اقتباسات من كتاب قلق مستعمل: رحلة إلى دروب السكينة

القلق يريد منك أن تكون مثاليًّا في كل شيء، لا يسمح لك باختيار عادي، يريد أن تضمن أن قرارك لن يحمل تبعات سلبية، حتى لو كانت غير مهمة. وهكذا، تتحول أبسط الخيارات إلى معارك داخلية لا تنتهي.

القلق لا يسمح لك بأن تغلق الصفحات القديمة، يعيد فتحها مرة بعد مرة، يعيدك إلى مواقف انتهت، يجعلك تفكر: ماذا لو كنت قلت كذا بدلًا من كذا؟ ماذا لو كان الآخر لا يزال غاضبًا مني؟ ماذا لو كنت مخطئًا دون أن أدري؟

❞ تذكر..

⁠‫القلق ليس عدوًّا بسيطًا يمكن هزيمته بضربة واحدة، بل هو خصم يحتاج إلى وعي دائم ❝

❞ القلق الطبيعي هو شعور يساعدنا على اتخاذ الحذر والاستعداد، بينما القلق المرضي يصبح عائقًا يؤثر على حياتنا اليومية. ❝

❞ لا تصدّق كل أفكارك: ليس كل ما يخطر ببالك صحيحًا، وليس كل إحساس بالتهديد يعكس واقعًا حقيقيًّا ❝

‫ نحن غالبًا ما ننصح المرضى بتجاهل حالتهم والتركيز على شيء آخر، لكن مع القلق، الأمر مختلف. التجاهل لا يؤدي إلا إلى المزيد من القلق، ومحاولة إنكار المشاعر لا تمحوها، بل تجعلها تتجذر أكثر. لذلك، فإن أحد أقوى أساليب التعامل مع القلق هو الاعتراف به، ولكن مع وضعه في إطاره الصحيح: أنا مريض، لكن هذا ليس أنا.

دماغك ليس عدوك، لكنه أحيانًا يعمل ضدك عندما يكون في حالة قلق. تعلم كيف تتعامل مع هذه التغييرات العصبية، وستجد أن القلق يصبح أقل سيطرة على حياتك.

‫ القلق لا يأتيك دفعةً واحدة، بل يتسلّل إليك عبر تفاصيل صغيرة، يضع في يدك عدسة مكبّرة يجعلك ترى كل شيء مضخّمًا، كل كلمة لها دلالة خفية، كل نظرة تحمل حكمًا، كل موقف يحتاج إلى تحليل وتفسير وتأويل. فجأة، تصبح الحياة ساحةً ممتلئة بالفخاخ، وأبسط اللحظات تتحول إلى مصدر للتوت

من أكبر دهاءات القلق أنه لا يختفي تمامًا، بل يتلون ويتغير شكله. ربما تهزم فكرة مقلقة، فتظن أنك قد انتصرت، لكن القلق لا يتوقف، بل يتحول إلى فكرة أخرى، ربما أكثر تعقيدًا، وأكثر إقناعًا. إنه مثل الماء، إذا سددت طريقه في مجرى واحد، وجد له منفذًا آخر. يخرجك من مخاوف قديمة ليدخلك في مخاوف جديدة، وكأنما كل باب يُغلق أمامه يفتح له بابًا آخر أكثر ظلمة.

القلق ليس مجرد شعور عابر، وليس مجرد استجابة لحظية لموقف ضاغط. إنه اضطراب ذكي للغاية، خصم مراوغ يجيد التخفي والتسلل، يتحرك داخلنا بحذر، لا يواجهنا بشكل مباشر، بل يلتف حول أفكارنا، يتلاعب بمنطقنا، يزرع الشكوك، ويقودنا في متاهات لا نهاية لها. القلق هو ذلك العدو الذي لا يأتي بصوت عالٍ، لكنه يهمس في الأذن، ينسج المخاوف مثل خيوط العنكبوت، حتى نجد أنفسنا عالقين فيها دون أن ندرك كيف وصلنا إلى هناك.

إن كل الذين اضطربت نفوسهم، أدركوا متأخرًا أن الرفاهية لم تكن في يدٍ مملوءة، بل في قلبٍ لا يرتجف خوفًا مما ينقص. لم تكن في بيوتٍ واسعة، بل في صدور لا يضيق بها العيش. لم تكن في الطرق المفتوحة، بل في خطى لا تعرقلها المخاوف.

أن تخطئ، يعني أنك جرّبت. أن تزلّ، يعني أنك مشيت. أن تندم، يعني أنك امتلكت الوعي الكافي لتدرك ما كان يجب أن يكون.

ليس المطلوب أن تعيش بلا تخطيط، لكن هناك فرق بين الحذر والوسواس. الحذر أن تستعد بقدر معقول، أما الوسواس فهو أن تعيش الحدث قبل وقوعه، وكأنك تتذوق مرارته قبل أن يصل.

إن اليسر يولد مع العسر، وأن اللطف يكون حاضرًا أثناء البلاء وليس بعده فقط. لكن المشكلة أن القلق يجعل الإنسان يعيش في العسر قبل أن يأتي، فيعيش المشقة دون أن يجد اليسر، لأنه لم يدخل الابتلاء الحقيقي، بل دخل في حرب مع الأوهام.

دماغك ليس عدوك، لكنه أحيانًا يعمل ضدك عندما يكون في حالة قلق. تعلم كيف تتعامل مع هذه التغييرات العصبية، وستجد أن القلق يصبح أقل سيطرة على حياتك.

الحياة ليست دقيقة كما يراها القلق، بل هي أكثر مرونة، أكثر تسامحًا، وأكثر نسيانًا مما تتخيله.

الموقف انتهى، إعادة تكراره لن يغيّره. إذا كنت فعلًا قد أخطأت، تعلّم منه، وإذا لم تكن متأكدًا، فدع الأمر يمرّ

ليس كل كلمة لها معنى خفي، ليس كل نظرة تحمل حكمًا، ليس كل تأخير في الرد يعني شيئًا. الحياة تمضي، والناس لا يفكرون في كل شيء بالطريقة التي تظنها. أحيانًا، الأمور ببساطة كما تبدو، لا أكثر.

الحياة ليست معادلة رياضية، لكنها في عين القلق تبدو كذلك

القلق ليس عدوًّا بسيطًا يمكن هزيمته بضربة واحدة، بل هو خصم يحتاج إلى وعي دائم، إلى إستراتيجيات مستمرة، إلى فهم عميق لأساليبه. إنه العدو الأكثر دهاءً، لكنه ليس أقوى منك. كل ما عليك هو أن تدرك لعبته، أن تراه كما هو، مجرد وهم يحاول السيطرة عليك، وحينها، ستدرك أنك أقوى منه، وأنك تستطيع أن تعيش حياتك من دونه.