قناع بلون السماء > مراجعات رواية قناع بلون السماء > مراجعة Rudina K Yasin

قناع بلون السماء - باسم خندقجي
تحميل الكتاب

قناع بلون السماء

تأليف (تأليف) 4.2
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
5

الكتاب الرابع والعشرون / 2024

قناع بلون السماء

باسم الخندقجي

من هو الاسير باسم الخندقجي

يمنح السجن أو الأسر الكتّاب مجالا لكتابة أدب مختلف، غارق في عتمة إنسانية كاشفة لأبعاد الوجود البشري الهش والمحاصر، لكن بعض من يكتبون من داخل سجونهم من المعتقلين السياسيين، يقدمون رؤى تتجاوز الجدران المعتّمة والذات المحبوسة إلى رسم معالم إنسانية متكاملة، دفاعا عن أفكارهم وقضاياهم، وهذا ما ينطبق على الكاتب الفلسطيني الأسير باسم خندقجي.

" هل المحرقة هي التي جاءت بالدولة الصهيونيَّة؟ وهل تخلق المأساة مأساةً أخرى؟"

"نور متسائلًا بصوتٍ جرَّحته بُحَّة حارقة: ‫ - ألن تصطحبني معك للصلاة في المسجد الأقصى. فأنا مشتاق كثيرًا لزيارة الحرم؟ ‫ التفت نحوه الشيخ متنهِّدًا بحرارة: ‫ - وكيف ستدخل الحرم؟ بأيِّ هيئة وهويَّة. نور أم أور؟ ‫ ثم مضى"‬‬‬‬‬‬‬‬

" القبَّة طرحة القدس ومسجدها هذا الهائم في اللازورد والفيروز، وصخرتها قلبها النابض بالقداسة ودماء الأرض والسماء معًا.. من الذي قال إِنَّ مَنْ مات عند الصخرة كأنَّه مات في السماء؟"

من هو باسم الخندقجي : في بحثنا عبر مواقع الانترنت مثل ويكا وغيره عرفنا :

ابن مدينة نابلس صحافي بحكم دراسته شاب هادئ لكن حادثة الطفلة ايمان اثرت به كثيرا فهل عرفت يا باسم اننا نعيش محرقة جديدة ابادة جديدة اخذت اجمل مدن العالم وحولتها الى ركام نعم اننا في اليوم 172 كم اخذت شهداء جرحى دمار مرضى كم اخذت وكم اخذت نعم الجرح كبير والوجع اكبر حيث يفتري دراكولا على اجمل مدن فلسطين غزة الجميلة ، التي ارادت الحياة فاختاروا لها الموت

"أثّر مشهد الطفلة إيمان حجو ابنة الأشهر الأربعة التي قتلتها قذيفة دبابة إسرائيلية في حضن والدتها في قطاع غزة، فشكل مجموعة طلائع اليساريين الأحرار، واعتُقل بتاريخ الثاني من تشرين الثاني عام 2004 على يد قوات الاحتلال بعد عملية سوق الكرمل في الأول من تشرين الثاني للعام نفسه، والتي نفذها الشهيد عامر عبد الله من كتائب الشهيد أبو علي مصطفى، واتُهم باسم بأنه كان أحد أعضاء المجموعة التي خططت للعملية، فحُكم عليه بالسجن لثلاثة مؤبدات. قضى منها 21 سنة في السجون حيث اطلق منها دواوين شعرية، و عدة روايات: مسك الكفاية، و خسوف بدر الدين، و أنفاس امراة مخذولة، عزلة النرجس، والثلاثية التي صدر منها : قناع بلون السماء"

بعيداً تجربة الاعتقال بعيداً عن تصوير ما يعانيه الأسير من عذابات الاحتلال، يكتب باسم خندقجي ادبيات التاريخ مصدرها حيناً كما في رواية مسك الكفاية إذ يأخذ بيد القارئ إلى خبايا القصور في العصر العباسي.

ولم تشذ روايته ( قناع بلون السماء) عن باقي روايته من التحرر منهم تصوير مأساة السجن و الاعتقال، وان كانت تجربة الأسر حاضرة كخلفية للأحداث، لا بؤرة لها.

تدور احداث الرواية حول مراسلات ما بين نور المشهدي، الشاب الفلسطيني ، ابن المخيم، الذي يشبه في شكله اليهود الشكناز( سكناجي) كما كان يطلق عليه ابناء المخيم، ومراسلاته لصديقه الأسير مراد، الذي يتبادل معه نور الرسائل، و يحدثه عن مشروعه الروائي، إذ ينوي نور كتابة رواية تاريخية عن مريم المجدلية، يقدم فيها سردية جديدة لقصتها.

وهذا يقتضي منه الدخول الى مجدو المحتلة، و زيارة المستوطنات، وخاصة مستوطنة صرعة المقامة على انقاض قرية صرعة المهجرة". هنا سيِّداتي وسادتي حيث تقفون الآن تقع أنقاض وأطلال القرية العربيَّة الفلسطينيَّة صرعة. التي نُكبت وهُجِّر أهلها البالغ عددهم أربعمائة نسمة في شهر تموُّز من عام ١٩٤٨. بلى هُجِّروا. وها هم الآن يقبعون لاجئين ولاجئات في مخيَّمات اللجوء. لقد دمَّرت العصابات الصهيونيَّة القرية؛ لتُشيِّد مكانها «كيبوتس صرعة». وهذا بيت مختار القرية يشهد على ذلك. حيث تقفون أنتم الآن فوقه. وأمَّا هذا المقام الذي أقف فوقه، فما هو إلَّا مقام الشيخ سامت الذي كان يتبارك به أهل القرية والقرى المجاورة، مُقدِّمين له النذور والقرابين طلبًا للحبل والذرِّيَّة. بلى، سيِّداتي سادتي. لا يوجد شمشون هنا ولا ما يحزنون. لا يوجد بطلٌ خارق. لا يوجد قبورٌ للأبطال الخارقين. فشمشون مثل سوبرمان لا يموت ‫ أمَّا هنا، حيث تقفون، فلا يوجد سوى نكبةٍ وشعب هجر من أرضه"‬‬

الهوية والوطن

نور شاب درس الاثار، واتقن العبرية و الانجليزية، ولم يجد من حلّ لدخول الأراضي الفلسطينية المحتلة ، سوى في الادعاء بأنه يهودي صهيوني اشكنازي. كان عليه الاحتيال من اجل الهوية فهي الممعضلة الاولى في فلسطين

تلك الهوية والوطن الذي تم سرقته وسرقة لغته وثروته . الهوية هي التي تفرق في كل شيئ بين الفلسطيني والاسرائيلي بين اهل القدس ابناء فلسطين التاريخية ، بين ضحايا المحرقة واصحاب الارض بين التاريخ وسرقته . ملخص الرواية يكمن في الهوية .

الذهاب إلى الحد الأقصى من كل شيئ وفي كل شيئ ، كان تتخيل وطنا سليما او وطنا غير مقسم ،في روايته “قناع بلون السماء”، يذهب باسم خندقجي إلى الحد االذي يجعل من شاب فلسطيني مكان شاب إسرائيلي، وتخدمه المصادفة في ألا يكون موضع شك نتيجة مجموعة من الملابسات.

يعثر “نور مهدي الشهدي” الباحث المختص في التاريخ والآثار على بطاقة هوية زرقاء لشاب إسرائيلي يدعى “أور شابيرا”، داخل جيب معطف اشتراه من سوق الأغراض المستعملة، ولما كان نور “وتعني أورا بالعبرية” أشقر اللون بعينين زرقاوين أخذهما من أمه التي ماتت أثناء ولادته، فإن شكله وطلاقته في الحديث بالعبرية والإنجليزية، جعلا دوره “كإشكنازي” يبدو سهلا ولا يثير الشكوك.

سجن داخل سجن : السجون كثيرة وهذا هو الجزء الذي اراد باسم اخبارنا به عبر صديقه الوحيد مراد والمحكوم بالسجن المؤبد، فمن خلال المحادثات التي لم تصل لان مراد هو العقل الباطن لنور او هو الذاكرة المخفية حيث يستمر عبر صفحات الرواية البالغة 240 صفحة يتحدث مع مراد والذي هو نفسه نور عبر مكالمات كان يسجلها على هاتفه، ورغم ذلك فقد كان يتخيل ردود مراد العنيفة على مواقفه وإن كانت نابعة منه.

يقوم نور بالتسجيل للعمل مع مؤسسة أميركية ستنقب عن الآثار في كيبوتس “مشمار هعيمق” المقام على أراضي قرية أبوشوشة المهجرة، وهو المكان الذي حدثت فيه واحدة من أكبر وأشرس المعارك التي جرت أثناء نكبة 1948، وكان مبرره الذاتي الذي أقنع نفسه به هو البحث عن صندوق مريم المجدلية ليثبت بعض الوقائع التاريخية، والتي جرت في “اللجون” أو مسيانوبوليس، أو مستوطنة مجدو، رغم أن إحدى رسائل مراد نصحته بوضوح أن يتجه كخبير آثار للتأكيد على ملكية أراضي الشيخ جراح، بصفتها قضية أهم وأكثر إلحاحا من البحث في تاريخ مريم المجدلية.

وهذا يقودنا الى زمن الرواية في شهر رمضان من العام 2021، في فترة تصاعد الاحتجاج على قرار المحاكم «الإسرائيليّة» مصادرة بيوت فلسطينيين في حيّ الشيخ جرّاح، ثم امتداد الاحتجاجات إلى مدن فلسطين المحتلّة العام 1948 بالاضافة الى حرب غزة 2021 فغزة لها من الحروب نصيب كبير

يلتقي نور في الكيبوتس بسماء إسماعيل، الفلسطينية من حيفا، والتي تشارك في أعمال التنقيب، وهي التي دائما ما تواجه الإسرائيليين والأميركيين بموقفها من هويتها، وتصرخ بها بوضوح، أنها فلسطينية عربية، وأن الهوية الإسرائيلية مفروضة عليها، وأنها تتعاطف مع ضحايا النازية، ولكن ليس مع الصهيونية التي استغلت الضحايا لتصنع ضحايا آخرين من الشعب الفلسطيني.

الغربة هنا كبيرة فهي غربة السفر وغربة السجن والبعد وغربة الوطن الواحد والانقسامات والحروب وغربتنا الداخلية وانكساراتنا وقد حددها باسم في الاسئلة التالية : من أنا؟ من أبي؟ ما الأزقة؟ أين هويتي؟ أين ظلي؟ أين مرآتي؟ ماذا أفعل هنا؟ وأسئلته الكثيرة حول معاملة الأميركيين معه فيما لو كشف لهم عن وجهه الحقيقي.

حين يقرر أن يعترف لسماء إسماعيل بأنه فلسطيني لاجئ يسكن مخيما في رام الله، ويسرد لها قصة الهوية، فترد بأسف عليه:" أنتظرُ عمرا كاملا للخلاص من هذه الهوية، وأنت خسرت عمرك كله لترتدي هذا القناع."

يقف باسم خندقجي في روايته ضد مقولة تشبّه المحتل بمن احتله، ويستشهد بطل الرواية بما كتبه الروائي الإسرائيلي أ.ب. يهوشع، في روايته الإشكالية، عن الغابات التي زرعتها إسرائيل لتخفي آثار القرى المدمرة، ويقوم في روايته بقطع لسان العربي حتى لا يفصح عن القرى المدمّرة، لكن هذا العربي يقوم بحرق الغابة لتظهر القرى المطهرة عرقيا من تحت الرماد.

يحلم نور بأنه ذهب إلى البئر التي تجاور الكيبوتس، وعثر على مريم المجدلية عبر سرداب في قاع البئر، وفوجئ بأنها تشبه تماما سماء إسماعيل، بالضوء المنبعث منها ومن مريديها، فيسجل رسالة لصديقه مراد مؤمنا بموقفه المبدئي، “أظلمت آفاق روايتي المجدلية، وحلت محلها تجليات سماء”.

تنتهي الرواية بخروج نور من الكيبوتس بعد معركة مسيرة الأعلام في القدس، حيث تم إلغاء عملية التنقيب بسبب الأحداث التي جرت لاحقا، وتقف له سماء بسيارتها خارج الكيبوتس، وتقلّه إلى رام الله، فيما هو يخرج هاتفه ويعيد برمجته من العبرية إلى العربية.

واخيرا الرواية توثيقية للاماكن والشخصيات بقصديّة ذات دلالة تؤشّر على الأماكن والأفعال التي أدت إلى طمس الهوية الفلسطينية مثل استخدامه مدينة اللد كمدينة تعرضت للتطهير العرقي وشارك شبابها في احتجاجات معركة سيف القدس، ويستخدم قرية أبو شوشة والمستعمرة المقامة عليها مشمار هعيمق كواحدة من القرى التي تعرضت للتدمير والتهجير وزراعة الأشجار فوق بقاياها إبان النكبة، ويستخدم قصّة مريم المجدليّة كواحدة من قصص إرث الثقافة العربية التي طمست بسبب كثرة كتابات المستشرقين والكتاب الغربيين عنها.

من الواضح أن اتساع مدارك خندقجي نتيجة ثقافته العميقة التي حصل عليها بعد الحكم عليه بثلاثة مؤبدات، قد عكست نفسها على عالمه الروائي، بكل الإشارات التاريخية للأماكن والوقائع والشخصيات، بكل التفاصيل التي يسردها عن الأمكنة والحوادث التاريخية والقادة الذين جابوا التاريخ من خلال جغرافية فلسطين.

Facebook Twitter Link .
1 يوافقون
اضف تعليق