اختلال العالم > مراجعات كتاب اختلال العالم > مراجعة Mohammed Makram

اختلال العالم - أمين معلوف
تحميل الكتاب

اختلال العالم

تأليف (تأليف) 3.9
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
4

إن جميع شعوب الأرض في مهب العاصفة بشكل أو بآخر. سواء كنا أغنياء أو فقراء. مستكبرين أو خاضعين. محتلين أو تحت الاحتلال. فنحن جميعا على متن زورق هزيل. سائرين إلى الغرق معا. لكننا مع ذلك لا نكف عن الشتائم و المشاحنة غير آبهين لتعاظم أمواج البحر. و لعلنا حتى قادرون على الترحيب بالموجة القاتلة إذا ما ابتلعت أعداءنا أولا إبان صعودها نحونا.

كان أمين معلوف يتعشم بعد انهيار الشيوعية أن يكون العالم أكثر أمنا و المستقبل أكثر إشراقا. و الدول أكثر تعاونا و ديموقراطية و استيعابا للآخر و أكثر مثالية. ما أطيبك يا أمين و ما أكثر تفاؤلك.

لم يلبث هذا التفاؤل أن تنحى جانبا و ترك مجالا للتساؤلات التي راحت تعبث بعقله و من ثم قرر أن يلقيها عن كاهله و يصدرها لنا لعل الحل يأتي من حيث لا نحتسب.

بعد أن كان التهديد هو حرب نووية بين المعسكرين الشرقي و الغربي تقضي على الأخضر و اليابس صار التهديد تهديدات و صارت المنافسة شرسة في عالم متعدد الأقطاب غامض النوايا غني بالمفاجآت التي غالبا ما تكون غير سارة.

يوجد آلاف الأشخاص الذين لا يزورون سوى مواطنيهم أو أبناء دينهم. و لا يشربون إلا من الينابيع المألوفة. و لا يبحثون أمام الشاشات إلا عن تعزيز قناعاتهم و تبرير ضغائنهم.

أول ما أحس به أمين معلوف هو المشكلة التي أرقته دائما. الطائفية. بينما العالم أصبح قرية صغيرة و صرنا نأمل باندماجات كبرى طالما بشرنا بها القادة و الزعماء و شجع عليها اتحادات قوية كالاتحاد الأوروبي إلا أن الانقسامات و الصراعات الطائفية و تعاظم العنصرية هو الذي حدث بدلا من ذلك.

يحاول معلوف تتبع جذور المشكلة و أساسها التاريخي و الاجتماعي و خصوصا في بلادنا العربية مطيلا الوقوف عند جمال عبد الناصر و ما حدث قبله و ما جرى من بعده و كيف رفعته الشعوب العربية على الرأس رغم هزائمه و خسفت بالسادات الأرض رغم انتصاره.

إذ أن الشعوب تعترف بجميل من يهديها الملحمة و الحلم و إعجاب الآخرين و شيئا من العنفوان.

و هذا يفسر الحب الجارف لعبد الناصر و نابليون رغم أن مسيرتهم انتهت بهزائم مذلة إلا أن المجد الذي جعلا شعبيهما يعيشانه كفيل بأن يمنحا الشرعية و الخلود لا ينازعهما في ذلك من جاء من بعدهما و ان انتصر و حقق المعجزات ما لم يجعل أدرينالين العزة و الكرامة و الطموح الوطني يتدفق في دماء الشعوب.

إن غياب الشرعية بالنسبة إلى كل مجتمع بشري هو شكل من أشكال انعدام الوزن الذي يخلخل كل السلوكيات. فمتى كانت أية سلطة. أية مؤسسة. أية شخصية. لا تستطيع أن تحوز صدقية معنوية حقيقية. و متى بلغ الأمر بالناس إلى حد الاعتقاد بأن العالم غابة يسودها الأقوى. و كل الضربات فيها مباحة. لا يعود هناك بد من الانجراف نحو العنف القاتل. و الطغيان و الفوضى.

لا عجب أننا نعيش أزمة شرعية في أغلب دول العالم النامي أو الثالث أو دول الهامش أو أيا كانت التسمية و غياب تلك الشرعية لا يبشر إلا بالانغلاق و التطرف و الديكتاتورية و المزيد من التخلف و التقهقر و الاحتماء بماض كان فخرا و عزا مقابل حاضر بائس و مستقبل لا يمكن التكهن به إذا استمر المنحنى في الهبوط.

الكفاح من أجل محافظة العالم على وجوده سيكون شاقا. لكن الطوفان ليس قدرا. و الغد ليس مكتوبا. و إنما علينا نحن أن نكتبه. أن نتصوره. أن نبنيه. و أن نبنيه بشجاعة. إذ انه يجب التجرؤ على الإقلاع عن العادات المزمنة. و أن نبنيه بسخاء. إذ أن هذا يستلزم الجمع و التطمين و الإصغاء و الضم و المشاركة. و أن نبنيه بحكمة. قبل كل شيء. إنها مهمة ملقاة على عاتق معاصرينا. من نساء و رجال من كل أصل. و لا خيار لهم غير الاضطلاع بها.

بعد المقدمة عن الصراع الدولي و الطائفية و الإرهاب يختم بالتحذير من التغيرات المناخية التي يقول انه لم يكن يدري عنها شيئا حتى قرأ فيها بعمق و يقفز هنا إلي التحذير منها دون طرح شيء من هذا العمق الذي غاص فيه و أقنعه بتلك النظرية

في النهاية يطالب أوروبا و أمريكا بانتشال باقي العالم و التضامن معه و أن تكونا مثالا لباقي دول العالم و نموذج يحتذى فما أجمل الطرح و التحليل و ما أشد سذاجته في رؤيته للحل بأن يطلب ممن ثقب الكره و احتكرها لنفسه أن يحافظ عليها و يسمح للجميع بمشاركته إياها.

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق