اقتباسات من كتاب قلق مستعمل: رحلة إلى دروب السكينة

القلق يخبرك أن السعادة لا تدوم، أن شيئًا سيئًا سيحدث قريبًا، أنك لا تستحق أن تكون بخير. وهكذا، حتى في اللحظات الجميلة، تجد أنك تخوض معركة داخلية ضد عدو غير مرئي.

القلق لا يحب الفراغ، لذلك يملأه بالأسئلة التي لا إجابات لها، بالحسابات التي لا تنتهي، بالتحليل المفرط لكل موقف وكل كلمة وكل نظرة عابرة.

القلق هو ذلك العدو الذي لا يأتي بصوت عالٍ، لكنه يهمس في الأذن، ينسج المخاوف مثل خيوط العنكبوت، حتى نجد أنفسنا عالقين فيها دون أن ندرك كيف وصلنا إلى هناك.

هكذا يتحول القلق من محفّز إلى عقبة، من دافع إلى سجن، ومن مجرد إحساس عابر إلى وحش خفي يلتهم الثقة بالنفس، ويترك صاحبه حائرًا أمام أبسط التحديات.

أن التعب ليس في الجسد، بل في عقل لا يعرف السكون.

ذلك الخوف الذي لا يُرى لكنه ينهش الداخل، تلك الأعراض المزلزلة التي لا تُقال لكنها تهزّ كيانك، وتلك اللحظات التي تجبرك فيها الحياة على التظاهر بالثبات رغم أنك ترتجف من الداخل.

❞ حين لا تعترف بحقك في الخطأ، تصبح حياتك محكومة بالخوف. تخاف من اتخاذ القرار، لأنك قد تندم. تخاف من تجربة الجديد، لأنك قد تفشل. تخاف من التعبير عن نفسك، لأنك قد يُساء فهمك. وهكذا، بدلًا من أن تعيش، تصبح حياتك ❝

كنتُ أخرج من وسواس إلى آخر، لا أترك لنفسي لحظة هدنة، كأنني في محكمة عقلية لا تتوقف، والقاضي والجلاد والضحية هم أنا.

أعيش كمن يسير على حافة السكين، أتحاشى السقوط في أي لحظة. كل تقاطع مع البشر كان مغامرة محفوفة بالمخاطر، كل لقاء، كل نظرة، كل كلمة، كنت أقرأها كتهديد محتمل، كأنني في معركة غير مرئية لا تنتهي.

التفكير وسيلةٌ يا صديقي، لا تجعله غاية. وإلا ستجد نفسك تحارب الوسواس بوساوس أخرى!

يا صديقي، لا تجعل نهايتك أن تقول: «لقد واجهتُ في حياتي الكثير من المشكلات التي لم تحدث».

‫ بل اجعلها: «لقد عشتُ، سقطتُ، نهضتُ، أحببتُ، فشلتُ، لكنني كنتُ حيًّا».

إن كنت ستخشى شيئًا، فاخشَ أن لا تكون هنا حقًّا، أن تمر السنوات وأنت لم تعشها، أن تتحول حياتك إلى ظلّ حياة، وأن يكون كل ما تبقى منك مجرد قلبٍ خائف، وعقلٍ مرهق، وسنين لم تُعش كما ينبغي.

لا بأس بالتعب، لكن لا تنسَ أن تنهض، أن تأخذ نفسًا عميقًا، أن تخبر هذا العالم أنك لم تنتهِ بعد، أنك ما زلت هنا، وأنك ستعيش رغم كل شيء.

لأن القلق سيظلّ يهمس لك بأنك لست كافيًا، وأن عليك فعل المزيد، لكن الرفق بنفسك هو أن تجيب هذا الصوت قائلًا: «أنا أبذل ما في وسعي، وهذا كافٍ».

لكن الحقيقة أن القسوة على الذات لا تصنع منك إنسانًا أفضل، بل تجعل حياتك أشدّ وطأة، وقراراتك أكثر ارتباكًا، وخطواتك مقيدة بالخوف من الخطأ.

قل لنفسك: «ليس كل ما أفكر فيه يستحق التصديق أو التحليل».

سامح نفسك، حتى لو كنت قد أخطأت بالفعل، فالأخطاء جزء طبيعي من الحياة.

ذكّر نفسك بأن السعادة ليست خطرًا، وأنك لست ملزمًا بالقلق طوال الوقت.

فالخوف من المستقبل يجعل الإنسان يعيش وكأن المصيبة وقعت، لكنه لا يجد القوة التي تنزل على المبتلين، فينهار تحت شيء لم يحدث أصلًا.

الإيمان بالقدر لا يمنع الإنسان من السعي، لكنه يحرره من القلق المبالغ فيه بشأن النتائج.