اقتباسات علاء أحمد

المثير في القلق أنه لا يظهر فقط في لحظات الحزن أو التوتر، بل قد يكون أكثر شراسة حين تكون في حالة هدوء أو سعادة. لماذا؟ لأنك حين تهدأ، يبدأ عقلك في استرجاع كل شيء، في البحث عن شيء يشغله، في خلق مشكلات من العدم. القلق يخبرك أن السعادة لا تدوم، أن شيئًا سيئًا سيحدث قريبًا، أنك لا تستحق أن تكون بخير. وهكذا، حتى في اللحظات الجميلة، تجد أنك تخوض معركة داخلية ضد عدو غير مرئي.

حين يكون القلق جزءًا من الفطرة:

‫ الإنسان بطبعه يسعى إلى الطمأنينة، وإذا لم يجدها، فإنه يظل يبحث عن تأكيدات تُسكّن قلبه. نحن نطلب الكلمات المطمئنة، والإشارات التي تؤكد أننا نسير في الطريق الصحيح، والوعود التي تجعلنا نشعر بالأمان، ليس لأننا لا نؤمن، ولكن لأن القلب يحتاج إلى السكون حتى لا ينهكه القلق

❞ في الحضارات القديمة، ظهر القلق الأخلاقي والديني؛ في وادي النيل وبين أروقة الفلاسفة اليونانيين، تساءل الإنسان عن مصيره بعد الموت، عن معنى الوجود، عن غضب الآلهة ورضاها ❝

القلق لا يأتيك دفعةً واحدة، بل يتسلّل إليك عبر تفاصيل صغيرة، يضع في يدك عدسة مكبّرة يجعلك ترى كل شيء مضخّمًا، كل كلمة لها دلالة خفية، كل نظرة تحمل حكمًا، كل موقف يحتاج إلى تحليل وتفسير وتأويل. فجأة، تصبح الحياة ساحةً ممتلئة بالفخاخ، وأبسط اللحظات تتحول إلى مصدر للتوتر.

كانتِ العديدُ من المقابر يعرضُها أصحابُها لإيواء الميت.. كان يحتاج منها واحدةً فقط كي لا يموت.

سمعتُ «كلا» كأنَّ روحي تقولُها بثقة في وجْه كلِّ همومي في وجْه كلِّ سقوطٍ وقلقٍ وخوفٍ.. كلّا إنَّ معي ربي سيهدين.

لكنَّه ضيق ها هنا في صدري كأني أصعدُ للسماء، أو كتمان للأنفاس كأنّي تحت الماء، ودقاتٌ للقلب تتسارع كأني أهربُ من وحش كاسر.

‫ لا تخف نجوت: ‫ يقول الله تعالى: ‫ ﴿فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ (القصص: 25) ‫ قصَّ موسى -عليه السلام- حكايته على الرجل الصالح، قصَّ عليه اتهامه في جريمة قتل، وهروبه من فرعون وجنوده، وخوفه الذي لم يفارقه منذ أن ضاقت به الأرض، ومع ذلك، بعد كل هذا، لم يكن الردّ استنكارًا، ولا عتابًا، ولا وعظًا، بل كان كلماتٍ تحتضن خوفه وتطمئن قلبه: «لا تخف، نجوت» ‫ كم نودّ لو قيلت لنا تلك الكلمات بعد أن نقصّ حكاياتنا كاملة، بعد أن نكشف ضعفنا بكل صدق، بعد أن نحمل أخطاءنا بأيدينا دون محاولة

لا تخشَ الخطأ، فالناس تنسى.

‫ لا تخشَ الأحكام، فكلٌّ مشغول بنفسه.

‫ لا تخشَ الغد، فهو لم يأتِ بعد، ولن يمنحك استعدادك المبالغ فيه قوةً أمامه.

لا تخشَ الخطأ، فالناس تنسى.

‫ لا تخشَ الأحكام، فكلٌّ مشغول بنفسه.

‫ لا تخشَ الغد، فهو لم يأتِ بعد، ولن يمنحك استعدادك المبالغ فيه قوةً أمامه.

حين سُجن ابن تيمية، قال: «ما يفعل أعدائي بي؟! سجني خلوة، ونفيي سياحة، وقتلي شهادة».

عندما كانت الحرب العالمية الثانية في أوجها، كان ونستون تشرشل يعمل 18 ساعة يوميًّا، وعندما سُئل إن كان يشعر بالقلق، أجاب: «أنا مشغول جدًّا، ولا وقت لدي للقلق». ومن ناحية أخرى، أشار الكاتب جورج برنارد شو إلى أن التعاسة تأتي من امتلاك وقت فراغ كافٍ للتساؤل: «هل أنا سعيد؟»

بعض الفرج لا يظهر وأنت تُنقّب عنه بجنون، بل حين تتوقف قليلًا، وتهدأ، وتترك الحياة تفعل فعلها؟

‫ اترك مساحة للدهشة..

يا صديقي، لا تجعل نهايتك أن تقول: «لقد واجهتُ في حياتي الكثير من المشكلات التي لم تحدث».

‫ بل اجعلها: «لقد عشتُ، سقطتُ، نهضتُ، أحببتُ، فشلتُ، لكنني كنتُ حيًّا».

الأهم هو الله، هو الأحق بأن أخشاه، وأن صورتي الحقيقية ليست تلك التي يرسمها الناس عني، بل التي أكون عليها بيني وبين نفسي، وبين يدي خالقي».

التهويل هو ما يجعل الفكرة تتحول إلى حقيقة في عقلك، حتى وإن لم تكن كذلك.

إن كنت ستخشى شيئًا، فاخشَ أن لا تكون هنا حقًّا، أن تمر السنوات وأنت لم تعشها، أن تتحول حياتك إلى ظلّ حياة، وأن يكون كل ما تبقى منك مجرد قلبٍ خائف، وعقلٍ مرهق، وسنين لم تُعش كما ينبغي.

إن كنت ستقلق، فقلقك الحقيقي يجب أن يكون على اللحظات التي فاتتك وأنت تحلل وتفسر وتخاف وتتوهم. على الأحلام التي لم تُحقق، على الفرص التي تركتها، على الحياة التي وقفت على حافتها متردّدًا حتى مضت دونك

أنت هنا، لكنك لست هنا. جسدك في الحاضر، لكن عقلك في المستقبل، يفكر فيما قد يحدث، وما قد لا يحدث. القلق يسرق منك اللحظات الجميلة، يجعلها تمر دون أن تعيشها حقًّا.

القلق لا يمنحك الحماية، بل يسلب منك الحياة، يجعلك تعيش في خطر، حتى عندما تكون في أمان