يحدث في صباحات كثيرة

عمل أدبي جريء وشفاف من تأليف الكاتبة هدى عبد الحليم، بسرد تأملي يعني بالتفاصيل وينتمي إلى الأدب الاجتماعي والنفسي تخوض بنا الكاتبة في منطقة شديدة الحساسية، حيث تتناول مأساة الطفولة المهدورة تحت وطأة الاستغلال وانكسار الثقة من خلال شخصياتها وأبطال روايتها والتي تُروى بلسانهم الأحداث، والكاتبة سلطت الضوء على الصدمات النفسية التي قد ترافق الضحايا مدى الحياة، وتجعل القارئ شريكاً في رحلة الألم والوعي معاً.

الرواية ذات لغة عذبة ورصينة واستطاعت الكاتبة التعبير عن الجراح العميقة دون أن تنزلق إلى الابتذال أو الاستعراض. السرد جاء مشبعاً بالتفاصيل الإنسانية، وفيه قدرة على التقاط لحظات دقيقة من الخوف والانكسار، بل وحتى محاولات التعافي والنجاة. كذلك، ورغم تعدد الشخصيات وتداخلها، نجحت الكاتبة في أن تجعلها جميعاً جزءاً من النسيج العام للقضية المطروحة، وإن كان القارئ يحتاج أحياناً إلى تركيز أكبر لمتابعة التشابك، وهذا هو عيب الرواية فقد وجدت متابعتها ومتابعة أحداثها عمل شاق على ضعاف الذاكرة، وعلى من يقرؤون عدة أعمال في نفس الوقت مثلي! (الموضوع فعلاً كان صعب والعلاقة بين الشخصيات وتداخلهم جعلني مشتتاً لدرجة انني بدأت أقرأ وانا مركز على الأحداث دون الاهتمام بالربط بين الشخصيات!)

تُحسب للرواية جرأتها في طرح قضايا مسكوت عنها في المجتمع، وتقديمها بمنظور أدبي يحترم عقل القارئ ومشاعره، ويدفعه للتفكير في ضرورة مواجهة الواقع بدلاً من الهروب منه. كما أنّها تنبه إلى خطورة الصمت، مؤكدة أن الضحية لا تُشفى بالتجاهل، بل بالبوح والمواجهة وكسر الدوائر المغلقة.

باختصار، «يحدث في صباحات كثيرة» رواية موجعة ، ولكنها تفتح الأعين على جراح خفية، وتدعو إلى كسر قيود الصمت، ما يجعلها تجربة إنسانية وأدبية مؤثرة تستحق القراءة والالتفات.

قرأتها على أبجد!

#فريديات