اقتباسات نهاد كراره

(حين أموت لا تبكوا عليّ فقد منحني الله الراحة التي أنشدها، اكتبوا فقط على قبري عاشت حزينة وماتت وحيدة، ما بين ميلادي ووفاتي لم أترك سوى قطراتٍ من الدمع وبعض الديون لقلبي، أدين له ببعض الراحة حيث إني لم أورثه سوى العذاب، انثروا الورد على قبري وضعوا للهرة الصغيرة طعامها بجواره وابتسموا لأنني تركت لكم تلك الحياة القاحلة وذهبت لمراعي الله الرحبة).‏

أنا وأنتِ إن انتهينا لن ننتهي، ستخلدنا تلك الأشياء الصغيرة بيننا؛ صباحاتنا المؤرخة بكلمات، مساءات الحب المنقوشة بين السطور، ضحكاتنا التي من القلب، تفاهاتنا الصغيرة اللذيذة، قهوتك المحلاة باللبن وقهوتي المحلاة بك، نقاشاتنا اللا منطقية، وعشقنا المختبئ خلف الصداقة، أنا وأنت لن ننتهي مهما أردنا.‏

‫ ‏ستظلين أنتِ قلبي الصغير، وسأظل أنا صديقك المشاغب الحبيب. أعلم أنني لا أملك قلبًا كافيًا لمحبتك ولا روحًا تليق بكِ، لا أملك شيئًا مميزًا أهديه لكِ، لكنني أفتقدك دومًا وأحبك للأبد ودومًا سأفعل.‏

أخبرتها أنها مميزة وأن تميزها الحقيقي في تلقائيتها وبساطتها، طلبت منها ألا تدعهم يصبون عليها عقدهم المجتمعية من تصنع، أو يسقطونها في قوالبهم المكررة، ألا تتركهم يصبغون أحلامها بالسواد، وأيامها بلون الليل الحالك لمجرد أنها مختلفة، فلتتمتع بأحلامها الصغيرة ببساطة، وتسكب الوردي على طرقات أيامها، وترتدي أفضل رداء، وترقص متى أرادت.‏

‫ ‏تغمض عينيها في حين أنها تستمع إلى لحنها المفضل، وتبتسم وهي تملأ مزهريتها بالورود، وترشرش أفضل العطور من حولها، وتبتهج دون أن تبالي بآخرين لن يدفعوا ثمن اختياراتها، بل ستدفع بمفردها لذلك لتختار منفردة.‏

كي تحبي عليك أن تنتقي رجلًا فقط؛ رجلًا حين يراكِ تصعدين يرتقي بكِ للأعلى بفرحة صافية من القلب، فلا تجهدي عينيك الجميلتين أبدًا بالبكاء على أحد، هؤلاء الأشباه جميعهم أوغاد! فلا تبكيهم.‏ ‫ ‏العنيهم بكل اللغات، الفظيهم من وجودك كما تلفظ الجنة الكافرين، وإن كان الخير بهم لأصبحوا رجالًا كاملين في زمنٍ كثر فيه الأشباه!‏ ‫ ‏قد يؤخر الله أمانينا، وقد لا يستجيب لكل دعواتنا، وقد يهبنا أشياء لم نطلبها ويمنع عنا أشياء نرجوها، فقط لأنه وحده يعلم الأفضل والأنسب لنا، فكم من شيء ضره أكثر من نفعه ونحن لا نعلم فمنعه عنا، ثم يتولى مداواتنا كما ينبغي للدواء أن

حاول ألا تضيع منحَ الله لك، حافظ عليها لأنه قد يستردها جميعًا.‏

‫ ‏بالطبع قد لا نحصل على كل الأشياء التي نتمناها، لكننا سنُمنَح الأشياء المناسبة لنا.‏

‫ ‏فقط فلنتحلَّ بالرضا!‏

‫ ‏تبهت جميع الأشياء بمرور الزمن إلا الحزن، إذ يزداد ويتضح ويرسم معالم جديدة على الوجوه والقلوب، يطبع على كل الأشياء طابعًا شديد السواد، يتوغل حتى يستحوذ على ما تبقى منك، فلا ترى غير الفراغ فيما هو قادم، وهُوَّة سحيقة سوداء فيما مضى.‏

- ‏‏الآن أصبحتُ وحدي، وحدي تمامًا! كصفصافة تلقي جدائلها في بحر الحياة، فلا يعلق فيها إلا الألم، تنتظر صامدة بكل شموخ أن تتغير الأحوال إلى الأفضل، أن تبتسم لها إحدى الشموس ذات نهار فتُلقي بأشعتها الذهبية على جدائلها فتشتعل بالحياة من جديد، لكنها أبدًا ستظل صفصافةً وحيدة. قد يمر يومًا عصفورٌ صغيرٌ، فتراقبه بصمت، تبتسم، تتمايل بين الألم والآمال المزيفة والوعود الواهية التي سرعان ما تتلاشى بطيرانها المفاجئ. ‏

إحساس بالفشل يعتريه، بواهِت الصور تملأ أركان حياته، تساؤلات شتى تعتمِل في عقله فتنسكِب دموعًا..

حطَّ غرابٌ على قمة رأسي، نقر زهرةً صغيرةً بمنقاره فأحدث برأسي جرحًا، نظرت إليه لا مبالية، وسألتُ الرياح أن تُمشِّط أوراقي، فمنحَتني عاصفةً باردةً أسقطته أرضًا.‏

‫ ‏ضحكت الزهرات، غنَّى الجدول، منحتنا الأشجار الأكبر سنًّا البركات.‏

هي جنيتي التي لن أشفى منها، وحقًا لا أريد أن أشفى منها أبدًا، بل إنني تمنيت أن تجتاحني منذ زمن بعيد، أن تسكنني كداء بلا دواء، أظنني جئت هنا من أجلها فقط، من أجل أن تصبح قدري.‏

‫ ‏نقاؤها يعيدني لنقائي القديم، تمنيت أن يعود بي الزمن فالتقي بها في وقت آخر، وزمان آخر.. تمنيت أن ألازمها كظلها، لا، بل إن الظل يتركها بعد انحسار الشمس.. أتمنى أن ألازمها كالأنفاس التي تتردد بين جنباتها شهيقًا وزفيرًا.. أتمناها وحدها ولا شيء سواها، لكن الرياح لا تأتي كما تشتهي السفن… فهي حبيبتي ومعذبتي، وأنا الشيخ الطبيب النصاب.‏

يداك نوريتان؛ ‏

‫ ‏حينما تمران على شيء ينبت زهرًا ‏

‫ ‏وموسيقى ويحل موسم الفرح!‏

الجحيم فارغ وكل الشياطين تقطن هنا بيننا ‏

‫ ‏السماء فقط تمتلئ بالملائكة ‏

‫ ‏وأظنني قد قابلت كل شياطين الأرض ‏

‫ ‏وظننتهم يومًا ما ملائكة ‏

‫ ‏أم إنني ظننت نفسي كذلك!‏