اسم العمل : سيادة القاضي

للكاتبة : نور عبد المجيد

دار النشر : الدار المصرية اللبنانية

عدد الصفحات 267 علي Abjjad | أبجد

-

-"سيادة القاضي”.. رواية ثقيلة مشاعريًا إلى حد الإبداع.

كل كلمة تكتبها نور عبد المجيد تحمل عمقًا متفردًا بذاته. لغة شاعرية لم أقرأها من قبل، وسرد عاطفي متعمّق نفسيًا بصورة متكاملة؛ لا ثغرة فيه، ولا إسراف أيضًا.

رواية بصوت واقعي وحبكة رائعة، كأنها معزوفة تُعزف على أوتار الألم، والحب، والتحديات.

تفتح صفحاتها على صراعات الأبناء في تعلق الآباء، وعلى صراعات الآباء مع “عدم فهم” ما يريده الأبناء، وإن وصل الأمر إلى اتهامهم بالجحود.

تقف الرواية عارية أمام مفاهيم حقيقية نمر بها جميعًا، لكن كثيرًا ما نختبئ من مواجهتها.

كم فتاة تزوجت وتركت بيت والدها، ثم أصابها من الفراغ والصراع ما لم تتوقعه بسبب تعلق أهلها بها؟ وكم من الأهل أسقطوا على بناتهم تهم التقصير بدلًا من أن يمنحوهن فرصة لبناء حياة زوجية بمساحة عادلة؟ وكأن الأبناء ممتلكات، إن لم يتبعوا “لوائح” العائلة، فهم مطرودون وعاقّون.

يسقطنا المجتمع في أنماط لا نريدها، فنأخذ محبة لا تشبهنا، ونتأقلم مع وعي لا يشبهنا، ثم نُلام في النهاية على طريقتنا في الحب!

الرواية تأخذك إلى سراديب مظلمة داخل النفس البشرية، صراع الخير والشر، مرآة الواقع، والهروب الدائم من مواجهة شرورنا. لكن، هل الهروب ينجي؟ أم أن هذه الصراعات هي ما يكشف حقيقتنا؟

الشخصيات:

• رجائي: الأبن الذي كان شاهد على كل شيء. قليل الكلام، كثير المراقبة والعاطفة. يحب الأمان أكثر من المواجهة. نشأ وهو يرى محبة والده الشديدة لأخته، ويُقسم أنه لم يشعر بالغيرة، لكنه يكرر ذكر هذا الموقف في رسالته للقاضي… فهل ننجو حقًا بتلك القوة الظاهرة فقط؟

• فاطمة: فتاة أبيها المدللة، من حاولت كسر المفاهيم الخاطئة وصارعت لضبط ميزان الحب. دفعت الثمن باختلال الميزان بالكامل نحوها، فحُرمت من كل شيء، وتُهمت بالجحود فقط لأنها أرادت تأسيس حياة زوجية صحية بعيدًا عن الضغط والتأنيب و علاقة حب الأب التملكية ، ورغم كل شيء كانت هي المنتصر الوحيد و صاحبة الحق الأول.

• سيدة: المرأة الصامتة، الأم التي تقوم بالرعاية لا الحب. لم تعطِ ولم تأخذ إلا الألم، وكان الكتمان نهايته الخذلان…

وأن أصرت علي أخذ حقها متأخراً لن يجدي بشيء.

• صابر العطار: الرجل الذي لم يعرف عن نفسه الكثير، عاش صراعات لم يفهمها، وربما لم يخترها. هل تستحق ذنوبنا هذا الشكل القاسي من الغفران؟ أن يعيش الإنسان غير قادر على أن يغفر لنفسه، ولا حتى أن يطلب الغفران؟

• وديدة: صوت النور، الأمان، وعوض الحياة العادل.

• صفاء (ابنة رجائي): ثمرة الإهمال، وقلة الثقافة، وانعدام معايير الخصوصية. طفلة تربت على رؤية ما لا يُفترض أن يُرى، فخرجت من الطفولة مشوّهة… وكانت الطلقة التي دوت في صدر أبيها.

الرواية مأخوذة من قصة حقيقية عن جريمة قتل أخ لأخيه الأصغر بسبب وقوعه في زنا المحارم. تناقش كل معاني الأذى النفسي، من الجيل الأول حتى آخر جيل. تكشف الظلم، وتعرض الحقائق كما هي، من خلال رسالة كتبها “رجائي” للقاضي الذي حكم عليه بالإعدام، ليعترف بالحقيقة التي صمت عنها طويلاً.

وتثير تساؤلًا مؤلمًا وإنسانيًا في آنٍ معًا:

ما الذي يُحرّر الإنسان فعلًا؟

هل نكتب لنُنقَذ… أم لنُفهَم؟

هل نحتاج براءة القانون، أم إنصاف الحقيقة التي لم يُنصت لها أحد؟

هل يكفينا اعتراف في قاعة المحكمة، أم نحتاج اعترافًا صادقًا أمام أنفسنا… وأمام من نحبهم، ولو متأخرًا؟

ربما لا ننجو، لكننا نرتاح حين يفهم أحدهم الحقيقة… كما هي..

—علي صعيد مهم أخر الرواية تطرح أيضًا ضرورة إدراك أهمية تعليم التربية الجنسية بشكل سليم، بعيدًا عن التجاهل أو التعتيم، لأن غياب هذا الوعي يمكن أن يؤدي إلى مشكلات نفسية وجسدية تؤثر على الأجيال المقبلة.

أقتباسات :

-❞ لو أن كلًّا منا على وجه الأرض عرف دوره والتزم به..

لو أن بعضًا منا ما تطوع للقيام بأدوار لم يُخلق لها؛ ظنًّا منه أنها شجاعة أو بطولة أو حتى استسلام..

لو فعلنا لاستقامت الأمور، ❝

-❞ متى تعلم أن قيمة ما منحك الله من نعم يتضاءل في عينيك؟!

حين تبدأ في مقارنة ما لديك بما مُنح للآخرين!! ❝

-❞ الحمقى وحدهم حين يعجزون عن إدراك الرسائل وقراءتها، يتذرعون بالصدف!!

لا شيء يحدث صدفة.. ❝

-❞ حين تقف على حافة الأمور لا ترى سوى موضع قدمك، بينما إن وقفت في المنتصف رأيت من يقفون على الحواف، وأيضًا من هم إلى جوارك.. ❝

-❞ ما حدث كان رسالة.. كان رسولًا، أحيانًا لا يكون المهم أن تتلقى الرسالة..

الأمر الأهم والأجلّ هو كيف تقرؤها، وكيف تفسرها..

الرسل تأتيك، لكن البصيرة وحدها تُنجيك!! ❝

تقييم ⭐️⭐️⭐️⭐️⭐️

#قراءات_صيفية_مع_أبجد_وفنجان_قهوة

#فنجان_قهوة_وكتاب

#تحدي_مايو

#سيادة_القاضي

#أبجد