العظيم، فلمعت في قلبه الشرارة الإلهية، كما يتهيأ السحاب فيلمع البرق. لقد أضاءت له هذه الشرارة الإلهية كل شيء، وكانت رسالته من جنس هدايته؛ فرسالته أن يبعث الحياة في القلب، ويبعث الضوء إلى النفس، كالقمر يستمد نوره من الشمس، ثم يعكس أشعته الجميلة على الناس، يشترك في الاهتداء به العالم والجاهل، والذكي والغبي، والفيلسوف والعامي، على اختلاف فيما بينهم؛ لأن لديهم جميعًا قدرًا مشتركًا من القلب صالحًا للاهتداء ..

    وليست العقول مسايرة في الرقي والانحطاط للقلوب، فقد يكون مريضُ القلب صحيح العقل، وقد يكون صحيحُ القلب مريض العقل، ومقياس صحة الاستفادة من النبوة صحة القلب لا صحة العقل؛ فلذلك آمن بلال قبل أن يؤمن عمرو بن العاص، وأسلمت جارية بني مؤمل قبل أن يسلم أبو سفيان.

    مشاركة من Wafa Bahri
  • كل أدب في العالم خاضع للنقد، ولا يرقى إلا بالنقد؛ كما أن كل أدب لا يمكن أن يحيا وينهض إلا باقتباسه من حين إلى آخر من الآداب الحديثة، والمقارنة بينه وبينها، حتى تعرف جوانب قوته وجوانب ضعفه، ثم يستفاد من هذه المقارنة بإدخال ما توحي إليه من إصلاح.

    مشاركة من Wafa Bahri
  • إن كان ما أقول حقًّا، وكان ما وصفت داء، وجب أن نضع له الدواء، والدواء في نظري أشياء.أهمها: ألا يكون في برنامج المدارس الثانوية دراسة للأدب الجاهلي وما يشبهه كأدب جرير والفرزدق والأخطل. وبعبارة أدق — أن يكون لنا نوعان من الدراسة: نوع للخاصة كقسم اللغة العربية في الجامعة والأزهر ودار العلوم، وهؤلاء يدرسون كل شيء في الأدب العربي قديمه وحديثه، جاهليه وإسلاميه ما استطاعوا؛ فهم يدرسون الأدب الجاهلي كما يدرس رجال الآثار الآثار القديمة، وكما يدرس رجال التاريخ التاريخ القديم. أما غير المتخصصين كطلبة المدارس الثانوية وأشباههم فحرام أن يضيعوا أوقاتهم في دراسة الأدب الجاهلي وهم لا يعلمون من الأدب شيئًا، وحرام أن نلوي عقولهم وأذواقهم بالمعلقات وأشباهها، وهم لم يتكون ذوقهم الأدبي بعد؛ فيجب أن يقطعوا مرحلة التعليم الثانوي بدراسة نماذج من القرآن الكريم ونماذج من الأدب الحديث ومختارات سهلة عذبة من الشعر العباسي وأمثاله، على شرط أن يكون هذا الأخير متفقًا والذوق الحديث، ملائمًا في موضوعاته وفنه لحياتنا الحالية؛ فان نحن قرأنا لهم شيئًا من الشعر الجاهلي فعلى شريطة أن يكون سهلًا عالميًّا لا صعبًا موضعيًّا؛ ولخير لهم ألف مرة أن يقرءوا أدب المعاصرين وشعر المعاصرين من أن يقرءوا للشنفرى وتأبط شرًّا وجرير والفرزدق؛ فإن هؤلاء المعاصرين يشعرون شعورهم، ويكتبون بلغتهم، ويتعرضون لموضوعات تهمهم، ويتذوقون بذوقهم، فإذا أكثر الطلبة من قراءة مؤلفاتهم استطاعوا أن يقطعوا مرحلة كبيرة في سبيل رقي لغتهم وتكوّن ذوقهم. وليس يفيدهم شيئًا أن يضيعوا سنة أو أكثر في دراسة مختارات من المعلقات، وسنة أخرى في دراسة مختارات من جرير والفرزدق والأخطل، وليت الأمر اقتصر على عدم الفائدة، بل إن ضرره محقق في إفساد ذوقهم وضياع زمنهم.إن الأمم الأخرى الحية كإنجلترا وفرنسا تدرس لطلبتها شيئًا من الأدب القديم، ولكن قديمها ليس كقديمنا، فعمر الأدب الإنجليزي والفرنسي حديث لا يمعن في القدم إمعان الأدب الجاهلي، بل إن نحن وقفنا عند العصر العباسي كنا أقدم منهم. وشيء آخر، وهو أن أدب هذه الأمم — مهما قدم — وليد حضارة تشبه حضارتهم التي يعيشون فيها، ووليد بيئة اجتماعية هي أصل لبيئتهم الاجتماعية الحالية، فهم إذا درسوا هذا الأدب القديم تذوقوه كما يتذوقون حضارتهم، ووجدوا فيه موضوعات من جنس موضوعاتهم. أما الأدب الجاهلي فوليد بيئة مختلفة تمامًا عن بيئتنا الحالية، وتحتاج في فهمها إلى تخصص تام لمعرفة البداوة وشئونها وأحوالها حتى نستطيع أن ندرك أدبها، وهذا القدر لم يدركه المتخصصون فكيف بالطلبة؟

    إني أسائل رجال الأدب بإخلاص: ماذا استفاد طلبة المدارس من دراسة الأدب الجاهلي في إنشائهم وفي معلوماتهم وفي تربية ذوقهم؟ لا شيء إلا أن يمثلوا دور الببغاء، يحفظون ما يلقى عليهم حتى إذا نقشوه على ورق الامتحان تخففوا منه سريعًا، ولو أنهم صرفوا هذا الزمن في دراسة الأدب الحديث لنما الأدب الحديث وأزهر، ورقى ذوق الطلبة وأثمر.

    مشاركة من Wafa Bahri
  • كان غزل الأدب الجاهلي حزينًا بائسًا؛ لأن أرض الجاهليين بائسة فقيرة؛ ولأن سكانها كثيرو الرحلات وفي تنقل مستمر، والآباء يستنكرون من اجتماع الحبيبين؛ فما بال الغزل العباسي وغير العباسي حزينًا بائسًا، والخير وفير، والحبيب قريب؟ بل ما بال الغزل في الإماء حزينًا بائسًا والأمة في اليد ولا يستنكف مالكوها من حب ووصال؟وكان أدباء الجاهلية يفتتحون قصائدهم بالنسيب إذا أرادوا مدحًا أو أرادوا هجاءً أو

    أرادوا أي غرض؛ لأن هذا يتفق وذوقهم؛ فما بال الأدب الذي أتى بعد ينحو هذا المنحى وقد تغيرت الظروف؟

    وما بال الشاعر العباسي يقصد إلى الممدوح التركي أو الفارسي فيتغزل بدعد ويهيم بدعد، في أبيات طوال حتى يصل إلى الممدوح وقد أضناه التعب؟وكان الشاعر الجاهلي يقطع الفيافي والقفار على ظهور الإبل، فيصف عناءه، ويصف طريقه الوعر، ويصف هزال ناقته، وهو في ذلك صادق كل الصدق؛ ولكن ما شأن مسلم بن الوليد وأبي نواس وأبي تمام والبحتري، والممدوح في بغداد والمادح في بغداد،

    والشاعر يسير على رجله خطوات ليصل إلى الممدوح فلماذا يحشر في الوسط ناقة وبيداء ونحو ذلك؟

    وكان الشاعر الجاهلي يخرج للبادية، ويصعد الجبال ويهبط الوديان، ويصيد الوحش، ويرى المها والغزلان، وعيون المها وجيد الغزلان، فيشتق تشبيهاته مما يرى ومما يحس ويلمس؛ ولكن أين المها في بغداد أما عليّ بن الجهم حين يقول:«عيون المها بين الرصافة والجسر»وأين المها والوعل في مصر والأندلس، حتى امتلأ بذلك كله شعر مصر والأندلس؟

    وكان الشاعر يرحل في صحبه، فإذا وقف على دار محبوبته استوقف أصحابه يعينونه على البكاء؛ وقد حدث لأمر ما أن قال «امرؤ القيس» الجاهلي: «قفا نبك» بصيغة التثنية، وكان في هذا صادقًا؟ فما بال «حافظ إبراهيم» في مصر، ولا دار ولا أطلال ولا صحب، يقول في مدح الشيخ محمد عبده:

    بكّرا صاحبيَّ يوم الإياب

    وقفا بي في عين الشمس قفا بي

    ويطول بي القول لو أخذت في تعداد هذه الأشياء التي لا علة لها إلا سلطان الأدب الجاهلي على الأدب العربي.ولعل هذا كان من الأسباب التي جعلتهم يقولون: «إن أجود الشعر أكذبه» أفليس كل هذا كذبًا في كذب؟

    مشاركة من Wafa Bahri
  • رفعوا من قيمة كل شيء جاهلي وغلوا في تقديره؛ فالماء الحقير في مستنقع جاهلي أفضل من الذكر من دجلة والفرات والنيل وكل أنهار الدنيا، والجرادتان اللتان غنتا النعمان كان صوتهما وغناؤهما خيرًا من كل صوت وغناء، ودَوسَر كتيبة النعمان بن المنذر أقوى جيش عرفه التاريخ، وأيام العرب في الجاهلية ووقائعها الحربية لا يعادلها أي يوم من أيام المسلمين، وجبلا طيئ خير جبال الدنيا، وحاتم الطائي لا يساوي كرمه كرم، حتى الرذائل لا يصح أن يساوى برذيلتهم رذيلة. فليس أبخل من مادر، ولا أشأم من البسوس، ولا أسرق من شظاظ!

    مشاركة من Wafa Bahri
  • لقد آن لنا أن نفك هذه الأغلال كما نفك قيود الاستعمار سواءً بسواء؛ لأن الأدب الجاهلي يستعمر عقلنا وذوقنا، فيشلنا شلل الاستعمار.

    وآن لنا أن يكون شعر كل أمة عربية، وأدب كل أمة عربية، صدى لشعورها وسجلًّا لأحداثها وتغنيًا بعواطفها وتوقيعًا على موسيقاها،

    وآن لنا أن يكون موضوع الشعر خلجات نفوسنا وتمجيد طبيعتنا، وتاريخ ما يحدث بين أيدينا.

    مشاركة من Wafa Bahri
  • أليس عجيبًا أن يفتح المسلمون بلاد الدنيا ثم لا يقول الشعراء في ذلك شيئًا يذكر؟ أو ليس عجيبًا أن يكتسح التتار العالم الإسلامي، ثم لا يقولون في ذلك أيضًا شيئًا له قيمة؟ ثم تأتي الحروب الصليبية، وتكون عجبًا من العجب، وتستمر السنين تلو السنين، وتكون ملعبًا للعواطف، وتتوالى فيها الأحداث تذيب القلوب وتصهر النفوس، ثم يتحول أكثر ما قيل فيها إلى مدح الملوك الفاتحين أو المنتصرين، ولا يقال إلا القليل في المعنى السامي المجرد عن الأشخاص؟ وكل ما يلتمس من التعليل الصحيح أن يقال: إن الجاهليين لم يقولوا شعرًا في هذه المعاني فلم يقل في ذلك من بعدهم!أليس من السخرية ومما يستوجب الحسرة والأسى أن يترك الشعراء هذه المواقف كلها وأمثالها مما يقع سمعهم وبصرهم، فلا يحركهم إلا «قفا نبك» و«مال الغبيط»، فإن جددوا في شيء فأن يكون الممدوح سيف الدولة بدل الغساسنة، وأن يكون المادح المتنبي بدل الأعشى؟

    لا. لا. اللهم إن هذا منكر لا يرضيك. وهذه جناية قتلت الأدب العربي ووقفته أكثر من ألف سنة حيث كان، والزمن سائر والعالم متغير!

    هل في ذوقنا الآن أن نبدأ الشعر في حادثة اجتماعية بالغزل؟ وهل في ذوقنا نحن الآن أن نملأ الشعر بأماكن البادية ومياه البادية وجبال البادية وأودية البادية؟ وهل في ذوقنا نحن الآن أن نتغنى برائحة العرار والخزامي، وأن نرعى الشيح والقيصوم؟ لا شيء من ذلك،

    ولكنه التقليد المخجل والحرية المفقودة. أليس مما يستوجب الهزؤ والسخرية أن يكون تقسيم البارودي للشعر في القرن العشرين هو تقسيم أبي تمام للشعر في القرن الثالث؟!

    مشاركة من Wafa Bahri
  • ... لأن تقديسنا للأدب الجاهلي حصر الشعر العربي في نفس الموضوعات التي صيغ فيها الشعر الجاهلي، من مديح وهجاء، وفخر وحماسة، وغزل ورثاء؛ ولم يمس الشعراء عواطفهم الحقيقة ولا حالتهم الاجتماعية إلا مسًّا رقيقًا.

    وإلا فخبرني: أين الشعر العراقي الذي تجد فيه الشعراء يتغنون بمناظر العراق الطبيعية، ويصفون فيه أحداثهم الاجتماعية؟ وأين الشعر الشامي أو المصري أو الأندلسي الذي يشيد بذكر مناظر الطبيعة وأحوال الاجتماع للشام ومصر والأندلس؟ إنك تقرأ الشعر العربي، فلا تعرف إن كان هذا الشعر المصري أو عراقي أو شامي إلا من ترجمة حياة الشاعر، أما القالب كله فشيء واحد، والموضوع كله واحد، مديح أو رثاء أو هجاء أو نحو ذلك مما قاله الجاهليون.

    مشاركة من Wafa Bahri
  • لقد وجد في العصر العباسي لأول عهده معسكران: معسكر يدعو إلى القديم وعدم الحيدة عنه، ومعسكر يدعو إلى التجديد وعدم التقليد؛ فكان زعماء المعسكر الأول أمثال الأصمعي، وأبي عمرو بن العلاء، وابن الأعرابي، وكان هؤلاء رواةً أكثر منهم أدباء، وكانوا علماء لغة أكثر منهم نقدة أدب؛ فغلب عليهم بطبيعة ثقافتهم أن يتعصبوا للقديم وخاصة الشعر الجاهلي، وكان أبو عمرو بن العلاء يرفض الاحتجاج حتى يشعر الأمويين، ولا يقر بفضلٍ للمحدَثين: ويقول عن المحدَثين: «ماكان عندهم من حسن فقد سُبقوا إليه، وما كان من قبيح فهو من عندهم». وربما أعجبه شعر جرير أو الفرزدق فيقول: «لقد حسُنَ شعر هذا المولّد حتى هممت أن آمر صبياننا بروايته».

    وقرأ رجل على ابن الأعرابي أرجوزة لأبي تمام على أنها لبعض الهذليين فقال: اكتب لي هذه. فكتبها ثم قال له: إنها لأبي تمام فقال: «خَرِّقْ خَرِّقْ» ومثل هذا كثير.

    وأما المعسكر الثاني فكان يدعو إلى استحسان الحسَن القديم كان أو لمحدَث، واستقباح القبيح لقديم كان أو لمحدَث، وكان من هؤلاء أبو نواس،

    _.......

    ولكن هذه الحرب انتهت مع الأسف بنصرة الدعاة إلى القديم. والسبب في ذلك أنهم كانوا أكثر بالخلفاء اتصالًا، وأكثر أتباعًا وأشياعًا، وأنهم من مكرهم صبغوا دعوتهم صبغة دينية، فقالوا: إن الشعر الجاهلي هو أحد المصادر في تفسير القرآن، وعليه نعتمد في شرح المفردات وبيان الأساليب. وفاتهم أن الاحتفاظ بالشعر الجاهلي لهذه الأغراض لا ينافي مسايرة الأدب للزمان والمكان. على كل حال نجحت دعوتهم، وأخفتوا صوت مخالفهم، وساد في هذا العصر تقديس الشعر الجاهلي وكل شيء جاهلي. وقد عجب الجاحظ عجبي هذا في كتاب «الحيوان»، فقد ذكر أن غالب بن صَعْصَعَة كان أكرم من حاتم، ولكنه لم يشتهر شهرته؛ لأن غالبًا كان إسلاميًّا وحاتمًا كان جاهليًّا «والناس بمآثر العرب في الجاهلية أشد كلفًا»، وتعجب فقال: «ما بال أيام الإسلام ورجالها لم تكن أكبر في النفوس وأجل في الصدور من رجال الجاهلية مع عظم ما مَلَك المسلمون وجادت به أنفسهم!» ومهما اختلفت الأسباب فقد كانت هذه هي النتيجة: غلبة الأدب الجاهلي، وسطوته، وتقييد الأدب العربي بكل القيود التي قيد بها الأدب الجاهلي، ولعلني لا أجد أوضح تعبيرًا عن ذلك من ابن قتيبة، مع أنه كان يزعم أنه من المجددين، إذ يقول: «ليس لمتأخر الشعراء أن يخرج عن مذهب المتقدمين، فيقف على منزل عامر أو يبكي عند مشيد البنيان؛ لأن المتقدمين وقفوا على المنزل الداثر والرسم العافي، أو يرحل على حمار أو بغل ويصفهما؛ لأن المتقدمين رحلوا على الناقة والبعير، أو يرِد على المياه العِذَاب الجارية؛ لأن المتقدمين وردوا على الأواجن الطوامي، أو يقطع إلى الممدوح منابت النرجس والآس والورد؛ لأن المتقدمين جَرَوا على قطع منابت الشِّيح والعَرار». اللهم إن هذه دعوة لم يُفسد الأدبَ مثُلها، فهو وأمثاله يطلبون إذا ركب الشاعر طيارة أن يتغزل في الناقة، وإذا شم وردًا أن يتغزل في العرار،

    وإذا سكن قصرًا أن يتغزل في الأطلال، وإذا عشق ثريا أن يتغزل في هند.

    فأين إذًا صدق العاطفة وصدق الوصف، وأين حرية الأديب، وأين دعوى أن الأدب سجل الحياة؟

    مشاركة من Wafa Bahri
  • وكتب عمر بن الخطاب إلى أبي موسى الأشعري: «خذ الناس بالعربية، فإنه يزيد في العقل ويثبت المروءة»

    مشاركة من Wafa Bahri
  • الحديث عن سلمان الفارسي ..

    " ينشأ سلمان على دين وثني فيخلص له حتى يكون الموكَّل بالنار المقدسة يوقدها ولا يتركها، ثم يجيل عقله في هذا الدين فلا يرتضيه. ويبحث عن دين يعجبه فيهتدي إلى النصرانية، ولكن ليست النصرانية الشعبية، ولا النصرانية التي يحترفها رجال الدين، إنما هي النصرانية المتبتلة التي يخلص لها بعض أفراد قلائل من رجال الدين؛ فينقطعون عن العالم زهدًا وورعًا، ويتصلون بالله اتصالًا وثيقًا، ويبيعون له أنفسهم، فيتصل سلمان بأحدهم، ويتخرج على يده، ثم يلتحق بثان وثالث، كلما مات أحدهم استنصحه سلمان فيمن يتبعه من بعده. حتى إذا بلغته دعوة محمد اشتاق أن يراه، وأن يسمع منه، وأن يمتحن صدقه وإخلاصه. ولكن الشُّقّة بين الشام ومدينة الرسول بعيدة كل البعد، عسيرة كل العسر، فيمر به قوم من كلب ذاهبون إلى الحجاز، فيسألهم أن يحملوه معهم نظير بقرات له وغنيمات فيفعلون. حتى إذا كانوا في بعض الطريق غدروا به وباعوه رقيقًا ليهودي، فاتصل باليهود وعرف دينهم أيضًا، فإذا هو على علم بالوثنية والنصرانية واليهودية، وتنقلت به أيدي اليهود، حتى وقع في يد رجل من يهود بني قُرَيظة الذين يسكنون المدينة، فتم له ما أراد، واتصل بالنبي وامتحنه، فعرف صدقه فأسلم، وأعانه النبي ﷺ على فك رقه فتحرر.

    حتى إذا كانت السنة الخامسة للهجرة — وقد تجمعت الأحزاب على رسول الله، من قريش وقائدها أبو سفيان، وغطفان وقائدها عيينة بن حصن، ومعهم يهود المدينة — رأى المسلمون أن يحتموا منهم بضرب الخندق على المدينة. ولم يكن حفر الخندق من عادة العرب في حروبهم، ولكنه من مكايد الفرس، فروى المؤرخون أن الذي أشار به سلمان الفارسي. ويخرج أميرًا على جيش من جيوش المسلمين لغزو فارس في عهد عمر، فيحاصرون حصنًا من حصون فارس، فيقول له المسلمون: ألا نقاتلهم يا أبا عبد الله؟ فيقول سلمان: دعوني حتى أدعوَهم كما سمعت رسول الله يدعوهم. فيقول لهم: إنما أنا رجل منكم فارسي، ألا ترون العرب تطيعني؟ فإن أسلمتم فلكم مثل الذي لنا وعليكم مثل الذي علينا، وإن أبيتم إلا دينكم تركناكم عليه وأعطيتمونا الجزية عن يد وأنتم صاغرون. ويكلمهم بالفارسية فيقولون: لا نؤمن ولا نعطي الجزية. فيقول الجيش: ألا نقاتلهم؟ فيقول: لا. فيدعوهم ثلاثة أيام إلى مثل هذا، فإذا أصروا قاتلهم ففتحوا الحصن. •••أظهر ما في صورة سلمان بعد ذلك شيئان: علمه وطريقة حياته. فأما علمه فهو مساير تمام المسايرة لما رووا من تاريخ حياته؛ فهو رجل تعمق في الوثنية حتى عرف أسرارها ووُكل بشعائرها، ثم عرف النصرانية وأخذ عن رهبانها، وانقطع لدراستها وتطبيقها، وكان يتحرى المشهورين من رجالها فيرحل إليهم ويتصل بهم، ثم وقع في يد اليهود فرأى منهم كيف يعبدون وسمع منهم ما يروون، ثم أسلم واتصل أكبر اتصال بمنبع الإسلام في أزهر أيامه. فكيف لا يكون بعدُ عالمًا؟ وناحية أخرى من العلم وهو ما أتيح له في حياته، ولم يُتَح لأكثر الصحابة في عهد النبوة، تلك تطوافه في أعظم الممالك الممدنة قبل اتصاله برسول الله، فقد نشأ في فارس ورأى مدنيتها وخبر أهلها وورث دماءها، ثم رحل إلى الشام ورأى مدنية الرومان وعرف أحوالها، وتنقّل — كما يقولون — بين الموصل ونصيبين وعمورية وغيرها. وكان إذ ذاك في سن ناضجة، فقد وصل إلى المدينة وأسلم وهو في نحو الخمسين من عمره. هذه الدراسات الدينية المختلفة، وهذه التجارب الكثيرة المختلفة، تجعل منه — من غير شك — في جزيرة العرب شخصًا ممتازًا بالعلم. لذلك روي عن علي بن أبي طالب أنه سئل عن سلمان. فقال: من لكم بمثل لقمان الحكيم؟ ذاك امرؤ منا أهل البيت، أدرك العلم الأول والعلم الآخر، وقرأ الكتاب الأول والكتاب الآخر. أما نوع حياته فقد تبع طبيعة مزاجه الذي لازمه منذ نشأته، فاعتكف في الوثنية، وترهب في النصرانية، وتزهد في الإسلام. وهذه النزعة التي جعلته يحل مكانًا بارزًا بين رجال الصوفية. لقد آخى رسول الله ﷺ بينه وبين أبي الدرداء، ولعل سبب الإخاء ما بينهما من تشابه في نزعة الزهد، ولكن أبا الدرداء غالى فرأى من الزهد أن يصوم نهاره ويقوم ليله، حتى تشكو منه امرأته، فيقول له سلمان: إن لأهلك عليك حقًّا، فصلِّ ونم، وصم وأفطر. فيبلغ ذلك النبي ﷺ، فيقر سلمان على قوله. أما سلمان فيتزوج ويظن أن العرب قد أهدروا العصبية، فيخطب بنت عمر، ناسيًا ولاءه وناسيًا أن العادات لا يمكن أن تُستأصل فجأة، فيأتي إليه قوم عمر يرجونه أن يعدل عن هذه الخطبة، فيعدل ويقول: والله ما حملني على هذا إمرته ولا سلطانه، ولكني قلت: رجل صالح عسى الله أن يُخرج مني ومنه نسمة صالحة، ثم يتزوج في كِنْدة، فإذا تزوج كره أن يفرش له، ويصيح في أهل زوجته: أتحولت الكعبة هنا أم هي حُمّى؟ ويسأله العرب على عادتهم في الصباح: كيف وجدت أهلك؟ فيردّ عليهم: ما بال أحدكم يسأل عن الشيء قد وارته الأبواب والحيطان؟ كان — إذًا — يتزوج ويعمل بما أوصى به أخاه أبا الدرداء من أن لبدنه حقًّا ولأهله حقًّا، ولكنه كأبي الدرداء لا يرى السعة في العيش، ولا الترف في الحياة، فكان شعاره دائمًا ما كان يكرره: «ليكن بلاغ أحدكم من الدنيا كزاد الراكب». ويفتح على المسلمين ويخصص لكل منهم عطاء حسب الأسبقية في الإسلام، فيكون عطاء سلمان نحو أربعة آلاف درهم، فيخرج عنها ويعيش من عمل يده عيشة الكفاف. ويؤمّر على المدائن (كما يروي بعض المؤرخين)، فلا يحفل بإمارة ولا يحيطها بمظاهر الأبهة والعظمة والسلطان؛ بل يعيش كما كان، يخطب الناس في عباءة، ويخرج على جمار عريّ، وعليه قميص قصير، فيضحك من رآه ويشبهونه بلعبة، فيبلغه ذلك فيقول لمبّلغه: دعهم فإنما الخير والشر فيما بعد اليوم. ويكره الإمارة فيتركها ويقول: كرَّهني فيها حلاوة رضاعتها ومرارة فطامها.

    ويسكن أبو الدرداء بيت المقدس ويتولى فيها القضاء، ويدعو أخاه سلمان إلى الأرض المقدسة، فيكتب إليه سلمان: إن الأرض لا تقدس أحدًا، وإنما يقدس الإنسان عَمَلُه، وقد بلغني أنك جُعلت طبيبًا ١، فإن كنت تبرئ فنعمَّا لك، وإن كنت متطببًا فاحذر أن تقتل إنسانًا فتدخل النار. ويظل في المدائن حتى يموت بها سنة ٣٥هـ في آخر خلافة عثمان، ويزوره الأمير سعد بن مالك في مرض موته فيقول سلمان: أيها الأمير اذكر الله عند همك إذا هممت؛ وعند لسانك إذا حكمت، وعند يدك إذا قسمت، قم عني. ويطلب من زوجته وهو على فراش موته أن تأتيه بصرة من مسك كان قد ادخرها، فيأمر بها أن تُدَاف وتجعل حول فراشه، وإذ ذاك يسلم روحه إلى خالقه. "

    مشاركة من Wafa Bahri
  • فأكثر أسباب اضطراب المثقف ناشئ من أنه غبي يريد أن يكون ذكيًّا، أو ميال بطبعه إلى العزلة والانكماش يريد أن يكون وجيهًا شهيرًا، أو عالم يريد أن يكون أديبًا، أو أديب يريد أن يكون عالمًا، أو صرح يريد أن يخادع ويمالق، أو خجِل يريد أن يكون وقحًا، أو متزن نواحي العقل يريد أن يكون نابغًا شاذًّا … إلخ. فهو يحاول ويحاول، ثم يخفق ويخفق؛ لأنه يكلف النفس ضد طباعها. وهذا الإخفاق يهز نفسه هزة عنيفة تسبب له القلق الروحي والاضطراب النفسي. هو بذلك يريد أن يكون إنسانًا صناعيًّا وهو مخلوق إنسانًا طبيعيًّا، فالتوفيق محال. فخير نصيحة لهذا وأمثاله أن تقول له: «كن نفسك، ولا تَنْشُدْ إلا مَثَلكَ».

    مشاركة من Wafa Bahri
  • لأمراض النفس أسباب عدة: من حالة صحية، وبيئة اجتماعية، وبذور ميكروبات تسربت إليها من كتب قرأتها، ومقالات طالعتها، وأحاديث سمعتها، ومناظر رأتها، إلى غير ذلك. ولعل أهم مرض نفسي يصيب طائفة المثقفين سببه أنهم لا يريدون أن يكونوا أنفسهم ويريدون أن يكونوا غيرهم.

    مشاركة من Wafa Bahri
  • أن الناس لا يؤمنون بأطباء النفوس إيمانهم بأطباء الأجسام، فهم لا يعتقدون في صلاحيتهم، ويشكون كل الشك في قدرتهم على علاجهم، فيستسلمون للمرض النفسي كما يستسلمون لمرض جسمي استحال شفاؤه ولم يستكشف دواؤه؛ إن كان هذا فعلى الطب النفسي أن يثبت قدرته ويبرهن على نجاحه حتى يقبل الناس عليه ويؤمنوا به. وقد يكون السبب أن الناس يؤمنون بسهولة أمراض النفس وقدرتهم على علاجها والاشتفاء منها من غير طبيب، فما عليه إن كان حزينًا إلا أن يضحك أو منقبضًا إلَّا أن يتسلى؛ وهذا خطأ بين، فأمراض النفوس كأمراض الجسم فيها ما يداوَى بحِمْية، وفيها ما يستعصي على الطبيب الماهر والخبير الحاذق.

    مشاركة من Wafa Bahri
  • الرجل لا يزال يتشاعر حتى يكون شاعرًا، ويتخاطب حتى يصير خطيبًا، ويتكاتب حتى يكون كاتبًا؛ فتصنَّع الفرح والسرور والابتسام للحياة حتى يكون التطبع طبعًا.

    مشاركة من Wafa Bahri
  • إنك تذهب إلى المدرسة لِتُرَبَّى نفسُك حتى تتحقق سعادتك ويسعد بك غيرك، فإنك تحمل في داخلك أنواعًا من القوى، من شهوات وإرادة وعقل. ووظيفة المدرسة الصالحة أن تعلمك كيف تخضع شهواتك لعقلك، وأن تقوى إرادتك لتكون القوة التنفيذية لحكم العقل على الرغبات والغرائز والمشاعر. إن المدرسة تكوّن في داخلها مثلًا أعلى من مجتمع صغير ليتكون من نفسه فيما بعد مثل أعلى للمجتمع الكبير. إنها تعلِّم كيف يسعد الفرد بالتعاون مع رفقائه لتعلم بعد كيف يسعد بالتعاون مع أفراد أمته. إنها تعلمك من أنت في نفسك، ومن أنت في مدرستك لتعرف بعدُ من أنت في قومك.

    مشاركة من Wafa Bahri
1 2
المؤلف
كل المؤلفون