اقتباسات أحمد فؤاد الأهواني

المدينة دار الهجرة ومأوى الصحابة، ومن انتقل إلى العراق كان شغلهم بالاجتهاد أكثر والإمام أبو حنيفة إنما قلَّت روايته لما شدد في شروط الرواية والتحمل، وضعف رواية الحديث اليقيني إذا عارضها الفعل النفسي وقلت من أجلها روايته فقل حديثه، لا أنه ترك رواية الحديث متعمدًا فحاشاه.

الشافعي متبعًا للحديث، ومفتشًا على السنن لكن بتقليد غيره»‏(45)‏.‏ ⁉

وأصحاب الحديث وأصحاب الرأي يتفقان في الاعتماد على الكتاب أي القرآن؛ لأنه الأصل الأول من أصول الفقه، ولا وجه للخلاف فيه لأنه تنزيل العزيز الحكيم.‏

‫ ‏ولكنهما يفترقان عند الأصل الثاني، أي السنة،

المجتهدون من أئمة الأمة محصورون في صنفين لا يعدوان إلى ثالث: أصحاب الحديث، وأصحاب الرأي. أصحاب الحديث وهم أهل الحجاز، هم أصحاب مالك

وكان محمد بن سحنون يحسن الحجة والذب عن أهل السنة والمذهب.‏ ‫ ‏وكان ابن سحنون إمام عصره في مذهب أهل المدينة بالمغرب جامعًا لخلال قلما اجتمعت في غيره من الفقه البارع، والعلم بالأثر والجدل والحديث، والذب عن مذهب أهل الحجاز.‏ ‫ على يد هؤلاء انتشر مذهب الإمام مالك في القرن الثالث.

وسحنون هو الذي نشر مذهب مالك بالمغرب.‏ ‫ ‏سمع سحنون من ابن القاسم وابن وهب وأشهب وابن عبد الحكم وسفيان بن عيينة قال سحنون: «خرجت إلى ابن القاسم وأنا ابن خمس وعشرين، وقدمت إلى إفريقية ابن ثلاثين سنة».‏ ‫ ‏وكان سحنون ثقة.

في دولة عمر بن عبد العزيز. اسماعيل بن أبي المهاجر الذي علَّم أهل إفريقية الحلال والحرام. وبعث معه عمر رضي الله عنه عشرة من فقهاء التابعين أهل علم وفضل، منهم عبد الرحمن بن نافع، وسعيد بن مسعود التجيبي وغيرهما»‏(

كسيلة ملك أوربة والبرانس من البربر قد اضطغن عليه… فانتهز الفرصة، وأرسل البربر فاعترضوا له وقتلوه في ثلاثمائة من كبار الصحابة والتابعين، واستشهدوا كلهم… واستأمن من كان بالقيروان إلى كسيلة، فأمنهم ودخل القيروان، وأقاموا في عهده»‏(28)‏.‏ ‫(28)‏ العبر لابن خلدون

﴿ قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّىٰ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ﴾ [التوبة: 29]‏.‏ ‫ ‏وانتهى بذلك كثير من الشعوب المختلفة

إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ﴾ [آل عمران: 19]، ﴿ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ ﴾ [آل عمران: 85]‏، ولذلك كانت غاية المسلمين أن ينشروا دينهم في جميع البلاد وكانت وسيلتهم إلى تحقيق هذه الغاية الدعوة والغزو .

تأثير البيئة في الفرد أقوى من تأثير الفرد فيها وبعض المفكرين يسبقون عصرهم وهؤلاء هم قادة الفكر، وهم قلة إلى جانب أغلبية المجتمع؛ وقد يمر عصر -بل عصور- دون أن يجود الزمان بهؤلاء الأحرار الذين يستطيعون التخلص من سلطان المجتمع .

وحدد ابن خلكان ليلة وفاته قال: «وتُوفِّي ليلة الأربعاء ثالث شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وأربعمائة».‏ ‫ ‏وعن (معالم الإيمان): «وتُوفِّي رحمه الله ليلة الأربعاء، ودُفن يوم الخميس صلاة الظهر لثلاث خلون من ربيع الآخر سنة ثلاث وأربعمائة».‏ ‫ ‏ويقول ابن خلكان و دفن يوم الأربعاء وقت العصر

عنوان الكتاب:‏

‫ المفصلة لأحوال المتعلمين وأحكام المعلمين والمتعلمين

‫ ‏وفيما ذكره ابن فرحون في الديباج عن عنوان هذا الكتاب تصحيف ظاهر لا يحتاج منا إلى إقامة دليل، فقد جاء في سياق مؤلفاته: «والرسالة المفصلة لأحوال المتقين وكتاب المعلمين والمتعلمين».

وصف النسخة الخطية: ‫ ‏هذه النسخة محفوظة في المكتبة الأهلية بباريس برقم 4595 وهي النسخة الوحيدة في العالم، على ما نعلم وقد طلبتُ من دار الكتب المصرية في القاهرة أن تُحضر صورة شمسية لها، فأحضرتها وهي محفوظة برقم 1592

الصفدي ذكر ستة من هذه الكتب فقال: «ومن تصانيفه الممهد في الفقه وأحكام الديانات، والمبعد من شبه التأويل، والمنبه للفِطن من غوائل الفتن، وملخص الموطأ، والمناسك والاعتقادات».‏

أجمع الذين ترجموا له على أنه كان محدِّثًا حافظًا فقيهًا ويؤيد ذلك أن صاحب (مسالك الأبصار) ذكره في (طبقات المحدِّثين) وذكره السيوطي في (طبقات الحفاظ)، وفي هذا دليل عى بلوغه مرتبة الحفاظ من أئمة المحدِّثين.‏ ‫ ‏

شيوخه وتلاميذه:

‫ ‏قال القاضي عياض: «سمع من رجال إفريقية: أبي العباس الإبياني، وأبي الحسن ابن مسرور الدباغ، وأبي عبد الله ابن مسرور العسال، وأبي محمد ابن مسرور الحجاج، ودراس بن إسماعيل الفاسي والسدري».‏

وفي ترجمة علي بن مسرور الدباغ: «قال القابسيُّ: ما رأيت أكثر حياء من أبي الحسن الدباغ، ما يكلمه أحد إلا احمر لونه، ولقد كان أحيا من الأبكار»‏(10)‏.‏ ‫(10)‏ الديباج ص 197.‏ ‫ ‏وبعض أصحاب التراجم لا يعرفونه إلا أنه القابسي .

اسمه هو: «أبو الحسن علي ابن محمد بن خلف»، ولكن الخلاف بينهم على وصفه المعروف به، أهو القابسي، أم ابن القابسي؟ وإذا كان قابسيًّا فلماذا سُمِّيَ المعافري، كما ذكره بعضهم، ولماذا يُنسب إلى القيروان؟‏

المستشرق الدكتور كلفرلي الذي جاء يلقي محاضرات في الفلسفة والتصوف الإسلامي بالجامعة الأمريكية، رأيت أنه مهتم بالتربية في الإسلام، وجاء ذكر رسالة القابسي، وعجبت أنه لم يطلع عليها مع أهميتها وقد أرشدني إلى مقالة كتبها الأستاذ جولدزيهر في دائرة المعارف عن التربية الإسلامية.