شوق الدرويش > مراجعات رواية شوق الدرويش > مراجعة Mohammed Makram

شوق الدرويش - حمور زيادة
تحميل الكتاب

شوق الدرويش

تأليف (تأليف) 4.3
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
3

في البداية سلاما على السودان الذي لم يبرح ثورته منذ سمي سودانا مهما تعاقب عليه عجما وعربانا.

لا يوجد أجر. هذه سخرة.

ماذا يعني هذا؟

يعني سخرة. تعمل مقابل لا شيء.

ظن فرج الله يخدعه فسأل أحد الضباط.

قال له الخواجة:

أنت تعمل لبلدك. هل تطلب من بلدك نقودا؟

لم يفهم ماذا تعني بلده و لماذا لا يطلب منها نقودا. و لكنه فهم أن فرج الله لم يخدعه.

لم أحب بخيت منديل و لم أكرهه و لكني تألمت له و تعاطفت معه و وددت لو كانت حياته أفضل و لكن في تلك الحالة ما كانت عقدة الرواية قد اكتملت و ما كان لها مكان على رفوف المكتبات إلا لأنها سطرت لنا هذا الألم و حفظت لنا أرشيف الدموع لنراها تسقط طازجة على الصفحات و تنساب بين السطور.

ما أغربهم هؤلاء النصارى. طيبون لكن مثواهم النار.

و بياضهم القبيح. حرمهم الله جمال اللون و منحهم طيبة القلب.

بخيت منديل ما عاد يذم البياض. قبل أن تغزوه كان يتعجب كيف شوه الله هؤلاء الناس. أجسادهم مسلوخة تكسوها حمرة. أعينهم كقطط خبيثة. و رائحتهم نحاس صديء.

يتتبع حمّور زيادة خطوات الشيطان في الرواية جنبا إلى جنب مع حفيف أجنحة الملائكة. ببساطه شديدة يتتبع خطو الإنسان من العبودية إلى الحرية و من الطهر إلى الخطيئة و من كل شأن يتقلب فيه ليصبح بين طرفة عين و انتباهتها في شأن أخر كحاله كل يوم.

ثيودورا و هروبها من خطيئة القُبلة الأولى إلى التبشير بكلمة الرب و بخيت منديل الساعي إلى ملكوت الحب و إبراهيم الشواك الذي تحالف مع كل شيطان و ملاك لكي يعيش كإنسان فيه كل تناقضات الحياة و الحسن الجريفاوي الذي وهب حياته لله أو ظن أنه كذلك و كأنه الصورة الإسلامية من ثيودورا المغدور بها و مريسيلة التي أدركت معنى الدنيا و سعت في خرابها كما ينبغي لكل ذي عقل أن يفعل فاكتفت بالنعيم المقيم الذي يمكن أن تلمسه بأيديها و تعُد دنانيرها عدا عاجلا غير آجل كما تتصور.

كلهم وقع في شرك الحياة و كلهم ظن نفسه الملاك المخلص أو المهدي المنتظر أو النبي عيسى إلا مريسيلة البطلة المستترة للرواية و الناجية الوحيدة من الفتن.

لقد كنت قبل اليوم أنكر صاحبي

إذا لم يكن ديني إلى دينه داني

لقد صارَ قلـبي قابلاً كلَ صُـورةٍ

فـمرعىً لغـــــزلانٍ ودَيرٌ لرُهبـَــــانِ

وبيتٌ لأوثــانٍ وكعـــبةُ طـائـــفٍ

وألـواحُ تـوراةٍ ومصـحفُ قــــــرآن

أديـنُ بدينِ الحــــبِ أنّى توجّـهـتْ

ركـائـبهُ ، فالحبُّ ديـني وإيـمَاني

الحياة حلوة شهية لولا أن الشيطان لوثها بالخطيئة.

في الواقع نحن ننسب كل الشرور و الآثام إلى الشيطان و هو منها بريء. على الأقل هو فقط يقوم بعمله على أكمل وجه. أيها الشيطان .. ما قصّرت. نحن من نملك الفعل و نحن من نفعل ثم نتنصل من فعلتنا كذلك الذي استهوته الشياطين و عاث في الأرض فسادا يقتّل الناس و يقطّع الأوصال بظن الحب و الحب منه بريء.

دين المحبة ثقيل. دين المحبة قيد. لكنه تعلم أن الحرية في إخلاص المرء لقيده.

من يظنها قصة حب أو رواية للتاريخ فقد جانبه الصواب. هي رواية الإنسان في كل عصر و مصر. لا شأن لها بزمان أو مكان.

يدللها من اليوم الأول. كبحر الإسكندرية. و هي تخيفه كالنهر. يوجعه في الليل صمتها. يؤلمه في الليل اشتياقها. يتبدل كوجه السماء مع زوال الشمس. يخفت مرحه. حلاوة روحه تبهت حتى غدا شفافا.

ما الحب و الكراهية إلا مثل الكفر و الإيمان ضدان لا يفترقان أبدا

كيف يعيش الإنسان أعواما ينتظر وهما؟!

قال له سبت جود الكريم:

إنه الإيمان يا صديقي.

رسالة يستدعيها حمّور من الماضي ربما لخجله من قبح الحاضر و ان تماثل في المعنى مع ما سبقه من تاريخ قديم و حديث لكن ما بالنا لا نكاد نعِ ما حدث و يحدث كل يوم؟!

لكن ما بال رسالة الله تنشر الموت؟! في عهد التركية كان مؤمنا مظلوما .. و حين شرح الله قلبه للمهدية صار ظالما شاكا. أين الحق؟ لو كان التقى بخيت قبل عشرة سنوات لقتله بلا لحظة تردد. بخيت منديل مجرم. قاتل. هو ممن يقع عليه أمر الله عز و جل بالقطع من خلاف أن يكونوا عبرة للخارجين. لكن سنوات الدم لطخت كل شيء. ما عاد الحق واضحا.

إن كنا على الحق فكيف ظلمنا و قتلنا ثم هزمنا؟ إن كنا على الباطل فكيف نكون أكثر عبادة و خشية لله؟

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق