عبقرية عمر > مراجعات كتاب عبقرية عمر > مراجعة Rudina K Yasin

عبقرية عمر - عباس محمود العقاد
تحميل الكتاب مجّانًا

عبقرية عمر

تأليف (تأليف) 4.4
تحميل الكتاب مجّانًا
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
0

الكتاب رقم، ست واربعون من العام 2025

عبقرية عمر

الجزء الثالث من العبقريات

عباس محمود العقاد

امتطى العقاد لهذا الكتاب صهوة فكره، بغية الإحاطة بعظمة بطله، فبطله ذو لونٍ جديد، وعبقريته ذات طابع فريد، والكتاب ليس سرداً لسيرة عمر بن الخطاب، ولا عرضاً لتاريخ عصره، وإنما هو وصف له، ودراسة لأطواره، ودلالة على خصائص عظمته، واستفادة من هذه الخصائص لعلم النفس، وعلم الأخلاق، وحقائق الحياة، لذلك ركز العقاد على ما يفيد هذه الدراسة، سواء لديه أكان من حادث صغير أم عظيم. كما أظهر حرجه عندما حاول أن يجاري من يسمون بالكتّاب المنصفين، الذين يقرنون المدائح بالمعايب، ويمزجون النقائص بالمناقب، ولا يأتون بحسنة إلا نقبوا عن سيئة تمحوها، أو تقلل منها، وكأن سّر حرج العقاد، أنه لم يجد عيباً ولا ما يستحق اللوم في حياة عمر وأطواره، مما جعله يتوقع أن يتهم بالمغالاة والتحيز والإعجاب، إذ كيف يحاسب -هو أو غيره- عمر بن الخطاب، وقد كان عمر يحاسب نفسه بأعنف مما كان يمكن أن يحاسبه غيره؟

(لم أرَ عبقرياً يفري فريه) كلمة قالها النبي عليه الصلاة والسلام.

من علامات العظمة التي تحيي الأمم أن تختص بقدرتين:

أولهما: أن تبتعث كوامن الحياة ودوافع العمل في الأمة بأسرها.

والأخرى: أن تنفذ بصيرتها إلى أعماق النفوس فتعرف بالبديهة الصائب فيم تكون عظمة العظيم ولأي المواقف يصلح.

وكلتا القدرتين كان لهما الحظ الوافر في سيرة عمر بن الخطاب.

وقد كان عمر قوي النفس، بالغاً في القوة النفسية، ولكنه على قوته البالغة لم يكن من أصحاب الطمع،

ولم يكن ممن يندفعون إلى الغلبة والتوسع في السلطان والجاه يحفزه إليه وهو كاره،

لأنه كان مفطوراً على العدل وإعطاء الحقوق والتزام الحرمات ما التزمها الناس من حوله.

وكان من الجائز أن يهيجه خطر على قبيلته فينبري لدفعه ويبلي في ذلك بلاء يتسامع به العرب في جيله وبعد جيله.

صفاته

كان عمر رجلًا ممتازًا بعمله، ممتاز بتكوينه، فإذا وصفته للأقدمين الذين يقيسون العبقرية بالفراسة والخبرة، عرفوا من صفته أن الذي يوصف لهم رجل ممتاز.

وإذا وصفته للمحدثين الذين يقيسون العبقرية بالعلم، عرفوا من تلك الصفة أنه رجل ممتاز أو رجل موهوب.

كان مهيبا رائع المحضر حتى في حضرة النبي الذي تتزامن عنده الجباه، وأولها جبهة عمر.

(أذنَ النبي يوماً لجارية سوداء أن تفي بنذرها “لتضربنّ بدفها فرحاً أن ردّه الله سالماً” فأذن لها عليه السلام أن تضرب بالدف بين يديه، ودخل أبو بكر وهي تضرب، ثم دخل عثمان و هي تضرب و الصحابة مجتمعون فما هو إلا أن دخل عمر حتى وجمت الجارية، و أسرعت إلى دفها تخفيه و النبي عليه السلام يقول: إن الشيطان ليخاف منك يا عمر).

ومن صفاته أنه كان طويلاً، جسيماً صلباً يصرع الأقوياء، وكانت له فراسة عجيبة نادرة يعتمد عليها و يرى أن ( من لم ينفعه ظنه لم تنفعه عينه).

العدل و الرحمة و الغيرة و الفطنة و الإيمان الوثيق صفات مكينة فيه لا تخفى على ناظر.

و أكثر ما اشتهر به عمر العدل ، فقد كان عادلا، لأنه ورث القضاء من قبيلته و آبائه،

فهو من أنبه بيوت بني عدي الذين تولوا السفارة و التحكيم في الجاهلية.

و كان عادلا لأنه قوي مستقيم بتكوين طبعه أو بتكوين الموروث،

إذ كان أبوه و جده نفيل من أهل الشدة و البأس.

و طُبع عمر بصفة الغيرة فكان الغيور بين الغيورين و قال محمد عليه الصلاة و السلام ( إن الله غيور يحب الغيور، وإنّ عمر غيور).

وغيرة عمر غيرةٌ محمودة فهو يغار على حق، أو يغار على عرض، أو يغار على دين، أو يغار على صديق وصاحب حرمة ولا يغار من هذا وذاك لنعمة أصابها،

إنما كان يغار على شيء يحميه ويعلم من نفسه القدرة على حمايته فهي غيرة من يريد الحماية لغيره ولا يريد انتزاع الخير لنفسه.

عمر والدولة الإسلامية

يعد عمر بن الخطاب مؤسسا للدولة الإسلامية قبل ولايته الخلافة بسنتين فكان مؤسسا لها منذ أسلم فجهر بدعوة الإسلام وأذانه وأعزها بهيبته وعنفوانه.

وكان مؤسساً لها يوم بسط يده إلى أبي بكر فبايعه بالخلافة وحسم الفتنة التي أوشكت أن تعصف بأركانها.

وكان مؤسساً لها يوم أشار إلى أبي بكر بجمع القرآن الكريم وهو في الدولة الإسلامية دستور الدساتير.

أما ملاك النظم الحكومية فجعلها كلها نظام شورى فجمع عنده نخبة الصحابة للمشاورة والاستفتاء،

وجعل موسم الحج موسماً عاماً للمراجعة والمحاسبة واستطلاع الآراء في أقطار الدولة، يفد فيه الولاة والعمال لعرض حسابهم وأخبارهم وأخبار ولايتهم،

ويفد فيه أصحاب المظالم والشكايات لبسط ما يشكيهم ويفد فيه الرقباء الذي كان يبثهم في أنحاء البلاد للمراقبة، فهي جمعية عمومية كأوفى ما تكون الجمعيات العمومية في عصر من العصور.

وقبل أن يضع دستورا للبلاد وضع دستورا لنفسه قوامه أن الحكم محنة للحاكم ومحنة للمحكومين، وأن الخليفة مسئول عن ولاته واحدًا واحدًا في كل كبيرة وصغيرة ولا يعفيه من اللوم أنه أحسن الاختيار.

قال يوما لمن حوله : ( أرأيتم إذا استعملت عليكم خير من أعلم، ثم أمرته بالعدل أكنت قضيت ما عليّ؟ قالوا نعم ، قال:

لا، حتى أنظر في عمله، أعمل بما أمرته أم لا)

و لما سُئل يحل للخليفة من مال الله، قال: (إنه لا يحل لعمر من مال الله إلا حلتان : حلة الشتاء و حلة للصيف، و ما أحج به و أعتمر و قوتي وقوت أهلي كرجل من قريش ليس بأغنامهم ولا بأفرقهم، ثم أنا بعد رجلٌ من المسلمين).

قبل أن يُقال إن عمر كان أكبر فاتح في صدر الإسلام، ينبغي أن يقال إنه كان يومئذ أكبر مؤسس لدولة الإسلام وإنه أسسها على الإيمان ولم يؤسسها على الصولجان.

مقتله

خرج يوما يوقظ الناس لصلاة الفجر ثم يسوي الصفوف للصلاة فلم يؤم الناس حتى فاجأه القاتل بطعنتين إحداهما في كتفه والأخرى في خاصرته، وقيل ثلاث طعنات.

فلم تشغله هذه الطعنات عن الصلاة ولم يفكر أن يشغل المسلمين بمقتله عن أداء فريضتهم وسأل عن عبد الرحمن بن عوف ليصلي بالناس.

ولم يهمه من قتله بعد أن حُمل إلى منزله إلا أن يعرف ألمظلمةٍ كان قتله أم لبغي من القاتل؟

فلم علم أنه أبو لؤلؤة قال: ولمَ قاتله الله وقد أمرت به معروفاً ثم حمد الله قائلاً (الحمد لله الذي لم يجعل قاتلي يحاجني عند الله بسجدة سجدها له قط، ما كانت العرب لتقتلني)

وهمه بعد ذلك أن يلقى حسابه عند الناس وهو وشيك أن يلقى حسابه عند الله.

فأمر ابن عباس أن يخرج إلى المهاجرين والأنصار يسألهم: أعن ملأ منكم ومشورة كان هذا الذي أصابني؟ فصاحوا معلنين (لا والله ولو وددنا أن الله زاد في عمره من أعمارنا)

وتوفي رضي الله عنه بعد أن وصي أن يُدفن بجوار صاحبيه رسول الله عليه الصلاة والسلام وأبو بكر الصديق.

وقال شهود دفنه (فلما حمل فكأن المسلمين لم تصبهم مصيبة إلا يومئذ).

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق