موسم الهجرة إلى الشمال > مراجعات رواية موسم الهجرة إلى الشمال > مراجعة Rudina K Yasin

موسم الهجرة إلى الشمال - الطيب صالح
تحميل الكتاب

موسم الهجرة إلى الشمال

تأليف (تأليف) 3.5
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
5

الكتاب الثالث عشر 2024

موسم الهجرة الى الشمال

الطيب صالح

"إنني أريد أن آخذ حقي من الحياة عنوة.أريد أن أعطي بسخاء، أريد أن يفيض الحب من قلبي فينبع ويثمر.ثمة آفاق كثيرة لابد أن تزار، ثمة ثمار يجب أن تقطف، كتب كثيرة تقرأ، وصفحات بيضاء في سجل العمر، سأكتب فيها جملاً واضحة بخط جريء"

"الجميع مثلنا تماما , يولدون و يموتون و في الرحلة من المهد الى اللحد يحلمون احلاما بعضها يصدق و بعضها يخيب . يخافون من المجهول و ينشدون الحب و يبحثون عن الطمأنينة في الزوج و الولد . فيهم اقوياء و بينهم مستضعفون , بعضهم اعطته الحياة اكثر مما يستحق وبعضهم حرمته الحياة لكن الفروق تضيق و اغلب الضعفاء لم يعودوا ضعفاء"

• هذه المرة مع الادب السوداني والطيب صالح او " عبقري الرواية العربية " كما يسمى من قبل النقاد ومؤلف عرس الزين وهذا الكتاب " موسم الهجرة الى الشمال بعدد صفخات 270 صفحة واصدار 2004 وقد نشر الكاتب الرواية في ستينات القرن الماضي في بيروت وحازت على عدة جوائز وتم الاعتراف بها على انه افضل رواية في القرن العشرين .

• الوطن والهوية : ماهو الوطن وما هي الهوية ؟ هل الوطن ان يحدث كل ما حدث : او هو ان لا يحدث كما قال غسان كنفاني مخاطبا صفية . لكن غسان لم يعرف ان ما حدث ابشع مما كتب فما هو الوطن واين الامان في الوطن ، تلك هي الرموز التي بنيت عليها الرواية فالكاتب هنا يبحث عن الوطن والحضارة ذلك الوطن الذي خرج من الاستعمار في تلك الفترة ليدخل استعمارا جديدا استمر لتاريخ كتابة هذه المراجعة 23/02/2024 اين الوطن في ظل الحرب الشنيعة حيث يفتك دراكولا باهالي غزة ويعيث فيهم قتلا وتدميرا ، غزة المدينة الرائعة اتي دمرتها الحرب .

• رواية الهجرة والنزوح واللاجئيين وحياة الكسر والهوان من اجل حياة افضل والحنة الموعودة خرج الشباب في رحلة نزوح طوعي من الظاهر لكنه قصري من الداخل لكي تعيش هاجر ، ربما يطبق هذا القول الا في غزة لاجبار الناس على الخروج ، لقد كتبت الرواية والسودان يصبح حرا من القيود الاستعمارية لكنه بلد فقير بسبب السياسات الفاسدة لذلك توجد موجة مهمة من اللاجئين والمهاجرين العرب في أوروبا، وموقف الدول الأوروبية من ذلك مع صعود تيار اليمين فيها.

• سارت الرواية ضمن ثلاث محاور اساسية او ثلاث اجيال الجد والابن والحفيد وقد مثلت كل فئة مرحلة عمرية وثقافية معينة الاستعمار وبعد رحيله وصولا الى مصطفى سعيد؛ الشخصية الرئيسية والأكثر إثارة للتأمل، طفل يتيم الأب يعيش هو وأمه وحيديْن، ويقرر الالتحاق بالمدرسة والتعليم النظامي الحديث، ليُظهر هناك تفوقاً ونبوغاً ملفتين للنظر، يرى فيه المعلمون معجزة، إذ يقول له ناظر المدرسة: "هذه البلد لا تتسع لذهنك". ثم سهل عليه الدراسة في القاهرة ولم يبلغ الثانية عشر بعد، ومن هناك وبمساعدة عائلة مستشرق إنجليزي يكمل رحلته للدراسة في لندن، حيث ، تحوّل مصطفى سعيد إلى أسطورة يحكي عنها كثيرون، درس الثقافة الغربية حتى شعر بأنه امتلكها، مستوعباً كل تفاصيلها ومركّباتها الثقافية في المسرح والموسيقى والاقتصاد؛ عرف الحانات والمقاهي والمسارح والأندية، وأجاد اللغة الإنجليزية كما يتكلمها أبناؤها، وكتب العديد من الكتب. استطاع هضم الثقافة الغربية لكنّ شيئاً ما في قرارة نفسه كان ينحيه عن الاندماج الكامل معها وعن تخطيها، ليُمثل بذلك جيل الوسط في الرواية، الجيل الذي خاض تجربة الاستعمار وتشربها حتى النخاع، ومن خلال شخصيات الرواية وكيفية تمثلها لعالمها تفتح الرواية أسئلة متعددة، وأبعاداً متنوعة وزوايا وتفاصيل مثيرة، كلها تغري بالدراسة

• الرواية رمزية فى مجملها وهذا يعد اجمل مافيها ، فكل شخصية تمثل رمزا او ربما عدة رموز مصطفى سعيد الاقتصادى يمثل المال العربى الذى يستثمر فى الخارج ليزيد الحضارة التى تحتقره قوة "والراوى يمثل العقول العربية الخلاقة التى تلفظها بلادها الى الغرب لتنيره بعلمها كى يستعبدها حسنة زوجة مصطفى سعيد التى سلمت لعجوز كى يتزوجها ربما تمثل تلك الاوطان التى سلمت لعجائز فاسدين كى ينهبوها حتى يكون مصيرها الفناء كحسنة. .

• كل هذه الرموز يوضح من خلالها الطيب صالح ان الغرب يحتقرنا ويستغلنا ليس لأنه يريد ذلك وانما نحن من نجبره على هذا حين نهدى اليه ثرواتنا وعقولنا ونهوى باوطاننا الى القاع . ليكون الحل الوحيد لاستعادة مجدنا هو تنشئة الاجيال المستقبلية لفعل ما عجزنا نحن عن فعله او ما تكاسلنا عن فعله وهذا نا يرمز اليه الطيب صالح بولدى مصطفى سعيد وحماريه الذين عهد برعايتهم الى الراوى الذى يمثل العقل والعلم ، فاما يلتزم بالعهد ولا يضيعهما مثلما أضاع حسنة التى تمثل ضياع الوطن ، فيعلمهما ليظلا منتميان الى الانسانية كما عهد بهما والدهما اليه واما أن يضيعهما كما ترك حسنة أو الوطن للموت فيصبحا هذين الحمارين.

• بدء سؤال الانتماء والهوية مع مصطفى الذي عاش فترة الاستعمار وبعده وشهد نهبه لثروات بلاده، ومع احتفاظه بأمله في أن ينتصر لذاته، صارت صورة الذات التي تمثلها مصطفى سعيد بوعي هي صورة الشرق المستعمَر المهزوم ما قبل الحداثي، متمثلاً في حالة الرجولة البدائية الجنسانية الشهوانية واللا عقلانية، هذا الشرق الذي تعرض للاستعمار من قبل الغرب المستنزف لثرواته المستغل لها والمحتكر لقدرات هذا الشرق. أما الآخر: فهو الغرب الأوروبي بحضارته الغربية الصناعية وتقاليده الأرستقراطية الذي يتجسد في جانب منه في المرأة الأرستقراطية الأوروبية (شخصية جين مورس). وهكذا تمثلت العلاقة بين الشرق والغرب في علاقة صراعية بين رجل بدائي وامرأة أرسقراطية

• "وفي لندن أدخلتها بيتي، وكر الأكاذيب الفادحة، التي بنيتها عن عمد، أكذوبة أكذوبة. الصندل والند وريش النعام وتماثيل العاج والأبنوس والصور والرسوم لغابات النخل على شُطآن النيل، وقوارب على صفحة الماء أشرعتها كأجنحة الحمام "فهي صورة المتخيلة التي تمثلها مصطفى سعيد عن الذات، ليست حقيقية كما تخبرنا الرواية على لسانه بأنه ينظر لنفسه أنه مجرد أكذوبة "

• هنا مصطفى اكذوبة او مجتمع مستعمر وان اصبح حرا فهو شخص غير منتمي للوطن ولا يهمه باي شكل ، بدا واضحاً ذلك في تصويره لعلاقته بأمه "مخلوقان سارا شطراً من الحياة معاً، ثم سلك كل منهما سبيله". كانت إجابة مصطفى سعيد لسؤال الهوية – وهي إجابة مصطنعة بشكل واعي – هي من إفراز العملية الاستعمارية نفسها؛ عبارة عن هوية وصورة متخيلة وبدون أصل تاريخي عن الشرق، لا وجود لها إلا في ذهن الاستعمار، فقط حتى لو استخدمها للانتقام من النظام الذي ساهم في إنتاجه كذات قلقة كما يظهر في الرواية فهو يحس بجذوره دائماً ويحن إليها، هذه هي أرضه ومنها يكتسب هويته "تمتلئ عيناي بالحقول المنبسطة كراحة اليد إلى طرف الصحراء حيث تُقام البيوت. أسمع طائراً يغرد، أو كلباً ينبح، أو صوت فأس في الحطب، أحس بالاستقرار، أحس أنني مهم، وأنني مستمر ومُتكامل". وكذا في استمرار علاقته بالتاريخ كمصدر للذاكرة والإحساس بالأمن "أذهب إلى جدي فيحدثني عن الحياة قبل أربعين عاماً بل خمسين عاماً، لا بل ثمانين، فيقوى إحساسي بالأمن".

• نظر الراوي إلى الاستعمار كجزء من التاريخ وجزء من الذاكرة التاريخية التي شكلت وعي المجتمع السوداني بعد الاستعمار "لم يكن مجيئهم مأساة كما نصور نحن، ولا نعمة كما يصورون هم، كان عملاً ميلودرامياً سيتحول مع مرور الزمن إلى خرافة". فالاستعمار قد حدث وانتهى ولم يَعُد ممكناً العودة بالزمن إلى الوراء ولا الحديث عن هوية أصيلة نقية متمايزة عن الاستعمار وحوادث التاريخ "كونهم جاءوا إلى ديارنا، لا أدري لماذا، هل معنى ذلك أننا نسمم حاضرنا ومستقبلنا، إنهم سيخرجون من ديارنا إن عاجلاً أم أجلاً، سكك الحديد والبواخر والمصانع والمستشفيات والمدارس ستكون لنا، وسنتحدث لغتهم، دون إحساس بالذنب ولا إحساس بالجميل، سنكون كما نحن قوماً عاديين، وإذا كنا أكاذيب فنحن أكاذيب من صنع أنفسنا"). لا يحمل الرواي هنا أي مشاعر عداء لأحد، من وجهة نظره فالدراما التي خلقها الاستعمار لا تحرض على الحرب، ولكن فقط تبعث على الحزن.

• مصطفى سعيد أدرك ذلك، رغم محاولته، عبثاً، أن يقاومه. وحدها جين مورس من وضعت حداً لجموح مصطفى الجنسي وتلذذه بالانتقام من الآخر الغربلقد حلّ مكان مجتمعات ما بعد الاستعمار مجتمعات أخرى. شرقية أم غربية؟ كلاهما، أو بالأحرى لا شيء منهما، فليس ثمة غرب أو شرق بعد الاستعمار، في الرواية اختفى مصطفى سعيد، لكن الأرستقراطية الأوروبية جين مورس ماتت أيضاً، وهي النتيجة الحتمية لعالمنا الجديد الذي نعيشه منذ قرن ونصف تقريباً، عالم بلا هويّات.

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق